الرحلات العسيرة بـ"الجابك": النقل والتنقّل في بغداد
26 أيلول 2024
تجاوز عدد سكان بغداد أكثر من 9 ملايين نسمة، لكن الآلاف فقط يستخدمون وسائل النقل العام التي يبلغ عددها 125 باصاً، بينما يخوض الكثير منهم رحلة الذهاب والعودة بـ"الجابك".. عن النقل والتنقل في بغداد.
هل كُنت يوماً داخل كيا متوقفة في زحام أو تسير ببطء على الشارع وسمعت أحدهم يصيح “أبو الكيا أوكف!” ومن ثم هرب صاحب الكيا؟ فهل تساءلت لماذا يُطارَد أصحاب الكيات؟
لا يقتصر عمل سائق الكيا على أخذ الركاب وإيصالهم فقط، إذ يتعلم السائق أثناء ممارسة مهنته كيف يهرب من المرور، والحكومة، والضرائب، وكل ما يتعلق بهم، حتى يصبح في النهاية محترفاً لمهنة الهرب أكثر من مهنة القيادة.
بالنسبة لسيف الدين علوان (28 عاماً) كان بيع الكيا بعد خمسة أعوام من العمل فيها وشراء التكتك الحل الأفضل. إذ أن الهرب من تبعات الكيا أفضل من مواجهتها.
سيف الدين ليس السائق الوحيد الذي تخلّى عن الكيا ومارس مهنة أخرى ليبتعد عن مشاكل قطاع النقل في العراق، والذي يعاني بسبب تداخل الصلاحيات وسوء الإدارة وعدم وجود تشريعات لتفعيل وتنظيم هذا القطاع الأساسي للمدن والأرياف.
لعبة القط والفأر
“قط وفار” يختزل سائقو الكيات مطارداتهم التي تبدأ منذ الصباح الباكر برجال المرور الذين يرصدون السائقين خارج الكراجات المخصصة لهم، ويُغرم السائق فيما إذا وقف في الشوارع بدلاً من الانتظار داخل الكراج.
تسمى عملية التهرب من الكراجات بين السائقين وملء السيارات بالركاب خارج الأماكن المخصصة بـ”الجابك”، والراكب المنقول خارج الكراج خاض رحلته “جابك”.
يقول سيف الدين علوان إن عمله الجديد في التكتك يجنبه الزحام والغرامات المالية، إذ يتربص رجال المرور بسائقي الكيات لرصد أي مخالفة ليُغرم السائق الذي لن تفيده التوسلات والوعود بعد قطع وصل الغرامة. “وإذا صادف تعرضي لغرامة مرورية عندما كنت سائق كيا، فهذا يعني أنني أعود الى منزلي مديناً للدولة”.
وفق الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، فإن عدد السيارات في بغداد يبلغ نحو 2.68 مليون سيارة، ولا توجد إحصائية دقيقة بعدد الكيات ووسائل النقل الخاص الأخرى.
وتمثل أعداد السيارات مشكلة حقيقية تترافق مع سوء تنظيم الشوارع والكراجات.
وبدلاً من استخدام الكراجات الرسمية التي يبلغ عمر بعضها عشرات السنين، مثل كراج النهضة، وعلاوي الحلة، والباب المعظم، والبياع، تتوقف أغلب سيارات النقل الخاص في تقاطعات الطرق والأسواق والمناطق ذات الكثافة السكانية.
تحاول وزارة النقل تشجيع أصحاب الكيات على الانتظار داخل الكراجات المخصصة لتفادي الازدحام المروري وحوادث السير التي تحدث بسبب توقف الكيات المفاجئ في التقاطعات والشوارع لإنزال الركاب أو صعودهم، إلا أنها جوبهت بالرفض.
يتحجج السائقون بأن المواطنين لا يدخلون الكراجات ويعتمدون على الأسرع، كما أن السائقين يتهربون من الالتزام بالدور، والتنصل من دفع أجور الانطلاقية وهي من مصطلحات هذه المهنة، فبدل الانتظار في الكراج، يملأ السائق سيارته بالركاب من الشارع، وبذلك يذهب إلى وجهته أكثر من مرة في اليوم، بينما لا يوفر له الالتزام بنظام الكراج سوى ملء السيارة مرة واحدة.
من ناحية أخرى، حتى وإذا التزم أصحاب الكيات بالنظام وانتظروا، سوف يواجهون مشكلة جديدة: سعة هذه الكراجات.
