"ما عدِنا معلومات".. حوار عن أهمية التعداد السُّكاني للدولة والأفراد 

جُمّار

11 تموز 2023

لماذا تُجري الدولة التعداد السكاني؟ وكيف يجري؟ ومن يجمع المعلومات من السكان؟ وكيف تحلل البيانات؟ ومن يستفيد من معلومات التعداد وكيف؟ وهل يساعد التعداد على فهم الدولة للمجتمع والعكس؟ "ما عدِنا معلومات".. حوار عن أهمية التعداد السكاني للدولة والأفراد.

مضى الإحصاء السُّكاني في العراق بين ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي، بوصفهِ أداةً لجمع وتحليل البيانات عن الدولة، بيد أنه، آنذاك، لم يخضع لمبدأ شامل في تنفيذه، واكتفت الجهات المسؤولة عن إنجازه بإجراء مُسوحات متخصصة في جوانب محدّدة. 

وفي عهد أحمد حسن البكر، رئيس العراق الأسبق، اُقرّ قانون الإحصاء رقم 21 لعام لسنة 1972، ليكون قانوناً يلزم بإجراء تعداد سكاني شامل كل عشرة أعوام في العراق. 

وعلى أساس هذا القانون، أجرى العراق ثلاث عمليات تعداد سكّاني 1977 و1987 و1997 على التوالي. وبعد غزو العراق في نيسان عام 2003، جرى الحديث مرّات عدّة عن الاقتراب من إجراء تعداد سكّاني شامل، إلا أن شيئاً لم يتحقّق، ذلك أن التعداد تحوّل إلى قضيّة خلافية. 

عام 2009، أعلنت وزارة التخطيط نيّتها إجراء التعداد، لكن بعد إتمامها مرحلتي التخطيط وإعداد الكوادر، تفجّر خلاف بين بغداد وأربيل بشأن منهجية وآليات التنفيذ ، الأمر الذي عطّل العملية بالكامل. 

غاب الحديث عن التعداد في المؤسسات الرسمية حتّى عاد مرّة أخرى عام 2017، ولكن نزوح السكّان والدمار الذي خلّفه تنظيم الدولة الإسلامية – “داعش”، جعل التعداد أمراً بعيد المنال. 

بين 2019 و2021، تحدّد موعد أوّلي لإجراء إحصاء السكان، وتأجّل أيضاً. 

بيد أن وزارة التخطيط، ممثلة بالجهاز المركزي للإحصاء، تقول إنها بدأت بالتجهيز لإجراء التعداد في نهاية عام 2024.  

لفهم التعداد السكاني، وأهميّته بالنسبة للدولة والمجتمع، وما هي تأثيراته لاستشراف المستقبل، وبنائه، أجرى “جُمّار” حواراً مع علي عبد الأمير الكعبي، أستاذ الدراسات السكّانيّة والديموغرافيّة في جامعة بغداد. 

  • لِمَ يُعد التعداد السكّاني مهماً؟  
  • التعداد السكّاني العام ركيزة أساسية في مفهوم الدول الحديثة، فهو الذي يوفّر البيانات والمعلومات اللازمة لإدارة الدولة بمجالاتها كافة، كونه يقدم معلومات كميّة ونوعية عن حالة السكّان وتوزعهم الديموغرافي والجغرافي، بدءاً من جنس الشخص وعمره ومؤهله العلمي وحالته الاجتماعية ودخله المالي وعدد غير العاملين ونوعهم، وموقعيّة الفرد ضمن التركيب الاجتماعي، ومن ثم يغطي حالة السكن ونوعه والخدمات الأساسية الموجودة فيه من مياه صالحة للاستخدام المنزلي ومصدرها، والصرف الصحي والكهرباء. 

يحصر التعدّاد السكاني أيضاً عدد ونوع الملكيات الأسرية والفردية، من بيوت وأراضٍ وحيوانات. ويتطرق بقسم خاص للمواليد والوفيّات وأسباب الوفاة طبيعية أم نتيجة أمراض خطرة، والوفيات من الأمهات أثناء الوضع أو بعده بفترات زمنية قصيرة، وصحة المواليد وعدد الوفيات منهم، بالإضافة لحالات العوق وأنواعها ومسبباتها ودرجاتها، مروراً بالأمراض المزمنة. وكل ذلك ضمن تقسيم إداري واضح يُقام تبعاً للمناطق الجغرافية والمحافظات وما تشمله داخلها من مناطق وما يتبع لها.  

هذه البيانات تمكّن صاحب القرار والحكومة بوزاراتها وقطاعاتها المختلفة من اتخاذ القرارات على المستوى الجغرافي والسكاني، وأيضاً وضع البرامج والخطط والسياسات اللازمة، وهو الأهم، ذلك أن أغلب البرامج والخطط والسياسات التي توضع الآن غير مكتملة وغير حقيقية، وهو نتاج عدم وجود بيانات ومعلومات دقيقة عن السكّان منذ عام 1997. فأعتقد الآن كل برامجنا وخططنا غير مناسبة.  

اليوم مثلاً، يعاني العراق من مشكلة كبيرة بموضوع الفقر والبطالة والحكومة تعاني من عدم القدرة على استهداف الفقراء بخطط وإجراءات تعالج المشكلة.  

