"سلاح وتدخلات"..  كرة القدم في العراق: للجمهور وظيفة غير التشجيع

عامر مؤيد

11 تشرين الأول 2022

تغيّر "الجماهير المتنفذة" مصائر نواد كروية عراقية عريقة، وتحمل أحياناً السلاح للتهديد، رغم ذلك، فإنه نادراً ما يتم عقابها أو إبعادها عن الأوساط الرياضية..

شهد صفوان عبد الغني (38 عاماً) التحولات الكثيرة التي طرأت على الرياضة العراقيّة منذ أكثر من عقد، وأخذ يحصي تدخلات الجمهور و”سيطرته” على بعض إدارات الأندية الكبرى. 

لعب عبد الغني ضمن العديد من الأندية العراقية وكذلك “نادي الرمثا” الأردني، قبل أن يعتزل كرة القدم عام 2018، ويمتهن تحليل المباريات للقنوات التلفزيونية.  

ومن خلال مراقبته لما يجري في الملاعب وخارجها، صار عبد الغني يُشخّص تأثير ما يُسمّيه “الجماهير المتنفذة” على إدارات الفرق الكروية، منوهاً إلى أن “الإدارات تخضع للجماهير المتنفذة والعديد منها غيّرت مدربين وأبعدت لاعبين لم يرغب الجمهور باستمرارهم”. 

تنقاد الجماهير بدورها بواسطة مشجعين معروفين “يملكون السلطة والحظوة الأكبر سواءً من ناحية العلاقات أو غيرها من الأمور، وهذه الشخصيات تدير الخطاب على مواقع التواصل الاجتماعي فيتبنى الجمهور الأوسع رغباتها”. 

يشير عبد الغني إلى أن ثمة “انحدارا كبيرا في مسألة اختيار المدربين وكثرة الإقالات في الدوري العراقي”، وبالنسبة له فإن تدخلات الجماهير “تجعل أي مدرب في دائرة الخطر ما لم ينفذ رغباتها”. 

ليس لعبد الغني تجربة شخصيّة مع الأمر لأن هذه الحالة قد “استشرت في الفترة الاخيرة بعد عام 2014 ولم تكن هناك سابقاً حوادث يتدخل فيها الجمهور بقرارات المدرب أو النادي ويفرض لاعبين على الإدارات”. وبلهجة قاطعة يضيف “كان مكانهم (المشجعين) المدرج فقط والتشجيع”.

لقد تأثّر عدد من اللاعبين، بشكل مباشر، بـ”الجماهير المتنفذة” وواجه بعضهم تشهيراً. 

في لقاء متلفز قال اللاعب عماد محسن انه غادر فريق “القوة الجوية” لأن بعض الجمهور “رفضه” إضافة الى دور الإدارة في هذه القضية. تكررت هذه الحال مع المدرب حسن أحمد الذي لم تتم تسميته مدرباً لـ”نادي الزوراء” للسبب ذاته، فيما رفض جمهور “الجوية” أيضاً أن يكون حكيم شاكر مدرباً للفريق في بداية الموسم رغم إصرار رئيس الهيئة الإدارية على ذلك، إلا انه لاحقاً تم تسميته بعد مدربين اثنين اشرفا على الفريق هما احمد خلف وراضي شنيشل.

في قضية لاعب المنتخبات الوطنية علي حصني حرّضت إدارة النادي جماهيرها ضدّه. إذ أن اللاعب الذي مثل “الميناء” لسنوات عدة، قبل الانتقال إلى “الجوية” ومن بعدها الاستقرار مع نادي “الشرطة” لموسمين، قال في لقاء متلفز عن تجربته مع الجوية إن “ادارة النادي طردته من الفندق وزورت تقرير الرنين الخاص به كي يخرجوا بعنوان ان إصابتي مزمنة”. 

نتيجة لهذا التصريح، أصبحت الفجوة كبيرة بين اللاعب وبعض الجماهير حتى وصلت إلى القضاء والمجالس العشائرية، إذ ذكر قائد “مدرجات الصقور” علي المالكي إن “طرد حصني من الفندق جاء لسبب أخلاقي”.

اضطر حصني، بغية الدفاع عن نفسه، إلى الذهاب إلى الفندق الذي كان يسكن فيه وخرج بفيديو عبر أحد منصات التواصل الاجتماعي مع مدير الفندق ليفند ما قاله المالكي من تهم.  

