"الاستثمار بالشمس".. عن فرص وصفقات الكهرباء في العراق 

سلام زيدان

05 نيسان 2024

عانى العراق عجزاً في إنتاج الكهرباء ليصل الضوء إلى البيوت، ورغم أن الشمس استثمار جيد، إلا أن الحكومات تفضل الذهاب إلى الأرض عميقاً لجلب الطاقة.. عن فرص وصفقات كهرباء ضائعة في العراق

تشرق الشمس على العراق أكثر من 3 آلاف ساعة سنوياً من أصل 8700 ساعة في السنة، ويمكن لكل متر مليء بالأشعة أن يتحوّل إلى أكثر من 1900 واط بالساعة، ليجعل الأضواء ساطعة في ليل المدن. رغم ذلك، فإن الخطط الحكومية تفضل تبديد الأنوار، وتتمسك بإنتاج الكهرباء عبر الوقود الأحفوري الذي يكبّد البلاد أموالاً وتلوّثاً. 

الاستثمار بالشمس 

عام 1981، أسس العراق أوّل مركز عربي لأبحاث الطاقة المتجددة، مُركِّزاً على الرياح والشمس. لكن هذا المشروع لم يتقدّم، وأخذت البلاد ومحطات الطاقة الكهربائية بالانهيار والخروج عن الخدمة، بعد أن سقطت عليها صواريخ وقنابل حرب الخليج الثانية. 

وصعّب الحصار الاقتصادي من مهمة حصول العراق على المواد الأولية والأساسية لإعادة تأهيل المحطات المتضررة، وتطوير ما سلم منها، فعانت البلاد عجزاً في الإنتاج والتوزيع والنور في البيوت.  

وبعد غزو العراق، توسعت أزمة الطاقة، نتيجة للفساد في عقودها، والنموّ السكاني، والانفتاح الكبير في استيراد الأجهزة الكهربائية؛ وقد أنفقت الحكومات بين أعوام 2003 – 2021 أكثر من 80 مليار دولار على ملف الطاقة، إلا أن مشاكل كثيرة ما تزال تشوبها، في الإنتاج والتوزيع والنقل والجباية، والتكلفة العالية. 

ويصنّف العراق من بين أعلى الدول حرقاً للغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط، وبالتالي تبديده وعدم امتلاكه هذه الثروة الطبيعية، إلا أن السياسات المتعاقبة، سارت عكس المنطق، واعتمدت على المحطات الغازية المنتجة للكهرباء، وبالتالي رهنت نفسها بشكل شبه كلي للغاز الإيراني الذي يبلغ حجم الاستيراد اليومي منه 50 مليون متر مكعب قياسي، لتشغيل محطات غازية بقدرة 16 الف ميغاواط، والتي تشكّل 57 بالمئة من إنتاج الكهرباء، بالإضافة إلى استيراد 1200 ميغاواط. 

الحال هذه، فإن إنتاج ميغاواط تعمل على الوقود الأحفوري تكلّف البلاد 900 ألف دولار، حسب وزير الكهرباء الأسبق، ماجد حنتوش، الذي عمل لسنوات طويلة مسؤول الإنتاج في وزارة الكهرباء قبل تبوئه منصب الوزير.  

وتتوقع وزارة الكهرباء ارتفاع ذروة الطلب إلى 41 ألف ميغاواط في عام 2030، ووضعت استراتيجية، أن تنتج أجزاء من الكهرباء باستخدام الغاز المُنتج عراقياً، وأن تغطي الطاقة الشمسية 5 بالمئة من الإنتاج الكلي. 

استراتيجيات غير ممكنة 

للعراق مساحات كبيرة فارغة يمكن استغلالها وبناء محطات فيها وربطها بالشبكة الوطنية بسهولة كبيرة، وهذه المحطات ذات تكلفة رخيصة مقارنة بمحطات الوقود الاحفوري، وتجعل البلاد أقلّ تلوثاً، وتقرّبه من التزاماته في اتفاقية باريس للمناخ من خلال خفض كميات ثنائي أوكسيد الكاربون، للحد من الاحتباس الحراري. 

