المالكي أمام القضاء في قضية التسجيل المسرب: "ربع ساعة تحقيق وكفالة شخصية!"
13 تشرين الثاني 2022
قضيّة التسجيلات المسربة لنوري المالكي لم تثر أسئلة كثيرة لدى قاضي تحقيق محكمة الكرخ الثالثة، فزعيم ائتلاف دولة القانون لم يجلس على كرسي التحقيق أكثر من ربع ساعة..
صباح 11 تشرين الأوّل 2022، وصل نوري المالكي إلى محكمة الكرخ في بغداد للمثول أمام قاضي التحقيق في قضيّة التسجيل الصوتيّ المُسرّب الذي أثار جدلاً واسعاً في العراق.
جاء رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون يُرافقه رتل سيّارات مُصفّحة، ورجال حماية مدججون بالأسلحة، ومحامون عدّة.
ترجّل المالكي ودخل البوابة الرئيسة للمحكمة.
كان في استقباله قاضي تحقيق محكمة الكرخ الثالثة، الذي قرّر إجراء التحقيق معه في غرفة رئيس محكمة الاستئناف.
مصير المالكي بين خصومه وأعدائه
كان على طاولة قاضي التحقيق تُهم عديدة ضد المالكي، منها “التخابر” مع دولة خارجيّة لتأسيس فصيل مسلح جديد يأتمر بإمرة إيران، وتهديدات بتعكير السلم الأهلي، واستخدام خطاب طائفي، وتوجيه إساءة واتهامات لبعض رجال الدين والسياسة وتحقير للقوات المسلّحة العراقية.
فخلال التسجيل الذي نشره المدوّن علي فاضل ويبلغ طوله 48 دقيقة، ظهر المالكي وهو يتحدّث مع قادة فصيل مسلّح يدعى “لواء أئمة البقيع” عن الوضع السياسي والأمني في البلاد، وأخذ يعطيهم نصائح في البحث عن التمويل، وفي العمل المسلّح داخل العراق.
قال المالكي في التسجيل المسرب إن المرحلة المقبلة هي مرحلة قتال، وهدّد بالهجوم على النجف. وظهر رئيس الوزراء الأسبق واثقاً بالقول إن الجيش والشرطة لا يُعتمد عليهما في ضبط الأوضاع الأمنية.
كما وصف الحشد الشعبي بـ”أمة الجبناء”، فيما اتهم مسعود بارزاني بـ”ضرب الشيعة” من خلال تحالفه مع القوى السُنيّة والتقرّب من مقتدى الصدر واحتوائه.
على صفحته في تويتر، نفى المالكي صحّة التسجيل، وقال إنه مُفبرك.
أما حلفاؤه فتحايلوا في الإجابة على الأسئلة المتعلّقة بالتسجيل المسرب التي وجّهت لهم على وسائل الإعلام، وبعضهم قال إنها مؤامرة لتفكيك الإطار التنسيقي الشيعي، الخيمة السياسيّة للقوى والفصائل الشيعية المُسلّحة.
لكن خصومه كان لديهم يقين بسقوطه.
عدّ هؤلاء التسريبات، والطريقة التي تحدَّث بها المالكي، ضربة قاضية للأخير في العمل السياسي. اعتقد كثيرون أن “أبو إسراء”’ كما يلقّبه أنصاره، أُحيل إلى التقاعد بطريقة مُهينة.
لكن المالكي لم يخسر في السياسة، إذ كان أول الرابحين من تشكيل الحكومة الجديدة التي يديرها محمّد شياع السوداني، بعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان واعتكاف زعيمه مقتدى الصدر في النجف.
كما أن المالكي لم يتعرّض لمساءلة قضائيّة جادة وحاسمة لمصيره.
تحقيق ربع ساعة!
على الرغم من فداحة التسجيل الصوتيّ، وضجته الكبيرة في الأوساط السياسية والاجتماعية، لم يكن لدى قاضي التحقيق -على ما يبدو- أسئلة تُطيل جلوس المالكي على كرسي التحقيق.
