قصص مُعاكسة في عيد الشرطة: دعونا لا ننسى "الاختلافيات"

إيهاب شغيدل

08 يناير 2023

هذا يوم الشرطة، يحتفل بأفرادها الجميع، لكني لن أفعل ذلك. فحياتنا ليست على ما يُرام. علاقتنا بالشرطة مُرتبكة، يتخللها قلق، وارتباك، وخوف. الشرطي يتدخل في خصوصياتنا. وطريقة وضعه في الشارع على الحواجز الأمنية كمراقب ومُسائل لحركة كل ذاهب وآيب، تجعله يتسلّى بنا... عن "الاختلافيات" التي نعيش معها كل اليوم..

في ٩ كانون الثاني من كل عام، تُنشر صور دوريات الشرطة مُحاطة بالبالونات، ويظهر رجالها وهم في كامل قيافتهم يوزعون الحلويات على السكان.

هذا يومهم، يحتفل به الجميع، وتكال لهم المدائح على عملهم في ضبط الأمن. لكني لن أفعل ذلك. فحياتنا ليست على ما يُرام. علاقتنا بالشرطة مُرتبكة، يتخللها قلق، وارتباك، وخوف.

الشرطي يتدخل في خصوصياتنا. وطريقة وضعه في الشارع على الحواجز الأمنية كمراقب ومُسائل لحركة كل ذاهب وآيب، تجعله يتسلّى بنا، وتجعله هو أيضاً عرضة للمخاطر الأمنية.

 وتَركاً لتطرّف الأجواء الشتائية والصيفية العراقية، سأروي قصصاً معاكسة عما يُتناول، عادة، في عيد الشرطة. 

شمتريك؟

لا أحد يفلت من قبضة القانون (هذا غير مؤكد). وفي الوقت ذاته، لا أحد يمكنه أن يفلت من اللاقانون أو ما يدعى بـ”الاختلافية”، وهي مزاجية رجل الشرطة الذي يمكنه وضعك في موقف لا تحسد عليه، فما أن تصل السيطرة (الحاجز الأمني) عليك أن تفكر بكل الاحتمالات، وتقدر مزاج الشرطيّ والضابط ومدير السيطرة، وحتى الكلاب البوليسية إن توفرت.. لا أحد يمكنه توفير الطاقة والطريقة اللازمة للتعامل مع الأمر. تبدأ العملية من أسئلة بسيطة، ثم سرعان ما تتحول بشكل دارميّ وغير متوقع إلى نوع جديد من الحياة ستدخلها وأنت مجرد مجرم مدان، أسئلة من قبيل:

ـ من وين جاي؟ 

ـ السيارة باسمك؟ 

ـ وين رايح؟

ـ هويتك؟ 

قد تكون إجابتك، على أيٍّ من هذه الأسئلة، محفوفة بالمخاطر.

فليس للطرفة، أُشيع عن أحد أفراد السيطرات وهو يسأل سؤالاً غريباً “شمتريك”؟ أي ماذا أكلت في الصباح، وهذا ليس للسخرية أو الهزل؛ فهو يود معرفة ذلك بجديّة!

هذه أسئلة، بحسب أحد منتسبي الشرطة العراقية، تُسأل من أجل تقضية الوقت، “عملنا صعب ومعقّد”، يقول الشرطي.

“نقضي الكثير من الوقت في الشارع ففي بعض الأحيان يتطلب أن نُفعّل الخيال ونبتكر ألاعيبَ، قد يكون المواطن ضحيتها”.

في أحد الأيام، حسب ما يروي، كان الجو بارداً لأقصى حد، ولمدة ساعتين لم أتحدث مع بشر، جاء شاب مسرعاً في سيارته، فأوقفته من أجل طرد الملل، سألته: هويتك، وأوراق السيارة، سلّمني الأوراق وكانت سليمة، طلبت منه مثلثاً وطفاية حريق، فقال موجودات، طلبت منه التقدم والعودة للخلف بالعجلة، ثم طلبت منه تشغيل إضاءة العجلة الأمامية والخلفية، لم أجد أيةَ مخالفة مرورية لدى الشاب، رغم أني شرطي ولست رجل مرور، فقلت له بشيء من السخرية: “انطيني خمسة الاف لأني فحصت سيارتك”، وضحكنا، كما يضيف: لكن بعض الحالات قد تخرج عن الإطار الطبيعي؛ فبعض رجال الشرطة لديهم تصرفات، للأسف، تسيء لعملهم في حفظ الأمن. بعض التصرفات لا تمثل إلا أصحابها في آخر الأمر، فنحن من خلفيات متعدّدة وكل إنسان يمثل نفسه، رغم أنك عندما ترتدي الزي، تمثل عملك ووزارتك، لكن هذه الحالات تحدث ولا يمكن أن ننكرها.