وقد بدأ العراق أولى خطواته في عقود الطاقة الشمسية عام 2019 عندما طرح فرصا استثمارية لإنشاء سبع محطات كهرباء بقدرة 755 ميغاواط، في محافظات كربلاء وواسط وبابل والمثنى، وألحقها بأخرى مع عدد من الشركات العالمية.  

ووفقاً لوثائق رسمية، فان مجلس الوزراء خول وزارة الكهرباء، بتوقيع العقد مع ائتلاف شركة SCATEC النرويجية، بتاريخ 22 كانون الأول 2021، لتنفيذ مشروعي الطاقة الشمسية بكربلاء 300 ميغاواط، والإسكندرية في بابل 225 ميغاواط، وشراء الطاقة المنتجة لمدة 25 عاما بمعدل 40.7 دولاراً لكل ميغاواط، وتبلغ كلفة شراء الكهرباء خلال مدة الاستثمار البالغة 25 عاماً، 891.7 مليون دولار، إذ يصل المبلغ السنوي إلى 35.6 مليون دولار. 

مع ذلك، فان أجور الميغاواط (1000 كيلو واط)، كانت مرتفعة في العراق لكل ميغاواط مقارنة بالامارات (16.2 دولاراً للميغاواط)، ومصر (23 دولاراً للميغاواط)، إلا أن ارتفاع التكلفة يحتمل عدة تفسيرات، منها حجم المخاطر العالية نتيجة لبيئة الأعمال الضعيفة، والفساد المالي والإداري المستفحل في مؤسسات الدولة. 

أسعار الطاقة الشمسية في الدول المجاورة للعراق لكمية 1 ميغاواط  

تزامن التعاقد مع الائتلاف النرويجي مع توقيع اتفاقية مع شركة توتال الفرنسية، بقدرة 1000 ميغاواط وبسعر تعرفة ثابت 38 دولاراً لكل ميغاواط وبفترة استثمار 25 عاماً، على أن تنجز خلال 36 شهراً، وأُقِرَ العقد بجلسةٍ طارئة، ضمن صفقة بقيمة 27 مليار دولار أبرمت مع الشركة الفرنسيّة، والتي صُنفت كأسرع صفقة في تاريخ العراق. 

ونتيجة للعقود والاتفاقات، قدمت وزارة الكهرباء عام 2022 خطة استراتيجية تتضمن 3 مراحل، إحداها تؤدي إلى إنتاج 5 بالمئة “1200 ميغاواط” من إجمالي الإنتاج معتمداً على الطاقة المتجددة خلال عام 2024، وهو أمر لم يتحقق. 

مصير عقود إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية 

ت العقد الحجم  
اكو بار السعودية في النجف 1000 ميغاواط لم يجر تسليم الارض 
توتال الفرنسية في البصرة  1000 ميغاواط لم يجر تسليم الارض 
مصدر الإماراتية 2000 ميغاواط مازالت حتى الان اتفاقية ولم تذهب باتجاه توقيع عقود، خصوصا ان المرحلة الأولى تتضمن إنشاء محطات للطاقة الشمسية بقدرة 1000 ميغاواط في محافظات؛ ميسان 100 ميغاواط، ذي قار 450 ميغاواط، نينوى 100 ميغاواط، والأنبار 350 ميغاواط 
Scatec كربلاء وبابل 525 ميغاواط انسحبت الشركة رسميا 
باور جاينا في المثنى  750 ميغاواط   بقيمة 520 مليون دولار 

سلحفاة.. أو أبطأ  

يطرح العراق حالياً 8 فرص استثمارية لإنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة 1300 ميغاواط في البصرة وذي قار والمثنى، وتقول الحكومة إنها تدعم قطاع الطاقة من الموازنة المالية مبلغ 15 مليار دولار سنوياً. ورغم ذلك، لم تتقدم الشركات للمنافسة على هذه الفرص، ولم تغريها الأموال أيضاً. 