“كان التحقيق روتينيا وسريعا جدّاً”، قال قاضٍ لـ”جمار” كان يتواجد في المحكمة في ذلك اليوم.
دامت جلسة التحقيق مع “مختار العصر”، كما يُسميّه أشد مناصريه، نحو 15 دقيقة.
بعدها، وقّع المالكي كفالته بنفسه، وعاد إلى منزله في المنطقة الخضراء، الذي كان مُهدداً بالاقتحام في آب الماضي عندما كان الصدريون يعتصمون في مبنى البرلمان ومقترباته.
حاول “جمّار” الحصول على تعليق من مجلس القضاء الأعلى بخصوص المعلومات التي حصل عليها من مصادره بشأن جلسة التحقيق، إلا أن المجلس لا يملك متحدّثاً باسمه، والقضاة غير مُصرِّح لهم بالحديث للإعلام.
قال محاميان، سبق وأن راقبا القضايا التي تورط بها سياسيون، إن التحقيق مع السياسيين عادة يجري بهذه الطريقة غير الجدية.
الإجراء اللاحق للتحقيق
لا يحّدد القانون العراقي مُدّة زمنيّة لإجراء المُحاكمة بعد التحقيق مع المُتهم وخروجه بكفالة.
تنتظر المحكمة، عادة، اكتمال جميع الأدلة لتستطيع الشروع بتوجيه لائحة الاتهامات، وتحديد موعد المحاكمة.
وفي قضيّة المالكي، فإن الإجراءات تسير في مسارين: تحليلي يعتمد على تحليل التسجيل وتأكيد صحّته، والثاني هو الحصول على شهادة علي فاضل الذي قام بنشر التسجيل الصوتي.
وقد أرسلت المحكمة التسجيل إلى قسم التحليل الجنائي ليجري مُطابقة للصوت والتثبّت من أنه صوت المالكي.
ولا يُعرف على وجه التحديد الإجراءات التي سيمرّ بها التسجيل الصوتي، ولا تاريخ التوصّل إلى نتيجة.
من جانب آخر، طلب علي فاضل للشهادة ليس بالأمر السهل، فقد اشترط المدوّن، الذي أثارت تسريباته في الأشهر الأخيرة جدلاً كبيراً في العراق، تدوين أقواله في السفارة العراقية في واشنطن حصراً.
على الرغم من ذلك، أكد أحمد الصحاف، المتحدّث باسم وزارة الخارجية، إيصال بلاغ محكمة الكرخ إلى علي فاضل للحضور للشهادة.
المدعون: لا مستجدات
التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، أكثر المُتحرّكين ضد المالكي في القضاء لمحاكمته.
قبل أن يرفع دعوى ضده، دعا مقتدى الصدر المالكي إلى تقديم نفسه للقضاء واعتزال السياسة.
بعدها، حرّك نصّار الربيعي، القيادي في التيار، شكوى ضد زعيم ائتلاف دولة القانون، ولحقه بعدها مواطنون عدّة يُرجح أنهم من أنصار الصدر.
لكن من تبنى القضيّة في الأخير هو الادعاء العام.
قال نصار الربيعي “لا مستجدات في القضية”، لكنه استدرك بالقول “التيار الصدري مستمر بالدعوى ضد المالكي ولن يتراجع لحين حسمها”.
بيد أن الوقت قد يطول.
“قد يستغرق الأمر شهوراً أو حتّى أعواماً”، قال الخبير القانوني فيصل ريكان وهو يشرح بشأن المدة الزمنيّة التي ستتخذها قضية المالكي في أروقة المحاكم والتحليل الجنائي.
قال المحاميان إن المالكي يجب أن تتم محاكمته وفق قانونين شديدي العقوبات، وهما مكافحة الإرهاب، وقانون العقوبات.
وفق الرجلين اللذين تابعا القضيّة، ورفضا الإشارة إلى اسميهما خوفاً من تعرّضهما لمضايقات، فإنه في الوضع الطبيعي، يُمكن أن يُحكم على المالكي بالإعدام أو السجن المؤبد لأنه يُدبّر لمؤامرة اعترف بها، وأراد من خلالها استخدام السلاح وتهديد السلم الأهلي.
