"أوميتا فوبيا": عيون الطفولة المفقوءة 

مُبين خشاني

19 أيلول 2023

كانت وسائل الدفاع التي ابتكرتها لمواجهة خيالات الفقأ، خيالية أيضاً، كنت أحارب الخيال بالخيال، وإذا ما عانيت من نوبة رهاب قوية، كنت أتخيل سيل ماء بارد يمر عبر عينيّ وينظفهما كما ينظف سطحاً زجاجياً من كل شائبة عالقة فيه، هكذا فقط كان بإمكاني النوم ليلاً.. عن عيون الطفولة المفقوءة

الربيع الذي يتغنّى به الجميع وتنتظره الحدائق، عروس الفصول أو ملكها المتوَّج، كان بمثابة نكبة لطفل يعاني من حساسية صعبة يسببها غبار الطلع، وتختلف أعراضها من شخص لآخر حسب نوعها.. هذا الطفل كان أنا.

النوع الذي أعاني منه يسبب حكة في فصوص العين وسيلاناً مزعجاً للدموع، وتظهر في باطن الجفون حبيبات بيضاء

متناهية الصغر، وبذلك تصبح نسائم الربيع الندية سكاكين تجرح العيون، وتغدو الورود الزاهية قواذف شرر وأشواكا عليّ تجنبها. 

حرمني غبار الطلع من متعة اللعب أو الفرجة في مناخ الربيع الرائق، حيث كانت تمارس في ذلك الوقت ألعاباً شعبية في ساحات غير بعيدة عن أشجار النخيل أو بعض النباتات الطبيعية. أذكر لعبة “حاح ويدَّة”1 التي كان أطفال شارعنا ممن هم أكبر مني يلعبونها قرب “كَصبة”2 للمياه الآسنة، تنبت فيها نباتات طبيعية غير مرغوبة ويبرز منها القصب كرماح صدئة. 


هذه كانت معاناتي.. وهي معاناة لم تقتصر على ما تسبّبه الحساسية من حكةٍ شديدة في فص العين وطرْفْ لا إرادي، فوق العادة، جعلني عرضة للتنمر في الشارع والمدرسة لاحقاً، بل حفزت عندي رهاباً كريهاً سمّمَ طفولتي من الأشكال الشائكة والأشياء التي لها نصال حادة ومدببة. 

 
مجرد ذكر هذه الأشياء أو رؤيتها تستدعي خيالاً عنيفاً يصوّر لي بأنها ستفقأ عينيّ وتدميهما، ولم يزل أثر الرهاب حتى اللحظة. 

 كل شيء شائك، مدبب، أو له نصل حاد أراه، أتخيله سيفقأ عيني، مثل إبرة الخياطة والسكاكين والنباتات ذوات الأشواك، وحتى الحافات الحادة لقطع الأثاث المسالمة كالطاولات، وغيرها من الأشكال العديدة التي جعلت نعمة البصر نقمة وضوء العيون بلاء. 

يعرف هذا الرهاب باسم (ommetaphobia)، وهو نادر لم أصادف في حياتي أحداً يعاني منه، ولم أكن أعرف عنه شيئاً حتى وقت قريب، عندما بحثت عن الأعراض التي سممت طفولتي فوجدت أنها تعود إلى نوع فوبيا نادر لكنه موجود. 

عمل فني: مبين خشاني 
 

عمل فني: مبين خشاني


هذا كان جحيمي السري الذي صعّب على طفلٍ شرحه حتى لأمه، لذلك حتى الطبيب لم يفهم ما كنت أصفه له من خيالات تأتيني إذا ما رأيت شكلاً شائكاً أو مدبباً، فسأل أمي إذا ما كان لي أخ أصغر يشعرني بالغيرة، فأخبرتْه أمي بأني آخر العنقود ومحط اهتمام العائلة، فصمتَ قليلاً ونظر لي ثم أخبرني بأن عليّ مقاومة الطَرف ومنع نفسي من فعله قدر المستطاع.  

