الخروج من جنة مطاعم السوريين في مدن كردستان 

رشيد صوفي

01 نيسان 2024

المطاعم السورية في إقليم كردستان تبدو جناناً مليئة بالشاورما والملوخية والأرباح، لكن هذه الجنة يحلم كثيرون بالخروج منها.. عن الخروج من جنة مطاعم السوريين في مدن كردستان..

عندما هرب محمد أحمد (42 عاماً) من سوريا قبل أكثر من 12 سنة إلى إقليم كردستان في العراق جراء انهيار الأوضاع الأمنية في بلاده، لم يكن يملك ما يكفيه من المال، وكانت أوضاعه في غاية الصعوبة. 

أحمد الذي خرج من منطقة الحسكة، حط الرحال في مدينة زاخو القريبة من الحدود العراقية السورية، وهي أول مدينة وصل إليها. 

اضطر للعمل في أحد الأفران بأجر بسيط ليوفر احتياجاته اليومية، فتعلم مهنة صناعة الخبز، وطوّر مهاراته فيها يوماً بعد آخر. 

تنقل خلال مشواره العملي الذي استمر سنوات عدة، بين عديد من الأفران والمطاعم، ومارس مختلف الأعمال داخل المطابخ. 

تراكمت لديه الخبرة والثقة بالنفس، ليفتتح عام 2015 أول مطعم له باسم “البيت الشامي” في زاخو، بمساعدة ثلاثة من أشقائه. 

قدّم في المطعم أكلات سورية وعراقية، وتمكن خلال أعوام من تحقيق النجاح وتحسنت أوضاعه يوماً بعد آخر. 

“اعتمد نجاح عملي بالدرجة الأساس علی الاهتمام الكبير بالزبائن واحترام أذواقهم وتقديم أفضل المأكولات، مع الحفاظ على النظافة والخدمة الجيدة والأسعار الملائمة” يقول لـ”جمّار”. 

ويستطيع الزبون الحصول على وجبة من هذا المطعم حتى بألف دينار فقط (نحو 66 سنتاً). 

ويحب زبائنه سندويشات الشاورما التي يحضرّها والكباب السوري. 

ومراعاةً لاختلاف الأذواق، يقدم المطعم الوجبات العراقية التقليدية أيضاً مثل القوزي والمشويات. 

ويقدّر محمد مبيعاته بخمسة آلاف وجبة يومياً. 

ويشير إلى أن العمال والطباخين الأتراك كانوا يسيطرون على قطاع المطاعم في كردستان، لكن السوريين سحبوا البساط من تحت أرجلهم. 

ويعزو ذلك إلى خبرة السوريين الجيدة في إدارة المطاعم والمقاهي والكافتريات. 

وبعد أن حقق أرباحاً جيدة افتتح مطعماً ثانياً بتصنيف أربع نجوم. بينما تصنيف مطعمه الأول ثلاث نجوم. 

ويشغّل المطعمان أكثر من 150 عاملاً معظمهم من السوريين. 

ويتراوح راتب العامل بين 300 و400 دولار شهرياً مقابل 12 ساعة عمل يومياً. 

والمطعمان مفتوحان على مدار اليوم والأسبوع. 

ولا يحصل العمال على عطل أو إجازات مدفوعة الأجر. 

أما الطباخون فيتقاضون رواتب أعلى تتراوح بين ألف وثلاثة آلاف دولار شهرياً، بحسب الخبرة والمهارة. 

“الشاورما” السورية في إقليم كردستان 

ويعمل عبد الله حازم، وهو عراقي، محاسباً في أحد المطعمين، بأجر يومي قدره 36 ألف دينار. 

ويستغرق عمله بين 10 و12 ساعة يومياً. 

حصل عبد الله، الذي يحمل شهادة جامعية، على الوظيفة قبل أكثر من عامين، وواكب في هذه المدة انضمام عراقيين عديدين للعمل في المطعم. 

لكن العراقيين لا يتحملون غالباً صرامة المدير السوري الذي يتابع كل شاردة وواردة، فلا يمكثون طويلاً، “أما السوريون فهم مضطرون لتحمل كل المصاعب بسبب ظروفهم، لذلك يستمرون” يقول عبد الله لـ”جمّار”. 

ثلثهم بلا عمل 

خلال 12 عاماً مضت، لجأ نحو 260 ألف سوري إلى كردستان هرباً من الحرب الدائرة في بلادهم والأوضاع الأمنية غير المستقرة هناك. 

ويعيش 251 ألفاً و475 لاجئاً سورياً في الإقليم، يسكن 159 ألفاً و920 منهم خارج المخيمات.  