يؤيد الصحفي الرياضي محمد خليل ما يقوله اللاعب صفوان عبد الغني، وهو “يكاد يجزم” بأن مواقع التواصل الاجتماعي هي “المتحكم الكبير جداً” في الكرة العراقية والرياضة بشكل عام. 

يتابع خليل صفحات على مواقع التواصل ويقول إنها تروّج للاعبين محددين على حساب غيرهم من أجل لفت انتباه إدارات الأندية.

“لاحظت كيف أن صفحات باسم روابط الأندية الجماهيرية تؤثر على مصير أي لاعب أو مدرب. أكاد أجزم أن جميع مفاصل كرة القدم تقاد عبر فيسبوك”. 

ويشير خليل إلى أن “الأندية الجماهيرية، يمتلك كل واحد منها ما يقارب خمس صفحات بأسماء متنوعة، وهذه الصفحات بإمكانها مهاجمة لاعب ما أو مدرب، وبالتالي يصبح الامر مثل (لوبي) ضده”.  

وعلى ما يبدو، فإن الرياضة تشبّهت بالسياسة إلى حدٍّ بعيد وصار لها “جيوش الكترونية”. 

أشار خليل إلى “مجموعة صحفيين يملكون أكثر من صفحة فيها متابعون كثر، يتفقون على دعم هذا المدرب كي يكون مدرباً لأحد المنتخبات لأنهم على علاقة وفاق معه، أو يرفضون مدربا لأنهم في خلاف معه”.

وعلى سبيل المثال، فإن رئيس اتحاد الكرة عدنان درجال انقسمت حوله الصفحات الرياضية الكبيرة، بمؤيد لما سيحققه من انجازات مستقبلية، ورافضة له من خلال ابراز بعض القضايا التي تخصه علماً بأن بعضها غير مؤكد ومضللة.   

“أبو برير” 

عند الحديث عن “فرض الجمهور إرادته” على إدارات الأندية، يبرز اسم “ضياء أبو برير”، رئيس رابطة مشجعي نادي “القوة الجوية”. 

ويعد القوة الجوية أعرق الاندية العراقية وتأسس عام 1931 وكان يسمى سابقاً الطيران، ويعتبر النادي ممثلاً لوزارة الدفاع.  

ومثّل النادي لاعبون كبار لعل أبرزهم حمادي أحمد ووليد ضهد وأكرم عمانؤيل والراحل ناطق هاشم ورزاق فرحان وراضي شنيشل وآخرون، وهو الفريق العراقي الوحيد الذي حقق لقب كأس الاتحاد الاسيوي لثلاث سنوات متتالية.  

لا ينفي “أبو برير”، تدخله في شؤون إدارة النادي “لكن من أجل مصلحة الفريق فقط، ولا نقبل أن يكون الجمهور سبباً في جلب لاعب أو استبعاده”.

ويقول إن رابطة الجماهير تعمل على تقريب وجهات النظر بين اللاعبين والإدارة باعتبار أن لدينا علاقات طيبة مع أغلب اللاعبين.

كما يصّر “أبو برير”، المعروف أيضاً بلقب “التمساح”، على أن رابطة المشجعين “مكانها المدرجات” ويتحدث عن “مسؤولياتها الكثيرة”، واعتمادها على التمويل الذاتي لسد احتياجات المدرج ونقل الجمهور إلى ملاعب في مدن أخرى يلعب فيها فريقهم.

في الواقع، ليس أبو برير شخصاً عادياً، فالرجل كان منتمياً للتيار الصدري قبل أن يُطرد في تموز 2019 لـ”استغلاله عنوان التيار في أعمال خاصة”، بحسب بيان مكتب الصدر. 

وقد وُجهت له تهمة “الابتزاز والفساد الأخلاقي” وإبرام عقود مشبوهة، وكان معه في اللائحة إسماعيل حافظ اللامي “أبو درع” القيادي في جيش المهدي المتهم على نطاق واسع بارتكاب عمليات قتل طائفية بين 2006 – 2007، وهو ما يؤكد نفوذه الأمني والسياسي. 

