تغريبة العراق الجديد... عن النزوح والتهجير
14 أيار 2024
قصة التهجير القسري والنزوح في العراق وما يرافقها من كوارث آنية ومستقبليّة..
في 13 أيار الماضي، أصدرت “هيومن رايتس ووتش” تقريراً خصصته لمخاطر إغلاق العراق مخيّمات نازحيه، قالت إن إغلاق تلك المخيمات الواقعة في إقليم كردستان بحلول 30 تموز سيهدّد حقوق الكثير من سكانها.
ركز تقرير “رايتس ووتش” على سنجار، التي يشكّل نازحوها النسبة الأكبر من حوالي 157 ألف شخص، ممن يعيشون في 23 بؤرة نزوح في الإقليم.
قال التقرير إن سنجار غير آمنة بعد، وتفتقر إلى الخدمات اللازمة، وهذا ينطبق على أغلب مناطق العراق التي لم يعد سكانها إليها من المخيمات، وعلى كل سكان المخيمات أيضاً.
بدأ النزوح وتفاقم
مبكراً، بعد احتلال العراق عام 2003 ومع انبثاق فرق الموت والفصائل المسلحة والتنظيمات الإرهابية، بدأت عمليات تهجير ونزوح قسري، وتفاقمت، كلّما تفاقمت الحالة الأمنية والسياسية، حتى وصلت حدّاً احتاج معه العراق ما يقارب 185 مخيماً داخلياً لإيواء أعداد مهولة، خلّفها الفشل السياسي والأمني لاسيما بعد عام 2014، حين سيطر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار، ودفع ملايين الناس، بمختلف طوائفهم وقومياتهم، إلى ترك منازلهم هرباً وبحثاً عن ملجأ آمن.
على مدى سنوات العنف والفوضى، لم ينجُ مكوّن اجتماعي في العراق من تجربة التهجير، في ظل فشل السلطات الحكومية بمعالجة الحالة أو التعامل معها، وترافق كل ذلك مع انهيارٍ في المنظومة التعليمية والصحية والقانونية لمجتمعات المخيمات والنازحين، فصارت تتسلل إلى الألسن والأذهان فئة اجتماعية جديدة في العراق، معزولة وموسومة، اسمها “النازحون”.
التهجير.. النزوح
تفصل بين التهجير القسري والنزوح، “قوة قهرية ضاغطة” تهجّر، فتخلق التهجير قسراً، وقد تكون هذه القوة منظّمة مثل “حكومة أو حزب او فصائل مسلحة”، بينما يشير النزوح إلى قرار تتخذه مجموعة اجتماعية معينة أو أفراد، لأسباب كالخلل الأمني أو الاقتصادي في مناطق تواجدهم، يدفعهم لقرار مغادرة مناطقهم وعملهم والنزوح إلى أخرى.
ارتبطت ظاهرة التهجير القسري والنزوح في العراق بعوامل عديدة، أهمها السياسي الذي جاء نتيجة لفشل كبير في إدارة الدولة العراقية؛ فقبل عام 2003 كان التهجير أغلبه بهدف إعادة رسم الديمغرافية الاجتماعية والأمنية العراقية المتعلقة بأمن السلطة وآليات استمرارها، بما يتفق مع الرؤية المركزية لتلك الفترة، بيد أن ظاهرة التهجير والنزوح بعد عام 2003 أخذت مناحيَ أخرى:
التهجير والنزوح الطائفي الذي يستهدف أبناء طائفة أو دين أو قومية بعينها، وساد خلال الفترة بين عام 2004 حتى عام 2014. والتهجير والنزوح جراء الفشل الأمني كما حصل عند احتلال الموصل والفلوجة وتكريت من قبل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” امتدت هذه المرحلة من عام 2014 حتى عام 2017. وهنالك التهجير والنزوح الانتقامي كالسيطرة على منطقة جرف الصخر في محافظة بابل ومنع أهلها من العودة إليها بحجة تعاونهم مع تنظيم إرهابي. وكذلك التهجير والنزوح السياسي والحزبي، والذي يُنفَّذ بهدف تغيير توازن سياسي كما حدث في كركوك قبل 2003 وبعدها. وبالطبع هنالك النزوح الاقتصادي كالهجرات من الريف إلى المدن بحثاً عن عمل وهرباً من تردّي الحال.
