أعوام حياتي الجامعية: نفوذ للفصائل وتخبّط إداري وطلبة منقسمون 

حسن المشعل

07 كانون الثاني 2025

يُعاد الامتحان لطالب من دون عذر واقعي لأنه مرتبط بميليشيا. تكتلات قائمة على أسس طبقية وجغرافية. أستاذ متذمر أمام طلبته بسبب الراتب.. كيف تبدو الدراسة لخمس سنوات في جامعة عراقية أهلية؟

بين تخبُّطات عديدة وضغط كبير إزاء اختيار التخصص الجامعي الذي سيرسم خريطة مستقبلي، كانت كلمات جدتي “يمه نريدلنا دكتور بالعائلة” هي الأكثر تأثيراً فيّ للتقديم على كلية طب الأسنان، حيث اخترت كلية أهلية تقع قرب حي القاهرة شمالي بغداد، وتحظى بسمعة مميزة بين الكليات الأهلية وتتميز بتفوق طلابها أكاديمياً، كما أن نصائح المجتمع بالتوجه إلى تخصصات تضمن تعييناً حكومياً مركزياً شجعتني على اختيار هذه الكلية، ثم وجدت زملائي فيها يتحدثون بالفكرة ذاتها. 

عندما بدأت مشواري الجامعي، كنت أحلم كثيراً بقصص والدي عن الأنشطة الثقافية والحركة الطلابية والأصبوحات الشعرية التي كانت تقام في مسارح الجامعات العراقية ويحييها شعراء كبار مثل محمد مهدي الجواهري ومحمود درويش ونزار قباني وغيرهم، كما أن مسيرات الطلبة في احتجاجات تشرين 2019 أذكت فيّ التوق إلى أن أكون جزءاً من الحراك الجامعي وقدرته على التأثير في الواقع السياسي والاجتماعي، لكن ما شاهدته لاحقاً أجهز على توقعاتي. 

فلان بالعصائب” 

ابتدأت أولى لحظات حياتي الجامعية بخيبة كبيرة عند دخولي مبنى الكلية المؤلف من خمسة طوابق، كأنه مبنى حكومي تقليدي يفتقر للمساحات المفتوحة والحدائق وسبل الراحة. 

أما حلم المسرح وصوت القصائد، فقد ضاع بين ضجة العيادات والقاعات المكتظة والكافتيريا التي لا تكاد تكفي لاستيعاب نصف عدد الطلبة، كما هو حال غالبية الكليات الأهلية التي يدرس طلبتها بقسط يقدر بعشرة ملايين دينار سنوياً (نحو 6700 دولار). 

لم تقتصر تحديات السنوات الخمس على افتقار الكلية للمساحة والحدائق والفضاء المفتوح، فقد برزت التحديات الاجتماعية منذ بداية المرحلة الأولى. سمعت في اليوم الأول من ينادي على إحدى زميلاتنا “تعالي بنت فلان”، وآخر كان يلقب بين زملائه بـ”فلان عصائب”، في إشارة إلى انتمائه لحركة عصائب أهل الحق. 

بدا واضحاً تمتع من يملك علاقات بالفصائل المسلحة بمزايا عدة، مثل إعادة الامتحان من دون أعذار حقيقية. امتلك بعضهم وسائل ضغط على عدد من الأساتذة، حتى وصلت للتأثير على القرارات الإدارية، كتعديل درجات من رسبوا في الاختبار، ما خلق جواً متوتراً قسّم الطلبة إلى مجاميع صغيرة منذ الأيام الأولى، فشعر البعض بانعدام المساواة. 

تأثير “تشرين 

تزعم الكليات أنها تنظم أنشطة من شأنها تطوير الجانب الفكري وتشجيع الطلبة على تنمية مواهبهم، تمثلت في إعلانها عن بعض المسابقات الثقافية والعلمية، إلا أن الهدف الحقيقي من هذه الأنشطة التي يعلن عنها بشكل عابر كـ”رفع عتب” لم يكن لمصلحة الطلبة، ولم أستطع المشاركة في أي من هذه النشاطات على الرغم من محاولاتي العديدة وطلباتي المتكررة إلى السكرتارية والمسؤولين عن تنفيذها. 

في الواقع، لم تتجاوز نشاطات الكلية كونها إجراءات شكلية لإتمام متطلبات وزارة التعليم، من دون رغبة في تعزيز الجانب الفكري والحياة الاجتماعية، فعلى مدار خمس سنوات قضيتها في الدراسة الجامعية، لم أشهد أي نشاط حقيقي يجمع الطلبة في إطار واحد بعيداً عن الجانب الأكاديمي العلمي، باستثناء بطولة كرة القدم. وأتذكر هنا ما أنجزه الطلبة في الماضي من تنظيم أعمال مسرحية وأماسٍ شعرية وسفرات طلابية دورية بمشاركة إدارة الكليات، بينما تغيب الآن هذه الأنشطة الثقافية والفكرية والاجتماعية عن حياة أغلب الطلبة في الكليات العراقية لتنحصر أدوارهم بالإطار الأكاديمي. 