أشار علوان إلى أن التكتك يجنبه الاختناقات المرورية كونه يعمل داخل الأحياء السكنية في المناطق الشعبية، وبأجرة تفوق أجرة الكيا، بأربعة أضعاف تقريباً، حيث حددت هيئة النقل التسعيرة في سيارات الكيا، وتتراوح بين 500 إلى ألف دينار عن كل راكب كحد أقصى داخل مناطق بغداد.
صيادو الكيات
لا يهرب السائق من رجل المرور فقط، بل ومن موظف الجباية الذي يظهر في أماكن مخصصة أحياناً وأماكن عشوائية في أحيان أخرى مما يُصعب عملية هرب السائق. حسب هيئة النقل، تبدأ عملية جبي موظف الضرائب من أصحاب المركبات منذ الصباح الباكر.
تتراوح أجور الضرائب بين ألف إلى ثلاثة آلاف للكيا، وثلاثة آلاف دينار شهرياً لمركبات الأجرة الصغيرة. ترتفع قيمة الأجور الضريبية في حال تخلف السائق عن الدفع لمدة طويلة مما يعرضه لغرامة مالية، أو فيما إذا لم يكن قد سجل المركبة في هيئة وزارة النقل.
“لا سبيل سوى بيع الكيا أو تحمل المعاناة والغرامات”، قال سيف الدين.
“بعت سيارتي الكيا بأربعة ملايين دينار ونصف واستبدلتها بالتكتك، بالسعر نفسه مع زيادة بسيطة، هرباً من جباية هيئة النقل والغرامات المرورية المتكررة. أحصل حالياً من التكتك على ما لا يقل عن 60 ألف دينار يومياً، بينما لم أكن أحصل من عملي في الكيا إلا على أقل من 30 ألف دينار”.
تقسم الأموال التي يجب على سائق الكيا منحها كالتالي، خمسة آلاف لجباية هيئة النقل، إضافة إلى مبلغ تعبئة الوقود الذي لا يقل عن عشرة آلاف دينار، “بينما في التكتك أقوم بتعبئة البنزين بألفي دينار”.
أحمد سلمان، ويعمل سائق كيا أيضاً، يلخص المبالغ التي يدفعها كالتالي: “موظفو هيئة النقل يتقاضون ألف دينار من كل صاحب سيارة عن كل عملية نقل من منطقة إلى أخرى، حتى ولو لم تكن السيارة ممتلئة بالركاب”، مضيفاً أن “الأرباح جيدة نسبياً لو الله يخلصنا من المرور والهيئة”، كما أشار أحمد لوجود ضريبة سنوية تُقدر بـ35 ألفاً من أصحاب الكيات.
يدافع أحمد كريم الموسوي، مدير الشركة العامة لإدارة النقل الخاص عن جباية الأموال من السائقين، ويقول إنها تتم وفق القرار 127 الذي تضمنه النظام الداخلي للشركة، والذي يلزم سائقي السيارات بدفع مبلغ مقداره 5 بالمئة من أجرة السائق عن كل سيارة تنطلق من الكراج”.
تنظيم النقل
داخل “الكيا”، يمكن ملاحظة انعدام النظافة والنظام والأمان والتوقيت، إضافة لغياب التكييف أثناء فصل الصيف اللاهب.
غفران جمال عباس (31 عاما)، تنتقل بالكيا من منزلها في منطقة الدورة إلى محطة الدورة الحرارية، وتشاهد كل يوم سلبيات وإيجابيات التنقل بالكيات. “من سلبيات الكيات أن السائق ينفعل دون سبب أو يفتعل مشاكل تتعلق بالأجرة ليشعر كل راكب بالاتهام حين يصرخ “منو مدافع كروة؟” أو يعمد إلى زيادة عدد الركاب بأكثر مما تتسع له الكيا”.
يضطر الركاب إلى الانتظار الطويل لحين امتلاء السيارة بالركاب، وتصف عباس هذا الأمر لجمار بأنه “من أسوأ ما يمكن أن يواجه ركاب الكيا من الموظفين”.
بعد امتلاء الكيا وانطلاقها، يتوقف السائق بين فينة وأخرى لإنزال ركاب وصعود آخرين، “بينما يكون الموظف مستعجلاً للغاية لكي يصل إلى دائرته في الوقت المناسب”، وتؤشر عباس “تعمّد التدخين في السيارة ومحاولات تحرش عديدة تتعرض لها الموظفات والطالبات في سيارات الكيا”.
“الأجرة المناسبة (بالكيا) هي من أبرز الإيجابيات قياساً بأجرة التكسي”.