عندما نسأل اليوم أين يتواجد الفقراء؟ ما هي أوضاعهم؟ ما هي السياسات اللازمة لمعالجة الفقر ومعالجة مشكلة بطالة الشباب بشكل عام؟ الرد يكون “ما عدنا معلومات كاملة ولا بيانات تمكنّا من التعامل معها”. لا نعرف مؤهلات هؤلاء وقدراتهم وجنسهم وموقعهم الجغرافي وتعليمهم.. إلخ. وبالتالي كل الخطط والبرامج والسياسات المتبعة هي غير مكتملة، ولذلك التعداد السكاني العام سيوّفر بيانات دقيقة جداً، يمكن وضع خطط على أساسها، إضافة إلى تنفيذ برامج وسياسات يمكنها تحقيق أهداف عالية ومناسبة أكثر من الوضع الحالي، وأيضاً سيوفر بيانات للباحثين والمخططين من القطاعات غير الحكومية لتتحرك وتشتغل بشكل واضح ودقيق، وتساعد في تحسين مستوى ونوعية حياة السكّان. 

  • ما المنهجية المستخدمة بالتعداد السكاني؟ 
  • التعداد له شروط وخصائص يجب أن تلتزم بها المجموعات التي تقوم بالتعداد، مثل أن يشمل التعداد مناطق البلد كافة، مهما كانت صعبة أو صغيرة أو قرى أو حتى منازل في الصحراء أو مناطق مثل الأهوار.  

تسبق التعداد عملية حصر وترقيم، وهي عمليات إعداد خرائط تفصيلية كاملة عن أماكن تواجد السكان في العراق كله، ولو في أقصى منطقة ولو كانت غرفة واحدة، وهذه المعلومات يجب أن تتوفر للعدّادين -الذين يقومون بالتعداد- ليكونوا على علم مسبق عن أماكن عملهم أثناء عملية التعداد.  

الشرط الثاني يجب إجراء التعداد في يوم واحد، وهو موعد مفترض نهاية العام المقبل، وهذا طبعاً يوفر دقة للبيانات. بفعل ضمان عدم حركة السكّان بالحد الأدنى، إذ لا يجب أن يكون التعداد في أكثر من يوم، لذلك يعتمد التعداد منهجية العد للسكان في أماكن تواجدهم في يوم التعداد، وغالبا تُقيّد حركة السكّان في هذا اليوم، حتى لا يحصل تشوه في بيانات التعداد.  

وأيضا من القضايا الأخرى أنه يجب أن تكون العملية تحت إشراف حكومي، وطبعاً وظيفة الحكومة العراقية الإشراف على عملية التعداد بمساعدة خبراء محليين ودوليين، ولكن بجهود وإشراف حكومي كامل. هذا يتطلب تكاليف عالية، لذلك أقرت الحكومة مبلغاً ضخماً من أجل إعداد عملية التعداد، وبالطبع يتطلب تدريب كوادر ضخمة، مثل تدريب أشخاص يصل عددهم إلى مئات الآلاف وهؤلاء يمكن توفرهم عن طريق تدريب المدرسين والمدرسات بقطاع التربية والتعليم.  

وهذه المرة الأولى في العراق ينتوي المركز إجراء التعداد بشكل إلكتروني، أما إجراء العملية بواسطة الألواح الإلكترونية للعد، إذ يزوّد كل عداد بلوح إلكتروني لإدخال المعلومات الجغرافية عن منطقته وعدد الأسر والإجابة على أسئلة العدادين تجري بملء استمارة إلكترونية، وهذا يوفر لنا إدخال البيانات وتنظيمها وتبوبيها بشكل سريع، لأن هذه الألواح تنظّم البيانات على الفور.  

الآن عدد سكان العراق 41 مليون نسمة، وممكن أن يصل السنة القادمة إلى 42 مليوناً.. هذه المعلومات يجب أن تشمل معلومات هؤلاء الأفراد الكاملة واحتياجاتهم بما يتعلق بالأدوية والأمراض المزمنة وإلخ من القضايا التي يغطيها العد.  

ومن القضايا التي يجب الالتزام بها، هو أن يجري التعداد على أساس المحافظات الإداريّة، بمعنى أن لدينا 18 محافظة يجري التعداد فيها ثم في الأقضية، ثم النواحي ثم المحلات ثم الأزقة والدور. يجب أن يبدأ التعداد من المحافظة وينتهي بالدار، ويتم ادخال البينات وتبويبها على أساس الوحدات الجغرافية الإدارية. نتمنى أن تكون الظروف مهيأة لإجراء هذا التعداد الذي طال انتظاره بشكل سليم، وهو مهم جداً سواء للحكومة أو للباحثين، إذ يساعد على وضع خطط لتحسين حياة السكان وتلبية احتياجاتهم بشكل حقيقي.  

  • ما المراحل التي تمر بها عملية التعداد؟  
  • مراحل التعداد ثلاثة: مرحلة التخطيط، ومرحلة التنفيذ (المرحلة الميدانية)، ومرحلة التجهيز ونشر وتبويب البيانات.  