منو يكول مو مزورة؟!

ابتكرت السيطرات كحل لضبط الأمن في المُدن العراقية، لكنها صارت أوراماً على الشوارع وفي حياة العراقيين. بسببها نقضي ساعات في الزحام. وعندما نصل إلى السيطرة نصبح بُلهاء، ذاك أننا نتحضّر للتبسم ببلاهة أمام الشرطي الواقف لمساءلتنا. نجيبه عن أكثر الأجوبة خصوصية: “شتعودله؟” يسأل الشرطي أحياناً الجالسين في السيارة في محاولة لإيجاد صلة قرابة بينهم. “زوجتك؟”، يسأل أحياناً إذا شكّ بأن المرأة التي تجلس إلى جانبنا لا تربطنا بها علاقة عقدية.

لكن، وبعد سنوات عجاف، أُزيل الورم الذي كان يقف في طريقي إلى المنزل. الورم الذي سمّم حياة الكثيرين ودفعهم إلى تغيير طريقهم مراراً.

كان هذا الورم هو السيطرة التابعة للقوات الأمنية المثبتة بمحاذاة جدار الأمن العامة في منطقة البلديات في بغداد، وإحدى أكبر كوابيسي منذ سنوات. 

رفعت الأسوار الخرسانية من على الطريق، ويبدو أنني أكثر سكان المدنية فرحاً في رفعها، رغم أن زحامها كان يوفّر بيئة مناسبة لبعض المتسولين.

في العام 2014 كنت عائداً إلى المنزل. وصلت في التكسي إلى السيطرة وأمرنا أحدُ أفرادها بالنزول من أجل التفتيش. امتثلنا لأوامره وفُتشنا. طلب رجل أمن آخر هويتي، أعطيته بطاقة طالب ـ وقتها كنت طالبا في الجامعة المستنصرية ـ قال: “وين جنسيتك”، ويقصد هوية الأحوال المدنية، فأجبته: “تاركها في البيت وهوية الطالب تعتبر ورقة ثبوتية معتمدة”. قال بنبرة حادة: “منو يكول ما مزورة”، بنوع من السخرية قلت: “أنت بوزارة الداخلية وهذه صادرة من وزارة التعليم يمكنك التأكد”، استفزه ردّي وأمر سائق التكسي بالذهاب لأنني المطلوب أو الضحية، أو هكذا عثرت على نفسي فجأة. بقيت في السيطرة شبه محتجز حتّى تأتي ورقة تثبت وجودي كإنسان، أو لنقل كمواطن. 

اتصلت بأهلي ليجلب لي أحدهم هويتي.

أثناء الانتظار، حاول رجل الأمن إخراجي عن السياق؛ أمرني بنزع “الهيدفون”، ثم طلب مني “الوقوف عدل” لأني كنت متكئاً على الحاجز الكونكريتي الخاص بالسيطرة. وبعد قرابة نصف ساعة من سوء المعاملة والنظرات التي تود أن تنتزع مني تصرفاً كي ترميني خلف القضبان، جاء أبي ومعه ما يثبت براءتي وعراقيتي.

أثناء تسليمنا الهوية له، عبّرت عن امتعاضي وسوء المعاملة التي تعرضت لها، رد أحد أفراد السيطرة بشكل منفعل: “موزين خليناك تتصل”! تصاعد الحوار، حوار اختتمه أبي موجهاً نظراته للضابط: “لو ابني عنده لحية ولابس اسود وعنده سيارة بدون ارقام مراح يقف بالسيطرة هذه من الأساس”.

لم يكن تعليق والدي دعوة للتمرّد على السلطات الأمنية، لكنها إشارة لقوة المسلحين وتنفذهم، قبالة مواطنين من الممكن التنكيل بهم متى ما اشتهى مزاج الشرطي ذلك، وهذا معروف لدى كل من مر في شوارعنا بالصدفة حتى.

منذ ذلك المشهد الذي شعرت فيه بهدر كرامتي وسحق الإنسان الذي أنا عليه. صرت أخشى المرور من الشارع المثبت على أسفلته السيطرة إلا للضرورة القصوى. صرت أفضّل الشارع الآخر المؤدي إلى المنزل، رغم أنه أطول، ومزدحم ويكلفني وقتا أكبر للوصول إلى منزلنا. منذ تلك الساعة وأنا أراقب سلوك القوات الأمنية مع المواطنين وأدقق في التفاصيل، ذلك الخوف والتوجس الذي انفجر من هناك صار يلازمني كلما مررت من سيطرة أو رأيت بدلة عسكرية، حتى أكاد أرتبك عندما تطلب هويتي. هويتي التي لم تغادر جيب البنطال منذ تلك الواقعة. ولكثرة عنايتي بهذه البطاقة التي تحمل اسمي، نسيتها مرتين في البنطال وأخذت تدور في الغسالة. إنها هوية مغسولة وجاهزة لإثبات وجودي “انا أحملها؛ إذاً أنا موجود”.