سلاح “واستضعاف” 

لا يتوقّف الأمر على التدخلات في مسيرة فريق كرة القدم من خلال “تأثير” المشجعين ونفوذهم على إدارة النادي، وإنما قد يأخذ منحنى عنيفاً. ففي آذار 2021، وبعد مباراة بين فريقي “الزوراء” و”القوة الجوية” على ملعب “الشعب” الدولي في بغداد والتي انتهت بفوز الأخير، مرّ “أبو برير” بسيارته أمام مقر الفريق الخصم. 

فتح البث الحي على صفحته في فيسبوك، ولوّح بمسدس ناري. 

واتهم لاحقاً رئيس “رابطة مشجعي نادي الزوراء” أمير المالكي بمهاجمة لاعب “الجوية” والمنتخب العراقي همام طارق ورفع الحذاء عليه. 

“لأنه سني استضعفتموه”، قال “أبو برير” رداً على تصريحات للمالكي دعاه فيها إلى المجيء “للعراك” في مقر نادي “الزوراء” وحدد وقت تواجده هناك.

“من الواحدة ظهراً حتى الخامسة عصراً. تعال لنتعارك”، قال في مقطع مصوّر ووصف فيه “أبو برير” بـ”النكرة”. 

وعاد “أبو برير” ليظهر في لقاء متلفز أجرته معه قناة “العهد” المموّلة من فصيل “عصائب أهل الحق” ليقول إن المسدس “كان لعبة أطفال وأظهرته للمزاح”.

أجري هذا اللقاء في مقر لنادي القوة الجوية، وخلف المتحدث كانت عبارة “الرياضة شوكة في عيون الإرهاب” مكتوبة على الحائط. 

لجنة الانضباط “تتراجع” 

بالنسبة للاعب السابق والمحلل الرياضي صفوان عبد الغني، فإن تدخلات الجمهور بهذا الشكل “تشكل خطراً كبيراً على استقرار الأندية العراقية”.

وتتولى لجنة الانضباط في اتحاد الكرة العراقي معاقبة روابط الأندية والمشجعين وكذلك اللاعبين والمدربين والفرق حال مخالفتهم الضوابط. 

بيد أن اللجنة كثيراً ما تتراجع عن عقوباتها. 

في الموسم الكروي الماضي قررت إقامة مباراة “الزوراء” و”القوة الجوية” دون جمهور، وذلك عقاباً بعد الذي حصل بين “أبو برير” و”أمير المالكي”، لكنها تراجعت بعد ساعتين من الضغط على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وكتبت على صفحتها في فيسبوك “الكلاسيكو سيُلعب أمام عيون جماهير الفريقين”.

يدافع رئيس لجنة الانضباط، طه عبد حلاتة، عن تغير قرارات لجنته بسرعة، ويقول إنها لا تريد أن تقف إلى جانب فيروس كورونا في حرمان الجمهور من حضور المباريات. 

كما وينفي خضوع اللجنة “لأي ضغوطات”، مؤكداً بأن ثمة “قانونا نطبقه عندما تحصل مخالفة، ونحن نتعامل مع جمهور وليس رابطة، لكن الجماهير لدينا تواقة لكرة القدم ونحن نراعي هذا الجانب ولا نريد مدرجات خالية. عندما نخفف العقوبة فإننا نريدها تقويمية لا انتقامية”، يقول.

ويجدر التنويه بأن لجنة الانضباط، تضم في أروقتها اشخاصاً حقوقيين ولهم معرفة بالقانون الرياضي، إذ أن معاقبة الجماهير تتم وفق لائحة قانونية موجودة. ومع ذلك، فقد درج التغاضي عن المخالفات في الملاعب العراقيّة.

الصدر على خط الرياضة 

تصل المخالفات إلى تدخّل رجال دينٍ وسياسةٍ في الشأن الرياضي، وذلك من دون أن تكون لهم أيّة مناصب أو صلاحيات في الأمر. 

في آذار 2021، شكّل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لجنة لـ”الإصلاح الرياضي.. تماشياً مع مناشدات الطبقة الشبابية الأبية الإصلاحية”، كما قال. 

وشمل عمل اللجنة وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والمنتخب الوطني لكرة القدم، وكلفها الصدر بـ”إنهاء الفساد الإداري والمالي ورفع المستوى الرياضي العراقي دولياً”.

وحتّى لجنة الصدر، التي لا تملك سنداً قانونياً، لم يصدر عنها أيّ تقرير. 