لا أنكر لطافة الطبيب العجوز رغم إضاءة عيادته المؤذية، إلا أنه لم يقع على علتي حين أخبرته بما أتخيله ويسبب لي صعوبة قبل النوم كل ليلة. لم يفهم أن الحكة أشرس من أن أقاومها، وأن الأمر أكبر من حساسية غبار الطلع. 

صمتُّ بعد ذلك.  

تعايشت مع الحكة والأدوية التي حرصت أمي على تذكيري بتناولها كل ليلة قبل النوم، وتمكنت من ابتكار وسائل دفاع تجنبني شعور الفقأ الذي اشتدّ بسبب رؤيتي لآليات وأسلحة جيش الاحتلال الاميركي في كل مكان. 

كانت وسائل الدفاع التي ابتكرتها لمواجهة خيالات الفقأ، خيالية أيضاً، كنت أحارب الخيال بالخيال، وإذا ما عانيت من نوبة رهاب قوية، كنت أتخيل سيل ماء بارد يمر عبر عينيّ وينظفهما كما ينظف سطحاً زجاجياً من كل شائبة عالقة فيه، هكذا فقط كان بإمكاني النوم ليلاً، لأجد وسادتي في الصباح مبتلة بدموعي. 

كنتُ بعمر الخامسة، وجاء موعد تسجيلي في المدرسة في مدينة النعمانية بمحافظة واسط. وبعد مشوار طويل تضمن الفحص الطبي وشراء استمارات التسجيل من شارع المكتبات، قطعت مع أمي شوارع المدينة بصعوبة مرتدياً نظارة شمسية كبيرة أكبر من وجهي. كنت أثبتها من حين لآخر بأصابعي، لكنها سقطت رغم ذلك أكثر من مرة، كانت أغلب الشوارع مقطوعة وملأى بأرتال الاحتلال العسكرية، لذلك كان المشوار أطول وأعقد من العادة. 

عمل فني: مبين خشاني

كانوا يحاولون المساعدة، وكنت أستجيب لتلقينهم، حتى أني تمرّنت مع أختي على إبقاء عينيّ مفتوحتين لأطول فترة ممكنة. كانوا يشجعوني بأني سأصبح تلميذا شاطراً، ويطلبون مني أن أحسب لهم من الواحد إلى المئة وحين أصل الى العشرين كانوا يكتفون بذلك مربتين على كتفي، ويذكروني بأن علي فتح عيني أمام عدسة المصوّر. 

حمّلتني التحذيرات مسؤولية كبيرة، شعرت بالخوف وضاق صدري، بعدها رافقتني أمي إلى المصور وكنت أتشبّث بيدها بقوة حتى شعرتْ بحرارة يدي وسألتني إذا ما كنت أشعر بالمرض، لكني أجبتها أنني بخير. 

 
بسبب آليات الاحتلال والنقاط العسكرية التي تغلق أغلب شوارع المدينة، كان علينا أن نقطع شارع المدرسة الطويل حتى نتمكّن بعد ذلك من الذهاب إلى المصور. كان الشارع طويلاً جداً ويحوي في نهايته مدرسة يتخذها جيش الاحتلال كقاعدة له، وتنتشر على طوله الآليات وسيارات الهمفي والمدرعات، وكانت مراوح الطائرة الهليكوبتر تظهر من خلف سياج المدرسة المنخفض. 

عمل فني: مبين خشاني

كان سياج المدرسة مدججاً بسلك شائك على طوله، وعلى بعد كل بضعة أمتار كانت هناك كومة من الأسلاك الشائكة الجارحة، يحدد من خلالها جنود الاحتلال مسار المشي المسموح به ويمنعون سير العربات فيه، إضافة الى انتشار الجنود بأسلحتهم الموجهة على المارة وسكاكينهم المثبتة على بزاتهم العسكرية. 

