نوري المالكي.. الحكم والإخفاقات والدولة العميقة
30 تموز 2024
فقد المالكي رئاسة الوزراء قبل عشر سنوات، لكن أذرعه بقيت ممدودة داخل مفاصل الدولة بطريقة اتبعها عندما كان رئيساً للحكومة، كما أن خططه الحالية والمستقبلية لا تخلو من طموح العودة إلى الأيام الخوالي.
يجري تعتيم على صفقة سياسية قد تعيد نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، أو حزبه، حزب الدعوة، إلى الحكم مرة ثالثة.
خلطة سياسية تبدو الآن غير متجانسة قد تجمع المالكي مع زعيمين شيعيين، أحدهما يعد خصماً تقليدياً له، تمهيدا للانتخابات المقبلة.
وحتى الآن لا تُفهم الدوافع التي جعلت ألدّ الخصوم في معسكر واحد غير معلن، لكن أفراد هذا المعسكر باتوا الآن أكثر إلحاحاً في طلب الانتخابات المبكرة.
المالكي الذي ولد عام 1950 في بلدة طويريج التي كانت تابعة لمحافظة بابل ثم ألحقت بكربلاء عام 1976، وانضم إلى حزب الدعوة وهو في العشرين من عمره، هو رئيس الوزراء الوحيد بعد 2003 الذي بقي في منصبه دورتين، كما أنه الوحيد الذي سجل باسمه أكبر هزيمة عسكرية في العراق بعد استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدن ومساحات واسعة من البلاد قبل عشر سنوات.
يقول إياد العنبر، أكاديمي وباحث في الشأن السياسي، إن المالكي، وعلى الرغم من كل الإخفاقات، هو الوحيد بعد 2003 الذي بقي يستثمر منصبه السياسي لتكريس زعامته المقترنة بالدرجة الأولى بحصوله على المنصب وليس الانتماء الحزبي.
ويَعِدّ المالكي لخطة العودة إلى رئاسة الحكومة عبر مسلكين؛ الأول بالدعوة لانتخابات مبكرة، والثانية بتعديل قانون الانتخابات.
كما يعد لمفاجأة عبر ترتيب أوضاعه مع مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، وقد ينضم إليهما هادي العامري زعيم منظمة بدر.
الصعود السريع
فاز المالكي في أول انتخابات تشريعية عام 2005 مع الائتلاف الشيعي الذي كان يسمى وقتذاك “الائتلاف العراقي الموحد”، وبشكل مفاجئ اختير رئيساً للوزراء في العام التالي بعد منافسة شديدة مع سلفه إبراهيم الجعفري.
وفي 2010 دخل المالكي -وهو رئيس للوزراء حينها- الانتخابات منفرداً عبر ائتلاف دولة القانون، وحاز على 89 مقعداً، وبالصفقة الشهيرة بين القوى الشيعية والكردية، التي عرفت في ما بعد بـ”الكتلة الأكبر”، عاد المالكي إلى الحكم مرة أخرى.
بعد ذلك زاد المالكي من رصيده إلى 92 مقعداً في انتخابات 2014، وعلى الرغم من تصدره الأصوات، ذهبت رئاسة الحكومة إلى حيدر العبادي.
في تلك السنة ظهر التيار الصدري بشكل واضح في الانتخابات، وحصل على 33 مقعداً تحت اسم “كتلة الأحرار”.
وبعد أربع سنوات ارتفع رصيد الصدريين إلى 54 مقعداً، وتراجع المالكي بـ67 مقعداً عن نتائجه السابقة، فحصل على 25 مقعداً فقط.
وفي الانتخابات الأخيرة عدّل المالكي مقاعده إلى 33، بينما رفعها الصدريون إلى 73، قبل أن يقرر الصدر الاعتزال، ويعود المالكي ليقبض على الإطار التنسيقي، وهو التكتل الذي شكّل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
كيف تصالح مع الصدر؟
يخفي الطرفان (الدعوة والتيار) المعلومات المتعلقة بحدوث تصالح، أو تقارب على أقل تقدير، بين الزعيمين.