رعب الأرقام
بلغ عدد المهجّرين والنازحين، داخل العراق وخارجه، خلال الفترة المحصورة بين عامي 2003 و2020 ما يقارب 7.5 ملايين نازح ومهجر داخلي و1.5 مليون مهاجر خارجي، أي ما يعادل 22.5 بالمئة من سكان العراق -بافتراض أن عدد سكانه 40 مليون نسمة-، وكانت مرحلة ما بين عام 2014 و2017 الأسوأ والأشدّ قسوة وضراوة في تاريخ التهجير والنزوح العراقي على الإطلاق، إذ نزحَ وتهجَّر 3 ملايين فرد بواقع أكثر من 548 ألف عائلة، 40.3 بالمئة منهم من محافظة نينوى و32 بالمئة في الأنبار و15.3 في صلاح الدين، ومن بغداد وأربيل وديالى وبابل وكركوك 12.4 بالمئة من إجمالي حركة النزوح العامة في البلاد (1)، شملت العديد من المكونات الاجتماعية جراء الانهيار في الأوضاع الأمنية.
عن حال المخيّمات
بعد عام 2014، بلغ عدد المخيمات الرسمية وشبه الرسمية في العراق ما يقارب 185 مخيماً كبيراً ومتوسط السعة، موزعات بين إقليم كردستان العراق وباقي المحافظات، احتوت على مئات آلاف النازحين والمهجّرين، أشهرها مخيم الخازر بين أربيل والموصل (مفتوح وقائم حتى كتابة هذه المادة) ومخيم حسن شامي غرب الموصل (مفتوح وقائم) ومخيم الجدعة جنوبي الموصل (مفتوح وقائم) ومخيم بزيبز قرب بغداد (تم إغلاقه مؤخراً) ومخيم العامرية في الأنبار (تم إغلاقه مؤخراً)، حيث أغلقت وزارة الهجرة والمهجرين بالتعاون مع الحكومة العراقية 149 مخيماً حتى عام 2024 عدا إقليم كردستان الذي تبقى فيه 26 مخيماً يحتوي على 36 ألف عائلة (ما يقارب 120 ألف نازح) حسب تقرير للأمم المتحدة صدر في شباط 2023. بواقع 16 مخيماً في دهوك و6 في أربيل و4 في السليمانية. بينما بقي مخيم “الجدعة” دون معالجات جذرية، حيث ينطوي هذا المخيم على أكثر الحالات تعقيداً لكونه محطة استلام أُسر وعائلات أعضاء تنظيم “داعش” المتواجدين في مخيم “الهول” السوري، على أن يجري تأهيل هذه العوائل ضمن برامج، تقول الحكومة إنها رصينة، غير أن الواقع يشير إلى عكس ذلك، خصوصاً مع النتائج الاجتماعية المعقدة التي قد تترتب على تواجد هذه العائلات.
مطلع كانون الثاني 2024 أعلنت الحكومة العراقية أنها تعتزم إغلاق المخيّمات في العراق كافة، بحلول منتصف العام نفسه وبالتنسيق مع إقليم كردستان، وهو إعلان ليس الأول، حيث سبقته حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بإعلان أن عام 2021 سيكون عام إغلاق المخيمات.
العقبات أمام إغلاق المخيّمات
في طريق إغلاق مخيمات العراق، عقبات كبيرة وكثيرة، فعلى الرغم من كل الجهود الحكومية في محاولة إعادة النازحين والمهجرين إلى ديارهم الأصلية حيث تمت إعادة أو إعادة توطين 6 ملايين نازح ومهجر داخلي، ما زال نحو 1.5 مليون بحاجة لعمل كبير على مستويات مختلفة لإعادتهم، وهم ينقسمون على النحو الآتي:
- النازحون والمهجّرون ممن لديهم مشاكل قانونية.
- النازحون والمهجّرون ممن لديهم مشاكل ثأر اجتماعي.
- أُسر تنظيم داعش الإرهابي.
- الأُسر التي تم تدمير منازلها وليس لديها مصدر اقتصادي للعيش.
- نازحون ترفض جهاتٌ مسلحةٌ وحزبية إعادتَهم إلى مناطقهم.
بمختلف تصنيفاتهم، يعيش النازحون ظروفاً صعبة وإهمالاً، خصوصاً مع تقادم قضيتهم، وتواجههم عقبات مثل عدم توفر الأوراق القانونية اللازمة لجميع النازحين والمهجرين، لاسيما ممن انتمى ذووهم لتنظيمات ارهابية، كالأطفال الذين ولدوا بعد عام 2014 لأب انتمى للتنظيمات الإرهابية، حيث تمتنع الجهات الحكومية الرسمية في الكثير من الحالات عن تسوية أوضاعهم قانونياً.