فالشركات التي ترغب بتنفيذ مشاريع الطاقة النظيفة الكبيرة في العراق، كانت وما تزال تواجه عراقيل ومخاوف عدّة، منها قرار مجلس الوزراء الذي صدر بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، والمتمثل بإيقاف الأوامر الديوانية لحكومة سلفه مصطفى الكاظمي، ومراجعة العقود المبرمة، ما منع إحالة الأرض التي تقام عليها المشاريع إلى الشركات، كما لم تعمل على تفعيل اتفاقيات الطاقة السابقة إلى عقود مُبرمة. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن العراق يريد الانخراط في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، إلا أنه لم يعدّ قانوناً لتنظيم عملها؛ بينما تتنازع ثلاث وزارات، الكهرباء، العلوم وتكنولوجيا المعلومات والبيئة على الملف نفسه، ما يوزّع دمه بين قبائل التشتّت والضياع. 

تجعل هذه المشكلات مشاريع الطاقة الشمسية، حتّى الآن، حبراً على ورق، الأمر الذي يضطر الشركات الأجنبية إلى توخّي الحذر قبل العمل في العراق، أو الانسحاب كما فعلت شركة SCATEC النرويجية، التي قال مسؤولون فيها إنهم واجهوا بطئاً وتعطيلاً وعدم تنظيم قانوني للعمل في العراق. 

يُعيد سياسيون إبطاء التقدّم في ملف الكهرباء إلى ضغوط سياسية أيضاً تُمارسها إيران، ذلك أن العراق يستهلك غازها وكهرباءها بتكلفة سنوية تصل أو تتجاوز 4 مليارات دولار. ولأن بغداد تحصل على استثناء من واشنطن لشراء غاز وكهرباء إيران، فإن الأخيرة تمتلك مصلحة كبيرة بإيقاف مشاريع إنتاج الكهرباء التي تعتمد على صادراتها من الغاز، ومنها محطات الطاقة الشمسية. 

فرص على الهواء الطلق 

صحيح أن كلفة بناء محطة الطاقة الشمسية مقارنة مع الوقود الاحفوري، أقّل بكثير، نتيجة للتطوّر التقني الذي ساهم بانخفاض أسعار الالواح الكهروضوئية، ما يعني أن الميغاواط يمكن أن يكلّف الميزانية 40 دولاراً، بدلاً من 120 وهو سعر محطات الوقود الاحفوري، إلا أن العراق بحاجة إلى إجراء تجربة كبيرة، يتمكّن من خلالها فهم العراقيل العمليّة التي قد تواجه منظومات الطاقة الشمسية. 

فالعراق الذي صار نموذجاً حيّاً لتأثيرات التغيّر المناخي على الأرض، حيث يعاني من التصحّر وتزايد العواصف الغبارية وارتفاع درجات الحرارة، من المرّجح أن تعاني فيه منظومات الطاقة الشمسيّة من بعض التحديات.  

فالغبار إذا ما تراكم على الألواح، يمكن أن يؤدي إلى تقليل الإنتاجية، بالتالي فإن الألواح بحاجة لتنظيف -على الرغم من ظهور أجهزة حديثة لمعالجة هذه المشكلة. كما يمكن لارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف أن تؤدي الى مشكلات خفض جهد “الفولتية”، مما يؤدي الى انخفاض التيار “الأمبير” أو قد تصل حدّ تدمير الخلايا الداخلية منها، وأيضاً من الممكن أن تواجه الطاقة مشاكل في التخزين بسبب قلة الإنتاج وزيادة الطلب، على حد سواء، خلال الأيام شديدة الحرارة. 

وفي الواقع، لا يجب أن تستمر الخطط الحكومية بدعم الكهرباء بنحو 70 بالمئة من تكلفتها، خاصّة وأنها لم تؤد الغرض المطلوب منها في تحريك عجلة المصانع والمشاريع الزراعية. فوفق لؤي الخطيب، الوزير الأسبق للكهرباء، تبلغ خسائر الاقتصاد بسبب سوء الكهرباء سنوياً 17 مليار دولار. عليه، فإن الاكتفاء ببناء المحطات الشمسيّة، بحاجة إلى العمل كذلك على تشجيع المواطنين وتقديم القروض والتسهيلات لنصب الألواح الشمسية في المنازل والمعامل والأرياف، بهدف تقليل الطلب على الشبكة الوطنية، وإيقاف استيراد الغاز والكهرباء تدريجياً من دول الجوار. 