قد يواجه الصدر شكوكاً من أنصاره في حال تسرب الخبر المتعلق بمصالحة المالكي، بسبب الخصومة القديمة.
“المالكي استثمر خصومته مع الصدر بطريقة محترفة جداً بأن يقدم نفسه نداً ومخالفاً للتيار، وهذه قضية يفتقدها كثيرون من شركاء المالكي” يقول العنبر.
رفع هذا الصراع القديم من شعبية المالكي، حيث ما تزال مناطق في الحلة وكربلاء، والمناطق الشيعية في بغداد (باستثناء مناطق نفوذ الصدر) تعد قاعدته الشعبية، كما يملك أصواتاً داخل المؤسسة العسكرية وجزءاً من الحشد الشعبي.
ويقول قيادي في حزب الدعوة طلب عدم نشر اسمه، إن “الحزب والتيار الصدري متفقان على قضية الانتخابات المبكرة، والتيار يريد تغيير قانون الانتخابات”.
ولا يوجد تصور نهائي حتى الآن، بحسب القيادي، لشكل قانون الانتخابات الجديد، لكنه يشير إلى إمكانية العودة للدوائر المتعددة بنسخة مختلفة عما جرى في انتخابات 2021.
أما عن الانتخابات المبكرة، فقد طرحت الفكرة داخل اجتماعات الإطار التنسيقي، ورفضها الجميع باستثناء المالكي ومنظمة بدر التي أيدتها ولكن بشكل غير علني، بحسب مصادر مطلعة.
ويرى عبد الرحمن الجزائري، وهو قيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، أن الانتخابات المبكرة “حل لكل المشاكل في العراق”.
الجزائري وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية، قال إن الانتخابات المبكرة “مشروعنا ولا تنازل عنها. وهي ستكون حلاً لأزمة انتخاب رئيس البرلمان التي وصلت إلى مرحلة الانسداد”.
أما أوساط الصدر فتمتنع عن الكلام حول التفاهم مع المالكي، لكن الانتخابات المبكرة هو مشروع التيار من الأساس.
في آب 2022 دعا الصدر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، والمفارقة أن المالكي في حينها كان من أشد المعترضين.
وتفترض أوساط صدرية أنه في حال تقارب المالكي مع زعيم التيار، فيمكن أن يكون جعفر الصدر (ابن عم مقتدى الصدر وسفير العراق في لندن) هو رئيس الوزراء، إلا أن هذا المسار لم يتم التثبت منه حتى الآن.
العلاقة مع الإطار
يرفض أحمد الكناني، عضو المكتب السياسي لحركة “عصائب أهل الحق” بزعامة قيس الخزعلي، الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
والعصائب واحدة من القوى الأساسية في تكتل الإطار التنسيقي الذي ينضوي فيه ائتلاف المالكي.
ويقول الكناني، وهو نائب سابق، لـ”جمّار” إن “هذا الإجراء ربما سيستخدم بشكل تعسفي في المستقبل. أي حزب لديه مشكلة مع الحكومة سيطالب بتعجيل الانتخابات”.
لا يُفهم إلحاح المالكي على الانتخابات المبكرة إلا من خلال اعتراضه على السوداني، أو الخوف من شعبيته المتصاعدة.
حصل المالكي على ثلاث وزارات في حكومة السوداني هي وزارة النفط ووزارة الشباب والرياضة ووزارة الزراعة، وما زال يطالب بالمزيد، بحسب بعض المعلومات المتداولة داخل التحالف الشيعي.
زعيم ائتلاف دولة القانون يصارع الآن للحصول على منصب محافظ ديالى، فيما كان يعتقد بأن “الإطار” أخطأ حين لم يمنحه في 2022 رئاسة الحكومة، وأن التكتل الشيعي سيعود مرة أخرى ليطلب منه ذلك.