التخطيط والتجهيز هي المرحلة التي تسبق العملية الميدانية، وهي مهمة جداً، هي العمل على تجهيز خرائط تفصيلية عن مناطق العراق. هذه الخرائط لا يمكن أن تتم دون أن يخرج فريق من الجهاز المركزي للإحصاء ويقوم بعمليات الحصر والترقيم. بحيث يحصر جميع السكان الموجودين داخل البلد بأي مكان كانوا، سواء في الأهوار أو الجبال أو في المناطق النائية والمناطق الصحراوية والبدو الرحل. يجب أن تتم عملية ترقيم لهذه الأسر بشكل جغرافي، هذا الأمر يضمن أن تكون هناك شمولية في التعداد يومَ العد.  

ويجب توجيه العدادين لتتبع السكان تبعاً لوجودهم على أساس هذه الخرائط والجداول. وعملية التجهيز هذه، يجب أن تسبق التعداد بشهرين أو ثلاثة أشهر، وهي تحتاج إلى كوادر وإمكانات كبيرة يجب توفيرها من وزارة التخطيط. 

عملية الحصر والترقيم ستمنحنا رقماً افتراضياً على أساسه أذهب إلى العد، والخروج بالعدد الفعلي. على سبيل المثال، نعلم أن هناك 41 مليون مواطن، لكننا لا نعلم أين هم في العراق، ما هي أماكن تواجدهم. هناك أسر موجودة أقصى الشمال وأقصى الجنوب لا نعلم أحوالهم بدقة، ولا احتياجاتهم. يجب أن نقوم بعملية حصر وعدّ وحسابهم ضمن المناطق ومن ثم التوجه إليهم بعملية التعداد الشاملة التي توفر بيانات كاملة عنهم.  

  • هل الشمولية ستغطّي جميع الفئات، مثل النازحين في المخيمات، والمقيمين في العراق؟   
  • بالنسبة للتعدادات السابقة فقد شملت السكّان جميعهم، وهذا التعداد يجب أن يكون شاملاً للنازحين داخل العراق، وأن يشملهم تبعاً لمنهجية الحصر والترقيم المعينة جغرافياً وقت إجراء التعداد. 

لكن من الضروري أن يشمل التعداد النازحين ضمن مناطق وجودهم، وهناك تقسيم في التعداد للعراقيين ولغير العراقيين، وهذا عندما يحصل تعداد للرعايا والأجانب، ويكون هناك تعداد خاص بالمواطنين بشكل يحصيهم منفصلين عن السكّان. وتعداد الأجانب سيكون بجداول عاملين أو رعايا أو مقيمين لأسباب مختلفة. في السابق كان هناك تقرير خاص بالبدو، لكني لا أعتقد أنه سيصدر الآن، ربما سيكون في قسم صغير ضمن الأقسام الرئيسية. 

البدو تغيّرت طبيعة معيشتهم، فهم استوطنوا، ومن بقي منهم من الرُّحَّل لا يتعدون المئات، لذا فهو عدد لا يستحق تقريرا مستقلا، ويمكن عدهم بفصل ضمن التقسيم العام بالتعداد. 

  • لكن عَمَّ تعبّر الأرقام الموجودة حالياً في قاعدة بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، وقواعد بيانات المنظمات الدولية الأخرى، وعلى أيّ أساس اعتمدت؟  
  • بالنسبة للتقديرات السكّانية الديموغرافية، تُعتَمد التعدادات السابقة لأعوام 1987 و1997، كما تُؤخذ بعين الاعتبار التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها السكّان من عام 1997 إلى الآن، وندخلها في معادلة رياضية تعتمد عدم ثبات المتغيرات، وليس ثباتها؛ خاصة في عوامل مثل الوفاة والهجرة والنزوح.. وهذه التقديرات بالطبع ليست دقيقة، هي شبه مساعدة، ولكن تعتمدها المنظمات ووزارة التخطيط والجهاز المركزي للإحصاء في استخراج أعداد تقديرية وليست فعلية، وهي تعطي قيمة عددية دون تفاصيل شمولية تعنى بتقدير الحالة العامة للسكّان. وأحياناً يتم الاعتماد على مسوحات أخرى تكون محددة وليست عامة. 

مثال على ذلك المسح الذي يتعلق بحالات السكان الاقتصادية والاجتماعية ووفيات الأمهات والفقر.. إلخ، توجد الآن مسوحات دوريّة لإنجاز بعض عمليات الإحصاء، وهي مسوحات شبه دقيقة حتى نكون منصفين، وتستخدم منهجية عالية جداً، وهي معتمدة من قبل الأمم المتحدة. ولكن هذه المسوحات تمثّل حالة آنية ولا يمكّن أن تكون بديلاً عن التعداد العام، بمعنى أنها تعبر عن معلومات غير شاملة ولا تبيّن ارتباطها بمعلومات خارج هدف المسح، وكل مسح يجري على حدة وبالتالي لا يمكن معرفة الحالة تماما مثل المسح الشامل. 