* تنشر هذه المادة بالشراكة مع الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية ”نيريج”   

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

تشرق الشمس على العراق أكثر من 3 آلاف ساعة سنوياً من أصل 8700 ساعة في السنة، ويمكن لكل متر مليء بالأشعة أن يتحوّل إلى أكثر من 1900 واط بالساعة، ليجعل الأضواء ساطعة في ليل المدن. رغم ذلك، فإن الخطط الحكومية تفضل تبديد الأنوار، وتتمسك بإنتاج الكهرباء عبر الوقود الأحفوري الذي يكبّد البلاد أموالاً وتلوّثاً. 

الاستثمار بالشمس 

عام 1981، أسس العراق أوّل مركز عربي لأبحاث الطاقة المتجددة، مُركِّزاً على الرياح والشمس. لكن هذا المشروع لم يتقدّم، وأخذت البلاد ومحطات الطاقة الكهربائية بالانهيار والخروج عن الخدمة، بعد أن سقطت عليها صواريخ وقنابل حرب الخليج الثانية. 

وصعّب الحصار الاقتصادي من مهمة حصول العراق على المواد الأولية والأساسية لإعادة تأهيل المحطات المتضررة، وتطوير ما سلم منها، فعانت البلاد عجزاً في الإنتاج والتوزيع والنور في البيوت.  

وبعد غزو العراق، توسعت أزمة الطاقة، نتيجة للفساد في عقودها، والنموّ السكاني، والانفتاح الكبير في استيراد الأجهزة الكهربائية؛ وقد أنفقت الحكومات بين أعوام 2003 – 2021 أكثر من 80 مليار دولار على ملف الطاقة، إلا أن مشاكل كثيرة ما تزال تشوبها، في الإنتاج والتوزيع والنقل والجباية، والتكلفة العالية. 

ويصنّف العراق من بين أعلى الدول حرقاً للغاز المصاحب لعمليات استخراج النفط، وبالتالي تبديده وعدم امتلاكه هذه الثروة الطبيعية، إلا أن السياسات المتعاقبة، سارت عكس المنطق، واعتمدت على المحطات الغازية المنتجة للكهرباء، وبالتالي رهنت نفسها بشكل شبه كلي للغاز الإيراني الذي يبلغ حجم الاستيراد اليومي منه 50 مليون متر مكعب قياسي، لتشغيل محطات غازية بقدرة 16 الف ميغاواط، والتي تشكّل 57 بالمئة من إنتاج الكهرباء، بالإضافة إلى استيراد 1200 ميغاواط. 

الحال هذه، فإن إنتاج ميغاواط تعمل على الوقود الأحفوري تكلّف البلاد 900 ألف دولار، حسب وزير الكهرباء الأسبق، ماجد حنتوش، الذي عمل لسنوات طويلة مسؤول الإنتاج في وزارة الكهرباء قبل تبوئه منصب الوزير.  

وتتوقع وزارة الكهرباء ارتفاع ذروة الطلب إلى 41 ألف ميغاواط في عام 2030، ووضعت استراتيجية، أن تنتج أجزاء من الكهرباء باستخدام الغاز المُنتج عراقياً، وأن تغطي الطاقة الشمسية 5 بالمئة من الإنتاج الكلي. 

استراتيجيات غير ممكنة 

للعراق مساحات كبيرة فارغة يمكن استغلالها وبناء محطات فيها وربطها بالشبكة الوطنية بسهولة كبيرة، وهذه المحطات ذات تكلفة رخيصة مقارنة بمحطات الوقود الاحفوري، وتجعل البلاد أقلّ تلوثاً، وتقرّبه من التزاماته في اتفاقية باريس للمناخ من خلال خفض كميات ثنائي أوكسيد الكاربون، للحد من الاحتباس الحراري. 

وقد بدأ العراق أولى خطواته في عقود الطاقة الشمسية عام 2019 عندما طرح فرصا استثمارية لإنشاء سبع محطات كهرباء بقدرة 755 ميغاواط، في محافظات كربلاء وواسط وبابل والمثنى، وألحقها بأخرى مع عدد من الشركات العالمية.  

