"الحافظ الله".. عن "أم الصالون" والصالونات المخالفة 

سجى علوان

29 أيار 2025

هل سبق وأن تداخلت أنفاسكِ بأنفاسها؟ أو استخدمت منشفة رطبة "مستعملة" لتجفيف شعرك؟ هل عرضت عليك "الفلر" أو "التاتو"؟ هل سألتها عن خيط "الحفافة" الذي بين يديها إن كان معقماً؟ "الحافظ الله".. عن "أم الصالون" والصالونات المخالفة

جلبت لي خيطاً ومقصاً، انتبهت أنها تغاضت عن تعقيمهما. لم تكن ترتدي كمامة، تداخلت أنفاسنا بينما كانت تعمل على تنظيف حواجبي، وبدوري حاولت كتم أنفاسي، لا سيما وأن عوارض إصابتها بالإنفلونزا كانت واضحة. 

لأم طه (54 عاماً) صالون في حيّنا السكني، لا تضطر إلى وضع لافتة أو اسم يشير إليه، ذلك أن أغلب نساء الحي يعرفنه ويقصدنه. 

تستقبل أم طه النساء في غرفة معيشة متواضعة داخل منزلها، حيث تفترش فيها عدّتها، أدوات رسم التاتو، جهاز بخاري لتنظيف البشرة، جهاز الشمع لإزالة الشعر كان مغطىً بالشمع والشعر المتناثر لأجساد نساءٍ لا أعرفهن. 

هذا كله معروض على طاولة بلاستيكية، وضعت بجوارها كرسي خشبي تجلس عليه الزبونة، أما إنارة المكان فتعتمد على أشعة الشمس المنبعثة من خلف الستارة، وعلى إنارة خافتة مثبتة بسقف الغرفة. 

كنت مستعجلة، فاستسلمتُ للمتوفر في صالونها. غسلت شعري في مغسلة بيتها، ثم جففته بمنشفة تلتصق بها رائحة الرطوبة ويبدو أنها لم تُغسل منذ مدة.  

عادت أم طه بفرشاة شعر مليئة بخصلات شعر ناعمة تعود لزبونة أخرى –أو عدة زبونات– وراحت تسرّح شعري، الذي لم أستطع رؤيته بوضوح بسبب ضعف إنارة الغرفة. 

في أحياء بغداد، خاصة المكتظة منها، تنتشر صالونات الحلاقة والتجميل النسائية التي تخرج من المنازل مثل صالون أم طه، أو صالونات خاصة ذات لافتات تعرض خدمات متنوعة: قص، ميش، حلاقة، تاتو، فلر. 

صالون حلاقة من داخل المطبخ، وشعب الرقابة الصحية تغلق صالون حلاقة غير مرخص، المصدر: وزارة الصحة. 

من البيت“.. لهذا لا توجد تراخيص 

فضلت أم طه افتتاح صالونها من منزلها، وكان ذلك منطقياً بالنسبة لها؛ فالصالون داخل منطقة سكنية بسيطة لن يعود عليها بمردود مالي كبير، ولهذا فهي غير قادرة على دفع المال لاستئجار محل لافتتاح محلّها الخاص. 

وهذا ينطبق على زينة الخفاجي، صاحبة صالون، تقول: “أني ما أحتاج ترخيص بالعمل، لأن صالوني من البيت، حتى للتفتيش ما يتعرض”. 

لم تستقبل زينة أي فريق رقابي، ولم يطالبها أحد برخصة عمل. 

وتقول إخلاص فاضل، عضو نقابة الحلاقين والمزيّنين في العراق، إن الفرق الرقابية للصالونات ومراكز التجميل لا تزور “صالونات المنازل” لاعتبارات اجتماعية كثيرة. 

كما لا تتوفر أرقام دقيقة عن عدد الصالونات التي تتخذ من المنازل مقراً لها. 

اقرأ أيضاً

نساء محكومات بالدم والجهل.. عن انعدام التوعية بالصحة الجنسيّة  

ولا يسمح لأي جهة رقابية بدخول الصالون النسائي المقام داخل منزل، بحسب سليم عبد الحسن، نقيب الحلاقين والمزيّنين في العراق، “في حال وصلت إخبارية أو شكوى من جهة ما ضد صالون مفتوح من المنزل، هنا لازم وزارة الصحة تشكّل لجنة صحية وترسلها، والأمن الوطني يشكّل لجنة أمنية ويرسلها، ويتم الدخول للمنزل بالتنسيق مع مختار المنطقة. وللأسف، صاحبة الصالون لا تتعاقب، ولا تتغرم مالياً، فقط يغلقون صالونها لأنه من المنزل”. 

الدور الرقابي للنقابة لا يتجاوز التوجيه والنُصح، وليس من حق نقابة الحلاقين والمزيّنين في العراق فرض أي عقوبة على صاحبة الصالون المخالفة، بحسب النقيب. 