بدا التغييب والتضييق ممنهجاً بشكل واضح بعد مسيرات تشرين 2019 الطلابية، التي أثبتت أهمية الطلبة للأحزاب السياسية، وقدرتهم على تهديد وجودهم ونفوذهم السياسي في حال توحدهم بقضايا وطنية عامة خارج التخصص الأكاديمي، وتوفير المساحة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم الفكرية والسياسية بحرية. 

تداعيات تشرين دفعت بالطبقة السياسية الحاكمة إلى استشعار خطر الطلبة على مستقبلهم السياسي، ومن هنا انطلقت نحو تضييق الحريات ومصادرة الحقوق النقابية للطلبة وحظر نشاط اتحاد الطلبة في الجامعات كافة من قبل وزير التعليم، وتكريس الأنشطة السياسية خدمة لأحزاب الطبقة السياسية وميليشياتها في نشر أفكار ومفاهيم طائفية. 

يعد سعي فصائل عصائب أهل الحق للسيطرة على وزارة التعليم دليلاً على استشعار خطر الطلبة على المنظومة السياسية في حال حظوا بالحرية الكافية للتعبير، فقد تغيّر تعامل إدارات الكليات مع الطلبة بعد تشرين، فضلاً عن تنشيط دور مجموعة “أبناء المهندس”، وهي مجموعة تعمل على نشر أجندات سياسية، وتجنيد النخب الطلابية ونشر أيديولوجيات دينية متطرفة. 

حواجز 

قاد غياب الأنشطة الاجتماعية الجامعة إلى تقسيمات عفوية، إذ تعززت الحواجز بين الطلبة، الذين انعزل بعضهم في مجاميع خاصة، اعتمد بعضها على المستوى المعيشي، فتعرف بعض المجموعات بكون أفرادها من “الطبقة البرجوازية”، وأخرى بأفراد محدودي القدرات المالية. 

يميل طلبة المحافظات إلى الانعزال في مجاميع خاصة، فضلاً عن وجود تقسيمات جغرافية بينهم من قبيل “ولد الغربية، ولد الجنوب”، بالإضافة إلى تجمعات الطالبات اللواتي يتجنبن التعامل والعلاقات مع الطلاب، وغيرها من التجمعات. 

لم يكف التواصل المؤقت لبعض المجاميع مع غيرها ضمن المحاضرات لبناء مجتمع صحي ومتعاون، ويصعب كسر هذه الحواجز من دون اختلاط حقيقي ونشاطات دورية تتجاوز حواجز الطبقية والمناطقية. 

يتعمّق الانقسام بين المجموعات كلما مر عام دراسي، فلا توفر الكليات سبلاً للتواصل بين الطلبة من خلال أنشطة صيفية جماعية، فيزداد انعزال الطالب عن زملائه خلال العطلة، وهذا ما يشمل الجامعات الأهلية والحكومية. 

صدمة الاختلاط 

يبدأ الطلبة في مراحلهم الأولى بتجربة جديدة قد تكون محورية في حياتهم الاجتماعية والنفسية، فعادة ما يكونون شباباً وشابات قادمين من بيئة تقيّد الاختلاط، ما يخلق فجوة وصعوبات واضحة في قدرتهم على التواصل وبناء علاقات صحية، أما أولئك الذين جاؤوا من بيئة مختلطة وأكثر انفتاحاً، عادة ما يظهرون قدرة أكبر على فهم العلاقات الاجتماعية، ما يسهل عليهم بناء علاقات صحية وتفهم الآخر، وفي المقابل، يشعر الأغلبية بالارتباك أو الخوف من التواصل، وقد يسعون للارتباط العاطفي كوسيلة للاندماج في مجتمع الجامعة أو الاستعراض، ما يعرضهم لمشكلات كثيرة. 

يطمح الشباب في بداية انخراطهم في الحياة الجامعية إلى العثور على الحب، ولكن في خضم هذه الطموحات، قد يدخل العديد منهم في دوامة من المشاعر والتجارب التي قد تؤدي إلى مشاكل عاطفية ونفسية معقدة تؤثر على نشاطهم ومستواهم الأكاديمي، ففي بعض الحالات، تكون الدوافع العاطفية أكثر وضوحاً، حيث يتصور بعض الطلبة أن الحياة الجامعية هي الفرصة المثالية والوحيدة للعثور على شريك حياة مثالي، وهذا ما قد يقود لإهمال أهدافهم الأكاديمية بسبب هذه الاندفاعات. 