لكن المحاميين أشارا إلى أن القضاء دائماً ما يتهاون مع السياسيين في الأحكام، إذا حكم عليهم في الأساس.
المالكي.. تاريخ الإفلات من العقاب
لطالما كان الوقت لصالح نوري المالكي في القضايا التي تورّط فيها.
تولى المالكي رئاسة مجلس الوزراء لولايتين (2006- 2014)، وهي أطول فترة شغلها رئيس وزراء في النظام السياسي الذي تأسس بعد غزو العراق في نيسان عام 2003.
اتهم المالكي، خلال حكمه، بإضعاف المؤسسة العسكرية، والتهاون في تفشّي الفساد في مؤسسات الدولة، وإدارة مؤسسات الدولة على أساس طائفي، واستخدام حاشيته وأقاربه في إدارة المناصب الإدارية الحساسة.
أدّت سياسات المالكي إلى سقوط نحو ثلث مساحة العراق بيد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في حزيران عام 2014.
تشرّد الملايين من أهل المحافظات الشمالية والغربيّة، ودُمرت مدن بكاملها، وهُدّدت حدود بغداد.
أجرى البرلمان العراقي، إثر ذلك، تحقيقاً موسعاً في الأسباب التي أدت إلى سقوط الموصل بيد “داعش”، وحمّل المالكي و35 مسؤولاً كبيراً مسؤولية تسليم واحدة من أهم مُدن العراق للتنظيم المتطرف.
أحال البيت التشريعي التقرير إلى مجلس القضاء الأعلى.
أزعج تقرير البرلمان المالكي، لكنه لم يبد خوفاً منه، واكتفى بوصفه بأنه “لا قيمة” له.
وعلى الرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على ذلك الحدث المدوي، إلا أن القضاء لم يتخذ إجراءات تُذكر بشأن رئيس الوزراء الأسبق.
قال أحد المحاميين “ربما ستندثر قضيّة التسجيل المسرب مثل غيرها”، فيما أشار الآخر إلى أن “القضايا التي يتورط فيها سياسيون لا تخضع لسلطة القانون بشكل حقيقي..”.
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
صباح 11 تشرين الأوّل 2022، وصل نوري المالكي إلى محكمة الكرخ في بغداد للمثول أمام قاضي التحقيق في قضيّة التسجيل الصوتيّ المُسرّب الذي أثار جدلاً واسعاً في العراق.
جاء رئيس الوزراء الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون يُرافقه رتل سيّارات مُصفّحة، ورجال حماية مدججون بالأسلحة، ومحامون عدّة.
ترجّل المالكي ودخل البوابة الرئيسة للمحكمة.
كان في استقباله قاضي تحقيق محكمة الكرخ الثالثة، الذي قرّر إجراء التحقيق معه في غرفة رئيس محكمة الاستئناف.
مصير المالكي بين خصومه وأعدائه
كان على طاولة قاضي التحقيق تُهم عديدة ضد المالكي، منها “التخابر” مع دولة خارجيّة لتأسيس فصيل مسلح جديد يأتمر بإمرة إيران، وتهديدات بتعكير السلم الأهلي، واستخدام خطاب طائفي، وتوجيه إساءة واتهامات لبعض رجال الدين والسياسة وتحقير للقوات المسلّحة العراقية.
فخلال التسجيل الذي نشره المدوّن علي فاضل ويبلغ طوله 48 دقيقة، ظهر المالكي وهو يتحدّث مع قادة فصيل مسلّح يدعى “لواء أئمة البقيع” عن الوضع السياسي والأمني في البلاد، وأخذ يعطيهم نصائح في البحث عن التمويل، وفي العمل المسلّح داخل العراق.
قال المالكي في التسجيل المسرب إن المرحلة المقبلة هي مرحلة قتال، وهدّد بالهجوم على النجف. وظهر رئيس الوزراء الأسبق واثقاً بالقول إن الجيش والشرطة لا يُعتمد عليهما في ضبط الأوضاع الأمنية.