واُحرج المالكي، وفق ما تقوله الأوساط الشيعية، بسبب اختيار السوداني، وهو القيادي في حزب الدعوة الذي انشق عنه في 2019.
يقول غالب الدعمي، أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية، لـ”جمار” إن “ارتفاع شعبية السوداني تسبب في تراجع تأثير المالكي داخل المنظومة السياسية الشيعية”.
وكانت مؤسسة غالوب الأمريكية، المتخصصة باستطلاعات الرأي العام، قالت قبل أشهر عدة، إن أكثر من 60 بالمئة من العراقيين يؤيدون سياسة السوداني، بحسب خبر نشرته الوكالة العراقية الرسمية في شباط الماضي.
ويقول رحيم العبودي، عضو تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، إن “الانتخابات المبكرة غير مبررة، والوضع السياسي مستقر”.
ويعزو العبودي في اتصال مع “جمّار” سبب الدعوة إلى انتخابات مبكرة إلى مخاوف من تشكيل السوداني كتلة جديدة من شأنها تعكير مزاج بقية الشركاء، لأنه سيكون “منافساً مهماً في الانتخابات”.
وكان أحمد الأسدي، وزير العمل والقيادي في “الإطار”، كشف في آذار الماضي، عن قرب تشكيل السوداني تحالفاً سياسياً جديداً.
وقال المالكي في حوار أذيع في آذار الماضي أيضاً إن “بناء جسر أو مستشفى لا يكفي ليستحق الشخص ولاية ثانية”، فيما بدا وكأنه إشارة إلى السوداني الذي أطلق حملة لإنشاء مجسرات لحل الزحامات في بغداد.
وأضاف المالكي في الحوار ذاته أن الأغلبية البرلمانية لا يمكن أن تصنع رئيساً للوزراء، وربما كان يقصد السوداني مرة أخرى، الذي يرجح تفوقه في الانتخابات المقبلة بمقاعد قد لا تقل عن 50.
وكان المالكي قد حصل في انتخابات 2014 على 92 مقعداً في البرلمان من 700 ألف صوت، لكن رئاسة الوزراء ذهبت حينها إلى العبادي الذي فاز بأربعة آلاف صوت.
وفي 2021 حصل الأمر ذاته، إذ ذهبت رئاسة الوزراء إلى السوداني الذي حصل على أكثر من خمسة آلاف صوت بقليل في الانتخابات على الرغم من تفوق الصدريين (انسحبوا من مجلس النواب في صيف 2022).
حظوظ الولاية الجديدة
يقول قيادي في منظمة بدر، إحدى أكبر أطراف الإطار التنسيقي، إن المالكي “يريد مكافأة نهاية الخدمة، وهي ولاية ثالثة”.
القيادي الذي تحدث لـ”جمّار” شريطة عدم ذكر اسمه، يشير إلى أن زعيم ائتلاف دولة القانون “يرى الانتخابات المقبلة فرصته الأخيرة قبل التقاعد السياسي، لذا يسعى بكل قوة للعودة”.
المالكي قال في نيسان الماضي لإحدى الوكالات المحلية، إنه لن يعود إلى السلطة “إلا إذا أرغمت على ذلك”، لكن كيف سيعود وخلفه تركة ثقيلة من الإخفاقات؟
يجيب العنبر على ذلك قائلا “المالكي رغم كل إخفاقاته وتورط فريقه والنخبة السياسية المرتبطة به بملفات فساد وتشتيت حزب الدعوة، لكن هذه الساحة السياسية لم تنتج زعيماً قادراً على الاستفادة من الأوضاع السابقة ومشكلة إدارة التحالفات مثله، ولذلك بقي مستفرداً ومستفيداً من هذه الانقسامات”.
ويعتقد العنبر أن المالكي يملك قدرة على المناورة والبقاء ضمن المشهد على اعتبار أن “خصومه أو شركاءه غير مؤهلين لأن يكونوا خصوماً أو شركاء له”.