يتجنّب معظم الطلاب الإفصاح عن طبيعة علاقاتهم العاطفية، حيث أصبحت حتى الصداقة بين الطالب والطالبة مصدر تهمة اجتماعية، خاصة للطالبة التي قد تواجه اتهامات تمس شرفها لمجرد تعاملها مع زملائها. في المجتمعات الإسلامية المحافظة، باتت الزمالات الطلابية نفسها تعد شبهة، إذ شهدت الكليات حالات عديدة يتهم فيها الطلبة الطالبات بشرفهن فقط لرؤيتهن يجلسن أو يتحدثن مع أحد الزملاء. هذه العقلية موجودة بشكل خاص لدى من يتبنون أفكاراً وسلوكيات متأثرة بالفصائل المسلحة والتنظيمات المتطرفة. 

في أحد المواقف التي تعكس هذه الثقافة، طلب أحد الأساتذة من طالب تغيير مكان جلوسه بسبب كثرة حديثه مع زميله، تصادف أن المقعد الشاغر الوحيد كان بين طالبتين من زميلاته، فأجاب أمام الجميع: “الجلوس بين امرأتين يسبب الغباء”، هذا التصرف لم يواجه بأي رد من الأستاذ أو الإدارة لما سببه من إحراج وتجاوز لفظي ومعنوي بحق الآخرين من طلاب وطالبات، بل قوبل بضحكات من البعض، ما يعكس تقبل مثل هذه السلوكيات وإعفاءها من المساءلة داخل الأوساط الجامعية. 

من جهة أخرى، قد تشعر طالبات عديدات بأن الشباب ينظرون إليهن بنظرة افتراسية، ما يعزز لديهن شعوراً بالقلق أو الخوف من الاستغلال العاطفي أو الجسدي. هذه النظرة يمكن أن تؤدي إلى الانعزال وتجنُّب التفاعلات الطبيعية والعلاقات كافة، ما يعيق بناء علاقات قائمة على الثقة والتفاهم. 

بذلك، يصبح من الضروري تعزيز الوعي والمشاركة في الحوار حول العلاقات الاجتماعية بين الذكور والإناث في الجامعات التي تهمل فكرة بناء بيئة تفاعلية وصحية، حيث يستطيع الطلبة من خلالها العمل على تطوير مهاراتهم الاجتماعية والثقافية. 

الفصائل تحرس 

يشرف رجال أمن الكلية على دخول وخروج الطلبة. واجبهم الأساس هو التفتيش وحفظ أمن ما يتعلق بالكلية، إلا أن بعضهم طبقوا مقولة “حاميها حراميها”، فقد مارس بعضهم سلوكيات غير احترافية، ولم يخجلوا من النظر إلى أجساد النساء بشكل واضح وصريح. أحد رجال الأمن كان يستهدفني أنا وبعض الطلبة بلا مبرر من خلال سلوك استفزازي واضح، والتدخل في شؤوني الشخصية. كان يعمل يومياً صباحاً على تفريغ محتويات حقيبتي الطبية على طاولته الزجاجية، ثم يأمرني بإعادتها إلى الحقيبة بنفسي، والاكتفاء بعبارة تهكمية “توكل حبيبي”، علاوة على محاولته في يوم من الأيام منعي من الدخول إلى الحرم الجامعي لارتدائي اللون الأحمر، مدعياً أنه “لا يناسب الذوق العام”، وبهذا سبب لي إحراجاً شخصياً من دون أي سند قانوني. 

إن الإشكالية القائمة في الكليات والجامعات التابعة لمستثمرين، تتمثل في استعانتهم بأفراد من الميليشيات لحماية الكليات أو الدوائر الأخرى التابعة لهم، في وقت يفتقرون فيه لأسلوب التعامل المرن مع طلبة الجامعات والمراجعين. 

من أسباب تراكم الأخطاء والضعف في مستويات التعليم الجامعي الأهلي، أنه قائم على أهداف ربحية مالية خالصة، حيث يفكر المستثمر بتحقيق أعلى مستوى من الأرباح، بقبول أعداد عالية من الطلبة من دون توافر الشروط الملائمة للتعليم الجامعي مثل الحدائق وأماكن الترفيه الأخرى التي يحتاجها الطالب الجامعي، وكذلك وجود مستثمرين لا يمتلكون التأهيل العلمي وأهداف التعليم الجامعي وغير راغبين بتمكين من يمتلك تلك المؤهلات، كمشروع مساهم في بناء الوطن وتقدمه، فيتكرس واقع التعليم الأهلي السيئ بغياب الرقابة الصارمة والمتابعة من قبل مديرية التعليم الأهلي في وزارة التعليم العالي، ما يعرض الطلبة والأساتذة الى الإجحاف والشعور بالتعامل المتدني. 