ويحمل اللاجئون السوريون تصريح إقامة من سلطات الإقليم یسمح لهم بحرية التنقل والعمل داخل محافظاته الثلاث فقط، بحسب هيئة إحصاء كردستان. 

ويقول بير ديان، مدیر الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك، إن خطوة منح تصريح الإقامة للسوريين تأتي في إطار مراعاة الجانب الإنساني وتخفيف الأعباء المعيشية عنهم. 

ويشير إلى أن بعضاً منهم تزوج من السكان المحليين واندمج في المجتمع، بينما يسعى بعضهم الآخر إلى التوجه نحو الدول الأوروبية. 

ويؤشر المجلس النرويجي للاجئين (NRC) في تقرير أعده بشأن أوضاع اللاجئين السوريين في كردستان، وجود هشاشة اقتصادية بينهم. 

يحصل ثلاثة من كل خمسة لاجئين على أقل من 200 دولار شهرياً، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور الذي حدده القانون العراقي البالغة 450 ألف دينار. 

ويعمل أكثر من نصفهم في القطاع غير الرسمي، ونحو الثلث عاطلون عن العمل. 

ويكافح غالبية اللاجئين للعثور على عمل رسمي، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات المديونية داخل المجتمع. 

ويدخر الشبان أموالهم في محاولة للجوء إلى أوروبا عبر طرق غير نظامية، بحسب التقرير. 

ويشكل السوريون نسبة كبيرة من الذين يهاجرون إلى الدول الأوروبية بطرق غير رسمية. 

حتى منتصف عام 2023، سُجل عبور أكثر من 40 ألف مهاجر عبر البحر الأبيض المتوسط، وشكّل السوريون نسبة 17 بالمئة منهم. 

تقدّر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة إقليم كردستان وجود نحو 100 ألف عامل أجنبي في الإقليم، أربعة بالمئة منهم فقط دخلوا رسمياً وعبر شركات مرخصة، أما البقية فدخلوا بطرق غير شرعية. 

محمد عبدالواحد (30 عاماً)، هو من فئة هؤلاء العمال الذين يواجهون حياة قاسية. 

على مدار أربعة أعوام عمل الشاب الذي يعيل عائلة من 7 أفراد في مجال توصيل طلبات المأكولات بدراجته النارية إلى الزبائن. 

“اشتريت دراجة نارية بمبلغ 500 دولار لإعالة اسرتي البالغة 7 أفراد للعمل (..) بأجر يومي يبلغ 25000 دينار فقط”. 

على محمد اقتطاع كلفة الوقود من أجره. 

يعمل عبد الواحد لأكثر من 10 ساعات يومياً، ويوصل أكثر من 25 طلباً في مناطق مختلفة من أربيل، وإذا ما تعطّلت دراجته النارية فعليه دفع تكاليف إصلاحها بنفسه، أما إذا تعرّض لحادث، فمن الممكن أن لا يسأل عنه أحد. 

“قبل فترة تعرض أحد أصدقائي إلى كسور في جسمه بسبب حادث عند توصيل طلبات الزبائن في حين صاحب العمل لم يسأل عنه”. 

“أشعر بوجود استغلال ملحوظ في عملي إذ لا يمكنني أخذ إجازة ليوم واحد فقط براتب مهما كانت ظروفي صعبة”، يقول عبد الواحد، قبل أن يضيف “أنا مضطر لتحمل هذا العمل الشاق بسبب الظروف الصعبة”. 

أطباقهم شهية 

يمكن مشاهدة العاملين السوريين في كل مكان بإقليم كردستان، ففي مدينة أربيل يكاد لا يخلو مطعم أو مقهى من عامل سوري. 

كاميران عبدي (33 عاماً) يعمل في أحد المطاعم أكثر من عشر ساعات يومياً براتب شهري قدره 300 دولار. 

وهو مضطر لتحمل هذه المشقة لأن العثور على عمل آخر أقل إرهاقاً وأكثر أجراً ليس بالأمر السهل. 

الكباب السوري في إقليم كردستان 

ويوجد في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، أكثر من 400 مطعم وكافيتريا تحمل مواصفات سياحية، فضلاً عن مئات المطاعم والمقاهي الشعبية، بحسب شيخ شكر رئيس جمعية المطاعم والفنادق في أربيل. 