بينما تفاضل غفران عباس بين الكيا والتكسي، يفضّل عباس اللامي (63 عاماً) استعادة وسائل النقل العام بشكل منظم، وتنظيم الخاص منها.
يخوض اللامي رحلة يومية من منطقة البياع إلى منطقة الصالحية، “أحياناً بالكيا وأخرى بالباصات الحمراء”، ويشكو من الفوضى في وسائل النقل في الجهتين، الخاصة والعامة.
“الباصات الحمر كانت تغطي مساحات العاصمة بغداد، وبشكل منظم وبعيد عن فوضى النقل الحالية، الناس كانوا يقصدون الكراجات الداخلية بسهولة ومن دون مطاردة من قبل هذه الجهة أو تلك”.
“شوكت يوصل باصنا؟”
تقول وزارة النقل إنها تخطط لإدخال 72 خط نقل جديداً للخدمة في مناطق الكرخ والرصافة، لكن ما يتم تشغيلها اليوم هي 29 خطاً، تنقل الركاب من أماكن النقل الحيوية مثل الجامعات، والوزارات، والدوائر الحكومية، والمراكز التجارية، والأسواق.
آخر هذه الخطوط افتتح في 31 أيار الماضي، ويبدأ من بغداد الجديدة وينتهي في الباب الشرقي.
تمتلك الشركة العامة لنقل المسافرين والوفود 600 حافلة، 300 منها بطابق واحد تتسع لأربعين راكباً، و300 أخرى بطابقين.
“جميع هذه الحافلات ستزج في مشروع النقل الجماعي، حيث سيذهب قسم منها إلى المحافظات والقسم الآخر سيغطي محافظة بغداد”، يقول كريم كاظم حسين مدير عام الشركة.
ويرسم حسين خطة طموحة لإيجاد توازن في تشغيل النقل العام والخاص، على أن لا يتضرر أحد القطاعات بسبب الآخر.
وفقاً لتقديرات وزارة التخطيط، فإن عدد سكان العاصمة بغداد قد تجاوز 9 ملايين نسمة، إلا أن آلافاً فقط يستخدمون 125 باصاً توفرها وسائل النقل العام، بينما يخوض الكثير منهم رحلة الذهاب والعودة بـ”الجابك”..
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
دكتاتورية وذكورية: التمثيل النسائي في البرلمان العراقي
08 أكتوبر 2024
العلاقات العراقية الصينية: محصلة الماضي والحاضر ورهان المستقبل
06 أكتوبر 2024
معضلة الزعامة الدينية عند سنة العراق: لماذا لم يصنعوا مرجعية؟
04 أكتوبر 2024
الرئيس الإيراني في بغداد: زيارة بزشكيان "السياحية" إلى العراق
01 أكتوبر 2024
هل كُنت يوماً داخل كيا متوقفة في زحام أو تسير ببطء على الشارع وسمعت أحدهم يصيح “أبو الكيا أوكف!” ومن ثم هرب صاحب الكيا؟ فهل تساءلت لماذا يُطارَد أصحاب الكيات؟
لا يقتصر عمل سائق الكيا على أخذ الركاب وإيصالهم فقط، إذ يتعلم السائق أثناء ممارسة مهنته كيف يهرب من المرور، والحكومة، والضرائب، وكل ما يتعلق بهم، حتى يصبح في النهاية محترفاً لمهنة الهرب أكثر من مهنة القيادة.
بالنسبة لسيف الدين علوان (28 عاماً) كان بيع الكيا بعد خمسة أعوام من العمل فيها وشراء التكتك الحل الأفضل. إذ أن الهرب من تبعات الكيا أفضل من مواجهتها.
سيف الدين ليس السائق الوحيد الذي تخلّى عن الكيا ومارس مهنة أخرى ليبتعد عن مشاكل قطاع النقل في العراق، والذي يعاني بسبب تداخل الصلاحيات وسوء الإدارة وعدم وجود تشريعات لتفعيل وتنظيم هذا القطاع الأساسي للمدن والأرياف.
لعبة القط والفأر
“قط وفار” يختزل سائقو الكيات مطارداتهم التي تبدأ منذ الصباح الباكر برجال المرور الذين يرصدون السائقين خارج الكراجات المخصصة لهم، ويُغرم السائق فيما إذا وقف في الشوارع بدلاً من الانتظار داخل الكراج.
تسمى عملية التهرب من الكراجات بين السائقين وملء السيارات بالركاب خارج الأماكن المخصصة بـ”الجابك”، والراكب المنقول خارج الكراج خاض رحلته “جابك”.