في السلاميات تحولت من عامل إلى مفجر الكرادة

قبل أسبوع من العيد، اجتهد تحسين (فضل الإشارة إلى اسمه الأول فقط) ليجمع أصدقاءه من أجل الذهاب في نزهة إلى كردستان وقضاء إجازة العيد هناك، والاستمتاع والحصول على أيام هانئة. قبل يومين من العيد جهز سبعة من أصدقائه واتفق مع سائق عجلة من نوع ستاركس 11 راكبا، وانطلقوا في رحلة لم يتوقع أنها ستكون الأخيرة في حياته إلى هناك. 

في يومهم الثالث في محافظة أربيل، حدث تفجير الكرادة الشهير الذي جعل أيام العيد سوداء وقاسية، فاجعة لا يمكن نسيانها: جثث متفحمة في مجمع الليث، شباب انصهرت أجسادهم مع الحديد والملابس والحقائب والأحذية، لا يمكن تصور المشهد ذلك حتى عبر الخيال. بنايات في قلب بغداد في الكرادة أكلتها النيران، مضيعة أجساد لا يمكن التعرف عليها إلا عبر فحص DNA، حادثة هزّت الإنسان العراقي من الأعماق ولا يمكن المرور عليها إلا عبر الدمع والألم، رافقتها موجة من الانتقادات الحادة تجاه عمل القوات الأمنية وسوء إدارتها للملف الأمني في بغداد، وفشلها في تأمين حياة العراقيين. انفجر السخط العراقي والغضب من الجهات المكلفة في تأمين الكرادة خصوصاً. أشارت الأنباء إلى أن العجلة كانت قادمة من مكان بعيد، فكيف مرت؟ من تواطأ؟ من المتهم؟ من المقصر؟ من المذنب؟ أجساد يتصاعد منها الدخان وعوائل فقدت أبناءها تبحث عن مذنب أو مقصر من أجل القصاص.

تحسين ورفاقه، وهم كلهم شبّان في العشرينيات أو الثلاثينيات، لم يكن أي منهم جزءاً من المشهد لقلة تواصلهم على الميديا كما يقول، وليس أمامهم سوى انتظار انتهاء أيام العيد من أجل العودة للبيت، وفي فمهم المرارة والحسرة على شبان أذيبت حياتهم تحت الأنقاض والرماد كما يصف.

قرر الشبان السبعة العودة إلى بغداد ومعهم السائق، وشاءت الصدفة أن المجموعة التي خططت لتفجير الكرادة يستقلون سيارة “ستاركس” أو هكذا أشيع، تشبه إلى حد كبير السيارة التي ذهب بها تحسين وأصدقاؤه إلى كردستان.

عند وصولنا إلى سيطرة السلاميات في منطقة ديالى، يقول تحسين، بدون مبرر فتح أحد أفرد الشرطة النار علينا دون سابق إنذار أو مبرر ما يثير الشبهة. توقف سائق العجلة، فيما أخذتنا الأفكار بعيداً عن الحدث، وجدنا أنفسنا في مركز الشرطة نسأل: “ماذا حصل؟” لا أحد يجيب. ما هي إلا دقائق حتى صارت هواتفنا (التي بقيت معنا) تتلقى الاتصالات بكثافة غير معتادة، أجبنا عليها وكان الخبر الذي وصل إلينا عبر الأصدقاء والأقارب: صوركم تملأ الفيسبوك وأنتم متهمون بتفجير الكرادة، قال لي ابن عمي في اتصال: “لك تحسين ناشرين صورتك على النت يكولون القينا القبض على مفجري الكرادة”.

نال الارتباك منا، وخارت قوانا، فكرت لحظتها: هل انتهت حياتي بهذا الشكل؟ كيف تحولت من عامل كاشي إلى إرهابي يمكنه أن يحرق الأجساد؟

لمدة سنة، بحسب تحسين، ونحن على ذمة تحقيق غير واضح. تحرك الأهل والأقارب، وكانت من أصعب أيام حياتي، بعد ذلك أطلق سراحنا، وأقمنا دعوى على الشرطي الذي نشر صورنا لما سببه لنا من ألم. لقد تغيّرت حياتنا بعد هذا الحادث، في السوق والشارع بعض الناس ما تزال تعتقد أن لنا يداً في تفجير الكرادة.

اضطر أحد أصدقاء تحسين الذي في الرحلة، إلى إنقاص وزنه كي يتغير شكله. 