لكن حتى الدول التي تجري عمليّات التعداد بشكل منتظم، تعتمد هي أيضاً على مسوحات آنية مستمرة للسكان، لرصد الأحداث والتغيُّرات السريعة والمستمرة اللي تطرأ عليهم. وهذه المسوحات معتمدة في العراق ومفيدة، وهي من أفضل المسوحات الموجودة في المنطقة. كان آخر مسح أجرته وزارة التخطيط هو المسح الاقتصادي الاجتماعي، وعام 2015 جرى آخر مسح اقتصادي اجتماعي للأسر، وهو يوفر معلومات وبيانات كثيرة، وحتى عن بعض القضايا مثل الانتحار والتسرُّب ووقت الفراغ، وفي ما يتعلق بأجور العمال وساعات العمل. 

هذه المسوحات وبياناتها تحتاجها المؤسسات الحكومية والمدنية والمنظمات الدولية في عملها. 

  • هل يجب أن تسبق التعداد حملة توعوية وتثقيفية للسكان؟  
  • صحيح أن التعداد سيتم من قبل عدادين مدربين بطريقة مباشرة، ولكن في الوقت نفسه، فإن من يمنح المعلومات هم الناس والأفراد، والمعلومات هي أمانة ومسؤولية. ومهما كان العدّاد دقيقا ومهنيا، يبقى نجاح العملية معتمدا على الأفراد والسكّان.  

برأيي هذا سؤال مهم، ويجب أن يوجه للحكومة العراقية ووزارة التخطيط ومركز الإحصاء، يجب أن تكون هناك خطة توعية تشترك بها جميع قطاعات الدولة من أجل تثقيف السكان بأهمية هذا التعداد ودوره ووظيفته ووجوب تعاون الأفراد والسكّان بمساعدة العدادين وتزويدهم بالمعلومات الدقيقة، وعدم التخوّف من إعطاء المعلومات والحرص على تثقيف السكّان بأن هذه المعلومات لن توظّف لأغراض أخرى، هي فقط بهدف الحصول على بيانات يجري على أساسها وضع خطط وسياسات من أجل خدمتهم وتوفير السبل الأفضل لهم.  

يجب أن يعي السكّان أن هذه البيانات لن يترتب عليها أي ضرر. عندما نسأل السكان عن الدخل الخاص بالأسرة أو عدد العاملين بها، يكون هناك تردّد طبيعي، وعندما نسأل عن ملكية السكن سيكون هناك تردّد، وعندما نسأل عن عدد الحيوانات الداجنة لدى الأسرة سيكون هناك تردد، خاصة في القضايا الاقتصادية بما يتعلق بالسكان إذ يجب توفيرها بشكل دقيق. وهذا لن يتم دون عملية وحملة توعية تصل للجميع، وتشكل قناعة لدى السكّان بمساعدة العدادين.  

  • طلب الجهاز المركزي للإحصاء تعديل بنود عدّة في القانون الخاص بالتعداد، ولم يرد البرلمان بشأنها.. ما رأيك بهذه التعديلات ولجوء الجهاز لإجراء التعداد دونها نظراً لتأخر الرّد؟  
  • بصراحة، لا أستطيع الجواب لأني غير مطلع على التعديلات التي طرحتها وزارة التخطيط على القانون، ولكن يمكن الاستعاضة عن التعديلات بقرارات من مجلس الوزراء، إذ يمكن أن تكون سلطة تشريعية متاح لها إصدار تعليمات معينة بما يتعلق بالتمويل والقضايا الأمنية ومتطلبات العدادين، بينما أنا برأي كمختص، القانون السابق للتعداد قانون ناضج وممتاز لأنه منح صلاحيات ومرونة لوزارة التخطيط والوزارات الأخرى المساندة مثل وزارة الداخلية ووزارة النقل ووزارة التربية. 
  • لم يكشف الجهاز المركزي للإحصاء عن الكوادر التي ستجري التعداد السكاني، وقال إنه لم يبت بالأمر بعد.. هل هذا يعني أنه يمكن الاستعانة بكوادر أخرى، خاصة أو حكومية؟  
  • العدادون غالباً هم كوادر وزارة التربية من المعلمين، ويصل عددهم تقريباً نحو 800 ألف وأكثر، وهؤلاء دُربوا سابقا عام 2009، لكن العملية عُطلت. تدرّب هؤلاء على المقابلة وجمع المعلومات والتعامل مع الاستمارة. 

بحسب معلوماتي، لا يمكن إجراء عملية التعداد السكاني من دون توفر عدد كبير من العدادين وبمئات الآلاف، وهؤلاء يجب أن يكون لديهم مستوى عال من التعليم والتدريب، وعندهم قدرة على إجراء المقابلات وغيرها، ولكن ممكن (أن الجهاز المركزي للإحصاء) يقصد أنه لم يتم اتخاذ القرار بعد، لكن التوجه العام والمفترض أن وزارة التربية هي الجانب الذي يجب أن يقوم بالأمر، إذ لا يوجد بديل آخر. 

بمعنى، يمكن الاعتماد على الأفراد مثلما يجري في عملية الانتخابات، ولكن هؤلاء تنقصهم المسؤولية والالتزام بموضوع مثل العد، لا يمتلكها إلا موظفو وزارة التربية. ولن يكونوا ملزمين بصفتهم موظفين أمام الحكومة بقواعد العمل وتحمل مسؤوليته في التعامل مع حالات كثيرة مثل تجنب التعاون مع العد من قبل السكّان أو تعطل بعض الأجهزة إلخ، إضافة إلى الحيادية بموضوع العد.. إذ ليس هناك جهة أفضل من وزارة التربية، ويمكن أن تشارك وزارة التعليم العالي.  