ولا يمكن إغفال تردّي التعليم الذي يتلقاه أطفال المخيمات، فأغلب من لم تتجاوز أعمارهم 7 سنوات حين نزوحهم يعانون الأمّية بعد تجاوز أعمار بعضهم 14 عاماً وهو غير متعلم بسبب عدم امتلاكه أوراقاً ثبوتية، ومن غير الواضح ما هي خطط الحكومة لاحتواء هذه الحالات، لاسيما وأن الظروف الاجتماعية التي عاشها هؤلاء الأطفال في المخيمات صعبة واستثنائية، حيث العزلة والوسم الاجتماعي، ولا تتجاوز معرفة ومعارف هذا الطفل عن العالم حدود المخيم، لذا سيكون، أكثر من غيره، عرضة للتجنيد في عصابات منظمة وميليشيات وجماعات إرهابية وشبكات تسوّل، ولا يمكن إغفال الاستغلال الجنسي داخل المخيمات من قبل الجهات المتنفذة.
ويعاني جزء مهم من النازحين، من مشكلات اجتماعية تتعلق إما بالثأر في مناطقهم القديمة أو بسبب وجود خلافات طائفية وغياب الاستقرار الأمني في مناطقهم الأُم. حيث ماتزال بعض العشائر ترفض عودة أُسر انتمى أبناؤها وذووها للتنظيمات الإرهابية، كما يحدث في بعض مناطق جنوبي الموصل ومحافظة صلاح الدين، فضلاً عن وجود جهاتٍ مسلحة تمنع عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية في سنجار، مثلاً، بسبب انتماء بعض أفراد العشائر العربية السنية للتنظيم بعد عام 2014.
ولا يفصل، بعض ساكني المخيمات، سوى أمتار بسيطة (شارع) عن منطقتهم الأصلية، حيث تُطبِق فصائل مسلحة سيطرتَها على مدن مهجورة من سكانها الأصليين ومدمرة، كجرف الصخر في محافظة بابل ويثرب وطوزخورماتو في محافظة صلاح الدين وسنجار والخازر في محافظة نينوى، وتمنع أهلها من العودة إليها على الرغم من نظافة سجلاتهم الأمنية، في ظل عجز حكومي كبير عن تقديم تعويضات حقيقية وفرض سلطة القانون لمنع هذه الممارسات.
مع كل هذا، لا توجد برامج إدماج قانونية ونفسية واجتماعية حقيقية وكافية لإنهاء هذا الملف وإعادة هذه الفئة الاجتماعية من جديد لبقية المجتمع، لدرجة أن الحكومة تتعامل مع جزء من النازحين (أسر الجماعات الإرهابية وأطفالهم) بطريقة تتنافى مع القانون الدولي الإنساني واتفاقيات الأمم المتحدة، التي لا تحمّل من انتمى آباؤهم وأزواجهم للتنظيمات الإرهابية ذنب المتورّط منهم، بينما تتعرّض هذه العائلات لمحاصرة من قبل الحكومة والفصائل المسلحة والمجتمع.
رصيد سياسي اقتصادي
تمثل المخيمات فرصة سياسية ذهبية كبيرة للعديد من الأحزاب التي تسيطر على مناطق استضافتها، لاسيما المشتركة انتخابياً واجتماعياً منها (مثل نازحي نينوى في إقليم كردستان أو المناطق الشيعية) إذ استفادت العديد من الأحزاب السياسية الشيعية والكردية من وجود النازحين في دوائرهم، لتحصل على مقاعد إضافية في انتخابات 2018 و2021 من خلال إرغام النازحين على انتخاب شخصيات سياسية تابعة للحزب الذي يسيطر في مناطق تواجد المخيمات.
وتراجعت، بعض الشيء، هذه الظاهرة بعد إغلاق 149 مخيماً في مختلف أنحاء العراق قبل انتخابات مجالس المحافظات 2023، لكن ما زال أكثر من 120 ألف نازح، أغلبهم من نينوى، يتواجدون في 26 مخيماً داخل إقليم كردستان، قد تتكرر معهم صور التوظيف الانتخابي.
تستخدم حكومة إقليم كردستان عمليةَ رعاية النازحين واحتوائهم، كفضاء توصل من خلاله رسائل للمنظمات الدولية ودول الغرب: أنها تهتم بهذه المشكلات الإنسانية الخاصة بحقوق الإنسان، وهي طريقة ملفتة بطبيعة الحال، ما يساعد حكومة الإقليم على تعضيد علاقاتها في ملفات سياسية واقتصادية وأمنية أخرى، ما يجعل العديد من الجهات الحكومية العالمية تساند الإقليم وتدعم جهوده السياسية والاقتصادية على حساب منافسين سياسيين.