ويقول شكر إن غالبية المطاعم تعتمد على العمال والطباخين الأجانب، وفي مقدمتهم السوريون ومن ثم الإيرانيون والأتراك، لخبرتهم الجيدة في إدارة هذا النوع من الأعمال وإعداد الأطباق الشرقية والغربية بمهارة، فضلاً عن تقديم الخدمة والتعامل الجيد مع الزبائن. 

وفق رئيس جمعية المطاعم والفنادق في أربيل، فأن السوريين وبعض الجنسيات الأخرى يشغلون أكثر من 50 بالمئة من أعمال إدارة المطاعم والكافيتريات في أربيل، فضلاً عن أنهم يشكلون النسبة الأكبر من بين عمال قطاع توصيل المأكولات “الديليفري”. 

وافتتح سوريون في أربيل عشرات المطاعم والمقاهي، بعضها تحمل أسماء شامية، وحقق بعض هذه المشاريع أرباحاً جيدة لأصحابها وتمكنت من نيل إعجاب السكان المحليين إلى جانب السوريين المقيمين في الإقليم. 

أصناف الأكلات التي تقدمها المطاعم السورية في إقليم كردستان 

تقول سوسن حسين (31 عاماً) إن المطاعم السورية تقدم أطباقاً متنوعة وشهية، كالفلافل وسندويش الشاورما السورية والكباب والحمّص والمناقيش المسبّحة، أو الوجبات المطبوخة كالملوخية والشاكرية والمقلوبة وغيرها، ما أحدث تغييراً إلى حد ما في مذاق زبائن المطاعم بأربيل. 

وتتردد سوسن دائماً على المطاعم السورية لشراء وجبات الشاورما والكباب السوري والمقبلات المميزة والشهية، أو تطلبها عبر خدمة التوصيل. 

ولما حاولت إعداد أنواع من الأكلات السورية في مطبخها، وخصوصاً الشاورما والكباب، منيت بالفشل، لأنها لم تتوصل إلى الخلطات الصحيحة للتوابل والصلصات المستخدمة فيها. 

وكانت قد طلبت مرات عدة من طباخين سوريين تزويدها بمعلومات عن الخلطات، غير أنهم رفضوا البوح بـ”سرّ المهنة”. 

أما محمد أحمد، فيواصل استخدام سرّ مهنته ونجاحه بكل حزم وجهد، ليحافظ على حياته مستقرة في المهجر، مستبعداً مغادرة كردستان أو العودة إلى سوريا في المستقبل القريب، لكن وحده عبد الواحد، يحلم “بالخروج من هنا”. 

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

عندما هرب محمد أحمد (42 عاماً) من سوريا قبل أكثر من 12 سنة إلى إقليم كردستان في العراق جراء انهيار الأوضاع الأمنية في بلاده، لم يكن يملك ما يكفيه من المال، وكانت أوضاعه في غاية الصعوبة. 

أحمد الذي خرج من منطقة الحسكة، حط الرحال في مدينة زاخو القريبة من الحدود العراقية السورية، وهي أول مدينة وصل إليها. 

اضطر للعمل في أحد الأفران بأجر بسيط ليوفر احتياجاته اليومية، فتعلم مهنة صناعة الخبز، وطوّر مهاراته فيها يوماً بعد آخر. 

تنقل خلال مشواره العملي الذي استمر سنوات عدة، بين عديد من الأفران والمطاعم، ومارس مختلف الأعمال داخل المطابخ. 

تراكمت لديه الخبرة والثقة بالنفس، ليفتتح عام 2015 أول مطعم له باسم “البيت الشامي” في زاخو، بمساعدة ثلاثة من أشقائه. 

قدّم في المطعم أكلات سورية وعراقية، وتمكن خلال أعوام من تحقيق النجاح وتحسنت أوضاعه يوماً بعد آخر. 

“اعتمد نجاح عملي بالدرجة الأساس علی الاهتمام الكبير بالزبائن واحترام أذواقهم وتقديم أفضل المأكولات، مع الحفاظ على النظافة والخدمة الجيدة والأسعار الملائمة” يقول لـ”جمّار”. 

ويستطيع الزبون الحصول على وجبة من هذا المطعم حتى بألف دينار فقط (نحو 66 سنتاً). 

ويحب زبائنه سندويشات الشاورما التي يحضرّها والكباب السوري. 

ومراعاةً لاختلاف الأذواق، يقدم المطعم الوجبات العراقية التقليدية أيضاً مثل القوزي والمشويات. 

ويقدّر محمد مبيعاته بخمسة آلاف وجبة يومياً. 

ويشير إلى أن العمال والطباخين الأتراك كانوا يسيطرون على قطاع المطاعم في كردستان، لكن السوريين سحبوا البساط من تحت أرجلهم. 