أما عن رخصة افتتاح الصالونات وشروطها، أو ما تُعرف بالإجازات، فتستلزم موافقة مؤسستين: رخصة صحية تصدرها وزارة الصحة العراقية بعد أن تتقدم صاحبة الصالون بطلب للوزارة، وإجازة ممارسة المهنة، تُمنح للحلاقة أو الحلاق من قبل نقابة الحلاقين والمزيّنين في العراق، والتي تأسست عام 2017، وتعمل وفقاً لقانون التنظيم النقابي العمالي رقم 52 لعام 1987. 

وتشترط وزارة الصحة ضمن مجموعة تعليمات أصدرتها عام 1998 شروطاً عديدة لمنح إجازة لصالونات الحلاقة، منها، أن لا تقل مساحة الصالون الرجالي عن 12 متراً مربعاً إذا كان يحتوي على كرسيين. 

أما الصالونات النسائية، فيجب ألا تقل مساحتها عن 16 متراً مربعاً لكرسيين، وتزداد المساحة بمقدار 6 أمتار عن كل كرسي إضافي. 

ويجب أن يحتوي الصالون على حمام غربي، وسلة نفايات مغلقة، ومطفأة حريق، إضافة إلى توفر أدوات الإسعافات الأولية والمعقمات، ليكون مؤهلاً للحصول على إجازة أو رخصة. 

كما يجب أن تكون الأسقف والجدران مصبوغة بشكل جيد، وأن تكون الواجهات مكوّنة من مواد مناسبة كالألمنيوم، فضلاً عن تجهيز المكان بمياه صالحة للاستخدام. 

ولا تمنح الوزارة إجازة لفتح صالون من داخل منزل، لكن هناك العديد من النساء يقمن بذلك، كما أن الكثير من الزبونات يترددن على هذه الصالونات. 

أما النقابة، وهي الجهة الثانية التي تمنح شهادات ممارسة المهنة، فلا تمنح إجازتها إلا إذا كانت للحلاقة أو الحلاق خبرة عمل تتجاوز العامين، فضلاً عن خضوعهم لاختبار، كما تقول فاضل، “يزور أعضاء النقابة الصالون ويختبرون صاحبته، وبموجب النتيجة، يحددون مجال تخصصها، مثلاً تكون ماكيرة أظافر، أو حلاقة قص شعر، أو مختصة بتلوين الشعر وصبغته، وغيرها”. 

النجاح في اختبار النقابة يؤهل الحلاقة والحلاق للحصول على إجازة ممارسة المهنة “حتى لو كانت خبرتهم لم تتجاوز الستة أشهر”، بحسب نقيب الحلاقين. 

يشمل اختبار النقابة مجالات قص الشعر، وطرق استخدام الكيماويات مثل مُسرِّح الشعر الدائم، والأوكسجين، والبلوندر. 

وفي حال فشل الحلاق أو الحلاقة في الاختبار، يتم إدخاله في ورشة تدريب من قبل النقابة نفسها مدتها ثلاثة أشهر لتأهيله لممارسة المهنة. 

لكن إجازة ممارسة المهنة ألغيت، وصار “كل من هب ودب يدخل يفتح صالون ويمارسها”، بحسب عبد الحسن. 

لهذا لا تمتلك أم طه إجازة ممارسة مهنة الحلاقة، على الرغم من أنها عملت في صالونات مختلفة، وأزالتِ الشعر عن وجوه جاراتها وقريباتها وزبوناتها. 

إجراء عملية تفتيش لصالون حلاقة. المصدر: وزارة الصحة. 

لا يستبدلون أدواتهم، بل يعقّمونها 

الأخطاء والمخالفات التي تحدث في الصالونات داخل البيوت، تحدث نفسها تماماً في صالونات أخرى منتشرة في المناطق السكنية، ومنها على نحو خاص ما يتعلق بطرائق تنظيف أدوات الحلاقة. 

إذ تلجأ أغلب الحلاقات في هذه الصالونات إلى استخدام طرائق تنظيف لأدوات التجميل والحلاقة، عوضاً من استبدالها. 

وبحسب زينة الخفاجي (30 عاماً)، صاحبة صالون نسائي من منزلها في منطقة حي الجهاد في بغداد، “أدوات الصالون غالية جداً، وزبوناتنا من ذوات الدخل المحدود؛ لهذا نحاول قدر الإمكان تعقيم الأدوات ونعيد استخدامها، وما نستبدلها بأدوات جديدة”. 

تحاول زينة تعقيم أدواتها كل ثلاثة أيام تقريباً، مستخدمة الكحول لتبقى الأدوات صالحة للعمل لأطول فترة ممكنة، وتغسلها بـ”القاصر” أيضاً، وتؤكد، “محد من زبوناتي تعرضت لمشكلة صحية”. 

أما بالنسبة لهبة عادل (36 عاماً) من بغداد، فتستخدم طرق تعقيم أكثر حداثة لأنها تعمل منذ أكثر من 11 عاماً في هذا المجال ولديها صالونها الخاص، وتقول “ألبس قفازات، وأضع كل الأدوات بوعاء، وأنظفها من الشعر أو الشوائب العالقة فيها، بعدها أنقعها بالماء الجاري، ثم بالديتول”. 