بالإضافة للاستثمار السياسي اليسير، تُعد المخيمات فرصة اقتصادية كبيرة عبر الدعم الذي يتلقاه النازحون من منح ومساعدات، إذ تُشرف المنظمات المحلية والدولية المتواجدة في مختلف مناطق العراق، ولاسيما في إقليم كردستان، على تجهيز المخيمات بسلالٍ غذائية وأدوية وأمتعة وخيام ومستلزمات عامة للحياة، وأغلب عمليات التجهيز تذهب الى مقاولين يرتبطون بأحزاب سياسية نافذة في مناطق المخيمات. فضلاً عن سكن أغلب الجهات الدولية التي تعمل على ملف النازحين، في فنادق فاخرة، وحاجتهم لشركات أمنية، وهذا يقود للمزيد من المداخيل الاقتصادية السنوية التي تساعد على إنعاش الاقتصاد.
المخاطر الأمنية العابرة للحدود “مخيّم الهول”
حتى عام 2022، احتوى مخيّم الهول، الواقع في محافظة الحسكة السورية شمال شرقي البلاد بالقرب من الحدود العراقية، على ما يقارب 53 ألف نازح متعددي الجنسيات أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، تعمل الجهات الدولية “الأمم المتحدة وحكومة الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي بالتعاون مع الحكومة العراقية وبعض الحكومات الأخرى” على محاولة تفكيك هذا المخيم القريب من محافظة نينوى شمال غربي العراق.
تشكّلَ المخيّم على مراحل مختلفة أثناء نزوح العائلات الهاربة من التنظيم إلى مناطق بعيدة من ثم دخول عائلات التنظيم نفسه، إلى المخيم هرباً من المحاسبة والانتقام، بمعنى ن المخيم لا يحتوي على عائلات التنظيم فقط، لكنّه يشهد نشاطاً واضحاً للأفكار المتطرفة، وبيعات/مبايعات (إعلان الولاء والطاعة) لجيلٍ جديد وصاعد من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، في ظل عدم سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على كل قطاعات المخيم العملاق.
وخلال عام ونصف العام، أسهمت الجهود الدولية والمحلية بإعادة الكثير من النازحين إلى بلدانهم الأصلية مثل (فرنسا وألمانيا وبلجيكا وطاجكستان وباكستان وأستراليا وبولندا وتونس والمغرب والجزائر وليبيا ومصر والسعودية وقطر فضلاً عن العراق) حيث تستقبل الحكومة العراقية، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، عراقيي “الهول” وتنقلهم إلى مخيم “الجدعة” جنوبي الموصل، بموجب اتفاق يُلزم كلَّ دولة باستقبال مواطنيها ومحاسبتهم إن ثبت ارتكابهم جرائم وانتماؤهم لتنظيمات ارهابية، أو دمجهم داخل مجتمعاتهم إن لم يكونوا كذلك.
ليس واضحاً إن كانت الحكومة العراقية تمتلك برامج لمعالجة حال نازحي “الجدعة” لكن الواقع ينفي ذلك حيث لا يمتلك أغلب من تم نقلهم أوراقاً ثبوتية، ولم يُخضع من في المخيم لبرامج إعادة تأهيل، في وقت لا يشي الحال باستقرار في المخيم، حيث يختفي، بين الحين والآخر، أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و 16عاماً من داخل المخيم، وتشير الاحتمالات إلى أن الغرض هو الاتجار بأعضائهم، من قبل جماعات مسلحة تمتلك نفوذاً في تلك الأرض. هذا فضلاً عن هروب البعض من المخيم ودخوله في عمق الصحراء السورية وصحراء العراق ليعود ويندمج مع الجماعات الإرهابية.
المصير المجهول
يُعدُ ملف النازحين والمهجّرين في العراق، من أكثر الملفات تعقيداً وحساسية، بسبب وجود حالات بحاجة لعلاجات مباشرة تتعلق بأسر التنظيم وبدراسة وضعهم ومعالجته، إذ تجب محاكمة من تتوفر حوله أدلة عبر قضاء مستقل، وتأهيل من لم يثبت تورّطه بمأساة العراقيين التي تسبب بها “داعش” والمجاميع الإرهابية الأخرى، لهذا باتت برامج التأهيل الاجتماعي والرعاية الصحية وإعادة التأهيل النفسي والقانوني، ضرورة، ليس من أجل من انتمى أبناؤهم للجماعات الإرهابية فقط، بل من أجل تجنيب المجتمع العراقي، موجات إرهاب ارتدادية جديدة.
ومن أجل المجتمع العراقي وأمنه أيضاً، لا بد من تسوية أوضاع نازحي المناطق المطهّرة عرقياً وطائفياً، بإعادة فرض القانون في تلك المناطق وتهيئتها لعودة أهلها.