ومع أن المالكي خرج من السلطة، لكنه ما زال مؤثراً عبر ما تسمى “الدولة العميقة”، من خلال آلاف الوظائف التي وزعها في أيام حكمه على أقاربه والمؤيدين له ومن أبناء مدن كربلاء والحلة والمدن الجنوبية الأخرى، وهم في الغالب يدينون له بالولاء ويصوتون له في كل انتخابات.
ويرجح صدريون أن حزب المالكي يهيمن على نحو عشرة آلاف وظيفة في الدولة ضمن الدرجات الخاصة من فئتي (أ) و(ب)، بما يشكل نحو 60 بالمئة من تلك الوظائف المهمة، بسبب سياسة توظيف الأنصار خلال دورتي المالكي في رئاسة الحكومة (2006 – 2014).
لكن هناك من يشكك بهذه النسبة من “الإطاريين”، ويقول إن نفوذ المالكي عبر الوظائف تراجع لصالح التيار الصدري في حكومتي عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي السابقتين للحكومة الحالية.
عائلة الزعيم
على خلاف التحليلات السابقة، يرجح الدعمي أن “المالكي لن يعود بنفسه إلى الحكم، لكنه يجهز شخصية بديلة لمنصب رئيس الوزراء”.
وكان اسم أحمد نجل المالكي قد لمع في الولاية الثانية (2010-2014) ثم اختفى لأسباب غير مفهومة، على الرغم من أن هناك تسريبات تفيد بأنه يدير بعيداً عن الأضواء المفاصل الاقتصادية لعائلة زعيم ائتلاف دولة القانون.
أول مرة سمع العراقيون فيها بالمالكي الابن بشكل علني، كانت في مقابلة تلفزيونية أجريت مع الأب في تشرين الأول 2013، حين قال إن “أحمد شارك في عملية أمنية تردد في قيادتها بعض المسؤولين الأمنيين”.
وأوضح المالكي أن العملية الأمنية كانت ضد “مقاول متنفذ” يسكن المنطقة الخضراء، ويملك عقارات وأسلحة وشركة أمنية.
وذكر المالكي أن الأجهزة الأمنية خشيت في أكثر من مناسبة تنفيذ مذكرات الاعتقال الصادرة ضد المقاول كونه متنفذاً ويرشي القادة والمسؤولين.
وقبل ذلك ترددت أنباء عن قيام نجل المالكي بعمليات استيلاء على عقارات، ونيته شراء قصور صدام التي كان من المقرر عرضها للبيع.
ويذكر فخري كريم السياسي والكاتب المعروف في مقالة نشرت في جريدة “المدى” البغدادية عام 2013 أنه خلال عمله مستشاراً سابقاً لرئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني، التقى المالكي لأول مرة وتكلم الأخير عن ابنه أحمد.
يورد كريم في مقالته أن المالكي ذكر بين قضايا كثيرة ما يتعرض له ولده الشاب من استهداف، وينقل عنه قوله “إنه شاب يافع يساعدني في مكتبي كموظف صغير، ومن حقي أن أضع في المكتب من يكون موضع ثقتي، وهم يريدون أن يدسوا عليّ عناصرهم ليوظفوها لخدمة أغراضهم”.
كما ينقل عنه “أنت تعرف أنهم جميعاً عينوا أبناءهم وبناتهم كمستشارين ومدراء لمكاتبهم من دون استحقاق” واستعرض سير القادة من حلفائه.
وفي المقابلة التلفزيونية له عام 2013، قال المالكي إن نجله أحمد مستهدف من قبل “الأطراف الأخرى”، وأن “الآخرين عجزوا عن الإيقاع به عبر ملفات فساد، فبدأوا بالترويج لملفات عقارات وفساد عن أحمد”.
وفي 2014 تسربت أنباء عن اعتقال أحمد المالكي في لبنان، حيث ألقت الشرطة اللبنانية القبض عليه وبحوزته مليار ونصف مليار دولار في أحد البيوت اللبنانية ومعه شخصان.