وتستخدم هبة التعقيم الآلي، بوضع الأدوات في جهاز يشبه (الميكروويف) يحتوي على أشعة فوق بنفسجية، لتنظيف الأدوات الخشبية والبلاستيكية مثل فرش الشعر والكلبسات، بينما تضع القطع المعدنية في أفران بحرارة (180 درجة مئوية) لتعقيمها حرارياً. 

وتُعد طريقة هبة في تنظيف أدوات الصالون هي الأصح، بحسب نقابة الحلاقين والمزيّنين في العراق. إذ تؤكد عضو النقابة إخلاص فاضل على ضرورة تجفيف كل الأدوات بعد غسلها، وأهمية رشها بالكحول، كما تشدد على ضرورة وضع القطع المعدنية مثل الملاقط والمقاصّ في أفران بدرجة حرارة عالية، فضلاً عن استبدال الشفرات الخاصة بماكينات الحلاقة بعد كل استخدام. 

وفيما يخص جهاز الشمع، فمن الأفضل أن يُلف بورق القصدير، الذي يُستبدل بشكل يومي، بحسب فاضل. وتضيف “على الحلاق أن يرتدي غطاءً للرأس، وصدرية، وكفوف، وكمامات، جميعها ذات استخدام واحد”. 

أما المناشف، فيجب الاستعانة بمناشف تُستخدم لمرة واحدة، وهي خاصة بالحلاقين، أو يتم غسل المنشفة وتعقيمها بعد كل استعمال. 

وتقتصر مهمة وزارة الصحة على التأكد من نظافة وصحة المكان لغرض منح الإجازة الصحية، بحسب فاضل. 

ومن أهم الشروط الصحية التي تؤكد عليها الوزارة، خضوع صاحب/ة الصالون لفحص شعاعي للصدر، وتحليل الكبد الفيروسي، فضلاً عن تلقيه/ا دورة لا تقل عن ثلاثة أشهر لمعرفة المهارات والسلوكيات المهنية التي يجب أن تلتزم بها الحلاقة أو الحلاق. 

إجراء عملية تفتيش وإغلاق لصالونات مخالفة للشروط الصحية. المصدر: وزارة الصحة. 

كله بالرشاوي 

“كلشي يمشي بالرشاوي”، يقول نقيب الحلاقين، وبهذه الطريقة يحصل أصحاب الصالونات المخالفة لشروط الصحة والنظافة على إجازات ورخص افتتاح صالونات. 

“مو بس يفتحون صالونات بالبيوت، أصحاب الصالونات يخالفون ويجيبون أجهزة تاتو، مع أنه ممنوع على أي حلاق استخدام أي آلة إبرية سواء بوتوكس أو تاتو”. 

“استخدام هذه الإبر مرخّص فقط في العيادات الطبية، بس الصالونات أغلبها مخالفة، بسبب ضعف الرقابة وعدم وجود عقوبات رادعة، ودورنا كنقابة مو فعال بما يكفي”، يقول عبد الحسن. 

بالمقابل، أوضح مصدر من وزارة الصحة – رفض الإشارة إلى اسمه – أن الوزارة تقوم بزيارات ميدانية دورية للصالونات، وتقوم شعب الرقابة الصحية في القطاعات الصحية في جانبي الكرخ والرصافة وبقية المحافظات بهذه المهمة. 

وأشار المصدر إلى وجود 11 فريقاً رقابياً في منطقة الرصافة، ومثلها في منطقة الكرخ من العاصمة بغداد، يتوزعون على مختلف القطاعات بحسب الرقع الجغرافية. 

وأكد أن تسجيل المخالفات على الصالون من قبل الفرق الرقابية لا يعني غلق الصالون، “أغلب المخالفات تنتهي بفرض غرامة مالية على الصالون المخالف، ما لم يكن صالوناً مستخرجاً من المنزل، لصعوبة دخول فرق الرقابة الصحية لهذه الصالونات، إلا بأمر قضائي، ويشترط أن تكون هناك شكوى ودعوى قضائية على هذا الصالون المستخرج من المنزل”. 

ويؤكد جمال الأسدي، مفتش عام سابق في وزارة الداخلية، أن مراكز الصالونات والتجميل جميعها خاضعة لقوانين صارمة خاصة بموضوع منح الإجازات الصحية، لكن أغلب هذه الصالونات تُفتتح وتباشر عملها من دون الحصول على إجازة أو موافقة رسمية. 

ويقوم جهاز الأمن الوطني العراقي بإغلاق بعض الصالونات بسبب عدم توفر معلومات عنها، وبسبب المشاكل التي تحدث فيها، خاصة الصالونات النسائية، التي تكون مغلقة الواجهات، على عكس الصالونات الخاصة بالرجال التي تكون مكشوفة الواجهات. 

ويرجع ذلك لاستخدام مواد ومعدات غير مرخّصة مثل التاتو، وإبر التجميل كالفيلر والبوتوكس وغيرها. 

لهذا تؤكد إخلاص فاضل أن دور النقابة يتركز على معرفة سلوكيات الصالون والرقابة عليه، لكن لا سلطة لها في إغلاقه أو إيقاف عمل صاحبته. 