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

مضى الإحصاء السُّكاني في العراق بين ثلاثينيات وسبعينيات القرن الماضي، بوصفهِ أداةً لجمع وتحليل البيانات عن الدولة، بيد أنه، آنذاك، لم يخضع لمبدأ شامل في تنفيذه، واكتفت الجهات المسؤولة عن إنجازه بإجراء مُسوحات متخصصة في جوانب محدّدة. 

وفي عهد أحمد حسن البكر، رئيس العراق الأسبق، اُقرّ قانون الإحصاء رقم 21 لعام لسنة 1972، ليكون قانوناً يلزم بإجراء تعداد سكاني شامل كل عشرة أعوام في العراق. 

وعلى أساس هذا القانون، أجرى العراق ثلاث عمليات تعداد سكّاني 1977 و1987 و1997 على التوالي. وبعد غزو العراق في نيسان عام 2003، جرى الحديث مرّات عدّة عن الاقتراب من إجراء تعداد سكّاني شامل، إلا أن شيئاً لم يتحقّق، ذلك أن التعداد تحوّل إلى قضيّة خلافية. 

عام 2009، أعلنت وزارة التخطيط نيّتها إجراء التعداد، لكن بعد إتمامها مرحلتي التخطيط وإعداد الكوادر، تفجّر خلاف بين بغداد وأربيل بشأن منهجية وآليات التنفيذ ، الأمر الذي عطّل العملية بالكامل. 

غاب الحديث عن التعداد في المؤسسات الرسمية حتّى عاد مرّة أخرى عام 2017، ولكن نزوح السكّان والدمار الذي خلّفه تنظيم الدولة الإسلامية – “داعش”، جعل التعداد أمراً بعيد المنال. 

بين 2019 و2021، تحدّد موعد أوّلي لإجراء إحصاء السكان، وتأجّل أيضاً. 

بيد أن وزارة التخطيط، ممثلة بالجهاز المركزي للإحصاء، تقول إنها بدأت بالتجهيز لإجراء التعداد في نهاية عام 2024.  

لفهم التعداد السكاني، وأهميّته بالنسبة للدولة والمجتمع، وما هي تأثيراته لاستشراف المستقبل، وبنائه، أجرى “جُمّار” حواراً مع علي عبد الأمير الكعبي، أستاذ الدراسات السكّانيّة والديموغرافيّة في جامعة بغداد. 

  • لِمَ يُعد التعداد السكّاني مهماً؟  
  • التعداد السكّاني العام ركيزة أساسية في مفهوم الدول الحديثة، فهو الذي يوفّر البيانات والمعلومات اللازمة لإدارة الدولة بمجالاتها كافة، كونه يقدم معلومات كميّة ونوعية عن حالة السكّان وتوزعهم الديموغرافي والجغرافي، بدءاً من جنس الشخص وعمره ومؤهله العلمي وحالته الاجتماعية ودخله المالي وعدد غير العاملين ونوعهم، وموقعيّة الفرد ضمن التركيب الاجتماعي، ومن ثم يغطي حالة السكن ونوعه والخدمات الأساسية الموجودة فيه من مياه صالحة للاستخدام المنزلي ومصدرها، والصرف الصحي والكهرباء. 

يحصر التعدّاد السكاني أيضاً عدد ونوع الملكيات الأسرية والفردية، من بيوت وأراضٍ وحيوانات. ويتطرق بقسم خاص للمواليد والوفيّات وأسباب الوفاة طبيعية أم نتيجة أمراض خطرة، والوفيات من الأمهات أثناء الوضع أو بعده بفترات زمنية قصيرة، وصحة المواليد وعدد الوفيات منهم، بالإضافة لحالات العوق وأنواعها ومسبباتها ودرجاتها، مروراً بالأمراض المزمنة. وكل ذلك ضمن تقسيم إداري واضح يُقام تبعاً للمناطق الجغرافية والمحافظات وما تشمله داخلها من مناطق وما يتبع لها.  

هذه البيانات تمكّن صاحب القرار والحكومة بوزاراتها وقطاعاتها المختلفة من اتخاذ القرارات على المستوى الجغرافي والسكاني، وأيضاً وضع البرامج والخطط والسياسات اللازمة، وهو الأهم، ذلك أن أغلب البرامج والخطط والسياسات التي توضع الآن غير مكتملة وغير حقيقية، وهو نتاج عدم وجود بيانات ومعلومات دقيقة عن السكّان منذ عام 1997. فأعتقد الآن كل برامجنا وخططنا غير مناسبة.  

اليوم مثلاً، يعاني العراق من مشكلة كبيرة بموضوع الفقر والبطالة والحكومة تعاني من عدم القدرة على استهداف الفقراء بخطط وإجراءات تعالج المشكلة.  