وعند نهاية ولاية المالكي الثانية انقطعت أخبار نجله أحمد، لكن هناك من يقول إنه يدير استثمارات في لبنان ودول عربية تابعة للعائلة.
الرجل الآخر في عائلة زعيم ائتلاف دولة القانون، هو حسين أحمد هادي المالكي، والذي يعرف باسم “أبو رحاب”، ابن أخت وصهر نوري المالكي.
برز الرجل، وهو نائب في البرلمان لدورتين (2014-2021) في الولاية الثانية لرئيس الوزراء الأسبق، بصفة مدير مكتبه.
وبحسب سكان في كربلاء، مسقط رأس حسين المالكي وعائلته، فإن “أبا رحاب” يملك مؤسسة “الرحاب” وإذاعة بالاسم ذاته، ويعمل لديه عدد كبير من الموظفين، وقد كان مرشحاً لمنصب وزير الداخلية.
في 2014، كشف عواد العوادي، النائب السابق عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، عن تجوال أبي رحاب بما وصفها بـ”سيارة بيت المال العراقي” وتوزيع الأموال على الملاعب والجماهير في المناطق الشعبية من أجل التوسل للحصول على أصواتهم في الانتخابات.
معروف عن أبي رحاب أنه كان يعيش قبل 2003 في الدنمارك قبل أن يعود مع خاله نوري إلى العراق، وكان في كوبنهاغن يعمل خبازاً في إحدى الأسواق.
أبو رحاب خرج هو الآخر من الصورة بعد 2021، وقفز بدلاً منه ياسر صخيل، وهو الصهر الثاني للمالكي ورئيس كتلة دولة القانون في مجلس النواب، كما أنه يرأس كتلة منضوية في الائتلاف تحت اسم “البشائر”.
صخيل، وبحسب مصادر في كربلاء، كان حارس أنابيب نفط ضمن وحدات حماية المنشآت “أف.بي.أس” قبل أن يتحول إلى مرافق للمالكي ويتزوج من ابنته الصغرى.
بعد ذلك صار صخيل يمتلك نحو 20 مكتباً ومؤسسة في كربلاء، تحت مسميات خيرية وثقافية وإعلامية، منها “منظمة هنا الشباب” و”ملتقى البشائر” و”تيار شباب العراق” و”مركز الشهيد محمد باقر الصدر الثقافي” و”إذاعة البشائر” و”صحيفة كربلاء المستقبل” ومكاتب أخرى موزعة في المحافظات.
إلى جانب هؤلاء، يجري تداول أسماء أخرى من العائلة تمارس أدواراً سياسية واقتصادية، مثل علي صبحي كامل المالكي، النائب السابق وابن شقيق المالكي، وعلي محمد شريف محمد حسن المالكي، النائب السابق وابن عم زعيم ائتلاف دولة القانون.
وللمالكي أبناء أعمام شغلوا أيضاً مناصب في الدولة، منهم ماجد سعيد المالكي، النائب السابق عن كربلاء، وعلي عبد صخيل المالكي، رئيس مجلس محافظة كربلاء السابق وشقيق ياسر، وقد توفي العام الماضي، وجاسم حميد هاني المالكي الملقب بـ”أبو حوراء”، وهو عضو سابق في مجلس محافظة كربلاء صدرت بحقه مذكرة اعتقال عام 2015 على خلفية اتهامات باستغلال منصبه للحصول على أموال بطرق غير قانونية.
ويقول نزار حيدر، محلل سياسي، لـ”جمّار” إنه خلال العقد الأخير عمل المالكي على تكريس نظرية “الزعيم الأوحد” و”القائد الضرورة” في صفوف ما بقي من مخلفات الحزب “بعد أن قام بتصفية أغلب قادة الحزب التاريخيين”، وسميت الجماعة المتبقية والتي التفت حوله بـ”حزب المالكي”.