والحال هذه، فإن وزارة الصحة العراقية هي الجهة الوحيدة التي لها الحق باتخاذ إجراءات بحق أصحاب الصالون، بعد أن يتم الإبلاغ عنهم سواء من قبل النقابة أو من قبل أي جهة أو فرد. 

عندها تقوم الوزارة برفع دعوى إلى القضاء، وتشكيل لجان تفتيشية بأمر قضائي. 

ويُعاقب صاحب الصالون المخالف وفقاً للمادة 416 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969، الذي ينص على أن كل من أحدث أذىً أو مرضاً بآخر، إذا كان ذلك ناشئاً عن إهمال أو رعونة أو عدم انتباه أو عدم احتياط أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة والأوامر، يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين ألف دينار عراقي أو بإحدى هاتين العقوبتين. 

“وتكون عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين إذا نشأ عن الجريمة عاهة مستديمة”. 

صالونات تتحوّل إلى مراكز تجميل قاتلة 

ليست الصالونات في المناطق السكنية وحدها من تستخدم إبر الفيلر، والتاتو، والبوتوكس. 

أم طه، ومن صالونها المنزلي، تعرض خدماتها في مجال التجميل، إبر نضارة بـ(35 ألف دينار عراقي)، تاتو توريد الشفاه بـ(25 ألف دينار) للجلسة الواحدة، أما إبر الفيلر فتتراوح أسعارها بين (25–40 ألف دينار عراقي). 

وتشير الدكتورة شيماء الكمالي، عضو سابق في نقابة الأطباء، إلى أن مواد التجميل رخيصة الثمن تكون خطيرة جداً، لأنها تدخل البلاد دون رخصة أو موافقات رسمية، وغالباً ما تكون مهرّبة أو منتهية الصلاحية، وتُباع لفئات من ذوي الدخل المحدود. 

وتتحدث الكمالي عن مواد الفيلر رخيصة الثمن المستخدمة في الصالونات، “يوضع الفيلر بالصالونات بسطل، ويسحبون منه بالسرنجات”. 

لا صلاحيات لنقابة الحلاقين بإيقاف عمل الصالونات في حال استخدامها مواد تجميل طبية، وتقول إخلاص فاضل، “نستدعي صاحبة الصالون لمنعها عن ممارسة أي عملية ليست من اختصاصها كحلاقة، وإذا امتنعت، نضطر لتبليغ الجهات الرقابية في وزارة الصحة عنها لاتخاذ الإجراء اللازم”. 

وقد أدى استخدام مواد غير مرخّصة في صالونات الحلاقة غير المتخصصة بالتجميل إلى الكثير من الحوادث، مثل إصابة مروة (39 عاماً) بتهدل الأجفان بعد رسمها تاتو للحاجبين في إحدى صالونات المناطق السكنية في بغداد، مما أدى إلى صعوبة في الرؤية لديها وتطلّب الأمر تدخلاً طبياً. 

شخّص طبيبها الأعراض على أنها ناتجة عن رداءة مادة التاتو المستخدمة، وخضعت لعلاج طويل وباهظ، بينما غادرت صاحبة الصالون الحيّ. 

صعوبة السيطرة على صالونات الحلاقة المنتشرة في المناطق الشعبية والمتواجدة داخل المنازل أدّت إلى انتشار مخاطر صحيّة، وتعوّل النقابة على وعي الناس بعدم زيارة هذه الصالونات. 

وتُعزو فاضل سبب انتشار الصالونات العشوائية إلى ورش الحلاقة المجانية، التي تمنح شهادة للمتدربات بعد أربعة أيام فقط من التدريب. 

وتُقام هذه الدورات من قبل بعض المتعهدين والناشطين، لغرض توفير فرص عمل للعاطلين، إذ يُطلق بعض الناشطين دورات تدريبية لتعليم بعض المهن، ومنها الحلاقة، لكنها بحسب نقيب الحلاقين غير كافية، ويجب أن يخضع الحلاق أو الحلاقة لاختبار النقابة ليكون مؤهلاً لممارسة هذه المهنة الحساسة والخطِرة. 

ويشكّل التهرّب الضريبي سبباً آخر لفتح الصالونات من المنازل، بحسب عبد الحسن. 

ويُشير إلى أن عدد الصالونات التي تمتلك هوية من نقابة الحلاقين بلغ 893 صالوناً فقط لغاية تشرين الأول من عام 2024. 

أما معظم الشكاوى التي ترد للنقابة، فهي بسبب استخدام الصالونات للفلر والبوتوكس، وهو اختصاص أطباء الجلدية. وغالباً ما تُصاب الضحايا بتكتلات وتلف في الشفاه نتيجة حقن مواد رديئة ورخيصة. 

وتُذكر إخلاص فاضل أن علاقة بعض صاحبات الصالونات بالفصائل المسلحة، والعشائر، والأحزاب، تشكّل تهديداً مباشراً على اللجان الرقابية، ما يؤدي لصعوبة محاسبة أصحاب هذه الصالونات. 