ويعزو ذلك إلى خبرة السوريين الجيدة في إدارة المطاعم والمقاهي والكافتريات. 

وبعد أن حقق أرباحاً جيدة افتتح مطعماً ثانياً بتصنيف أربع نجوم. بينما تصنيف مطعمه الأول ثلاث نجوم. 

ويشغّل المطعمان أكثر من 150 عاملاً معظمهم من السوريين. 

ويتراوح راتب العامل بين 300 و400 دولار شهرياً مقابل 12 ساعة عمل يومياً. 

والمطعمان مفتوحان على مدار اليوم والأسبوع. 

ولا يحصل العمال على عطل أو إجازات مدفوعة الأجر. 

أما الطباخون فيتقاضون رواتب أعلى تتراوح بين ألف وثلاثة آلاف دولار شهرياً، بحسب الخبرة والمهارة. 

“الشاورما” السورية في إقليم كردستان 

ويعمل عبد الله حازم، وهو عراقي، محاسباً في أحد المطعمين، بأجر يومي قدره 36 ألف دينار. 

ويستغرق عمله بين 10 و12 ساعة يومياً. 

حصل عبد الله، الذي يحمل شهادة جامعية، على الوظيفة قبل أكثر من عامين، وواكب في هذه المدة انضمام عراقيين عديدين للعمل في المطعم. 

لكن العراقيين لا يتحملون غالباً صرامة المدير السوري الذي يتابع كل شاردة وواردة، فلا يمكثون طويلاً، “أما السوريون فهم مضطرون لتحمل كل المصاعب بسبب ظروفهم، لذلك يستمرون” يقول عبد الله لـ”جمّار”. 

ثلثهم بلا عمل 

خلال 12 عاماً مضت، لجأ نحو 260 ألف سوري إلى كردستان هرباً من الحرب الدائرة في بلادهم والأوضاع الأمنية غير المستقرة هناك. 

ويعيش 251 ألفاً و475 لاجئاً سورياً في الإقليم، يسكن 159 ألفاً و920 منهم خارج المخيمات.  

ويحمل اللاجئون السوريون تصريح إقامة من سلطات الإقليم یسمح لهم بحرية التنقل والعمل داخل محافظاته الثلاث فقط، بحسب هيئة إحصاء كردستان. 

ويقول بير ديان، مدیر الهجرة والمهجرين في محافظة دهوك، إن خطوة منح تصريح الإقامة للسوريين تأتي في إطار مراعاة الجانب الإنساني وتخفيف الأعباء المعيشية عنهم. 

ويشير إلى أن بعضاً منهم تزوج من السكان المحليين واندمج في المجتمع، بينما يسعى بعضهم الآخر إلى التوجه نحو الدول الأوروبية. 

ويؤشر المجلس النرويجي للاجئين (NRC) في تقرير أعده بشأن أوضاع اللاجئين السوريين في كردستان، وجود هشاشة اقتصادية بينهم. 

يحصل ثلاثة من كل خمسة لاجئين على أقل من 200 دولار شهرياً، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى للأجور الذي حدده القانون العراقي البالغة 450 ألف دينار. 

ويعمل أكثر من نصفهم في القطاع غير الرسمي، ونحو الثلث عاطلون عن العمل. 

ويكافح غالبية اللاجئين للعثور على عمل رسمي، ما يؤدي إلى ارتفاع مستويات المديونية داخل المجتمع. 

ويدخر الشبان أموالهم في محاولة للجوء إلى أوروبا عبر طرق غير نظامية، بحسب التقرير. 

ويشكل السوريون نسبة كبيرة من الذين يهاجرون إلى الدول الأوروبية بطرق غير رسمية. 

حتى منتصف عام 2023، سُجل عبور أكثر من 40 ألف مهاجر عبر البحر الأبيض المتوسط، وشكّل السوريون نسبة 17 بالمئة منهم. 

تقدّر وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في حكومة إقليم كردستان وجود نحو 100 ألف عامل أجنبي في الإقليم، أربعة بالمئة منهم فقط دخلوا رسمياً وعبر شركات مرخصة، أما البقية فدخلوا بطرق غير شرعية. 

محمد عبدالواحد (30 عاماً)، هو من فئة هؤلاء العمال الذين يواجهون حياة قاسية. 

على مدار أربعة أعوام عمل الشاب الذي يعيل عائلة من 7 أفراد في مجال توصيل طلبات المأكولات بدراجته النارية إلى الزبائن. 