عندما نسأل اليوم أين يتواجد الفقراء؟ ما هي أوضاعهم؟ ما هي السياسات اللازمة لمعالجة الفقر ومعالجة مشكلة بطالة الشباب بشكل عام؟ الرد يكون “ما عدنا معلومات كاملة ولا بيانات تمكنّا من التعامل معها”. لا نعرف مؤهلات هؤلاء وقدراتهم وجنسهم وموقعهم الجغرافي وتعليمهم.. إلخ. وبالتالي كل الخطط والبرامج والسياسات المتبعة هي غير مكتملة، ولذلك التعداد السكاني العام سيوّفر بيانات دقيقة جداً، يمكن وضع خطط على أساسها، إضافة إلى تنفيذ برامج وسياسات يمكنها تحقيق أهداف عالية ومناسبة أكثر من الوضع الحالي، وأيضاً سيوفر بيانات للباحثين والمخططين من القطاعات غير الحكومية لتتحرك وتشتغل بشكل واضح ودقيق، وتساعد في تحسين مستوى ونوعية حياة السكّان. 

  • ما المنهجية المستخدمة بالتعداد السكاني؟ 
  • التعداد له شروط وخصائص يجب أن تلتزم بها المجموعات التي تقوم بالتعداد، مثل أن يشمل التعداد مناطق البلد كافة، مهما كانت صعبة أو صغيرة أو قرى أو حتى منازل في الصحراء أو مناطق مثل الأهوار.  

تسبق التعداد عملية حصر وترقيم، وهي عمليات إعداد خرائط تفصيلية كاملة عن أماكن تواجد السكان في العراق كله، ولو في أقصى منطقة ولو كانت غرفة واحدة، وهذه المعلومات يجب أن تتوفر للعدّادين -الذين يقومون بالتعداد- ليكونوا على علم مسبق عن أماكن عملهم أثناء عملية التعداد.  

الشرط الثاني يجب إجراء التعداد في يوم واحد، وهو موعد مفترض نهاية العام المقبل، وهذا طبعاً يوفر دقة للبيانات. بفعل ضمان عدم حركة السكّان بالحد الأدنى، إذ لا يجب أن يكون التعداد في أكثر من يوم، لذلك يعتمد التعداد منهجية العد للسكان في أماكن تواجدهم في يوم التعداد، وغالبا تُقيّد حركة السكّان في هذا اليوم، حتى لا يحصل تشوه في بيانات التعداد.  

وأيضا من القضايا الأخرى أنه يجب أن تكون العملية تحت إشراف حكومي، وطبعاً وظيفة الحكومة العراقية الإشراف على عملية التعداد بمساعدة خبراء محليين ودوليين، ولكن بجهود وإشراف حكومي كامل. هذا يتطلب تكاليف عالية، لذلك أقرت الحكومة مبلغاً ضخماً من أجل إعداد عملية التعداد، وبالطبع يتطلب تدريب كوادر ضخمة، مثل تدريب أشخاص يصل عددهم إلى مئات الآلاف وهؤلاء يمكن توفرهم عن طريق تدريب المدرسين والمدرسات بقطاع التربية والتعليم.  

وهذه المرة الأولى في العراق ينتوي المركز إجراء التعداد بشكل إلكتروني، أما إجراء العملية بواسطة الألواح الإلكترونية للعد، إذ يزوّد كل عداد بلوح إلكتروني لإدخال المعلومات الجغرافية عن منطقته وعدد الأسر والإجابة على أسئلة العدادين تجري بملء استمارة إلكترونية، وهذا يوفر لنا إدخال البيانات وتنظيمها وتبوبيها بشكل سريع، لأن هذه الألواح تنظّم البيانات على الفور.  

الآن عدد سكان العراق 41 مليون نسمة، وممكن أن يصل السنة القادمة إلى 42 مليوناً.. هذه المعلومات يجب أن تشمل معلومات هؤلاء الأفراد الكاملة واحتياجاتهم بما يتعلق بالأدوية والأمراض المزمنة وإلخ من القضايا التي يغطيها العد.  

ومن القضايا التي يجب الالتزام بها، هو أن يجري التعداد على أساس المحافظات الإداريّة، بمعنى أن لدينا 18 محافظة يجري التعداد فيها ثم في الأقضية، ثم النواحي ثم المحلات ثم الأزقة والدور. يجب أن يبدأ التعداد من المحافظة وينتهي بالدار، ويتم ادخال البينات وتبويبها على أساس الوحدات الجغرافية الإدارية. نتمنى أن تكون الظروف مهيأة لإجراء هذا التعداد الذي طال انتظاره بشكل سليم، وهو مهم جداً سواء للحكومة أو للباحثين، إذ يساعد على وضع خطط لتحسين حياة السكان وتلبية احتياجاتهم بشكل حقيقي.  

  • ما المراحل التي تمر بها عملية التعداد؟  
  • مراحل التعداد ثلاثة: مرحلة التخطيط، ومرحلة التنفيذ (المرحلة الميدانية)، ومرحلة التجهيز ونشر وتبويب البيانات.  