“كان تصرف الشرطي من أصعب الأحداث في حياتي، وحتى الآن كلما فكرت بالأمر، وسألت لماذا فعل ذلك لا أجد تبريراً منطقيّاً”.

“أبو جاسر” في قبضة القانون

ما حدث مع أسامة يختلفُ تماماً عمّا حصل معي ومع تحسين.

الرجلُ، الذي اقترب من منتصف الخمسين من عمره يلقّب بين أصدقائه باسم “أبو جاسر” لجسارته في شبابه، يسهر عادة في شارع السعدون مع مجموعة اعتاد الجلوس معها، ويعود بعد ذلك إلى منزله في شارع حيفا وسط بغداد.

“في أحد الأيام”، يروي، “كان الشارع شبه فارغ، وأنا لم أكن بوضع طبيعي، واضحة علي ملامح الخمر، وكان صوت الأغاني مرتفعا نسبياً”.

وصل أبو جاسر إلى إحدى السيطرات، وحاول استباق أسئلة رجالها المعهودة بجملة: “شلونهم الشباب؟ عمكم مكثّر اليوم”. مباشرة رد أحد أفراد السيطرة: “الله جابك، حتى (من خلفهم سداً ومن فوقهم سداً) متفيدك”.

والقصد كان قوله تعالى في سورة يس (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون”، وهي الجملة القرآنية التي يستخدمها الناس باعتقادهم أنها ستجنّبهم الوقوع بمشكلة. 

  • قلت للشرطي براحتك عمو شتريد بخدمتك. 

“طلب أوراق السيارة وأوراقي الثبوتية، فأمرني بالخروج من السيارة، وطلب مني المشي فمشيت خطوات قليلة”.

“رح نحجز العجلة، لأن أنت مخمور، وأنت تنحجز بالمركز”.

حاول أسامة ترجّيه، “عمي أني رجال عندي ولد وعائلة أستحي شگلهم؟!”

“هذا الإجراء ماكو غيره”، ردّ الشرطي.

حاول أسامة استعطاف الشرطي أكثر، “اني رجال معروف بالمنطقة مو حلوة بحقي تسجني علمود شرب”.

رد شرطي آخر بعصبيّة، “لعد بس تعرف تشرب خرا؟، إذا ما أخلي العراق كله يصيحلك أبو العرك اني كلشي ما أفتهم”.

دخل أبو جاسر في دوامة أفكار سوداوية لا نهاية لها، ولم يعد يعرف كيف يتعامل مع رجال السيطرة.

بعد مرور الوقت، طلب فرد من السيطرة أن يعيد أسامة اختبار المشي، فامتثل للأوامر، وفجأة التفت ووجد أحدهم قد فتح هاتفه المحمول، وبدأ يصوره وهو يمشي، “انزعجت مباشرة، لقد كانت حركة مستفزة”.

“أي إجراء قانوني أني مستعد اسويه، لكن أطلب منكم مسح الفيديو الذي تم تصويره، هذا فعل غير مقبول، أنتم بخدمة الشعب، مو موجودين حتى تفضحوني، اني مراح اغادر السيطرة بدون مسح الفيديوهات، واقيم عليكم دعوى”.

كانت أعصاب أبو جاسر قد انفلتت وحاول ضبطها لتفادي مشكلة كبيرة على وشك أن تحدث. وبعد نصف ساعة من سوء المعاملة والتنمر والضحك والاستهزاء، قال له أحد الشرطة “عمو عندك تدفع مال ريوك؟”.

 مباشرة، وبدون تفكير، عرض أسامة 100 الف دينار.

قال الشرطي “كافي.. جيب”.

اعطاه المبلغ وسمح للرجل الذي مرّت عليه ساعات وهو ينفّذ طلبات الشرطة بالمغادرة.

“ركبت العجلة وذهبت وفي قلبي ألم كبير على الطريقة التي قوبلت بها، كانت طريقة غير إنسانية وتخلو من المروءة والأدب، رغم أنني كنت مخالفًا وأستحق عقوبة، لكن ذلك لا يبرر الرشوة التي قدمتها، ولا يبرر الفيديوهات التي صورت ولا أعرف فيما إذا نشرت أو لا، لكني أتوقع ذلك”.

فردية نعم.. لكنها منتشرة

تحسين وأسامة وأنا لا نستحق ما حصل، وهذه القصص ما هي إلا جزء بسيط مما يحدث يوميّاً، ثمة مخالفات كثيرة تحصل نتيجة لمزاج الأفراد، مخالفات من الممكن أن تطيح بحياة أناس وتغيّر مسار حياتهم. مخالفات قد تجعل من صورة رجل الشرطة وحشاً في نظر عامة الناس، أخطاء لا ينبغي وضعها في خانة العادي.