أما أنا، وبعد أن راودني القلق من مناشف أم طه الرطبة، وغرفتها المعتمة، وفرشاة الشعر التي تتكتل حولها الخصلات، قررت أن أسألها إن كانت تعقّم أدواتها، فاكتفت بالقول إنها تقوم بغسل الفرش والمكان (أي الغرفة)، عندما تشعر بالحاجة إلى ذلك، واختصرت الأمر بعبارة “الحافظ الله”. 

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

جلبت لي خيطاً ومقصاً، انتبهت أنها تغاضت عن تعقيمهما. لم تكن ترتدي كمامة، تداخلت أنفاسنا بينما كانت تعمل على تنظيف حواجبي، وبدوري حاولت كتم أنفاسي، لا سيما وأن عوارض إصابتها بالإنفلونزا كانت واضحة. 

لأم طه (54 عاماً) صالون في حيّنا السكني، لا تضطر إلى وضع لافتة أو اسم يشير إليه، ذلك أن أغلب نساء الحي يعرفنه ويقصدنه. 

تستقبل أم طه النساء في غرفة معيشة متواضعة داخل منزلها، حيث تفترش فيها عدّتها، أدوات رسم التاتو، جهاز بخاري لتنظيف البشرة، جهاز الشمع لإزالة الشعر كان مغطىً بالشمع والشعر المتناثر لأجساد نساءٍ لا أعرفهن. 

هذا كله معروض على طاولة بلاستيكية، وضعت بجوارها كرسي خشبي تجلس عليه الزبونة، أما إنارة المكان فتعتمد على أشعة الشمس المنبعثة من خلف الستارة، وعلى إنارة خافتة مثبتة بسقف الغرفة. 

كنت مستعجلة، فاستسلمتُ للمتوفر في صالونها. غسلت شعري في مغسلة بيتها، ثم جففته بمنشفة تلتصق بها رائحة الرطوبة ويبدو أنها لم تُغسل منذ مدة.  

عادت أم طه بفرشاة شعر مليئة بخصلات شعر ناعمة تعود لزبونة أخرى –أو عدة زبونات– وراحت تسرّح شعري، الذي لم أستطع رؤيته بوضوح بسبب ضعف إنارة الغرفة. 

في أحياء بغداد، خاصة المكتظة منها، تنتشر صالونات الحلاقة والتجميل النسائية التي تخرج من المنازل مثل صالون أم طه، أو صالونات خاصة ذات لافتات تعرض خدمات متنوعة: قص، ميش، حلاقة، تاتو، فلر. 

صالون حلاقة من داخل المطبخ، وشعب الرقابة الصحية تغلق صالون حلاقة غير مرخص، المصدر: وزارة الصحة. 

من البيت“.. لهذا لا توجد تراخيص 

فضلت أم طه افتتاح صالونها من منزلها، وكان ذلك منطقياً بالنسبة لها؛ فالصالون داخل منطقة سكنية بسيطة لن يعود عليها بمردود مالي كبير، ولهذا فهي غير قادرة على دفع المال لاستئجار محل لافتتاح محلّها الخاص. 

وهذا ينطبق على زينة الخفاجي، صاحبة صالون، تقول: “أني ما أحتاج ترخيص بالعمل، لأن صالوني من البيت، حتى للتفتيش ما يتعرض”. 

لم تستقبل زينة أي فريق رقابي، ولم يطالبها أحد برخصة عمل. 

وتقول إخلاص فاضل، عضو نقابة الحلاقين والمزيّنين في العراق، إن الفرق الرقابية للصالونات ومراكز التجميل لا تزور “صالونات المنازل” لاعتبارات اجتماعية كثيرة. 

كما لا تتوفر أرقام دقيقة عن عدد الصالونات التي تتخذ من المنازل مقراً لها. 

اقرأ أيضاً

نساء محكومات بالدم والجهل.. عن انعدام التوعية بالصحة الجنسيّة  

ولا يسمح لأي جهة رقابية بدخول الصالون النسائي المقام داخل منزل، بحسب سليم عبد الحسن، نقيب الحلاقين والمزيّنين في العراق، “في حال وصلت إخبارية أو شكوى من جهة ما ضد صالون مفتوح من المنزل، هنا لازم وزارة الصحة تشكّل لجنة صحية وترسلها، والأمن الوطني يشكّل لجنة أمنية ويرسلها، ويتم الدخول للمنزل بالتنسيق مع مختار المنطقة. وللأسف، صاحبة الصالون لا تتعاقب، ولا تتغرم مالياً، فقط يغلقون صالونها لأنه من المنزل”. 

الدور الرقابي للنقابة لا يتجاوز التوجيه والنُصح، وليس من حق نقابة الحلاقين والمزيّنين في العراق فرض أي عقوبة على صاحبة الصالون المخالفة، بحسب النقيب. 

أما عن رخصة افتتاح الصالونات وشروطها، أو ما تُعرف بالإجازات، فتستلزم موافقة مؤسستين: رخصة صحية تصدرها وزارة الصحة العراقية بعد أن تتقدم صاحبة الصالون بطلب للوزارة، وإجازة ممارسة المهنة، تُمنح للحلاقة أو الحلاق من قبل نقابة الحلاقين والمزيّنين في العراق، والتي تأسست عام 2017، وتعمل وفقاً لقانون التنظيم النقابي العمالي رقم 52 لعام 1987. 