يقول سيف الدين علوان إن عمله الجديد في التكتك يجنبه الزحام والغرامات المالية، إذ يتربص رجال المرور بسائقي الكيات لرصد أي مخالفة ليُغرم السائق الذي لن تفيده التوسلات والوعود بعد قطع وصل الغرامة. “وإذا صادف تعرضي لغرامة مرورية عندما كنت سائق كيا، فهذا يعني أنني أعود الى منزلي مديناً للدولة”.
وفق الجهاز المركزي للإحصاء التابع لوزارة التخطيط، فإن عدد السيارات في بغداد يبلغ نحو 2.68 مليون سيارة، ولا توجد إحصائية دقيقة بعدد الكيات ووسائل النقل الخاص الأخرى.
وتمثل أعداد السيارات مشكلة حقيقية تترافق مع سوء تنظيم الشوارع والكراجات.
وبدلاً من استخدام الكراجات الرسمية التي يبلغ عمر بعضها عشرات السنين، مثل كراج النهضة، وعلاوي الحلة، والباب المعظم، والبياع، تتوقف أغلب سيارات النقل الخاص في تقاطعات الطرق والأسواق والمناطق ذات الكثافة السكانية.
تحاول وزارة النقل تشجيع أصحاب الكيات على الانتظار داخل الكراجات المخصصة لتفادي الازدحام المروري وحوادث السير التي تحدث بسبب توقف الكيات المفاجئ في التقاطعات والشوارع لإنزال الركاب أو صعودهم، إلا أنها جوبهت بالرفض.
يتحجج السائقون بأن المواطنين لا يدخلون الكراجات ويعتمدون على الأسرع، كما أن السائقين يتهربون من الالتزام بالدور، والتنصل من دفع أجور الانطلاقية وهي من مصطلحات هذه المهنة، فبدل الانتظار في الكراج، يملأ السائق سيارته بالركاب من الشارع، وبذلك يذهب إلى وجهته أكثر من مرة في اليوم، بينما لا يوفر له الالتزام بنظام الكراج سوى ملء السيارة مرة واحدة.
من ناحية أخرى، حتى وإذا التزم أصحاب الكيات بالنظام وانتظروا، سوف يواجهون مشكلة جديدة: سعة هذه الكراجات.
أشار علوان إلى أن التكتك يجنبه الاختناقات المرورية كونه يعمل داخل الأحياء السكنية في المناطق الشعبية، وبأجرة تفوق أجرة الكيا، بأربعة أضعاف تقريباً، حيث حددت هيئة النقل التسعيرة في سيارات الكيا، وتتراوح بين 500 إلى ألف دينار عن كل راكب كحد أقصى داخل مناطق بغداد.
صيادو الكيات
لا يهرب السائق من رجل المرور فقط، بل ومن موظف الجباية الذي يظهر في أماكن مخصصة أحياناً وأماكن عشوائية في أحيان أخرى مما يُصعب عملية هرب السائق. حسب هيئة النقل، تبدأ عملية جبي موظف الضرائب من أصحاب المركبات منذ الصباح الباكر.
تتراوح أجور الضرائب بين ألف إلى ثلاثة آلاف للكيا، وثلاثة آلاف دينار شهرياً لمركبات الأجرة الصغيرة. ترتفع قيمة الأجور الضريبية في حال تخلف السائق عن الدفع لمدة طويلة مما يعرضه لغرامة مالية، أو فيما إذا لم يكن قد سجل المركبة في هيئة وزارة النقل.
“لا سبيل سوى بيع الكيا أو تحمل المعاناة والغرامات”، قال سيف الدين.
“بعت سيارتي الكيا بأربعة ملايين دينار ونصف واستبدلتها بالتكتك، بالسعر نفسه مع زيادة بسيطة، هرباً من جباية هيئة النقل والغرامات المرورية المتكررة. أحصل حالياً من التكتك على ما لا يقل عن 60 ألف دينار يومياً، بينما لم أكن أحصل من عملي في الكيا إلا على أقل من 30 ألف دينار”.
تقسم الأموال التي يجب على سائق الكيا منحها كالتالي، خمسة آلاف لجباية هيئة النقل، إضافة إلى مبلغ تعبئة الوقود الذي لا يقل عن عشرة آلاف دينار، “بينما في التكتك أقوم بتعبئة البنزين بألفي دينار”.