وبقدر ما تبدو هذه حالات فردية، لكنها منتشرة إلى حدّ يجعلها طريقة للتفكير والعمل، عمل بالإهانة وهدر الكرامة.. أما الرشوة فتحدث أثناء كتابة هذه المادة في العديد من نقاط التفتيش.. فهل ثمة إجراءات يمكن أن تضع حدّاً لكل هذا؟!

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويب؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

في ٩ كانون الثاني من كل عام، تُنشر صور دوريات الشرطة مُحاطة بالبالونات، ويظهر رجالها وهم في كامل قيافتهم يوزعون الحلويات على السكان.

هذا يومهم، يحتفل به الجميع، وتكال لهم المدائح على عملهم في ضبط الأمن. لكني لن أفعل ذلك. فحياتنا ليست على ما يُرام. علاقتنا بالشرطة مُرتبكة، يتخللها قلق، وارتباك، وخوف.

الشرطي يتدخل في خصوصياتنا. وطريقة وضعه في الشارع على الحواجز الأمنية كمراقب ومُسائل لحركة كل ذاهب وآيب، تجعله يتسلّى بنا، وتجعله هو أيضاً عرضة للمخاطر الأمنية.

 وتَركاً لتطرّف الأجواء الشتائية والصيفية العراقية، سأروي قصصاً معاكسة عما يُتناول، عادة، في عيد الشرطة. 

شمتريك؟

لا أحد يفلت من قبضة القانون (هذا غير مؤكد). وفي الوقت ذاته، لا أحد يمكنه أن يفلت من اللاقانون أو ما يدعى بـ”الاختلافية”، وهي مزاجية رجل الشرطة الذي يمكنه وضعك في موقف لا تحسد عليه، فما أن تصل السيطرة (الحاجز الأمني) عليك أن تفكر بكل الاحتمالات، وتقدر مزاج الشرطيّ والضابط ومدير السيطرة، وحتى الكلاب البوليسية إن توفرت.. لا أحد يمكنه توفير الطاقة والطريقة اللازمة للتعامل مع الأمر. تبدأ العملية من أسئلة بسيطة، ثم سرعان ما تتحول بشكل دارميّ وغير متوقع إلى نوع جديد من الحياة ستدخلها وأنت مجرد مجرم مدان، أسئلة من قبيل:

ـ من وين جاي؟ 

ـ السيارة باسمك؟ 

ـ وين رايح؟

ـ هويتك؟ 

قد تكون إجابتك، على أيٍّ من هذه الأسئلة، محفوفة بالمخاطر.

فليس للطرفة، أُشيع عن أحد أفراد السيطرات وهو يسأل سؤالاً غريباً “شمتريك”؟ أي ماذا أكلت في الصباح، وهذا ليس للسخرية أو الهزل؛ فهو يود معرفة ذلك بجديّة!

هذه أسئلة، بحسب أحد منتسبي الشرطة العراقية، تُسأل من أجل تقضية الوقت، “عملنا صعب ومعقّد”، يقول الشرطي.

“نقضي الكثير من الوقت في الشارع ففي بعض الأحيان يتطلب أن نُفعّل الخيال ونبتكر ألاعيبَ، قد يكون المواطن ضحيتها”.

في أحد الأيام، حسب ما يروي، كان الجو بارداً لأقصى حد، ولمدة ساعتين لم أتحدث مع بشر، جاء شاب مسرعاً في سيارته، فأوقفته من أجل طرد الملل، سألته: هويتك، وأوراق السيارة، سلّمني الأوراق وكانت سليمة، طلبت منه مثلثاً وطفاية حريق، فقال موجودات، طلبت منه التقدم والعودة للخلف بالعجلة، ثم طلبت منه تشغيل إضاءة العجلة الأمامية والخلفية، لم أجد أيةَ مخالفة مرورية لدى الشاب، رغم أني شرطي ولست رجل مرور، فقلت له بشيء من السخرية: “انطيني خمسة الاف لأني فحصت سيارتك”، وضحكنا، كما يضيف: لكن بعض الحالات قد تخرج عن الإطار الطبيعي؛ فبعض رجال الشرطة لديهم تصرفات، للأسف، تسيء لعملهم في حفظ الأمن. بعض التصرفات لا تمثل إلا أصحابها في آخر الأمر، فنحن من خلفيات متعدّدة وكل إنسان يمثل نفسه، رغم أنك عندما ترتدي الزي، تمثل عملك ووزارتك، لكن هذه الحالات تحدث ولا يمكن أن ننكرها.

منو يكول مو مزورة؟!