التخطيط والتجهيز هي المرحلة التي تسبق العملية الميدانية، وهي مهمة جداً، هي العمل على تجهيز خرائط تفصيلية عن مناطق العراق. هذه الخرائط لا يمكن أن تتم دون أن يخرج فريق من الجهاز المركزي للإحصاء ويقوم بعمليات الحصر والترقيم. بحيث يحصر جميع السكان الموجودين داخل البلد بأي مكان كانوا، سواء في الأهوار أو الجبال أو في المناطق النائية والمناطق الصحراوية والبدو الرحل. يجب أن تتم عملية ترقيم لهذه الأسر بشكل جغرافي، هذا الأمر يضمن أن تكون هناك شمولية في التعداد يومَ العد.  

ويجب توجيه العدادين لتتبع السكان تبعاً لوجودهم على أساس هذه الخرائط والجداول. وعملية التجهيز هذه، يجب أن تسبق التعداد بشهرين أو ثلاثة أشهر، وهي تحتاج إلى كوادر وإمكانات كبيرة يجب توفيرها من وزارة التخطيط. 

عملية الحصر والترقيم ستمنحنا رقماً افتراضياً على أساسه أذهب إلى العد، والخروج بالعدد الفعلي. على سبيل المثال، نعلم أن هناك 41 مليون مواطن، لكننا لا نعلم أين هم في العراق، ما هي أماكن تواجدهم. هناك أسر موجودة أقصى الشمال وأقصى الجنوب لا نعلم أحوالهم بدقة، ولا احتياجاتهم. يجب أن نقوم بعملية حصر وعدّ وحسابهم ضمن المناطق ومن ثم التوجه إليهم بعملية التعداد الشاملة التي توفر بيانات كاملة عنهم.  

  • هل الشمولية ستغطّي جميع الفئات، مثل النازحين في المخيمات، والمقيمين في العراق؟   
  • بالنسبة للتعدادات السابقة فقد شملت السكّان جميعهم، وهذا التعداد يجب أن يكون شاملاً للنازحين داخل العراق، وأن يشملهم تبعاً لمنهجية الحصر والترقيم المعينة جغرافياً وقت إجراء التعداد. 

لكن من الضروري أن يشمل التعداد النازحين ضمن مناطق وجودهم، وهناك تقسيم في التعداد للعراقيين ولغير العراقيين، وهذا عندما يحصل تعداد للرعايا والأجانب، ويكون هناك تعداد خاص بالمواطنين بشكل يحصيهم منفصلين عن السكّان. وتعداد الأجانب سيكون بجداول عاملين أو رعايا أو مقيمين لأسباب مختلفة. في السابق كان هناك تقرير خاص بالبدو، لكني لا أعتقد أنه سيصدر الآن، ربما سيكون في قسم صغير ضمن الأقسام الرئيسية. 

البدو تغيّرت طبيعة معيشتهم، فهم استوطنوا، ومن بقي منهم من الرُّحَّل لا يتعدون المئات، لذا فهو عدد لا يستحق تقريرا مستقلا، ويمكن عدهم بفصل ضمن التقسيم العام بالتعداد. 

  • لكن عَمَّ تعبّر الأرقام الموجودة حالياً في قاعدة بيانات الجهاز المركزي للإحصاء، وقواعد بيانات المنظمات الدولية الأخرى، وعلى أيّ أساس اعتمدت؟  
  • بالنسبة للتقديرات السكّانية الديموغرافية، تُعتَمد التعدادات السابقة لأعوام 1987 و1997، كما تُؤخذ بعين الاعتبار التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي مر بها السكّان من عام 1997 إلى الآن، وندخلها في معادلة رياضية تعتمد عدم ثبات المتغيرات، وليس ثباتها؛ خاصة في عوامل مثل الوفاة والهجرة والنزوح.. وهذه التقديرات بالطبع ليست دقيقة، هي شبه مساعدة، ولكن تعتمدها المنظمات ووزارة التخطيط والجهاز المركزي للإحصاء في استخراج أعداد تقديرية وليست فعلية، وهي تعطي قيمة عددية دون تفاصيل شمولية تعنى بتقدير الحالة العامة للسكّان. وأحياناً يتم الاعتماد على مسوحات أخرى تكون محددة وليست عامة. 

مثال على ذلك المسح الذي يتعلق بحالات السكان الاقتصادية والاجتماعية ووفيات الأمهات والفقر.. إلخ، توجد الآن مسوحات دوريّة لإنجاز بعض عمليات الإحصاء، وهي مسوحات شبه دقيقة حتى نكون منصفين، وتستخدم منهجية عالية جداً، وهي معتمدة من قبل الأمم المتحدة. ولكن هذه المسوحات تمثّل حالة آنية ولا يمكّن أن تكون بديلاً عن التعداد العام، بمعنى أنها تعبر عن معلومات غير شاملة ولا تبيّن ارتباطها بمعلومات خارج هدف المسح، وكل مسح يجري على حدة وبالتالي لا يمكن معرفة الحالة تماما مثل المسح الشامل. 

لكن حتى الدول التي تجري عمليّات التعداد بشكل منتظم، تعتمد هي أيضاً على مسوحات آنية مستمرة للسكان، لرصد الأحداث والتغيُّرات السريعة والمستمرة اللي تطرأ عليهم. وهذه المسوحات معتمدة في العراق ومفيدة، وهي من أفضل المسوحات الموجودة في المنطقة. كان آخر مسح أجرته وزارة التخطيط هو المسح الاقتصادي الاجتماعي، وعام 2015 جرى آخر مسح اقتصادي اجتماعي للأسر، وهو يوفر معلومات وبيانات كثيرة، وحتى عن بعض القضايا مثل الانتحار والتسرُّب ووقت الفراغ، وفي ما يتعلق بأجور العمال وساعات العمل. 