وتقلصت الدائرة أكثر فأكثر حول المالكي، حتى لم يعد يعتمد إلا على ابنه وأصهاره، من خلال تبنيه نظرية التوريث وبناء هيكلية “الملك غير المتوج”، على ما يقول حيدر.
“اختار المالكي ياسر صخيل لتسليمه كتلة دولة القانون في البرلمان، كما أنه مكّنه عشائرياً بأخذ البيعة والولاء له من عشيرته التي تعهدت بالوقوف معه” يضيف.
في المقابل، يرى حيدر أن صخيل لا يمتلك شيئاً يذكر من أدوات الزعامة، الأمر الذي دفع بعدد من أعضاء الكتلة إلى مغادرتها فعلياً أو اقترابهم من اتخاذ هذا القرار، مثل النائبة عالية نصيف، وحيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق، ومحمد شياع السوداني رئيس الوزراء الحالي، وعلي الأديب وزير التعليم الأسبق، وحليم الزهيري أحد قادة حزب الدعوة، والنائبة السابقة حنان الفتلاوي التي انشقت ثم عادت مع المالكي.
عندما أعلنت نصيف خروجها من كتلة دولة القانون، كتبت في منصة إكس أنها اتخذت هذا القرار بسبب “التمايز” داخل الكتلة.
وقالت “أعلن خروجي من كتلة دولة القانون لاختلاف الرؤى السياسية للمرحلة القادمة وبسبب التمايز الموجود بين أعضاء دولة القانون وخصوصاً بين المستقلين وبين الذين لديهم انتماء حزبي”.
وأضافت أن “هذه الرؤية موجودة لدى أغلب الأعضاء المستقلين، والأيام القادمة ستكشف ما يحصل من تمايز وطبقية”.
يفسر هذا الانشقاق بأنه قفز مبكر من قارب المالكي الذي قد يغرق، إلى عبّارة السوداني الذي ربما يعلن في وقت قريب تحالفاً سياسياً للانتخابات المقبلة.
ويعتقد العنبر أن تخلخل الأوزان السياسية بات يرتهن بالانتخابات ولا يرتهن كثيراً بالمواقف السياسية.
ويقول “يبقى الموضوع إشكالياً إلى حين حسم الانتخابات والأوزان السياسية، لكن المالكي سيبقى وزناً ورقماً صعباً في الانتخابات المقبلة، وربما هو من يقلب الطاولة على الأصدقاء الأعداء في داخل الإطار التنسيقي”.
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
يجري تعتيم على صفقة سياسية قد تعيد نوري المالكي، رئيس الوزراء الأسبق، أو حزبه، حزب الدعوة، إلى الحكم مرة ثالثة.
خلطة سياسية تبدو الآن غير متجانسة قد تجمع المالكي مع زعيمين شيعيين، أحدهما يعد خصماً تقليدياً له، تمهيدا للانتخابات المقبلة.
وحتى الآن لا تُفهم الدوافع التي جعلت ألدّ الخصوم في معسكر واحد غير معلن، لكن أفراد هذا المعسكر باتوا الآن أكثر إلحاحاً في طلب الانتخابات المبكرة.
المالكي الذي ولد عام 1950 في بلدة طويريج التي كانت تابعة لمحافظة بابل ثم ألحقت بكربلاء عام 1976، وانضم إلى حزب الدعوة وهو في العشرين من عمره، هو رئيس الوزراء الوحيد بعد 2003 الذي بقي في منصبه دورتين، كما أنه الوحيد الذي سجل باسمه أكبر هزيمة عسكرية في العراق بعد استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مدن ومساحات واسعة من البلاد قبل عشر سنوات.
يقول إياد العنبر، أكاديمي وباحث في الشأن السياسي، إن المالكي، وعلى الرغم من كل الإخفاقات، هو الوحيد بعد 2003 الذي بقي يستثمر منصبه السياسي لتكريس زعامته المقترنة بالدرجة الأولى بحصوله على المنصب وليس الانتماء الحزبي.