ابتكرت السيطرات كحل لضبط الأمن في المُدن العراقية، لكنها صارت أوراماً على الشوارع وفي حياة العراقيين. بسببها نقضي ساعات في الزحام. وعندما نصل إلى السيطرة نصبح بُلهاء، ذاك أننا نتحضّر للتبسم ببلاهة أمام الشرطي الواقف لمساءلتنا. نجيبه عن أكثر الأجوبة خصوصية: “شتعودله؟” يسأل الشرطي أحياناً الجالسين في السيارة في محاولة لإيجاد صلة قرابة بينهم. “زوجتك؟”، يسأل أحياناً إذا شكّ بأن المرأة التي تجلس إلى جانبنا لا تربطنا بها علاقة عقدية.

لكن، وبعد سنوات عجاف، أُزيل الورم الذي كان يقف في طريقي إلى المنزل. الورم الذي سمّم حياة الكثيرين ودفعهم إلى تغيير طريقهم مراراً.

كان هذا الورم هو السيطرة التابعة للقوات الأمنية المثبتة بمحاذاة جدار الأمن العامة في منطقة البلديات في بغداد، وإحدى أكبر كوابيسي منذ سنوات. 

رفعت الأسوار الخرسانية من على الطريق، ويبدو أنني أكثر سكان المدنية فرحاً في رفعها، رغم أن زحامها كان يوفّر بيئة مناسبة لبعض المتسولين.

في العام 2014 كنت عائداً إلى المنزل. وصلت في التكسي إلى السيطرة وأمرنا أحدُ أفرادها بالنزول من أجل التفتيش. امتثلنا لأوامره وفُتشنا. طلب رجل أمن آخر هويتي، أعطيته بطاقة طالب ـ وقتها كنت طالبا في الجامعة المستنصرية ـ قال: “وين جنسيتك”، ويقصد هوية الأحوال المدنية، فأجبته: “تاركها في البيت وهوية الطالب تعتبر ورقة ثبوتية معتمدة”. قال بنبرة حادة: “منو يكول ما مزورة”، بنوع من السخرية قلت: “أنت بوزارة الداخلية وهذه صادرة من وزارة التعليم يمكنك التأكد”، استفزه ردّي وأمر سائق التكسي بالذهاب لأنني المطلوب أو الضحية، أو هكذا عثرت على نفسي فجأة. بقيت في السيطرة شبه محتجز حتّى تأتي ورقة تثبت وجودي كإنسان، أو لنقل كمواطن. 

اتصلت بأهلي ليجلب لي أحدهم هويتي.

أثناء الانتظار، حاول رجل الأمن إخراجي عن السياق؛ أمرني بنزع “الهيدفون”، ثم طلب مني “الوقوف عدل” لأني كنت متكئاً على الحاجز الكونكريتي الخاص بالسيطرة. وبعد قرابة نصف ساعة من سوء المعاملة والنظرات التي تود أن تنتزع مني تصرفاً كي ترميني خلف القضبان، جاء أبي ومعه ما يثبت براءتي وعراقيتي.

أثناء تسليمنا الهوية له، عبّرت عن امتعاضي وسوء المعاملة التي تعرضت لها، رد أحد أفراد السيطرة بشكل منفعل: “موزين خليناك تتصل”! تصاعد الحوار، حوار اختتمه أبي موجهاً نظراته للضابط: “لو ابني عنده لحية ولابس اسود وعنده سيارة بدون ارقام مراح يقف بالسيطرة هذه من الأساس”.

لم يكن تعليق والدي دعوة للتمرّد على السلطات الأمنية، لكنها إشارة لقوة المسلحين وتنفذهم، قبالة مواطنين من الممكن التنكيل بهم متى ما اشتهى مزاج الشرطي ذلك، وهذا معروف لدى كل من مر في شوارعنا بالصدفة حتى.

منذ ذلك المشهد الذي شعرت فيه بهدر كرامتي وسحق الإنسان الذي أنا عليه. صرت أخشى المرور من الشارع المثبت على أسفلته السيطرة إلا للضرورة القصوى. صرت أفضّل الشارع الآخر المؤدي إلى المنزل، رغم أنه أطول، ومزدحم ويكلفني وقتا أكبر للوصول إلى منزلنا. منذ تلك الساعة وأنا أراقب سلوك القوات الأمنية مع المواطنين وأدقق في التفاصيل، ذلك الخوف والتوجس الذي انفجر من هناك صار يلازمني كلما مررت من سيطرة أو رأيت بدلة عسكرية، حتى أكاد أرتبك عندما تطلب هويتي. هويتي التي لم تغادر جيب البنطال منذ تلك الواقعة. ولكثرة عنايتي بهذه البطاقة التي تحمل اسمي، نسيتها مرتين في البنطال وأخذت تدور في الغسالة. إنها هوية مغسولة وجاهزة لإثبات وجودي “انا أحملها؛ إذاً أنا موجود”.