يدفعنا الحديث عن الجانب الأكاديمي إلى الاعتراف بالقدرة العلمية والكفاءة العالية لأساتذة الكليات والجامعات العراقية، حيث تخرجت على أيديهم دفعات عديدة من الطلبة المتفوقين، الذين ارتقوا سلالم العلم والمعرفة، لكن ما يؤسف له، غياب التخطيط الإداري والمالي السليم، وهو ما أدى إلى إهدار عديد من الفرص النوعية في تحقيق الاستفادة الكاملة من الكفاءات الموجودة. مثال على ذلك، أعرب أحد الأساتذة عن امتعاضه أمامنا من التعامل الإداري بسبب تأخر راتبه لمدة شهرين متتاليين: “هذا الشرح كله، على گد فلوسي”، بعد أن طلب أحد الطلبة إعادة شرح جزئية لم يفهمها. 

خيبة التوظيف 

في نهاية رحلة السنوات الخمس في طب الأسنان، أعلنت الحكومة عن عدم توفير درجات وظيفية لهذا التخصص وغيره من التخصصات الطبية. شعر الطلبة بالخيبة والضياع بعد صدمتهم بقرار الحكومة، تساءل أحد الأصدقاء: “هل سيذهب هذا الجهد وتعب السنين هباء؟ كيف سأرد دين والدي الذي تجاوز 50 مليون دينار؟”. 

عند الوصول إلى المرحلة الرابعة في دراسة طب الأسنان، يبدأ التدريب العملي، حيث تطالب الجامعات الحكومية طالباتها وطلابها بدفع رسوم رمزية تختلف بحسب نوع التدريب. في المقابل، تفرض معظم الكليات الأهلية مبالغ باهظة تثقل كاهل الطلبة، إذ تتجاوز هذه الرسوم ثلاثة أضعاف ما يُطلب في الكليات الحكومية. 

إلى جانب هذه الأعباء المالية، تنتهج بعض الكليات الأهلية أساليب محرجة وقاسية لإجبار الطلبة على دفع الأقساط، فعند تأخر أحد الطلبة في تسديد إحدى دفعات القسط، يتم إحراجه من خلال إذاعة اسمه أمام الجميع، إذ يمنع من دخول الامتحان ويتم إخراجه من القاعة بشكل علني، ما يضيف ضغوطاً نفسية إلى تلك المالية، ويشعر الطالب بعدم تقدير الكلية لكرامته وظروفه. 

لم تجهّز الكليات طلبتها سوى بالمنهج المكتوب وحلم التعيين الوظيفي، بينما أهملت الجوانب الحيوية التي يجب أن تتوافر في التعليم الجامعي، مثل تزويد الطلبة بمحاضرات حول تحديات ما بعد التخرج، والفرص المهنية المتاحة، وطرق الوصول إليها، إذ يتخرج كل عام ما يفوق عشرة آلاف طالبة وطالب غير جاهزين لسوق العمل ويحملون شهادة البكالوريوس بطب الأسنان في دولة تفتقر إلى التخطيط. 

تمثّل قصة سنواتي الأكاديمية الخمس جزءاً بسيطاً من مشكلات الطلبة من سوء تخطيط وإدارة يرافقهم منذ الحياة المدرسية، وصولاً إلى قرارات التعيين وسوق العمل. تتداخل تجربة فشل الأحزاب السياسية ببناء نظام تعليمي وتربوي حقيقي مع أحلام وطموحات معظم الطلبة. على الرغم مما استحصلنا من معرفة أكاديمية بجهود الأساتذة، إلا أن الواقع التربوي والإداري والاجتماعي الضعيف وغياب التعليم بخصوص سوق العمل جعل من حياتي الأكاديمية تراكم خيبات وحرمانا مما كنت أحلم به، بخلاف ما توفره الجامعات في دول العالم التي تحترم طلابها. 

بما شهدناه من واقع، لابد أولاً من الاعتراف بالأخطاء وتشخيصها من قبل المؤسسات التعليمية ووزارة التعليم العالي، وإعادة النظر في ما يجب أن يعيشه الطلبة في حياتهم الجامعية كخطوة أولى، ثم العمل على إحياء الجانب الفكري والثقافي في جميع الجامعات الحكومية والخاصة، وعدم إدراجه في خانة الأنشطة الشكلية التي تفتقر للعمق والتأثير الحقيقي. يتطلب هذا التحول تعزيز القيم التي تجعل من الجامعة نواة للتفكير النقدي والمسؤولية الاجتماعية، لتصبح بيئة تتيح للطلبة تطوير مهاراتهم وقدراتهم. 