ويَعِدّ المالكي لخطة العودة إلى رئاسة الحكومة عبر مسلكين؛ الأول بالدعوة لانتخابات مبكرة، والثانية بتعديل قانون الانتخابات.
كما يعد لمفاجأة عبر ترتيب أوضاعه مع مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري، وقد ينضم إليهما هادي العامري زعيم منظمة بدر.
الصعود السريع
فاز المالكي في أول انتخابات تشريعية عام 2005 مع الائتلاف الشيعي الذي كان يسمى وقتذاك “الائتلاف العراقي الموحد”، وبشكل مفاجئ اختير رئيساً للوزراء في العام التالي بعد منافسة شديدة مع سلفه إبراهيم الجعفري.
وفي 2010 دخل المالكي -وهو رئيس للوزراء حينها- الانتخابات منفرداً عبر ائتلاف دولة القانون، وحاز على 89 مقعداً، وبالصفقة الشهيرة بين القوى الشيعية والكردية، التي عرفت في ما بعد بـ”الكتلة الأكبر”، عاد المالكي إلى الحكم مرة أخرى.
بعد ذلك زاد المالكي من رصيده إلى 92 مقعداً في انتخابات 2014، وعلى الرغم من تصدره الأصوات، ذهبت رئاسة الحكومة إلى حيدر العبادي.
في تلك السنة ظهر التيار الصدري بشكل واضح في الانتخابات، وحصل على 33 مقعداً تحت اسم “كتلة الأحرار”.
وبعد أربع سنوات ارتفع رصيد الصدريين إلى 54 مقعداً، وتراجع المالكي بـ67 مقعداً عن نتائجه السابقة، فحصل على 25 مقعداً فقط.
وفي الانتخابات الأخيرة عدّل المالكي مقاعده إلى 33، بينما رفعها الصدريون إلى 73، قبل أن يقرر الصدر الاعتزال، ويعود المالكي ليقبض على الإطار التنسيقي، وهو التكتل الذي شكّل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
كيف تصالح مع الصدر؟
يخفي الطرفان (الدعوة والتيار) المعلومات المتعلقة بحدوث تصالح، أو تقارب على أقل تقدير، بين الزعيمين.
قد يواجه الصدر شكوكاً من أنصاره في حال تسرب الخبر المتعلق بمصالحة المالكي، بسبب الخصومة القديمة.
“المالكي استثمر خصومته مع الصدر بطريقة محترفة جداً بأن يقدم نفسه نداً ومخالفاً للتيار، وهذه قضية يفتقدها كثيرون من شركاء المالكي” يقول العنبر.
رفع هذا الصراع القديم من شعبية المالكي، حيث ما تزال مناطق في الحلة وكربلاء، والمناطق الشيعية في بغداد (باستثناء مناطق نفوذ الصدر) تعد قاعدته الشعبية، كما يملك أصواتاً داخل المؤسسة العسكرية وجزءاً من الحشد الشعبي.
ويقول قيادي في حزب الدعوة طلب عدم نشر اسمه، إن “الحزب والتيار الصدري متفقان على قضية الانتخابات المبكرة، والتيار يريد تغيير قانون الانتخابات”.
ولا يوجد تصور نهائي حتى الآن، بحسب القيادي، لشكل قانون الانتخابات الجديد، لكنه يشير إلى إمكانية العودة للدوائر المتعددة بنسخة مختلفة عما جرى في انتخابات 2021.
أما عن الانتخابات المبكرة، فقد طرحت الفكرة داخل اجتماعات الإطار التنسيقي، ورفضها الجميع باستثناء المالكي ومنظمة بدر التي أيدتها ولكن بشكل غير علني، بحسب مصادر مطلعة.
ويرى عبد الرحمن الجزائري، وهو قيادي في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي، أن الانتخابات المبكرة “حل لكل المشاكل في العراق”.
الجزائري وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية، قال إن الانتخابات المبكرة “مشروعنا ولا تنازل عنها. وهي ستكون حلاً لأزمة انتخاب رئيس البرلمان التي وصلت إلى مرحلة الانسداد”.