في السلاميات تحولت من عامل إلى مفجر الكرادة

قبل أسبوع من العيد، اجتهد تحسين (فضل الإشارة إلى اسمه الأول فقط) ليجمع أصدقاءه من أجل الذهاب في نزهة إلى كردستان وقضاء إجازة العيد هناك، والاستمتاع والحصول على أيام هانئة. قبل يومين من العيد جهز سبعة من أصدقائه واتفق مع سائق عجلة من نوع ستاركس 11 راكبا، وانطلقوا في رحلة لم يتوقع أنها ستكون الأخيرة في حياته إلى هناك. 

في يومهم الثالث في محافظة أربيل، حدث تفجير الكرادة الشهير الذي جعل أيام العيد سوداء وقاسية، فاجعة لا يمكن نسيانها: جثث متفحمة في مجمع الليث، شباب انصهرت أجسادهم مع الحديد والملابس والحقائب والأحذية، لا يمكن تصور المشهد ذلك حتى عبر الخيال. بنايات في قلب بغداد في الكرادة أكلتها النيران، مضيعة أجساد لا يمكن التعرف عليها إلا عبر فحص DNA، حادثة هزّت الإنسان العراقي من الأعماق ولا يمكن المرور عليها إلا عبر الدمع والألم، رافقتها موجة من الانتقادات الحادة تجاه عمل القوات الأمنية وسوء إدارتها للملف الأمني في بغداد، وفشلها في تأمين حياة العراقيين. انفجر السخط العراقي والغضب من الجهات المكلفة في تأمين الكرادة خصوصاً. أشارت الأنباء إلى أن العجلة كانت قادمة من مكان بعيد، فكيف مرت؟ من تواطأ؟ من المتهم؟ من المقصر؟ من المذنب؟ أجساد يتصاعد منها الدخان وعوائل فقدت أبناءها تبحث عن مذنب أو مقصر من أجل القصاص.

تحسين ورفاقه، وهم كلهم شبّان في العشرينيات أو الثلاثينيات، لم يكن أي منهم جزءاً من المشهد لقلة تواصلهم على الميديا كما يقول، وليس أمامهم سوى انتظار انتهاء أيام العيد من أجل العودة للبيت، وفي فمهم المرارة والحسرة على شبان أذيبت حياتهم تحت الأنقاض والرماد كما يصف.

قرر الشبان السبعة العودة إلى بغداد ومعهم السائق، وشاءت الصدفة أن المجموعة التي خططت لتفجير الكرادة يستقلون سيارة “ستاركس” أو هكذا أشيع، تشبه إلى حد كبير السيارة التي ذهب بها تحسين وأصدقاؤه إلى كردستان.

عند وصولنا إلى سيطرة السلاميات في منطقة ديالى، يقول تحسين، بدون مبرر فتح أحد أفرد الشرطة النار علينا دون سابق إنذار أو مبرر ما يثير الشبهة. توقف سائق العجلة، فيما أخذتنا الأفكار بعيداً عن الحدث، وجدنا أنفسنا في مركز الشرطة نسأل: “ماذا حصل؟” لا أحد يجيب. ما هي إلا دقائق حتى صارت هواتفنا (التي بقيت معنا) تتلقى الاتصالات بكثافة غير معتادة، أجبنا عليها وكان الخبر الذي وصل إلينا عبر الأصدقاء والأقارب: صوركم تملأ الفيسبوك وأنتم متهمون بتفجير الكرادة، قال لي ابن عمي في اتصال: “لك تحسين ناشرين صورتك على النت يكولون القينا القبض على مفجري الكرادة”.

نال الارتباك منا، وخارت قوانا، فكرت لحظتها: هل انتهت حياتي بهذا الشكل؟ كيف تحولت من عامل كاشي إلى إرهابي يمكنه أن يحرق الأجساد؟

لمدة سنة، بحسب تحسين، ونحن على ذمة تحقيق غير واضح. تحرك الأهل والأقارب، وكانت من أصعب أيام حياتي، بعد ذلك أطلق سراحنا، وأقمنا دعوى على الشرطي الذي نشر صورنا لما سببه لنا من ألم. لقد تغيّرت حياتنا بعد هذا الحادث، في السوق والشارع بعض الناس ما تزال تعتقد أن لنا يداً في تفجير الكرادة.

اضطر أحد أصدقاء تحسين الذي في الرحلة، إلى إنقاص وزنه كي يتغير شكله. 

“كان تصرف الشرطي من أصعب الأحداث في حياتي، وحتى الآن كلما فكرت بالأمر، وسألت لماذا فعل ذلك لا أجد تبريراً منطقيّاً”.

“أبو جاسر” في قبضة القانون

ما حدث مع أسامة يختلفُ تماماً عمّا حصل معي ومع تحسين.