عند نقطة دخول الشارع، خلعتْ أمي نظارتي الشمسية حتى لا تثير ريبة الجنود، وأنا أغمضت عيني وشددت قبضتي على يد أمي ورحت أحسب مع نفسي من الواحد إلى المئة، لكني تعثرت وسقطت سقطة مؤلمة، دخل التراب في فمي وكشطت حصاة قطعة جلد صغير تحت عيني فخرج دم قليل جداً، لم أبكِ لكني تألمت، مسحت أمي التراب ونظفتني ثم أكملنا السير في طريق تكرهه عيناي. 

كانت سنة الاحتلال الاولى، وفي جوٍ يملأه دخان القصف وغازات الحرائق، فإن العيون السليمة كانت تتأثر، فكيف بعينين حسّاستين؟ كل ما حولي كان يدفعني للعمى: أسئلة الطبيب الغريبة وعيادته ذات الإضاءة المزعجة، غبار الطلع الممزوج بغازات غير نظيفة، نصال السكاكين الموجهة نحوي في بسطيات الكراج، الشمس القاسية وأشعتها التي تخترق طبقات النظر، الألوان العسكرية وما تسببه من شعور بالكتمة، وأخيراً سياج المدرسة الذي يخنقه سلك شائك كما يخنق حياتنا. 

بعد كل ذلك كان عليّ اجتياز الطريق ممسكاً بيدِ أمي حتى أصل لمحل التصوير، وعليّ بعدها أيضاً أن أفتح عيني على اتساعهما لأجل صورة سترافقني بقية حياتي. 

   
ظهرت الصورة أخيراً لطفل بندبة صغيرة، وعيناه تجحظان بطريقة تثير ضحك كل من يراهما، لكن الضحكات لن تغيّر حقيقة أنها صورة لطفل حرب تعيس، نظرته محنَّطة وبصره مثلوم. بقيتْ الأشياء الحادة تجرح نظرتي حتى الآن، وكل التقاطة كاميرا تحمل معها صوت تحذير “أن افتح عيني قدر ما استطعت”. 

عمل فني: مبين خشاني


 

  • يندرج هذا النص ضمن دفتر “عشرون عاماً على الحرب على العراق” بمشاركة موقع “السفير العربي”  وبدعم من مؤسسة روزا لوكسمبورغ.  

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

الربيع الذي يتغنّى به الجميع وتنتظره الحدائق، عروس الفصول أو ملكها المتوَّج، كان بمثابة نكبة لطفل يعاني من حساسية صعبة يسببها غبار الطلع، وتختلف أعراضها من شخص لآخر حسب نوعها.. هذا الطفل كان أنا.

النوع الذي أعاني منه يسبب حكة في فصوص العين وسيلاناً مزعجاً للدموع، وتظهر في باطن الجفون حبيبات بيضاء

متناهية الصغر، وبذلك تصبح نسائم الربيع الندية سكاكين تجرح العيون، وتغدو الورود الزاهية قواذف شرر وأشواكا عليّ تجنبها. 

حرمني غبار الطلع من متعة اللعب أو الفرجة في مناخ الربيع الرائق، حيث كانت تمارس في ذلك الوقت ألعاباً شعبية في ساحات غير بعيدة عن أشجار النخيل أو بعض النباتات الطبيعية. أذكر لعبة “حاح ويدَّة”1 التي كان أطفال شارعنا ممن هم أكبر مني يلعبونها قرب “كَصبة”2 للمياه الآسنة، تنبت فيها نباتات طبيعية غير مرغوبة ويبرز منها القصب كرماح صدئة. 


هذه كانت معاناتي.. وهي معاناة لم تقتصر على ما تسبّبه الحساسية من حكةٍ شديدة في فص العين وطرْفْ لا إرادي، فوق العادة، جعلني عرضة للتنمر في الشارع والمدرسة لاحقاً، بل حفزت عندي رهاباً كريهاً سمّمَ طفولتي من الأشكال الشائكة والأشياء التي لها نصال حادة ومدببة. 