* تنشر هذه المادة بالشراكة مع الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية ”نيريج”
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
في 13 أيار الماضي، أصدرت “هيومن رايتس ووتش” تقريراً خصصته لمخاطر إغلاق العراق مخيّمات نازحيه، قالت إن إغلاق تلك المخيمات الواقعة في إقليم كردستان بحلول 30 تموز سيهدّد حقوق الكثير من سكانها.
ركز تقرير “رايتس ووتش” على سنجار، التي يشكّل نازحوها النسبة الأكبر من حوالي 157 ألف شخص، ممن يعيشون في 23 بؤرة نزوح في الإقليم.
قال التقرير إن سنجار غير آمنة بعد، وتفتقر إلى الخدمات اللازمة، وهذا ينطبق على أغلب مناطق العراق التي لم يعد سكانها إليها من المخيمات، وعلى كل سكان المخيمات أيضاً.
بدأ النزوح وتفاقم
مبكراً، بعد احتلال العراق عام 2003 ومع انبثاق فرق الموت والفصائل المسلحة والتنظيمات الإرهابية، بدأت عمليات تهجير ونزوح قسري، وتفاقمت، كلّما تفاقمت الحالة الأمنية والسياسية، حتى وصلت حدّاً احتاج معه العراق ما يقارب 185 مخيماً داخلياً لإيواء أعداد مهولة، خلّفها الفشل السياسي والأمني لاسيما بعد عام 2014، حين سيطر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على محافظات نينوى وصلاح الدين والأنبار، ودفع ملايين الناس، بمختلف طوائفهم وقومياتهم، إلى ترك منازلهم هرباً وبحثاً عن ملجأ آمن.
على مدى سنوات العنف والفوضى، لم ينجُ مكوّن اجتماعي في العراق من تجربة التهجير، في ظل فشل السلطات الحكومية بمعالجة الحالة أو التعامل معها، وترافق كل ذلك مع انهيارٍ في المنظومة التعليمية والصحية والقانونية لمجتمعات المخيمات والنازحين، فصارت تتسلل إلى الألسن والأذهان فئة اجتماعية جديدة في العراق، معزولة وموسومة، اسمها “النازحون”.
التهجير.. النزوح
تفصل بين التهجير القسري والنزوح، “قوة قهرية ضاغطة” تهجّر، فتخلق التهجير قسراً، وقد تكون هذه القوة منظّمة مثل “حكومة أو حزب او فصائل مسلحة”، بينما يشير النزوح إلى قرار تتخذه مجموعة اجتماعية معينة أو أفراد، لأسباب كالخلل الأمني أو الاقتصادي في مناطق تواجدهم، يدفعهم لقرار مغادرة مناطقهم وعملهم والنزوح إلى أخرى.
ارتبطت ظاهرة التهجير القسري والنزوح في العراق بعوامل عديدة، أهمها السياسي الذي جاء نتيجة لفشل كبير في إدارة الدولة العراقية؛ فقبل عام 2003 كان التهجير أغلبه بهدف إعادة رسم الديمغرافية الاجتماعية والأمنية العراقية المتعلقة بأمن السلطة وآليات استمرارها، بما يتفق مع الرؤية المركزية لتلك الفترة، بيد أن ظاهرة التهجير والنزوح بعد عام 2003 أخذت مناحيَ أخرى:
التهجير والنزوح الطائفي الذي يستهدف أبناء طائفة أو دين أو قومية بعينها، وساد خلال الفترة بين عام 2004 حتى عام 2014. والتهجير والنزوح جراء الفشل الأمني كما حصل عند احتلال الموصل والفلوجة وتكريت من قبل تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” امتدت هذه المرحلة من عام 2014 حتى عام 2017. وهنالك التهجير والنزوح الانتقامي كالسيطرة على منطقة جرف الصخر في محافظة بابل ومنع أهلها من العودة إليها بحجة تعاونهم مع تنظيم إرهابي. وكذلك التهجير والنزوح السياسي والحزبي، والذي يُنفَّذ بهدف تغيير توازن سياسي كما حدث في كركوك قبل 2003 وبعدها. وبالطبع هنالك النزوح الاقتصادي كالهجرات من الريف إلى المدن بحثاً عن عمل وهرباً من تردّي الحال.