وتشترط وزارة الصحة ضمن مجموعة تعليمات أصدرتها عام 1998 شروطاً عديدة لمنح إجازة لصالونات الحلاقة، منها، أن لا تقل مساحة الصالون الرجالي عن 12 متراً مربعاً إذا كان يحتوي على كرسيين. 

أما الصالونات النسائية، فيجب ألا تقل مساحتها عن 16 متراً مربعاً لكرسيين، وتزداد المساحة بمقدار 6 أمتار عن كل كرسي إضافي. 

ويجب أن يحتوي الصالون على حمام غربي، وسلة نفايات مغلقة، ومطفأة حريق، إضافة إلى توفر أدوات الإسعافات الأولية والمعقمات، ليكون مؤهلاً للحصول على إجازة أو رخصة. 

كما يجب أن تكون الأسقف والجدران مصبوغة بشكل جيد، وأن تكون الواجهات مكوّنة من مواد مناسبة كالألمنيوم، فضلاً عن تجهيز المكان بمياه صالحة للاستخدام. 

ولا تمنح الوزارة إجازة لفتح صالون من داخل منزل، لكن هناك العديد من النساء يقمن بذلك، كما أن الكثير من الزبونات يترددن على هذه الصالونات. 

أما النقابة، وهي الجهة الثانية التي تمنح شهادات ممارسة المهنة، فلا تمنح إجازتها إلا إذا كانت للحلاقة أو الحلاق خبرة عمل تتجاوز العامين، فضلاً عن خضوعهم لاختبار، كما تقول فاضل، “يزور أعضاء النقابة الصالون ويختبرون صاحبته، وبموجب النتيجة، يحددون مجال تخصصها، مثلاً تكون ماكيرة أظافر، أو حلاقة قص شعر، أو مختصة بتلوين الشعر وصبغته، وغيرها”. 

النجاح في اختبار النقابة يؤهل الحلاقة والحلاق للحصول على إجازة ممارسة المهنة “حتى لو كانت خبرتهم لم تتجاوز الستة أشهر”، بحسب نقيب الحلاقين. 

يشمل اختبار النقابة مجالات قص الشعر، وطرق استخدام الكيماويات مثل مُسرِّح الشعر الدائم، والأوكسجين، والبلوندر. 

وفي حال فشل الحلاق أو الحلاقة في الاختبار، يتم إدخاله في ورشة تدريب من قبل النقابة نفسها مدتها ثلاثة أشهر لتأهيله لممارسة المهنة. 

لكن إجازة ممارسة المهنة ألغيت، وصار “كل من هب ودب يدخل يفتح صالون ويمارسها”، بحسب عبد الحسن. 

لهذا لا تمتلك أم طه إجازة ممارسة مهنة الحلاقة، على الرغم من أنها عملت في صالونات مختلفة، وأزالتِ الشعر عن وجوه جاراتها وقريباتها وزبوناتها. 

إجراء عملية تفتيش لصالون حلاقة. المصدر: وزارة الصحة. 

لا يستبدلون أدواتهم، بل يعقّمونها 

الأخطاء والمخالفات التي تحدث في الصالونات داخل البيوت، تحدث نفسها تماماً في صالونات أخرى منتشرة في المناطق السكنية، ومنها على نحو خاص ما يتعلق بطرائق تنظيف أدوات الحلاقة. 

إذ تلجأ أغلب الحلاقات في هذه الصالونات إلى استخدام طرائق تنظيف لأدوات التجميل والحلاقة، عوضاً من استبدالها. 

وبحسب زينة الخفاجي (30 عاماً)، صاحبة صالون نسائي من منزلها في منطقة حي الجهاد في بغداد، “أدوات الصالون غالية جداً، وزبوناتنا من ذوات الدخل المحدود؛ لهذا نحاول قدر الإمكان تعقيم الأدوات ونعيد استخدامها، وما نستبدلها بأدوات جديدة”. 

تحاول زينة تعقيم أدواتها كل ثلاثة أيام تقريباً، مستخدمة الكحول لتبقى الأدوات صالحة للعمل لأطول فترة ممكنة، وتغسلها بـ”القاصر” أيضاً، وتؤكد، “محد من زبوناتي تعرضت لمشكلة صحية”. 

أما بالنسبة لهبة عادل (36 عاماً) من بغداد، فتستخدم طرق تعقيم أكثر حداثة لأنها تعمل منذ أكثر من 11 عاماً في هذا المجال ولديها صالونها الخاص، وتقول “ألبس قفازات، وأضع كل الأدوات بوعاء، وأنظفها من الشعر أو الشوائب العالقة فيها، بعدها أنقعها بالماء الجاري، ثم بالديتول”. 

وتستخدم هبة التعقيم الآلي، بوضع الأدوات في جهاز يشبه (الميكروويف) يحتوي على أشعة فوق بنفسجية، لتنظيف الأدوات الخشبية والبلاستيكية مثل فرش الشعر والكلبسات، بينما تضع القطع المعدنية في أفران بحرارة (180 درجة مئوية) لتعقيمها حرارياً. 