يتطلب بناء جيل واع ومؤهل لخوض تفاصيل الحياة المهنية والمجتمعية بتميّز، تحركاً جاداً نحو إصلاح شامل، يضع الطالب في صلب العملية التعليمية ويمنحه القدرة على الإسهام في نهضة البلاد بعقلية غنية بالمعرفة وروح ناقدة وفعالة. 

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

بين تخبُّطات عديدة وضغط كبير إزاء اختيار التخصص الجامعي الذي سيرسم خريطة مستقبلي، كانت كلمات جدتي “يمه نريدلنا دكتور بالعائلة” هي الأكثر تأثيراً فيّ للتقديم على كلية طب الأسنان، حيث اخترت كلية أهلية تقع قرب حي القاهرة شمالي بغداد، وتحظى بسمعة مميزة بين الكليات الأهلية وتتميز بتفوق طلابها أكاديمياً، كما أن نصائح المجتمع بالتوجه إلى تخصصات تضمن تعييناً حكومياً مركزياً شجعتني على اختيار هذه الكلية، ثم وجدت زملائي فيها يتحدثون بالفكرة ذاتها. 

عندما بدأت مشواري الجامعي، كنت أحلم كثيراً بقصص والدي عن الأنشطة الثقافية والحركة الطلابية والأصبوحات الشعرية التي كانت تقام في مسارح الجامعات العراقية ويحييها شعراء كبار مثل محمد مهدي الجواهري ومحمود درويش ونزار قباني وغيرهم، كما أن مسيرات الطلبة في احتجاجات تشرين 2019 أذكت فيّ التوق إلى أن أكون جزءاً من الحراك الجامعي وقدرته على التأثير في الواقع السياسي والاجتماعي، لكن ما شاهدته لاحقاً أجهز على توقعاتي. 

فلان بالعصائب” 

ابتدأت أولى لحظات حياتي الجامعية بخيبة كبيرة عند دخولي مبنى الكلية المؤلف من خمسة طوابق، كأنه مبنى حكومي تقليدي يفتقر للمساحات المفتوحة والحدائق وسبل الراحة. 

أما حلم المسرح وصوت القصائد، فقد ضاع بين ضجة العيادات والقاعات المكتظة والكافتيريا التي لا تكاد تكفي لاستيعاب نصف عدد الطلبة، كما هو حال غالبية الكليات الأهلية التي يدرس طلبتها بقسط يقدر بعشرة ملايين دينار سنوياً (نحو 6700 دولار). 

لم تقتصر تحديات السنوات الخمس على افتقار الكلية للمساحة والحدائق والفضاء المفتوح، فقد برزت التحديات الاجتماعية منذ بداية المرحلة الأولى. سمعت في اليوم الأول من ينادي على إحدى زميلاتنا “تعالي بنت فلان”، وآخر كان يلقب بين زملائه بـ”فلان عصائب”، في إشارة إلى انتمائه لحركة عصائب أهل الحق. 

بدا واضحاً تمتع من يملك علاقات بالفصائل المسلحة بمزايا عدة، مثل إعادة الامتحان من دون أعذار حقيقية. امتلك بعضهم وسائل ضغط على عدد من الأساتذة، حتى وصلت للتأثير على القرارات الإدارية، كتعديل درجات من رسبوا في الاختبار، ما خلق جواً متوتراً قسّم الطلبة إلى مجاميع صغيرة منذ الأيام الأولى، فشعر البعض بانعدام المساواة. 

تأثير “تشرين 

تزعم الكليات أنها تنظم أنشطة من شأنها تطوير الجانب الفكري وتشجيع الطلبة على تنمية مواهبهم، تمثلت في إعلانها عن بعض المسابقات الثقافية والعلمية، إلا أن الهدف الحقيقي من هذه الأنشطة التي يعلن عنها بشكل عابر كـ”رفع عتب” لم يكن لمصلحة الطلبة، ولم أستطع المشاركة في أي من هذه النشاطات على الرغم من محاولاتي العديدة وطلباتي المتكررة إلى السكرتارية والمسؤولين عن تنفيذها. 

في الواقع، لم تتجاوز نشاطات الكلية كونها إجراءات شكلية لإتمام متطلبات وزارة التعليم، من دون رغبة في تعزيز الجانب الفكري والحياة الاجتماعية، فعلى مدار خمس سنوات قضيتها في الدراسة الجامعية، لم أشهد أي نشاط حقيقي يجمع الطلبة في إطار واحد بعيداً عن الجانب الأكاديمي العلمي، باستثناء بطولة كرة القدم. وأتذكر هنا ما أنجزه الطلبة في الماضي من تنظيم أعمال مسرحية وأماسٍ شعرية وسفرات طلابية دورية بمشاركة إدارة الكليات، بينما تغيب الآن هذه الأنشطة الثقافية والفكرية والاجتماعية عن حياة أغلب الطلبة في الكليات العراقية لتنحصر أدوارهم بالإطار الأكاديمي. 