رعب الأرقام
بلغ عدد المهجّرين والنازحين، داخل العراق وخارجه، خلال الفترة المحصورة بين عامي 2003 و2020 ما يقارب 7.5 ملايين نازح ومهجر داخلي و1.5 مليون مهاجر خارجي، أي ما يعادل 22.5 بالمئة من سكان العراق -بافتراض أن عدد سكانه 40 مليون نسمة-، وكانت مرحلة ما بين عام 2014 و2017 الأسوأ والأشدّ قسوة وضراوة في تاريخ التهجير والنزوح العراقي على الإطلاق، إذ نزحَ وتهجَّر 3 ملايين فرد بواقع أكثر من 548 ألف عائلة، 40.3 بالمئة منهم من محافظة نينوى و32 بالمئة في الأنبار و15.3 في صلاح الدين، ومن بغداد وأربيل وديالى وبابل وكركوك 12.4 بالمئة من إجمالي حركة النزوح العامة في البلاد (1)، شملت العديد من المكونات الاجتماعية جراء الانهيار في الأوضاع الأمنية.
عن حال المخيّمات
بعد عام 2014، بلغ عدد المخيمات الرسمية وشبه الرسمية في العراق ما يقارب 185 مخيماً كبيراً ومتوسط السعة، موزعات بين إقليم كردستان العراق وباقي المحافظات، احتوت على مئات آلاف النازحين والمهجّرين، أشهرها مخيم الخازر بين أربيل والموصل (مفتوح وقائم حتى كتابة هذه المادة) ومخيم حسن شامي غرب الموصل (مفتوح وقائم) ومخيم الجدعة جنوبي الموصل (مفتوح وقائم) ومخيم بزيبز قرب بغداد (تم إغلاقه مؤخراً) ومخيم العامرية في الأنبار (تم إغلاقه مؤخراً)، حيث أغلقت وزارة الهجرة والمهجرين بالتعاون مع الحكومة العراقية 149 مخيماً حتى عام 2024 عدا إقليم كردستان الذي تبقى فيه 26 مخيماً يحتوي على 36 ألف عائلة (ما يقارب 120 ألف نازح) حسب تقرير للأمم المتحدة صدر في شباط 2023. بواقع 16 مخيماً في دهوك و6 في أربيل و4 في السليمانية. بينما بقي مخيم “الجدعة” دون معالجات جذرية، حيث ينطوي هذا المخيم على أكثر الحالات تعقيداً لكونه محطة استلام أُسر وعائلات أعضاء تنظيم “داعش” المتواجدين في مخيم “الهول” السوري، على أن يجري تأهيل هذه العوائل ضمن برامج، تقول الحكومة إنها رصينة، غير أن الواقع يشير إلى عكس ذلك، خصوصاً مع النتائج الاجتماعية المعقدة التي قد تترتب على تواجد هذه العائلات.
مطلع كانون الثاني 2024 أعلنت الحكومة العراقية أنها تعتزم إغلاق المخيّمات في العراق كافة، بحلول منتصف العام نفسه وبالتنسيق مع إقليم كردستان، وهو إعلان ليس الأول، حيث سبقته حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي بإعلان أن عام 2021 سيكون عام إغلاق المخيمات.
العقبات أمام إغلاق المخيّمات
في طريق إغلاق مخيمات العراق، عقبات كبيرة وكثيرة، فعلى الرغم من كل الجهود الحكومية في محاولة إعادة النازحين والمهجرين إلى ديارهم الأصلية حيث تمت إعادة أو إعادة توطين 6 ملايين نازح ومهجر داخلي، ما زال نحو 1.5 مليون بحاجة لعمل كبير على مستويات مختلفة لإعادتهم، وهم ينقسمون على النحو الآتي:
- النازحون والمهجّرون ممن لديهم مشاكل قانونية.
- النازحون والمهجّرون ممن لديهم مشاكل ثأر اجتماعي.
- أُسر تنظيم داعش الإرهابي.
- الأُسر التي تم تدمير منازلها وليس لديها مصدر اقتصادي للعيش.
- نازحون ترفض جهاتٌ مسلحةٌ وحزبية إعادتَهم إلى مناطقهم.
بمختلف تصنيفاتهم، يعيش النازحون ظروفاً صعبة وإهمالاً، خصوصاً مع تقادم قضيتهم، وتواجههم عقبات مثل عدم توفر الأوراق القانونية اللازمة لجميع النازحين والمهجرين، لاسيما ممن انتمى ذووهم لتنظيمات ارهابية، كالأطفال الذين ولدوا بعد عام 2014 لأب انتمى للتنظيمات الإرهابية، حيث تمتنع الجهات الحكومية الرسمية في الكثير من الحالات عن تسوية أوضاعهم قانونياً.