وتُعد طريقة هبة في تنظيف أدوات الصالون هي الأصح، بحسب نقابة الحلاقين والمزيّنين في العراق. إذ تؤكد عضو النقابة إخلاص فاضل على ضرورة تجفيف كل الأدوات بعد غسلها، وأهمية رشها بالكحول، كما تشدد على ضرورة وضع القطع المعدنية مثل الملاقط والمقاصّ في أفران بدرجة حرارة عالية، فضلاً عن استبدال الشفرات الخاصة بماكينات الحلاقة بعد كل استخدام. 

وفيما يخص جهاز الشمع، فمن الأفضل أن يُلف بورق القصدير، الذي يُستبدل بشكل يومي، بحسب فاضل. وتضيف “على الحلاق أن يرتدي غطاءً للرأس، وصدرية، وكفوف، وكمامات، جميعها ذات استخدام واحد”. 

أما المناشف، فيجب الاستعانة بمناشف تُستخدم لمرة واحدة، وهي خاصة بالحلاقين، أو يتم غسل المنشفة وتعقيمها بعد كل استعمال. 

وتقتصر مهمة وزارة الصحة على التأكد من نظافة وصحة المكان لغرض منح الإجازة الصحية، بحسب فاضل. 

ومن أهم الشروط الصحية التي تؤكد عليها الوزارة، خضوع صاحب/ة الصالون لفحص شعاعي للصدر، وتحليل الكبد الفيروسي، فضلاً عن تلقيه/ا دورة لا تقل عن ثلاثة أشهر لمعرفة المهارات والسلوكيات المهنية التي يجب أن تلتزم بها الحلاقة أو الحلاق. 

إجراء عملية تفتيش وإغلاق لصالونات مخالفة للشروط الصحية. المصدر: وزارة الصحة. 

كله بالرشاوي 

“كلشي يمشي بالرشاوي”، يقول نقيب الحلاقين، وبهذه الطريقة يحصل أصحاب الصالونات المخالفة لشروط الصحة والنظافة على إجازات ورخص افتتاح صالونات. 

“مو بس يفتحون صالونات بالبيوت، أصحاب الصالونات يخالفون ويجيبون أجهزة تاتو، مع أنه ممنوع على أي حلاق استخدام أي آلة إبرية سواء بوتوكس أو تاتو”. 

“استخدام هذه الإبر مرخّص فقط في العيادات الطبية، بس الصالونات أغلبها مخالفة، بسبب ضعف الرقابة وعدم وجود عقوبات رادعة، ودورنا كنقابة مو فعال بما يكفي”، يقول عبد الحسن. 

بالمقابل، أوضح مصدر من وزارة الصحة – رفض الإشارة إلى اسمه – أن الوزارة تقوم بزيارات ميدانية دورية للصالونات، وتقوم شعب الرقابة الصحية في القطاعات الصحية في جانبي الكرخ والرصافة وبقية المحافظات بهذه المهمة. 

وأشار المصدر إلى وجود 11 فريقاً رقابياً في منطقة الرصافة، ومثلها في منطقة الكرخ من العاصمة بغداد، يتوزعون على مختلف القطاعات بحسب الرقع الجغرافية. 

وأكد أن تسجيل المخالفات على الصالون من قبل الفرق الرقابية لا يعني غلق الصالون، “أغلب المخالفات تنتهي بفرض غرامة مالية على الصالون المخالف، ما لم يكن صالوناً مستخرجاً من المنزل، لصعوبة دخول فرق الرقابة الصحية لهذه الصالونات، إلا بأمر قضائي، ويشترط أن تكون هناك شكوى ودعوى قضائية على هذا الصالون المستخرج من المنزل”. 

ويؤكد جمال الأسدي، مفتش عام سابق في وزارة الداخلية، أن مراكز الصالونات والتجميل جميعها خاضعة لقوانين صارمة خاصة بموضوع منح الإجازات الصحية، لكن أغلب هذه الصالونات تُفتتح وتباشر عملها من دون الحصول على إجازة أو موافقة رسمية. 

ويقوم جهاز الأمن الوطني العراقي بإغلاق بعض الصالونات بسبب عدم توفر معلومات عنها، وبسبب المشاكل التي تحدث فيها، خاصة الصالونات النسائية، التي تكون مغلقة الواجهات، على عكس الصالونات الخاصة بالرجال التي تكون مكشوفة الواجهات. 

ويرجع ذلك لاستخدام مواد ومعدات غير مرخّصة مثل التاتو، وإبر التجميل كالفيلر والبوتوكس وغيرها. 

لهذا تؤكد إخلاص فاضل أن دور النقابة يتركز على معرفة سلوكيات الصالون والرقابة عليه، لكن لا سلطة لها في إغلاقه أو إيقاف عمل صاحبته. 

والحال هذه، فإن وزارة الصحة العراقية هي الجهة الوحيدة التي لها الحق باتخاذ إجراءات بحق أصحاب الصالون، بعد أن يتم الإبلاغ عنهم سواء من قبل النقابة أو من قبل أي جهة أو فرد. 

عندها تقوم الوزارة برفع دعوى إلى القضاء، وتشكيل لجان تفتيشية بأمر قضائي. 