“اشتريت دراجة نارية بمبلغ 500 دولار لإعالة اسرتي البالغة 7 أفراد للعمل (..) بأجر يومي يبلغ 25000 دينار فقط”. 

على محمد اقتطاع كلفة الوقود من أجره. 

يعمل عبد الواحد لأكثر من 10 ساعات يومياً، ويوصل أكثر من 25 طلباً في مناطق مختلفة من أربيل، وإذا ما تعطّلت دراجته النارية فعليه دفع تكاليف إصلاحها بنفسه، أما إذا تعرّض لحادث، فمن الممكن أن لا يسأل عنه أحد. 

“قبل فترة تعرض أحد أصدقائي إلى كسور في جسمه بسبب حادث عند توصيل طلبات الزبائن في حين صاحب العمل لم يسأل عنه”. 

“أشعر بوجود استغلال ملحوظ في عملي إذ لا يمكنني أخذ إجازة ليوم واحد فقط براتب مهما كانت ظروفي صعبة”، يقول عبد الواحد، قبل أن يضيف “أنا مضطر لتحمل هذا العمل الشاق بسبب الظروف الصعبة”. 

أطباقهم شهية 

يمكن مشاهدة العاملين السوريين في كل مكان بإقليم كردستان، ففي مدينة أربيل يكاد لا يخلو مطعم أو مقهى من عامل سوري. 

كاميران عبدي (33 عاماً) يعمل في أحد المطاعم أكثر من عشر ساعات يومياً براتب شهري قدره 300 دولار. 

وهو مضطر لتحمل هذه المشقة لأن العثور على عمل آخر أقل إرهاقاً وأكثر أجراً ليس بالأمر السهل. 

الكباب السوري في إقليم كردستان 

ويوجد في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، أكثر من 400 مطعم وكافيتريا تحمل مواصفات سياحية، فضلاً عن مئات المطاعم والمقاهي الشعبية، بحسب شيخ شكر رئيس جمعية المطاعم والفنادق في أربيل. 

ويقول شكر إن غالبية المطاعم تعتمد على العمال والطباخين الأجانب، وفي مقدمتهم السوريون ومن ثم الإيرانيون والأتراك، لخبرتهم الجيدة في إدارة هذا النوع من الأعمال وإعداد الأطباق الشرقية والغربية بمهارة، فضلاً عن تقديم الخدمة والتعامل الجيد مع الزبائن. 

وفق رئيس جمعية المطاعم والفنادق في أربيل، فأن السوريين وبعض الجنسيات الأخرى يشغلون أكثر من 50 بالمئة من أعمال إدارة المطاعم والكافيتريات في أربيل، فضلاً عن أنهم يشكلون النسبة الأكبر من بين عمال قطاع توصيل المأكولات “الديليفري”. 

وافتتح سوريون في أربيل عشرات المطاعم والمقاهي، بعضها تحمل أسماء شامية، وحقق بعض هذه المشاريع أرباحاً جيدة لأصحابها وتمكنت من نيل إعجاب السكان المحليين إلى جانب السوريين المقيمين في الإقليم. 

أصناف الأكلات التي تقدمها المطاعم السورية في إقليم كردستان 

تقول سوسن حسين (31 عاماً) إن المطاعم السورية تقدم أطباقاً متنوعة وشهية، كالفلافل وسندويش الشاورما السورية والكباب والحمّص والمناقيش المسبّحة، أو الوجبات المطبوخة كالملوخية والشاكرية والمقلوبة وغيرها، ما أحدث تغييراً إلى حد ما في مذاق زبائن المطاعم بأربيل. 

وتتردد سوسن دائماً على المطاعم السورية لشراء وجبات الشاورما والكباب السوري والمقبلات المميزة والشهية، أو تطلبها عبر خدمة التوصيل. 

ولما حاولت إعداد أنواع من الأكلات السورية في مطبخها، وخصوصاً الشاورما والكباب، منيت بالفشل، لأنها لم تتوصل إلى الخلطات الصحيحة للتوابل والصلصات المستخدمة فيها. 

وكانت قد طلبت مرات عدة من طباخين سوريين تزويدها بمعلومات عن الخلطات، غير أنهم رفضوا البوح بـ”سرّ المهنة”. 

أما محمد أحمد، فيواصل استخدام سرّ مهنته ونجاحه بكل حزم وجهد، ليحافظ على حياته مستقرة في المهجر، مستبعداً مغادرة كردستان أو العودة إلى سوريا في المستقبل القريب، لكن وحده عبد الواحد، يحلم “بالخروج من هنا”.