ولا يمكن إغفال تردّي التعليم الذي يتلقاه أطفال المخيمات، فأغلب من لم تتجاوز أعمارهم 7 سنوات حين نزوحهم يعانون الأمّية بعد تجاوز أعمار بعضهم 14 عاماً وهو غير متعلم بسبب عدم امتلاكه أوراقاً ثبوتية، ومن غير الواضح ما هي خطط الحكومة لاحتواء هذه الحالات، لاسيما وأن الظروف الاجتماعية التي عاشها هؤلاء الأطفال في المخيمات صعبة واستثنائية، حيث العزلة والوسم الاجتماعي، ولا تتجاوز معرفة ومعارف هذا الطفل عن العالم حدود المخيم، لذا سيكون، أكثر من غيره، عرضة للتجنيد في عصابات منظمة وميليشيات وجماعات إرهابية وشبكات تسوّل، ولا يمكن إغفال الاستغلال الجنسي داخل المخيمات من قبل الجهات المتنفذة.
ويعاني جزء مهم من النازحين، من مشكلات اجتماعية تتعلق إما بالثأر في مناطقهم القديمة أو بسبب وجود خلافات طائفية وغياب الاستقرار الأمني في مناطقهم الأُم. حيث ماتزال بعض العشائر ترفض عودة أُسر انتمى أبناؤها وذووها للتنظيمات الإرهابية، كما يحدث في بعض مناطق جنوبي الموصل ومحافظة صلاح الدين، فضلاً عن وجود جهاتٍ مسلحة تمنع عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية في سنجار، مثلاً، بسبب انتماء بعض أفراد العشائر العربية السنية للتنظيم بعد عام 2014.
ولا يفصل، بعض ساكني المخيمات، سوى أمتار بسيطة (شارع) عن منطقتهم الأصلية، حيث تُطبِق فصائل مسلحة سيطرتَها على مدن مهجورة من سكانها الأصليين ومدمرة، كجرف الصخر في محافظة بابل ويثرب وطوزخورماتو في محافظة صلاح الدين وسنجار والخازر في محافظة نينوى، وتمنع أهلها من العودة إليها على الرغم من نظافة سجلاتهم الأمنية، في ظل عجز حكومي كبير عن تقديم تعويضات حقيقية وفرض سلطة القانون لمنع هذه الممارسات.
مع كل هذا، لا توجد برامج إدماج قانونية ونفسية واجتماعية حقيقية وكافية لإنهاء هذا الملف وإعادة هذه الفئة الاجتماعية من جديد لبقية المجتمع، لدرجة أن الحكومة تتعامل مع جزء من النازحين (أسر الجماعات الإرهابية وأطفالهم) بطريقة تتنافى مع القانون الدولي الإنساني واتفاقيات الأمم المتحدة، التي لا تحمّل من انتمى آباؤهم وأزواجهم للتنظيمات الإرهابية ذنب المتورّط منهم، بينما تتعرّض هذه العائلات لمحاصرة من قبل الحكومة والفصائل المسلحة والمجتمع.
رصيد سياسي اقتصادي
تمثل المخيمات فرصة سياسية ذهبية كبيرة للعديد من الأحزاب التي تسيطر على مناطق استضافتها، لاسيما المشتركة انتخابياً واجتماعياً منها (مثل نازحي نينوى في إقليم كردستان أو المناطق الشيعية) إذ استفادت العديد من الأحزاب السياسية الشيعية والكردية من وجود النازحين في دوائرهم، لتحصل على مقاعد إضافية في انتخابات 2018 و2021 من خلال إرغام النازحين على انتخاب شخصيات سياسية تابعة للحزب الذي يسيطر في مناطق تواجد المخيمات.
وتراجعت، بعض الشيء، هذه الظاهرة بعد إغلاق 149 مخيماً في مختلف أنحاء العراق قبل انتخابات مجالس المحافظات 2023، لكن ما زال أكثر من 120 ألف نازح، أغلبهم من نينوى، يتواجدون في 26 مخيماً داخل إقليم كردستان، قد تتكرر معهم صور التوظيف الانتخابي.
تستخدم حكومة إقليم كردستان عمليةَ رعاية النازحين واحتوائهم، كفضاء توصل من خلاله رسائل للمنظمات الدولية ودول الغرب: أنها تهتم بهذه المشكلات الإنسانية الخاصة بحقوق الإنسان، وهي طريقة ملفتة بطبيعة الحال، ما يساعد حكومة الإقليم على تعضيد علاقاتها في ملفات سياسية واقتصادية وأمنية أخرى، ما يجعل العديد من الجهات الحكومية العالمية تساند الإقليم وتدعم جهوده السياسية والاقتصادية على حساب منافسين سياسيين.