كما وصف الحشد الشعبي بـ”أمة الجبناء”، فيما اتهم مسعود بارزاني بـ”ضرب الشيعة” من خلال تحالفه مع القوى السُنيّة والتقرّب من مقتدى الصدر واحتوائه.
على صفحته في تويتر، نفى المالكي صحّة التسجيل، وقال إنه مُفبرك.
أما حلفاؤه فتحايلوا في الإجابة على الأسئلة المتعلّقة بالتسجيل المسرب التي وجّهت لهم على وسائل الإعلام، وبعضهم قال إنها مؤامرة لتفكيك الإطار التنسيقي الشيعي، الخيمة السياسيّة للقوى والفصائل الشيعية المُسلّحة.
لكن خصومه كان لديهم يقين بسقوطه.
عدّ هؤلاء التسريبات، والطريقة التي تحدَّث بها المالكي، ضربة قاضية للأخير في العمل السياسي. اعتقد كثيرون أن “أبو إسراء”’ كما يلقّبه أنصاره، أُحيل إلى التقاعد بطريقة مُهينة.
لكن المالكي لم يخسر في السياسة، إذ كان أول الرابحين من تشكيل الحكومة الجديدة التي يديرها محمّد شياع السوداني، بعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان واعتكاف زعيمه مقتدى الصدر في النجف.
كما أن المالكي لم يتعرّض لمساءلة قضائيّة جادة وحاسمة لمصيره.
تحقيق ربع ساعة!
على الرغم من فداحة التسجيل الصوتيّ، وضجته الكبيرة في الأوساط السياسية والاجتماعية، لم يكن لدى قاضي التحقيق -على ما يبدو- أسئلة تُطيل جلوس المالكي على كرسي التحقيق.
“كان التحقيق روتينيا وسريعا جدّاً”، قال قاضٍ لـ”جمار” كان يتواجد في المحكمة في ذلك اليوم.
دامت جلسة التحقيق مع “مختار العصر”، كما يُسميّه أشد مناصريه، نحو 15 دقيقة.
بعدها، وقّع المالكي كفالته بنفسه، وعاد إلى منزله في المنطقة الخضراء، الذي كان مُهدداً بالاقتحام في آب الماضي عندما كان الصدريون يعتصمون في مبنى البرلمان ومقترباته.
حاول “جمّار” الحصول على تعليق من مجلس القضاء الأعلى بخصوص المعلومات التي حصل عليها من مصادره بشأن جلسة التحقيق، إلا أن المجلس لا يملك متحدّثاً باسمه، والقضاة غير مُصرِّح لهم بالحديث للإعلام.
قال محاميان، سبق وأن راقبا القضايا التي تورط بها سياسيون، إن التحقيق مع السياسيين عادة يجري بهذه الطريقة غير الجدية.
الإجراء اللاحق للتحقيق
لا يحّدد القانون العراقي مُدّة زمنيّة لإجراء المُحاكمة بعد التحقيق مع المُتهم وخروجه بكفالة.
تنتظر المحكمة، عادة، اكتمال جميع الأدلة لتستطيع الشروع بتوجيه لائحة الاتهامات، وتحديد موعد المحاكمة.
وفي قضيّة المالكي، فإن الإجراءات تسير في مسارين: تحليلي يعتمد على تحليل التسجيل وتأكيد صحّته، والثاني هو الحصول على شهادة علي فاضل الذي قام بنشر التسجيل الصوتي.
وقد أرسلت المحكمة التسجيل إلى قسم التحليل الجنائي ليجري مُطابقة للصوت والتثبّت من أنه صوت المالكي.
ولا يُعرف على وجه التحديد الإجراءات التي سيمرّ بها التسجيل الصوتي، ولا تاريخ التوصّل إلى نتيجة.
من جانب آخر، طلب علي فاضل للشهادة ليس بالأمر السهل، فقد اشترط المدوّن، الذي أثارت تسريباته في الأشهر الأخيرة جدلاً كبيراً في العراق، تدوين أقواله في السفارة العراقية في واشنطن حصراً.