هذه المسوحات وبياناتها تحتاجها المؤسسات الحكومية والمدنية والمنظمات الدولية في عملها. 

  • هل يجب أن تسبق التعداد حملة توعوية وتثقيفية للسكان؟  
  • صحيح أن التعداد سيتم من قبل عدادين مدربين بطريقة مباشرة، ولكن في الوقت نفسه، فإن من يمنح المعلومات هم الناس والأفراد، والمعلومات هي أمانة ومسؤولية. ومهما كان العدّاد دقيقا ومهنيا، يبقى نجاح العملية معتمدا على الأفراد والسكّان.  

برأيي هذا سؤال مهم، ويجب أن يوجه للحكومة العراقية ووزارة التخطيط ومركز الإحصاء، يجب أن تكون هناك خطة توعية تشترك بها جميع قطاعات الدولة من أجل تثقيف السكان بأهمية هذا التعداد ودوره ووظيفته ووجوب تعاون الأفراد والسكّان بمساعدة العدادين وتزويدهم بالمعلومات الدقيقة، وعدم التخوّف من إعطاء المعلومات والحرص على تثقيف السكّان بأن هذه المعلومات لن توظّف لأغراض أخرى، هي فقط بهدف الحصول على بيانات يجري على أساسها وضع خطط وسياسات من أجل خدمتهم وتوفير السبل الأفضل لهم.  

يجب أن يعي السكّان أن هذه البيانات لن يترتب عليها أي ضرر. عندما نسأل السكان عن الدخل الخاص بالأسرة أو عدد العاملين بها، يكون هناك تردّد طبيعي، وعندما نسأل عن ملكية السكن سيكون هناك تردّد، وعندما نسأل عن عدد الحيوانات الداجنة لدى الأسرة سيكون هناك تردد، خاصة في القضايا الاقتصادية بما يتعلق بالسكان إذ يجب توفيرها بشكل دقيق. وهذا لن يتم دون عملية وحملة توعية تصل للجميع، وتشكل قناعة لدى السكّان بمساعدة العدادين.  

  • طلب الجهاز المركزي للإحصاء تعديل بنود عدّة في القانون الخاص بالتعداد، ولم يرد البرلمان بشأنها.. ما رأيك بهذه التعديلات ولجوء الجهاز لإجراء التعداد دونها نظراً لتأخر الرّد؟  
  • بصراحة، لا أستطيع الجواب لأني غير مطلع على التعديلات التي طرحتها وزارة التخطيط على القانون، ولكن يمكن الاستعاضة عن التعديلات بقرارات من مجلس الوزراء، إذ يمكن أن تكون سلطة تشريعية متاح لها إصدار تعليمات معينة بما يتعلق بالتمويل والقضايا الأمنية ومتطلبات العدادين، بينما أنا برأي كمختص، القانون السابق للتعداد قانون ناضج وممتاز لأنه منح صلاحيات ومرونة لوزارة التخطيط والوزارات الأخرى المساندة مثل وزارة الداخلية ووزارة النقل ووزارة التربية. 
  • لم يكشف الجهاز المركزي للإحصاء عن الكوادر التي ستجري التعداد السكاني، وقال إنه لم يبت بالأمر بعد.. هل هذا يعني أنه يمكن الاستعانة بكوادر أخرى، خاصة أو حكومية؟  
  • العدادون غالباً هم كوادر وزارة التربية من المعلمين، ويصل عددهم تقريباً نحو 800 ألف وأكثر، وهؤلاء دُربوا سابقا عام 2009، لكن العملية عُطلت. تدرّب هؤلاء على المقابلة وجمع المعلومات والتعامل مع الاستمارة. 

بحسب معلوماتي، لا يمكن إجراء عملية التعداد السكاني من دون توفر عدد كبير من العدادين وبمئات الآلاف، وهؤلاء يجب أن يكون لديهم مستوى عال من التعليم والتدريب، وعندهم قدرة على إجراء المقابلات وغيرها، ولكن ممكن (أن الجهاز المركزي للإحصاء) يقصد أنه لم يتم اتخاذ القرار بعد، لكن التوجه العام والمفترض أن وزارة التربية هي الجانب الذي يجب أن يقوم بالأمر، إذ لا يوجد بديل آخر. 

بمعنى، يمكن الاعتماد على الأفراد مثلما يجري في عملية الانتخابات، ولكن هؤلاء تنقصهم المسؤولية والالتزام بموضوع مثل العد، لا يمتلكها إلا موظفو وزارة التربية. ولن يكونوا ملزمين بصفتهم موظفين أمام الحكومة بقواعد العمل وتحمل مسؤوليته في التعامل مع حالات كثيرة مثل تجنب التعاون مع العد من قبل السكّان أو تعطل بعض الأجهزة إلخ، إضافة إلى الحيادية بموضوع العد.. إذ ليس هناك جهة أفضل من وزارة التربية، ويمكن أن تشارك وزارة التعليم العالي.