بالإضافة للاستثمار السياسي اليسير، تُعد المخيمات فرصة اقتصادية كبيرة عبر الدعم الذي يتلقاه النازحون من منح ومساعدات، إذ تُشرف المنظمات المحلية والدولية المتواجدة في مختلف مناطق العراق، ولاسيما في إقليم كردستان، على تجهيز المخيمات بسلالٍ غذائية وأدوية وأمتعة وخيام ومستلزمات عامة للحياة، وأغلب عمليات التجهيز تذهب الى مقاولين يرتبطون بأحزاب سياسية نافذة في مناطق المخيمات. فضلاً عن سكن أغلب الجهات الدولية التي تعمل على ملف النازحين، في فنادق فاخرة، وحاجتهم لشركات أمنية، وهذا يقود للمزيد من المداخيل الاقتصادية السنوية التي تساعد على إنعاش الاقتصاد.
المخاطر الأمنية العابرة للحدود “مخيّم الهول”
حتى عام 2022، احتوى مخيّم الهول، الواقع في محافظة الحسكة السورية شمال شرقي البلاد بالقرب من الحدود العراقية، على ما يقارب 53 ألف نازح متعددي الجنسيات أغلبهم من النساء والأطفال وكبار السن، تعمل الجهات الدولية “الأمم المتحدة وحكومة الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي بالتعاون مع الحكومة العراقية وبعض الحكومات الأخرى” على محاولة تفكيك هذا المخيم القريب من محافظة نينوى شمال غربي العراق.
تشكّلَ المخيّم على مراحل مختلفة أثناء نزوح العائلات الهاربة من التنظيم إلى مناطق بعيدة من ثم دخول عائلات التنظيم نفسه، إلى المخيم هرباً من المحاسبة والانتقام، بمعنى ن المخيم لا يحتوي على عائلات التنظيم فقط، لكنّه يشهد نشاطاً واضحاً للأفكار المتطرفة، وبيعات/مبايعات (إعلان الولاء والطاعة) لجيلٍ جديد وصاعد من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، في ظل عدم سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على كل قطاعات المخيم العملاق.
وخلال عام ونصف العام، أسهمت الجهود الدولية والمحلية بإعادة الكثير من النازحين إلى بلدانهم الأصلية مثل (فرنسا وألمانيا وبلجيكا وطاجكستان وباكستان وأستراليا وبولندا وتونس والمغرب والجزائر وليبيا ومصر والسعودية وقطر فضلاً عن العراق) حيث تستقبل الحكومة العراقية، وبالتعاون مع الأمم المتحدة، عراقيي “الهول” وتنقلهم إلى مخيم “الجدعة” جنوبي الموصل، بموجب اتفاق يُلزم كلَّ دولة باستقبال مواطنيها ومحاسبتهم إن ثبت ارتكابهم جرائم وانتماؤهم لتنظيمات ارهابية، أو دمجهم داخل مجتمعاتهم إن لم يكونوا كذلك.
ليس واضحاً إن كانت الحكومة العراقية تمتلك برامج لمعالجة حال نازحي “الجدعة” لكن الواقع ينفي ذلك حيث لا يمتلك أغلب من تم نقلهم أوراقاً ثبوتية، ولم يُخضع من في المخيم لبرامج إعادة تأهيل، في وقت لا يشي الحال باستقرار في المخيم، حيث يختفي، بين الحين والآخر، أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و 16عاماً من داخل المخيم، وتشير الاحتمالات إلى أن الغرض هو الاتجار بأعضائهم، من قبل جماعات مسلحة تمتلك نفوذاً في تلك الأرض. هذا فضلاً عن هروب البعض من المخيم ودخوله في عمق الصحراء السورية وصحراء العراق ليعود ويندمج مع الجماعات الإرهابية.
المصير المجهول
يُعدُ ملف النازحين والمهجّرين في العراق، من أكثر الملفات تعقيداً وحساسية، بسبب وجود حالات بحاجة لعلاجات مباشرة تتعلق بأسر التنظيم وبدراسة وضعهم ومعالجته، إذ تجب محاكمة من تتوفر حوله أدلة عبر قضاء مستقل، وتأهيل من لم يثبت تورّطه بمأساة العراقيين التي تسبب بها “داعش” والمجاميع الإرهابية الأخرى، لهذا باتت برامج التأهيل الاجتماعي والرعاية الصحية وإعادة التأهيل النفسي والقانوني، ضرورة، ليس من أجل من انتمى أبناؤهم للجماعات الإرهابية فقط، بل من أجل تجنيب المجتمع العراقي، موجات إرهاب ارتدادية جديدة.
ومن أجل المجتمع العراقي وأمنه أيضاً، لا بد من تسوية أوضاع نازحي المناطق المطهّرة عرقياً وطائفياً، بإعادة فرض القانون في تلك المناطق وتهيئتها لعودة أهلها.
* تنشر هذه المادة بالشراكة مع الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية ”نيريج”