أحمد سلمان، ويعمل سائق كيا أيضاً، يلخص المبالغ التي يدفعها كالتالي: “موظفو هيئة النقل يتقاضون ألف دينار من كل صاحب سيارة عن كل عملية نقل من منطقة إلى أخرى، حتى ولو لم تكن السيارة ممتلئة بالركاب”، مضيفاً أن “الأرباح جيدة نسبياً لو الله يخلصنا من المرور والهيئة”، كما أشار أحمد لوجود ضريبة سنوية تُقدر بـ35 ألفاً من أصحاب الكيات.
يدافع أحمد كريم الموسوي، مدير الشركة العامة لإدارة النقل الخاص عن جباية الأموال من السائقين، ويقول إنها تتم وفق القرار 127 الذي تضمنه النظام الداخلي للشركة، والذي يلزم سائقي السيارات بدفع مبلغ مقداره 5 بالمئة من أجرة السائق عن كل سيارة تنطلق من الكراج”.
تنظيم النقل
داخل “الكيا”، يمكن ملاحظة انعدام النظافة والنظام والأمان والتوقيت، إضافة لغياب التكييف أثناء فصل الصيف اللاهب.
غفران جمال عباس (31 عاما)، تنتقل بالكيا من منزلها في منطقة الدورة إلى محطة الدورة الحرارية، وتشاهد كل يوم سلبيات وإيجابيات التنقل بالكيات. “من سلبيات الكيات أن السائق ينفعل دون سبب أو يفتعل مشاكل تتعلق بالأجرة ليشعر كل راكب بالاتهام حين يصرخ “منو مدافع كروة؟” أو يعمد إلى زيادة عدد الركاب بأكثر مما تتسع له الكيا”.
يضطر الركاب إلى الانتظار الطويل لحين امتلاء السيارة بالركاب، وتصف عباس هذا الأمر لجمار بأنه “من أسوأ ما يمكن أن يواجه ركاب الكيا من الموظفين”.
بعد امتلاء الكيا وانطلاقها، يتوقف السائق بين فينة وأخرى لإنزال ركاب وصعود آخرين، “بينما يكون الموظف مستعجلاً للغاية لكي يصل إلى دائرته في الوقت المناسب”، وتؤشر عباس “تعمّد التدخين في السيارة ومحاولات تحرش عديدة تتعرض لها الموظفات والطالبات في سيارات الكيا”.
“الأجرة المناسبة (بالكيا) هي من أبرز الإيجابيات قياساً بأجرة التكسي”.
بينما تفاضل غفران عباس بين الكيا والتكسي، يفضّل عباس اللامي (63 عاماً) استعادة وسائل النقل العام بشكل منظم، وتنظيم الخاص منها.
يخوض اللامي رحلة يومية من منطقة البياع إلى منطقة الصالحية، “أحياناً بالكيا وأخرى بالباصات الحمراء”، ويشكو من الفوضى في وسائل النقل في الجهتين، الخاصة والعامة.
“الباصات الحمر كانت تغطي مساحات العاصمة بغداد، وبشكل منظم وبعيد عن فوضى النقل الحالية، الناس كانوا يقصدون الكراجات الداخلية بسهولة ومن دون مطاردة من قبل هذه الجهة أو تلك”.
“شوكت يوصل باصنا؟”
تقول وزارة النقل إنها تخطط لإدخال 72 خط نقل جديداً للخدمة في مناطق الكرخ والرصافة، لكن ما يتم تشغيلها اليوم هي 29 خطاً، تنقل الركاب من أماكن النقل الحيوية مثل الجامعات، والوزارات، والدوائر الحكومية، والمراكز التجارية، والأسواق.
آخر هذه الخطوط افتتح في 31 أيار الماضي، ويبدأ من بغداد الجديدة وينتهي في الباب الشرقي.
تمتلك الشركة العامة لنقل المسافرين والوفود 600 حافلة، 300 منها بطابق واحد تتسع لأربعين راكباً، و300 أخرى بطابقين.
“جميع هذه الحافلات ستزج في مشروع النقل الجماعي، حيث سيذهب قسم منها إلى المحافظات والقسم الآخر سيغطي محافظة بغداد”، يقول كريم كاظم حسين مدير عام الشركة.
ويرسم حسين خطة طموحة لإيجاد توازن في تشغيل النقل العام والخاص، على أن لا يتضرر أحد القطاعات بسبب الآخر.
وفقاً لتقديرات وزارة التخطيط، فإن عدد سكان العاصمة بغداد قد تجاوز 9 ملايين نسمة، إلا أن آلافاً فقط يستخدمون 125 باصاً توفرها وسائل النقل العام، بينما يخوض الكثير منهم رحلة الذهاب والعودة بـ”الجابك”..