على الرغم من ذلك، أكد أحمد الصحاف، المتحدّث باسم وزارة الخارجية، إيصال بلاغ محكمة الكرخ إلى علي فاضل للحضور للشهادة.
المدعون: لا مستجدات
التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، أكثر المُتحرّكين ضد المالكي في القضاء لمحاكمته.
قبل أن يرفع دعوى ضده، دعا مقتدى الصدر المالكي إلى تقديم نفسه للقضاء واعتزال السياسة.
بعدها، حرّك نصّار الربيعي، القيادي في التيار، شكوى ضد زعيم ائتلاف دولة القانون، ولحقه بعدها مواطنون عدّة يُرجح أنهم من أنصار الصدر.
لكن من تبنى القضيّة في الأخير هو الادعاء العام.
قال نصار الربيعي “لا مستجدات في القضية”، لكنه استدرك بالقول “التيار الصدري مستمر بالدعوى ضد المالكي ولن يتراجع لحين حسمها”.
بيد أن الوقت قد يطول.
“قد يستغرق الأمر شهوراً أو حتّى أعواماً”، قال الخبير القانوني فيصل ريكان وهو يشرح بشأن المدة الزمنيّة التي ستتخذها قضية المالكي في أروقة المحاكم والتحليل الجنائي.
قال المحاميان إن المالكي يجب أن تتم محاكمته وفق قانونين شديدي العقوبات، وهما مكافحة الإرهاب، وقانون العقوبات.
وفق الرجلين اللذين تابعا القضيّة، ورفضا الإشارة إلى اسميهما خوفاً من تعرّضهما لمضايقات، فإنه في الوضع الطبيعي، يُمكن أن يُحكم على المالكي بالإعدام أو السجن المؤبد لأنه يُدبّر لمؤامرة اعترف بها، وأراد من خلالها استخدام السلاح وتهديد السلم الأهلي.
لكن المحاميين أشارا إلى أن القضاء دائماً ما يتهاون مع السياسيين في الأحكام، إذا حكم عليهم في الأساس.
المالكي.. تاريخ الإفلات من العقاب
لطالما كان الوقت لصالح نوري المالكي في القضايا التي تورّط فيها.
تولى المالكي رئاسة مجلس الوزراء لولايتين (2006- 2014)، وهي أطول فترة شغلها رئيس وزراء في النظام السياسي الذي تأسس بعد غزو العراق في نيسان عام 2003.
اتهم المالكي، خلال حكمه، بإضعاف المؤسسة العسكرية، والتهاون في تفشّي الفساد في مؤسسات الدولة، وإدارة مؤسسات الدولة على أساس طائفي، واستخدام حاشيته وأقاربه في إدارة المناصب الإدارية الحساسة.
أدّت سياسات المالكي إلى سقوط نحو ثلث مساحة العراق بيد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في حزيران عام 2014.
تشرّد الملايين من أهل المحافظات الشمالية والغربيّة، ودُمرت مدن بكاملها، وهُدّدت حدود بغداد.
أجرى البرلمان العراقي، إثر ذلك، تحقيقاً موسعاً في الأسباب التي أدت إلى سقوط الموصل بيد “داعش”، وحمّل المالكي و35 مسؤولاً كبيراً مسؤولية تسليم واحدة من أهم مُدن العراق للتنظيم المتطرف.
أحال البيت التشريعي التقرير إلى مجلس القضاء الأعلى.
أزعج تقرير البرلمان المالكي، لكنه لم يبد خوفاً منه، واكتفى بوصفه بأنه “لا قيمة” له.
وعلى الرغم من مرور أكثر من ثماني سنوات على ذلك الحدث المدوي، إلا أن القضاء لم يتخذ إجراءات تُذكر بشأن رئيس الوزراء الأسبق.
قال أحد المحاميين “ربما ستندثر قضيّة التسجيل المسرب مثل غيرها”، فيما أشار الآخر إلى أن “القضايا التي يتورط فيها سياسيون لا تخضع لسلطة القانون بشكل حقيقي..”.