بدا التغييب والتضييق ممنهجاً بشكل واضح بعد مسيرات تشرين 2019 الطلابية، التي أثبتت أهمية الطلبة للأحزاب السياسية، وقدرتهم على تهديد وجودهم ونفوذهم السياسي في حال توحدهم بقضايا وطنية عامة خارج التخصص الأكاديمي، وتوفير المساحة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم الفكرية والسياسية بحرية. 

تداعيات تشرين دفعت بالطبقة السياسية الحاكمة إلى استشعار خطر الطلبة على مستقبلهم السياسي، ومن هنا انطلقت نحو تضييق الحريات ومصادرة الحقوق النقابية للطلبة وحظر نشاط اتحاد الطلبة في الجامعات كافة من قبل وزير التعليم، وتكريس الأنشطة السياسية خدمة لأحزاب الطبقة السياسية وميليشياتها في نشر أفكار ومفاهيم طائفية. 

يعد سعي فصائل عصائب أهل الحق للسيطرة على وزارة التعليم دليلاً على استشعار خطر الطلبة على المنظومة السياسية في حال حظوا بالحرية الكافية للتعبير، فقد تغيّر تعامل إدارات الكليات مع الطلبة بعد تشرين، فضلاً عن تنشيط دور مجموعة “أبناء المهندس”، وهي مجموعة تعمل على نشر أجندات سياسية، وتجنيد النخب الطلابية ونشر أيديولوجيات دينية متطرفة. 

حواجز 

قاد غياب الأنشطة الاجتماعية الجامعة إلى تقسيمات عفوية، إذ تعززت الحواجز بين الطلبة، الذين انعزل بعضهم في مجاميع خاصة، اعتمد بعضها على المستوى المعيشي، فتعرف بعض المجموعات بكون أفرادها من “الطبقة البرجوازية”، وأخرى بأفراد محدودي القدرات المالية. 

يميل طلبة المحافظات إلى الانعزال في مجاميع خاصة، فضلاً عن وجود تقسيمات جغرافية بينهم من قبيل “ولد الغربية، ولد الجنوب”، بالإضافة إلى تجمعات الطالبات اللواتي يتجنبن التعامل والعلاقات مع الطلاب، وغيرها من التجمعات. 

لم يكف التواصل المؤقت لبعض المجاميع مع غيرها ضمن المحاضرات لبناء مجتمع صحي ومتعاون، ويصعب كسر هذه الحواجز من دون اختلاط حقيقي ونشاطات دورية تتجاوز حواجز الطبقية والمناطقية. 

يتعمّق الانقسام بين المجموعات كلما مر عام دراسي، فلا توفر الكليات سبلاً للتواصل بين الطلبة من خلال أنشطة صيفية جماعية، فيزداد انعزال الطالب عن زملائه خلال العطلة، وهذا ما يشمل الجامعات الأهلية والحكومية. 

صدمة الاختلاط 

يبدأ الطلبة في مراحلهم الأولى بتجربة جديدة قد تكون محورية في حياتهم الاجتماعية والنفسية، فعادة ما يكونون شباباً وشابات قادمين من بيئة تقيّد الاختلاط، ما يخلق فجوة وصعوبات واضحة في قدرتهم على التواصل وبناء علاقات صحية، أما أولئك الذين جاؤوا من بيئة مختلطة وأكثر انفتاحاً، عادة ما يظهرون قدرة أكبر على فهم العلاقات الاجتماعية، ما يسهل عليهم بناء علاقات صحية وتفهم الآخر، وفي المقابل، يشعر الأغلبية بالارتباك أو الخوف من التواصل، وقد يسعون للارتباط العاطفي كوسيلة للاندماج في مجتمع الجامعة أو الاستعراض، ما يعرضهم لمشكلات كثيرة. 

يطمح الشباب في بداية انخراطهم في الحياة الجامعية إلى العثور على الحب، ولكن في خضم هذه الطموحات، قد يدخل العديد منهم في دوامة من المشاعر والتجارب التي قد تؤدي إلى مشاكل عاطفية ونفسية معقدة تؤثر على نشاطهم ومستواهم الأكاديمي، ففي بعض الحالات، تكون الدوافع العاطفية أكثر وضوحاً، حيث يتصور بعض الطلبة أن الحياة الجامعية هي الفرصة المثالية والوحيدة للعثور على شريك حياة مثالي، وهذا ما قد يقود لإهمال أهدافهم الأكاديمية بسبب هذه الاندفاعات. 