 
مجرد ذكر هذه الأشياء أو رؤيتها تستدعي خيالاً عنيفاً يصوّر لي بأنها ستفقأ عينيّ وتدميهما، ولم يزل أثر الرهاب حتى اللحظة. 

 كل شيء شائك، مدبب، أو له نصل حاد أراه، أتخيله سيفقأ عيني، مثل إبرة الخياطة والسكاكين والنباتات ذوات الأشواك، وحتى الحافات الحادة لقطع الأثاث المسالمة كالطاولات، وغيرها من الأشكال العديدة التي جعلت نعمة البصر نقمة وضوء العيون بلاء. 

يعرف هذا الرهاب باسم (ommetaphobia)، وهو نادر لم أصادف في حياتي أحداً يعاني منه، ولم أكن أعرف عنه شيئاً حتى وقت قريب، عندما بحثت عن الأعراض التي سممت طفولتي فوجدت أنها تعود إلى نوع فوبيا نادر لكنه موجود. 

عمل فني: مبين خشاني 
 

عمل فني: مبين خشاني


هذا كان جحيمي السري الذي صعّب على طفلٍ شرحه حتى لأمه، لذلك حتى الطبيب لم يفهم ما كنت أصفه له من خيالات تأتيني إذا ما رأيت شكلاً شائكاً أو مدبباً، فسأل أمي إذا ما كان لي أخ أصغر يشعرني بالغيرة، فأخبرتْه أمي بأني آخر العنقود ومحط اهتمام العائلة، فصمتَ قليلاً ونظر لي ثم أخبرني بأن عليّ مقاومة الطَرف ومنع نفسي من فعله قدر المستطاع.  

لا أنكر لطافة الطبيب العجوز رغم إضاءة عيادته المؤذية، إلا أنه لم يقع على علتي حين أخبرته بما أتخيله ويسبب لي صعوبة قبل النوم كل ليلة. لم يفهم أن الحكة أشرس من أن أقاومها، وأن الأمر أكبر من حساسية غبار الطلع. 

صمتُّ بعد ذلك.  

تعايشت مع الحكة والأدوية التي حرصت أمي على تذكيري بتناولها كل ليلة قبل النوم، وتمكنت من ابتكار وسائل دفاع تجنبني شعور الفقأ الذي اشتدّ بسبب رؤيتي لآليات وأسلحة جيش الاحتلال الاميركي في كل مكان. 

كانت وسائل الدفاع التي ابتكرتها لمواجهة خيالات الفقأ، خيالية أيضاً، كنت أحارب الخيال بالخيال، وإذا ما عانيت من نوبة رهاب قوية، كنت أتخيل سيل ماء بارد يمر عبر عينيّ وينظفهما كما ينظف سطحاً زجاجياً من كل شائبة عالقة فيه، هكذا فقط كان بإمكاني النوم ليلاً، لأجد وسادتي في الصباح مبتلة بدموعي. 

كنتُ بعمر الخامسة، وجاء موعد تسجيلي في المدرسة في مدينة النعمانية بمحافظة واسط. وبعد مشوار طويل تضمن الفحص الطبي وشراء استمارات التسجيل من شارع المكتبات، قطعت مع أمي شوارع المدينة بصعوبة مرتدياً نظارة شمسية كبيرة أكبر من وجهي. كنت أثبتها من حين لآخر بأصابعي، لكنها سقطت رغم ذلك أكثر من مرة، كانت أغلب الشوارع مقطوعة وملأى بأرتال الاحتلال العسكرية، لذلك كان المشوار أطول وأعقد من العادة. 

عمل فني: مبين خشاني

كانوا يحاولون المساعدة، وكنت أستجيب لتلقينهم، حتى أني تمرّنت مع أختي على إبقاء عينيّ مفتوحتين لأطول فترة ممكنة. كانوا يشجعوني بأني سأصبح تلميذا شاطراً، ويطلبون مني أن أحسب لهم من الواحد إلى المئة وحين أصل الى العشرين كانوا يكتفون بذلك مربتين على كتفي، ويذكروني بأن علي فتح عيني أمام عدسة المصوّر. 