“في الماضي”، قال صفوان عبد الغني الذي يجلس اليوم على دكّة التحليل، “ما كنت أتخيّل أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه اليوم”.

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

شهد صفوان عبد الغني (38 عاماً) التحولات الكثيرة التي طرأت على الرياضة العراقيّة منذ أكثر من عقد، وأخذ يحصي تدخلات الجمهور و”سيطرته” على بعض إدارات الأندية الكبرى. 

لعب عبد الغني ضمن العديد من الأندية العراقية وكذلك “نادي الرمثا” الأردني، قبل أن يعتزل كرة القدم عام 2018، ويمتهن تحليل المباريات للقنوات التلفزيونية.  

ومن خلال مراقبته لما يجري في الملاعب وخارجها، صار عبد الغني يُشخّص تأثير ما يُسمّيه “الجماهير المتنفذة” على إدارات الفرق الكروية، منوهاً إلى أن “الإدارات تخضع للجماهير المتنفذة والعديد منها غيّرت مدربين وأبعدت لاعبين لم يرغب الجمهور باستمرارهم”. 

تنقاد الجماهير بدورها بواسطة مشجعين معروفين “يملكون السلطة والحظوة الأكبر سواءً من ناحية العلاقات أو غيرها من الأمور، وهذه الشخصيات تدير الخطاب على مواقع التواصل الاجتماعي فيتبنى الجمهور الأوسع رغباتها”. 

يشير عبد الغني إلى أن ثمة “انحدارا كبيرا في مسألة اختيار المدربين وكثرة الإقالات في الدوري العراقي”، وبالنسبة له فإن تدخلات الجماهير “تجعل أي مدرب في دائرة الخطر ما لم ينفذ رغباتها”. 

ليس لعبد الغني تجربة شخصيّة مع الأمر لأن هذه الحالة قد “استشرت في الفترة الاخيرة بعد عام 2014 ولم تكن هناك سابقاً حوادث يتدخل فيها الجمهور بقرارات المدرب أو النادي ويفرض لاعبين على الإدارات”. وبلهجة قاطعة يضيف “كان مكانهم (المشجعين) المدرج فقط والتشجيع”.

لقد تأثّر عدد من اللاعبين، بشكل مباشر، بـ”الجماهير المتنفذة” وواجه بعضهم تشهيراً. 

في لقاء متلفز قال اللاعب عماد محسن انه غادر فريق “القوة الجوية” لأن بعض الجمهور “رفضه” إضافة الى دور الإدارة في هذه القضية. تكررت هذه الحال مع المدرب حسن أحمد الذي لم تتم تسميته مدرباً لـ”نادي الزوراء” للسبب ذاته، فيما رفض جمهور “الجوية” أيضاً أن يكون حكيم شاكر مدرباً للفريق في بداية الموسم رغم إصرار رئيس الهيئة الإدارية على ذلك، إلا انه لاحقاً تم تسميته بعد مدربين اثنين اشرفا على الفريق هما احمد خلف وراضي شنيشل.

في قضية لاعب المنتخبات الوطنية علي حصني حرّضت إدارة النادي جماهيرها ضدّه. إذ أن اللاعب الذي مثل “الميناء” لسنوات عدة، قبل الانتقال إلى “الجوية” ومن بعدها الاستقرار مع نادي “الشرطة” لموسمين، قال في لقاء متلفز عن تجربته مع الجوية إن “ادارة النادي طردته من الفندق وزورت تقرير الرنين الخاص به كي يخرجوا بعنوان ان إصابتي مزمنة”. 

نتيجة لهذا التصريح، أصبحت الفجوة كبيرة بين اللاعب وبعض الجماهير حتى وصلت إلى القضاء والمجالس العشائرية، إذ ذكر قائد “مدرجات الصقور” علي المالكي إن “طرد حصني من الفندق جاء لسبب أخلاقي”.

اضطر حصني، بغية الدفاع عن نفسه، إلى الذهاب إلى الفندق الذي كان يسكن فيه وخرج بفيديو عبر أحد منصات التواصل الاجتماعي مع مدير الفندق ليفند ما قاله المالكي من تهم.  

يؤيد الصحفي الرياضي محمد خليل ما يقوله اللاعب صفوان عبد الغني، وهو “يكاد يجزم” بأن مواقع التواصل الاجتماعي هي “المتحكم الكبير جداً” في الكرة العراقية والرياضة بشكل عام. 