ووفقاً لوثائق رسمية، فان مجلس الوزراء خول وزارة الكهرباء، بتوقيع العقد مع ائتلاف شركة SCATEC النرويجية، بتاريخ 22 كانون الأول 2021، لتنفيذ مشروعي الطاقة الشمسية بكربلاء 300 ميغاواط، والإسكندرية في بابل 225 ميغاواط، وشراء الطاقة المنتجة لمدة 25 عاما بمعدل 40.7 دولاراً لكل ميغاواط، وتبلغ كلفة شراء الكهرباء خلال مدة الاستثمار البالغة 25 عاماً، 891.7 مليون دولار، إذ يصل المبلغ السنوي إلى 35.6 مليون دولار. 

مع ذلك، فان أجور الميغاواط (1000 كيلو واط)، كانت مرتفعة في العراق لكل ميغاواط مقارنة بالامارات (16.2 دولاراً للميغاواط)، ومصر (23 دولاراً للميغاواط)، إلا أن ارتفاع التكلفة يحتمل عدة تفسيرات، منها حجم المخاطر العالية نتيجة لبيئة الأعمال الضعيفة، والفساد المالي والإداري المستفحل في مؤسسات الدولة. 

أسعار الطاقة الشمسية في الدول المجاورة للعراق لكمية 1 ميغاواط  

تزامن التعاقد مع الائتلاف النرويجي مع توقيع اتفاقية مع شركة توتال الفرنسية، بقدرة 1000 ميغاواط وبسعر تعرفة ثابت 38 دولاراً لكل ميغاواط وبفترة استثمار 25 عاماً، على أن تنجز خلال 36 شهراً، وأُقِرَ العقد بجلسةٍ طارئة، ضمن صفقة بقيمة 27 مليار دولار أبرمت مع الشركة الفرنسيّة، والتي صُنفت كأسرع صفقة في تاريخ العراق. 

ونتيجة للعقود والاتفاقات، قدمت وزارة الكهرباء عام 2022 خطة استراتيجية تتضمن 3 مراحل، إحداها تؤدي إلى إنتاج 5 بالمئة “1200 ميغاواط” من إجمالي الإنتاج معتمداً على الطاقة المتجددة خلال عام 2024، وهو أمر لم يتحقق. 

مصير عقود إنتاج الكهرباء بالطاقة الشمسية 

ت العقد الحجم  
اكو بار السعودية في النجف 1000 ميغاواط لم يجر تسليم الارض 
توتال الفرنسية في البصرة  1000 ميغاواط لم يجر تسليم الارض 
مصدر الإماراتية 2000 ميغاواط مازالت حتى الان اتفاقية ولم تذهب باتجاه توقيع عقود، خصوصا ان المرحلة الأولى تتضمن إنشاء محطات للطاقة الشمسية بقدرة 1000 ميغاواط في محافظات؛ ميسان 100 ميغاواط، ذي قار 450 ميغاواط، نينوى 100 ميغاواط، والأنبار 350 ميغاواط 
Scatec كربلاء وبابل 525 ميغاواط انسحبت الشركة رسميا 
باور جاينا في المثنى  750 ميغاواط   بقيمة 520 مليون دولار 

سلحفاة.. أو أبطأ  

يطرح العراق حالياً 8 فرص استثمارية لإنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة 1300 ميغاواط في البصرة وذي قار والمثنى، وتقول الحكومة إنها تدعم قطاع الطاقة من الموازنة المالية مبلغ 15 مليار دولار سنوياً. ورغم ذلك، لم تتقدم الشركات للمنافسة على هذه الفرص، ولم تغريها الأموال أيضاً. 

فالشركات التي ترغب بتنفيذ مشاريع الطاقة النظيفة الكبيرة في العراق، كانت وما تزال تواجه عراقيل ومخاوف عدّة، منها قرار مجلس الوزراء الذي صدر بعد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، والمتمثل بإيقاف الأوامر الديوانية لحكومة سلفه مصطفى الكاظمي، ومراجعة العقود المبرمة، ما منع إحالة الأرض التي تقام عليها المشاريع إلى الشركات، كما لم تعمل على تفعيل اتفاقيات الطاقة السابقة إلى عقود مُبرمة. 