ويُعاقب صاحب الصالون المخالف وفقاً للمادة 416 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لعام 1969، الذي ينص على أن كل من أحدث أذىً أو مرضاً بآخر، إذا كان ذلك ناشئاً عن إهمال أو رعونة أو عدم انتباه أو عدم احتياط أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة والأوامر، يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين ألف دينار عراقي أو بإحدى هاتين العقوبتين. 

“وتكون عقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين إذا نشأ عن الجريمة عاهة مستديمة”. 

صالونات تتحوّل إلى مراكز تجميل قاتلة 

ليست الصالونات في المناطق السكنية وحدها من تستخدم إبر الفيلر، والتاتو، والبوتوكس. 

أم طه، ومن صالونها المنزلي، تعرض خدماتها في مجال التجميل، إبر نضارة بـ(35 ألف دينار عراقي)، تاتو توريد الشفاه بـ(25 ألف دينار) للجلسة الواحدة، أما إبر الفيلر فتتراوح أسعارها بين (25–40 ألف دينار عراقي). 

وتشير الدكتورة شيماء الكمالي، عضو سابق في نقابة الأطباء، إلى أن مواد التجميل رخيصة الثمن تكون خطيرة جداً، لأنها تدخل البلاد دون رخصة أو موافقات رسمية، وغالباً ما تكون مهرّبة أو منتهية الصلاحية، وتُباع لفئات من ذوي الدخل المحدود. 

وتتحدث الكمالي عن مواد الفيلر رخيصة الثمن المستخدمة في الصالونات، “يوضع الفيلر بالصالونات بسطل، ويسحبون منه بالسرنجات”. 

لا صلاحيات لنقابة الحلاقين بإيقاف عمل الصالونات في حال استخدامها مواد تجميل طبية، وتقول إخلاص فاضل، “نستدعي صاحبة الصالون لمنعها عن ممارسة أي عملية ليست من اختصاصها كحلاقة، وإذا امتنعت، نضطر لتبليغ الجهات الرقابية في وزارة الصحة عنها لاتخاذ الإجراء اللازم”. 

وقد أدى استخدام مواد غير مرخّصة في صالونات الحلاقة غير المتخصصة بالتجميل إلى الكثير من الحوادث، مثل إصابة مروة (39 عاماً) بتهدل الأجفان بعد رسمها تاتو للحاجبين في إحدى صالونات المناطق السكنية في بغداد، مما أدى إلى صعوبة في الرؤية لديها وتطلّب الأمر تدخلاً طبياً. 

شخّص طبيبها الأعراض على أنها ناتجة عن رداءة مادة التاتو المستخدمة، وخضعت لعلاج طويل وباهظ، بينما غادرت صاحبة الصالون الحيّ. 

صعوبة السيطرة على صالونات الحلاقة المنتشرة في المناطق الشعبية والمتواجدة داخل المنازل أدّت إلى انتشار مخاطر صحيّة، وتعوّل النقابة على وعي الناس بعدم زيارة هذه الصالونات. 

وتُعزو فاضل سبب انتشار الصالونات العشوائية إلى ورش الحلاقة المجانية، التي تمنح شهادة للمتدربات بعد أربعة أيام فقط من التدريب. 

وتُقام هذه الدورات من قبل بعض المتعهدين والناشطين، لغرض توفير فرص عمل للعاطلين، إذ يُطلق بعض الناشطين دورات تدريبية لتعليم بعض المهن، ومنها الحلاقة، لكنها بحسب نقيب الحلاقين غير كافية، ويجب أن يخضع الحلاق أو الحلاقة لاختبار النقابة ليكون مؤهلاً لممارسة هذه المهنة الحساسة والخطِرة. 

ويشكّل التهرّب الضريبي سبباً آخر لفتح الصالونات من المنازل، بحسب عبد الحسن. 

ويُشير إلى أن عدد الصالونات التي تمتلك هوية من نقابة الحلاقين بلغ 893 صالوناً فقط لغاية تشرين الأول من عام 2024. 

أما معظم الشكاوى التي ترد للنقابة، فهي بسبب استخدام الصالونات للفلر والبوتوكس، وهو اختصاص أطباء الجلدية. وغالباً ما تُصاب الضحايا بتكتلات وتلف في الشفاه نتيجة حقن مواد رديئة ورخيصة. 

وتُذكر إخلاص فاضل أن علاقة بعض صاحبات الصالونات بالفصائل المسلحة، والعشائر، والأحزاب، تشكّل تهديداً مباشراً على اللجان الرقابية، ما يؤدي لصعوبة محاسبة أصحاب هذه الصالونات. 

أما أنا، وبعد أن راودني القلق من مناشف أم طه الرطبة، وغرفتها المعتمة، وفرشاة الشعر التي تتكتل حولها الخصلات، قررت أن أسألها إن كانت تعقّم أدواتها، فاكتفت بالقول إنها تقوم بغسل الفرش والمكان (أي الغرفة)، عندما تشعر بالحاجة إلى ذلك، واختصرت الأمر بعبارة “الحافظ الله”.