يتابع خليل صفحات على مواقع التواصل ويقول إنها تروّج للاعبين محددين على حساب غيرهم من أجل لفت انتباه إدارات الأندية.

“لاحظت كيف أن صفحات باسم روابط الأندية الجماهيرية تؤثر على مصير أي لاعب أو مدرب. أكاد أجزم أن جميع مفاصل كرة القدم تقاد عبر فيسبوك”. 

ويشير خليل إلى أن “الأندية الجماهيرية، يمتلك كل واحد منها ما يقارب خمس صفحات بأسماء متنوعة، وهذه الصفحات بإمكانها مهاجمة لاعب ما أو مدرب، وبالتالي يصبح الامر مثل (لوبي) ضده”.  

وعلى ما يبدو، فإن الرياضة تشبّهت بالسياسة إلى حدٍّ بعيد وصار لها “جيوش الكترونية”. 

أشار خليل إلى “مجموعة صحفيين يملكون أكثر من صفحة فيها متابعون كثر، يتفقون على دعم هذا المدرب كي يكون مدرباً لأحد المنتخبات لأنهم على علاقة وفاق معه، أو يرفضون مدربا لأنهم في خلاف معه”.

وعلى سبيل المثال، فإن رئيس اتحاد الكرة عدنان درجال انقسمت حوله الصفحات الرياضية الكبيرة، بمؤيد لما سيحققه من انجازات مستقبلية، ورافضة له من خلال ابراز بعض القضايا التي تخصه علماً بأن بعضها غير مؤكد ومضللة.   

“أبو برير” 

عند الحديث عن “فرض الجمهور إرادته” على إدارات الأندية، يبرز اسم “ضياء أبو برير”، رئيس رابطة مشجعي نادي “القوة الجوية”. 

ويعد القوة الجوية أعرق الاندية العراقية وتأسس عام 1931 وكان يسمى سابقاً الطيران، ويعتبر النادي ممثلاً لوزارة الدفاع.  

ومثّل النادي لاعبون كبار لعل أبرزهم حمادي أحمد ووليد ضهد وأكرم عمانؤيل والراحل ناطق هاشم ورزاق فرحان وراضي شنيشل وآخرون، وهو الفريق العراقي الوحيد الذي حقق لقب كأس الاتحاد الاسيوي لثلاث سنوات متتالية.  

لا ينفي “أبو برير”، تدخله في شؤون إدارة النادي “لكن من أجل مصلحة الفريق فقط، ولا نقبل أن يكون الجمهور سبباً في جلب لاعب أو استبعاده”.

ويقول إن رابطة الجماهير تعمل على تقريب وجهات النظر بين اللاعبين والإدارة باعتبار أن لدينا علاقات طيبة مع أغلب اللاعبين.

كما يصّر “أبو برير”، المعروف أيضاً بلقب “التمساح”، على أن رابطة المشجعين “مكانها المدرجات” ويتحدث عن “مسؤولياتها الكثيرة”، واعتمادها على التمويل الذاتي لسد احتياجات المدرج ونقل الجمهور إلى ملاعب في مدن أخرى يلعب فيها فريقهم.

في الواقع، ليس أبو برير شخصاً عادياً، فالرجل كان منتمياً للتيار الصدري قبل أن يُطرد في تموز 2019 لـ”استغلاله عنوان التيار في أعمال خاصة”، بحسب بيان مكتب الصدر. 

وقد وُجهت له تهمة “الابتزاز والفساد الأخلاقي” وإبرام عقود مشبوهة، وكان معه في اللائحة إسماعيل حافظ اللامي “أبو درع” القيادي في جيش المهدي المتهم على نطاق واسع بارتكاب عمليات قتل طائفية بين 2006 – 2007، وهو ما يؤكد نفوذه الأمني والسياسي. 

سلاح “واستضعاف” 

لا يتوقّف الأمر على التدخلات في مسيرة فريق كرة القدم من خلال “تأثير” المشجعين ونفوذهم على إدارة النادي، وإنما قد يأخذ منحنى عنيفاً. ففي آذار 2021، وبعد مباراة بين فريقي “الزوراء” و”القوة الجوية” على ملعب “الشعب” الدولي في بغداد والتي انتهت بفوز الأخير، مرّ “أبو برير” بسيارته أمام مقر الفريق الخصم. 