بالإضافة إلى ذلك، فإن العراق يريد الانخراط في إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، إلا أنه لم يعدّ قانوناً لتنظيم عملها؛ بينما تتنازع ثلاث وزارات، الكهرباء، العلوم وتكنولوجيا المعلومات والبيئة على الملف نفسه، ما يوزّع دمه بين قبائل التشتّت والضياع. 

تجعل هذه المشكلات مشاريع الطاقة الشمسية، حتّى الآن، حبراً على ورق، الأمر الذي يضطر الشركات الأجنبية إلى توخّي الحذر قبل العمل في العراق، أو الانسحاب كما فعلت شركة SCATEC النرويجية، التي قال مسؤولون فيها إنهم واجهوا بطئاً وتعطيلاً وعدم تنظيم قانوني للعمل في العراق. 

يُعيد سياسيون إبطاء التقدّم في ملف الكهرباء إلى ضغوط سياسية أيضاً تُمارسها إيران، ذلك أن العراق يستهلك غازها وكهرباءها بتكلفة سنوية تصل أو تتجاوز 4 مليارات دولار. ولأن بغداد تحصل على استثناء من واشنطن لشراء غاز وكهرباء إيران، فإن الأخيرة تمتلك مصلحة كبيرة بإيقاف مشاريع إنتاج الكهرباء التي تعتمد على صادراتها من الغاز، ومنها محطات الطاقة الشمسية. 

فرص على الهواء الطلق 

صحيح أن كلفة بناء محطة الطاقة الشمسية مقارنة مع الوقود الاحفوري، أقّل بكثير، نتيجة للتطوّر التقني الذي ساهم بانخفاض أسعار الالواح الكهروضوئية، ما يعني أن الميغاواط يمكن أن يكلّف الميزانية 40 دولاراً، بدلاً من 120 وهو سعر محطات الوقود الاحفوري، إلا أن العراق بحاجة إلى إجراء تجربة كبيرة، يتمكّن من خلالها فهم العراقيل العمليّة التي قد تواجه منظومات الطاقة الشمسية. 

فالعراق الذي صار نموذجاً حيّاً لتأثيرات التغيّر المناخي على الأرض، حيث يعاني من التصحّر وتزايد العواصف الغبارية وارتفاع درجات الحرارة، من المرّجح أن تعاني فيه منظومات الطاقة الشمسيّة من بعض التحديات.  

فالغبار إذا ما تراكم على الألواح، يمكن أن يؤدي إلى تقليل الإنتاجية، بالتالي فإن الألواح بحاجة لتنظيف -على الرغم من ظهور أجهزة حديثة لمعالجة هذه المشكلة. كما يمكن لارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف أن تؤدي الى مشكلات خفض جهد “الفولتية”، مما يؤدي الى انخفاض التيار “الأمبير” أو قد تصل حدّ تدمير الخلايا الداخلية منها، وأيضاً من الممكن أن تواجه الطاقة مشاكل في التخزين بسبب قلة الإنتاج وزيادة الطلب، على حد سواء، خلال الأيام شديدة الحرارة. 

وفي الواقع، لا يجب أن تستمر الخطط الحكومية بدعم الكهرباء بنحو 70 بالمئة من تكلفتها، خاصّة وأنها لم تؤد الغرض المطلوب منها في تحريك عجلة المصانع والمشاريع الزراعية. فوفق لؤي الخطيب، الوزير الأسبق للكهرباء، تبلغ خسائر الاقتصاد بسبب سوء الكهرباء سنوياً 17 مليار دولار. عليه، فإن الاكتفاء ببناء المحطات الشمسيّة، بحاجة إلى العمل كذلك على تشجيع المواطنين وتقديم القروض والتسهيلات لنصب الألواح الشمسية في المنازل والمعامل والأرياف، بهدف تقليل الطلب على الشبكة الوطنية، وإيقاف استيراد الغاز والكهرباء تدريجياً من دول الجوار. 

* تنشر هذه المادة بالشراكة مع الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية ”نيريج”