يتجنّب معظم الطلاب الإفصاح عن طبيعة علاقاتهم العاطفية، حيث أصبحت حتى الصداقة بين الطالب والطالبة مصدر تهمة اجتماعية، خاصة للطالبة التي قد تواجه اتهامات تمس شرفها لمجرد تعاملها مع زملائها. في المجتمعات الإسلامية المحافظة، باتت الزمالات الطلابية نفسها تعد شبهة، إذ شهدت الكليات حالات عديدة يتهم فيها الطلبة الطالبات بشرفهن فقط لرؤيتهن يجلسن أو يتحدثن مع أحد الزملاء. هذه العقلية موجودة بشكل خاص لدى من يتبنون أفكاراً وسلوكيات متأثرة بالفصائل المسلحة والتنظيمات المتطرفة. 

في أحد المواقف التي تعكس هذه الثقافة، طلب أحد الأساتذة من طالب تغيير مكان جلوسه بسبب كثرة حديثه مع زميله، تصادف أن المقعد الشاغر الوحيد كان بين طالبتين من زميلاته، فأجاب أمام الجميع: “الجلوس بين امرأتين يسبب الغباء”، هذا التصرف لم يواجه بأي رد من الأستاذ أو الإدارة لما سببه من إحراج وتجاوز لفظي ومعنوي بحق الآخرين من طلاب وطالبات، بل قوبل بضحكات من البعض، ما يعكس تقبل مثل هذه السلوكيات وإعفاءها من المساءلة داخل الأوساط الجامعية. 

من جهة أخرى، قد تشعر طالبات عديدات بأن الشباب ينظرون إليهن بنظرة افتراسية، ما يعزز لديهن شعوراً بالقلق أو الخوف من الاستغلال العاطفي أو الجسدي. هذه النظرة يمكن أن تؤدي إلى الانعزال وتجنُّب التفاعلات الطبيعية والعلاقات كافة، ما يعيق بناء علاقات قائمة على الثقة والتفاهم. 

بذلك، يصبح من الضروري تعزيز الوعي والمشاركة في الحوار حول العلاقات الاجتماعية بين الذكور والإناث في الجامعات التي تهمل فكرة بناء بيئة تفاعلية وصحية، حيث يستطيع الطلبة من خلالها العمل على تطوير مهاراتهم الاجتماعية والثقافية. 

الفصائل تحرس 

يشرف رجال أمن الكلية على دخول وخروج الطلبة. واجبهم الأساس هو التفتيش وحفظ أمن ما يتعلق بالكلية، إلا أن بعضهم طبقوا مقولة “حاميها حراميها”، فقد مارس بعضهم سلوكيات غير احترافية، ولم يخجلوا من النظر إلى أجساد النساء بشكل واضح وصريح. أحد رجال الأمن كان يستهدفني أنا وبعض الطلبة بلا مبرر من خلال سلوك استفزازي واضح، والتدخل في شؤوني الشخصية. كان يعمل يومياً صباحاً على تفريغ محتويات حقيبتي الطبية على طاولته الزجاجية، ثم يأمرني بإعادتها إلى الحقيبة بنفسي، والاكتفاء بعبارة تهكمية “توكل حبيبي”، علاوة على محاولته في يوم من الأيام منعي من الدخول إلى الحرم الجامعي لارتدائي اللون الأحمر، مدعياً أنه “لا يناسب الذوق العام”، وبهذا سبب لي إحراجاً شخصياً من دون أي سند قانوني. 

إن الإشكالية القائمة في الكليات والجامعات التابعة لمستثمرين، تتمثل في استعانتهم بأفراد من الميليشيات لحماية الكليات أو الدوائر الأخرى التابعة لهم، في وقت يفتقرون فيه لأسلوب التعامل المرن مع طلبة الجامعات والمراجعين. 

من أسباب تراكم الأخطاء والضعف في مستويات التعليم الجامعي الأهلي، أنه قائم على أهداف ربحية مالية خالصة، حيث يفكر المستثمر بتحقيق أعلى مستوى من الأرباح، بقبول أعداد عالية من الطلبة من دون توافر الشروط الملائمة للتعليم الجامعي مثل الحدائق وأماكن الترفيه الأخرى التي يحتاجها الطالب الجامعي، وكذلك وجود مستثمرين لا يمتلكون التأهيل العلمي وأهداف التعليم الجامعي وغير راغبين بتمكين من يمتلك تلك المؤهلات، كمشروع مساهم في بناء الوطن وتقدمه، فيتكرس واقع التعليم الأهلي السيئ بغياب الرقابة الصارمة والمتابعة من قبل مديرية التعليم الأهلي في وزارة التعليم العالي، ما يعرض الطلبة والأساتذة الى الإجحاف والشعور بالتعامل المتدني. 