فتح البث الحي على صفحته في فيسبوك، ولوّح بمسدس ناري. 

واتهم لاحقاً رئيس “رابطة مشجعي نادي الزوراء” أمير المالكي بمهاجمة لاعب “الجوية” والمنتخب العراقي همام طارق ورفع الحذاء عليه. 

“لأنه سني استضعفتموه”، قال “أبو برير” رداً على تصريحات للمالكي دعاه فيها إلى المجيء “للعراك” في مقر نادي “الزوراء” وحدد وقت تواجده هناك.

“من الواحدة ظهراً حتى الخامسة عصراً. تعال لنتعارك”، قال في مقطع مصوّر ووصف فيه “أبو برير” بـ”النكرة”. 

وعاد “أبو برير” ليظهر في لقاء متلفز أجرته معه قناة “العهد” المموّلة من فصيل “عصائب أهل الحق” ليقول إن المسدس “كان لعبة أطفال وأظهرته للمزاح”.

أجري هذا اللقاء في مقر لنادي القوة الجوية، وخلف المتحدث كانت عبارة “الرياضة شوكة في عيون الإرهاب” مكتوبة على الحائط. 

لجنة الانضباط “تتراجع” 

بالنسبة للاعب السابق والمحلل الرياضي صفوان عبد الغني، فإن تدخلات الجمهور بهذا الشكل “تشكل خطراً كبيراً على استقرار الأندية العراقية”.

وتتولى لجنة الانضباط في اتحاد الكرة العراقي معاقبة روابط الأندية والمشجعين وكذلك اللاعبين والمدربين والفرق حال مخالفتهم الضوابط. 

بيد أن اللجنة كثيراً ما تتراجع عن عقوباتها. 

في الموسم الكروي الماضي قررت إقامة مباراة “الزوراء” و”القوة الجوية” دون جمهور، وذلك عقاباً بعد الذي حصل بين “أبو برير” و”أمير المالكي”، لكنها تراجعت بعد ساعتين من الضغط على مواقع التواصل الاجتماعي. 

وكتبت على صفحتها في فيسبوك “الكلاسيكو سيُلعب أمام عيون جماهير الفريقين”.

يدافع رئيس لجنة الانضباط، طه عبد حلاتة، عن تغير قرارات لجنته بسرعة، ويقول إنها لا تريد أن تقف إلى جانب فيروس كورونا في حرمان الجمهور من حضور المباريات. 

كما وينفي خضوع اللجنة “لأي ضغوطات”، مؤكداً بأن ثمة “قانونا نطبقه عندما تحصل مخالفة، ونحن نتعامل مع جمهور وليس رابطة، لكن الجماهير لدينا تواقة لكرة القدم ونحن نراعي هذا الجانب ولا نريد مدرجات خالية. عندما نخفف العقوبة فإننا نريدها تقويمية لا انتقامية”، يقول.

ويجدر التنويه بأن لجنة الانضباط، تضم في أروقتها اشخاصاً حقوقيين ولهم معرفة بالقانون الرياضي، إذ أن معاقبة الجماهير تتم وفق لائحة قانونية موجودة. ومع ذلك، فقد درج التغاضي عن المخالفات في الملاعب العراقيّة.

الصدر على خط الرياضة 

تصل المخالفات إلى تدخّل رجال دينٍ وسياسةٍ في الشأن الرياضي، وذلك من دون أن تكون لهم أيّة مناصب أو صلاحيات في الأمر. 

في آذار 2021، شكّل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لجنة لـ”الإصلاح الرياضي.. تماشياً مع مناشدات الطبقة الشبابية الأبية الإصلاحية”، كما قال. 

وشمل عمل اللجنة وزارة الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والمنتخب الوطني لكرة القدم، وكلفها الصدر بـ”إنهاء الفساد الإداري والمالي ورفع المستوى الرياضي العراقي دولياً”.

وحتّى لجنة الصدر، التي لا تملك سنداً قانونياً، لم يصدر عنها أيّ تقرير. 

“في الماضي”، قال صفوان عبد الغني الذي يجلس اليوم على دكّة التحليل، “ما كنت أتخيّل أن يصل الأمر إلى ما وصل إليه اليوم”.