حمّلتني التحذيرات مسؤولية كبيرة، شعرت بالخوف وضاق صدري، بعدها رافقتني أمي إلى المصور وكنت أتشبّث بيدها بقوة حتى شعرتْ بحرارة يدي وسألتني إذا ما كنت أشعر بالمرض، لكني أجبتها أنني بخير. 

 
بسبب آليات الاحتلال والنقاط العسكرية التي تغلق أغلب شوارع المدينة، كان علينا أن نقطع شارع المدرسة الطويل حتى نتمكّن بعد ذلك من الذهاب إلى المصور. كان الشارع طويلاً جداً ويحوي في نهايته مدرسة يتخذها جيش الاحتلال كقاعدة له، وتنتشر على طوله الآليات وسيارات الهمفي والمدرعات، وكانت مراوح الطائرة الهليكوبتر تظهر من خلف سياج المدرسة المنخفض. 

عمل فني: مبين خشاني

كان سياج المدرسة مدججاً بسلك شائك على طوله، وعلى بعد كل بضعة أمتار كانت هناك كومة من الأسلاك الشائكة الجارحة، يحدد من خلالها جنود الاحتلال مسار المشي المسموح به ويمنعون سير العربات فيه، إضافة الى انتشار الجنود بأسلحتهم الموجهة على المارة وسكاكينهم المثبتة على بزاتهم العسكرية. 

عند نقطة دخول الشارع، خلعتْ أمي نظارتي الشمسية حتى لا تثير ريبة الجنود، وأنا أغمضت عيني وشددت قبضتي على يد أمي ورحت أحسب مع نفسي من الواحد إلى المئة، لكني تعثرت وسقطت سقطة مؤلمة، دخل التراب في فمي وكشطت حصاة قطعة جلد صغير تحت عيني فخرج دم قليل جداً، لم أبكِ لكني تألمت، مسحت أمي التراب ونظفتني ثم أكملنا السير في طريق تكرهه عيناي. 

كانت سنة الاحتلال الاولى، وفي جوٍ يملأه دخان القصف وغازات الحرائق، فإن العيون السليمة كانت تتأثر، فكيف بعينين حسّاستين؟ كل ما حولي كان يدفعني للعمى: أسئلة الطبيب الغريبة وعيادته ذات الإضاءة المزعجة، غبار الطلع الممزوج بغازات غير نظيفة، نصال السكاكين الموجهة نحوي في بسطيات الكراج، الشمس القاسية وأشعتها التي تخترق طبقات النظر، الألوان العسكرية وما تسببه من شعور بالكتمة، وأخيراً سياج المدرسة الذي يخنقه سلك شائك كما يخنق حياتنا. 

بعد كل ذلك كان عليّ اجتياز الطريق ممسكاً بيدِ أمي حتى أصل لمحل التصوير، وعليّ بعدها أيضاً أن أفتح عيني على اتساعهما لأجل صورة سترافقني بقية حياتي. 

   
ظهرت الصورة أخيراً لطفل بندبة صغيرة، وعيناه تجحظان بطريقة تثير ضحك كل من يراهما، لكن الضحكات لن تغيّر حقيقة أنها صورة لطفل حرب تعيس، نظرته محنَّطة وبصره مثلوم. بقيتْ الأشياء الحادة تجرح نظرتي حتى الآن، وكل التقاطة كاميرا تحمل معها صوت تحذير “أن افتح عيني قدر ما استطعت”. 

عمل فني: مبين خشاني


 

  • يندرج هذا النص ضمن دفتر “عشرون عاماً على الحرب على العراق” بمشاركة موقع “السفير العربي”  وبدعم من مؤسسة روزا لوكسمبورغ.