الرجلُ، الذي اقترب من منتصف الخمسين من عمره يلقّب بين أصدقائه باسم “أبو جاسر” لجسارته في شبابه، يسهر عادة في شارع السعدون مع مجموعة اعتاد الجلوس معها، ويعود بعد ذلك إلى منزله في شارع حيفا وسط بغداد.

“في أحد الأيام”، يروي، “كان الشارع شبه فارغ، وأنا لم أكن بوضع طبيعي، واضحة علي ملامح الخمر، وكان صوت الأغاني مرتفعا نسبياً”.

وصل أبو جاسر إلى إحدى السيطرات، وحاول استباق أسئلة رجالها المعهودة بجملة: “شلونهم الشباب؟ عمكم مكثّر اليوم”. مباشرة رد أحد أفراد السيطرة: “الله جابك، حتى (من خلفهم سداً ومن فوقهم سداً) متفيدك”.

والقصد كان قوله تعالى في سورة يس (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون”، وهي الجملة القرآنية التي يستخدمها الناس باعتقادهم أنها ستجنّبهم الوقوع بمشكلة. 

  • قلت للشرطي براحتك عمو شتريد بخدمتك. 

“طلب أوراق السيارة وأوراقي الثبوتية، فأمرني بالخروج من السيارة، وطلب مني المشي فمشيت خطوات قليلة”.

“رح نحجز العجلة، لأن أنت مخمور، وأنت تنحجز بالمركز”.

حاول أسامة ترجّيه، “عمي أني رجال عندي ولد وعائلة أستحي شگلهم؟!”

“هذا الإجراء ماكو غيره”، ردّ الشرطي.

حاول أسامة استعطاف الشرطي أكثر، “اني رجال معروف بالمنطقة مو حلوة بحقي تسجني علمود شرب”.

رد شرطي آخر بعصبيّة، “لعد بس تعرف تشرب خرا؟، إذا ما أخلي العراق كله يصيحلك أبو العرك اني كلشي ما أفتهم”.

دخل أبو جاسر في دوامة أفكار سوداوية لا نهاية لها، ولم يعد يعرف كيف يتعامل مع رجال السيطرة.

بعد مرور الوقت، طلب فرد من السيطرة أن يعيد أسامة اختبار المشي، فامتثل للأوامر، وفجأة التفت ووجد أحدهم قد فتح هاتفه المحمول، وبدأ يصوره وهو يمشي، “انزعجت مباشرة، لقد كانت حركة مستفزة”.

“أي إجراء قانوني أني مستعد اسويه، لكن أطلب منكم مسح الفيديو الذي تم تصويره، هذا فعل غير مقبول، أنتم بخدمة الشعب، مو موجودين حتى تفضحوني، اني مراح اغادر السيطرة بدون مسح الفيديوهات، واقيم عليكم دعوى”.

كانت أعصاب أبو جاسر قد انفلتت وحاول ضبطها لتفادي مشكلة كبيرة على وشك أن تحدث. وبعد نصف ساعة من سوء المعاملة والتنمر والضحك والاستهزاء، قال له أحد الشرطة “عمو عندك تدفع مال ريوك؟”.

 مباشرة، وبدون تفكير، عرض أسامة 100 الف دينار.

قال الشرطي “كافي.. جيب”.

اعطاه المبلغ وسمح للرجل الذي مرّت عليه ساعات وهو ينفّذ طلبات الشرطة بالمغادرة.

“ركبت العجلة وذهبت وفي قلبي ألم كبير على الطريقة التي قوبلت بها، كانت طريقة غير إنسانية وتخلو من المروءة والأدب، رغم أنني كنت مخالفًا وأستحق عقوبة، لكن ذلك لا يبرر الرشوة التي قدمتها، ولا يبرر الفيديوهات التي صورت ولا أعرف فيما إذا نشرت أو لا، لكني أتوقع ذلك”.

فردية نعم.. لكنها منتشرة

تحسين وأسامة وأنا لا نستحق ما حصل، وهذه القصص ما هي إلا جزء بسيط مما يحدث يوميّاً، ثمة مخالفات كثيرة تحصل نتيجة لمزاج الأفراد، مخالفات من الممكن أن تطيح بحياة أناس وتغيّر مسار حياتهم. مخالفات قد تجعل من صورة رجل الشرطة وحشاً في نظر عامة الناس، أخطاء لا ينبغي وضعها في خانة العادي.

وبقدر ما تبدو هذه حالات فردية، لكنها منتشرة إلى حدّ يجعلها طريقة للتفكير والعمل، عمل بالإهانة وهدر الكرامة.. أما الرشوة فتحدث أثناء كتابة هذه المادة في العديد من نقاط التفتيش.. فهل ثمة إجراءات يمكن أن تضع حدّاً لكل هذا؟!