يدفعنا الحديث عن الجانب الأكاديمي إلى الاعتراف بالقدرة العلمية والكفاءة العالية لأساتذة الكليات والجامعات العراقية، حيث تخرجت على أيديهم دفعات عديدة من الطلبة المتفوقين، الذين ارتقوا سلالم العلم والمعرفة، لكن ما يؤسف له، غياب التخطيط الإداري والمالي السليم، وهو ما أدى إلى إهدار عديد من الفرص النوعية في تحقيق الاستفادة الكاملة من الكفاءات الموجودة. مثال على ذلك، أعرب أحد الأساتذة عن امتعاضه أمامنا من التعامل الإداري بسبب تأخر راتبه لمدة شهرين متتاليين: “هذا الشرح كله، على گد فلوسي”، بعد أن طلب أحد الطلبة إعادة شرح جزئية لم يفهمها. 

خيبة التوظيف 

في نهاية رحلة السنوات الخمس في طب الأسنان، أعلنت الحكومة عن عدم توفير درجات وظيفية لهذا التخصص وغيره من التخصصات الطبية. شعر الطلبة بالخيبة والضياع بعد صدمتهم بقرار الحكومة، تساءل أحد الأصدقاء: “هل سيذهب هذا الجهد وتعب السنين هباء؟ كيف سأرد دين والدي الذي تجاوز 50 مليون دينار؟”. 

عند الوصول إلى المرحلة الرابعة في دراسة طب الأسنان، يبدأ التدريب العملي، حيث تطالب الجامعات الحكومية طالباتها وطلابها بدفع رسوم رمزية تختلف بحسب نوع التدريب. في المقابل، تفرض معظم الكليات الأهلية مبالغ باهظة تثقل كاهل الطلبة، إذ تتجاوز هذه الرسوم ثلاثة أضعاف ما يُطلب في الكليات الحكومية. 

إلى جانب هذه الأعباء المالية، تنتهج بعض الكليات الأهلية أساليب محرجة وقاسية لإجبار الطلبة على دفع الأقساط، فعند تأخر أحد الطلبة في تسديد إحدى دفعات القسط، يتم إحراجه من خلال إذاعة اسمه أمام الجميع، إذ يمنع من دخول الامتحان ويتم إخراجه من القاعة بشكل علني، ما يضيف ضغوطاً نفسية إلى تلك المالية، ويشعر الطالب بعدم تقدير الكلية لكرامته وظروفه. 

لم تجهّز الكليات طلبتها سوى بالمنهج المكتوب وحلم التعيين الوظيفي، بينما أهملت الجوانب الحيوية التي يجب أن تتوافر في التعليم الجامعي، مثل تزويد الطلبة بمحاضرات حول تحديات ما بعد التخرج، والفرص المهنية المتاحة، وطرق الوصول إليها، إذ يتخرج كل عام ما يفوق عشرة آلاف طالبة وطالب غير جاهزين لسوق العمل ويحملون شهادة البكالوريوس بطب الأسنان في دولة تفتقر إلى التخطيط. 

تمثّل قصة سنواتي الأكاديمية الخمس جزءاً بسيطاً من مشكلات الطلبة من سوء تخطيط وإدارة يرافقهم منذ الحياة المدرسية، وصولاً إلى قرارات التعيين وسوق العمل. تتداخل تجربة فشل الأحزاب السياسية ببناء نظام تعليمي وتربوي حقيقي مع أحلام وطموحات معظم الطلبة. على الرغم مما استحصلنا من معرفة أكاديمية بجهود الأساتذة، إلا أن الواقع التربوي والإداري والاجتماعي الضعيف وغياب التعليم بخصوص سوق العمل جعل من حياتي الأكاديمية تراكم خيبات وحرمانا مما كنت أحلم به، بخلاف ما توفره الجامعات في دول العالم التي تحترم طلابها. 

بما شهدناه من واقع، لابد أولاً من الاعتراف بالأخطاء وتشخيصها من قبل المؤسسات التعليمية ووزارة التعليم العالي، وإعادة النظر في ما يجب أن يعيشه الطلبة في حياتهم الجامعية كخطوة أولى، ثم العمل على إحياء الجانب الفكري والثقافي في جميع الجامعات الحكومية والخاصة، وعدم إدراجه في خانة الأنشطة الشكلية التي تفتقر للعمق والتأثير الحقيقي. يتطلب هذا التحول تعزيز القيم التي تجعل من الجامعة نواة للتفكير النقدي والمسؤولية الاجتماعية، لتصبح بيئة تتيح للطلبة تطوير مهاراتهم وقدراتهم. 

يتطلب بناء جيل واع ومؤهل لخوض تفاصيل الحياة المهنية والمجتمعية بتميّز، تحركاً جاداً نحو إصلاح شامل، يضع الطالب في صلب العملية التعليمية ويمنحه القدرة على الإسهام في نهضة البلاد بعقلية غنية بالمعرفة وروح ناقدة وفعالة.