أما أوساط الصدر فتمتنع عن الكلام حول التفاهم مع المالكي، لكن الانتخابات المبكرة هو مشروع التيار من الأساس.
في آب 2022 دعا الصدر إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، والمفارقة أن المالكي في حينها كان من أشد المعترضين.
وتفترض أوساط صدرية أنه في حال تقارب المالكي مع زعيم التيار، فيمكن أن يكون جعفر الصدر (ابن عم مقتدى الصدر وسفير العراق في لندن) هو رئيس الوزراء، إلا أن هذا المسار لم يتم التثبت منه حتى الآن.
العلاقة مع الإطار
يرفض أحمد الكناني، عضو المكتب السياسي لحركة “عصائب أهل الحق” بزعامة قيس الخزعلي، الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
والعصائب واحدة من القوى الأساسية في تكتل الإطار التنسيقي الذي ينضوي فيه ائتلاف المالكي.
ويقول الكناني، وهو نائب سابق، لـ”جمّار” إن “هذا الإجراء ربما سيستخدم بشكل تعسفي في المستقبل. أي حزب لديه مشكلة مع الحكومة سيطالب بتعجيل الانتخابات”.
لا يُفهم إلحاح المالكي على الانتخابات المبكرة إلا من خلال اعتراضه على السوداني، أو الخوف من شعبيته المتصاعدة.
حصل المالكي على ثلاث وزارات في حكومة السوداني هي وزارة النفط ووزارة الشباب والرياضة ووزارة الزراعة، وما زال يطالب بالمزيد، بحسب بعض المعلومات المتداولة داخل التحالف الشيعي.
زعيم ائتلاف دولة القانون يصارع الآن للحصول على منصب محافظ ديالى، فيما كان يعتقد بأن “الإطار” أخطأ حين لم يمنحه في 2022 رئاسة الحكومة، وأن التكتل الشيعي سيعود مرة أخرى ليطلب منه ذلك.
واُحرج المالكي، وفق ما تقوله الأوساط الشيعية، بسبب اختيار السوداني، وهو القيادي في حزب الدعوة الذي انشق عنه في 2019.
يقول غالب الدعمي، أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية، لـ”جمار” إن “ارتفاع شعبية السوداني تسبب في تراجع تأثير المالكي داخل المنظومة السياسية الشيعية”.
وكانت مؤسسة غالوب الأمريكية، المتخصصة باستطلاعات الرأي العام، قالت قبل أشهر عدة، إن أكثر من 60 بالمئة من العراقيين يؤيدون سياسة السوداني، بحسب خبر نشرته الوكالة العراقية الرسمية في شباط الماضي.
ويقول رحيم العبودي، عضو تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، إن “الانتخابات المبكرة غير مبررة، والوضع السياسي مستقر”.
ويعزو العبودي في اتصال مع “جمّار” سبب الدعوة إلى انتخابات مبكرة إلى مخاوف من تشكيل السوداني كتلة جديدة من شأنها تعكير مزاج بقية الشركاء، لأنه سيكون “منافساً مهماً في الانتخابات”.
وكان أحمد الأسدي، وزير العمل والقيادي في “الإطار”، كشف في آذار الماضي، عن قرب تشكيل السوداني تحالفاً سياسياً جديداً.
وقال المالكي في حوار أذيع في آذار الماضي أيضاً إن “بناء جسر أو مستشفى لا يكفي ليستحق الشخص ولاية ثانية”، فيما بدا وكأنه إشارة إلى السوداني الذي أطلق حملة لإنشاء مجسرات لحل الزحامات في بغداد.
وأضاف المالكي في الحوار ذاته أن الأغلبية البرلمانية لا يمكن أن تصنع رئيساً للوزراء، وربما كان يقصد السوداني مرة أخرى، الذي يرجح تفوقه في الانتخابات المقبلة بمقاعد قد لا تقل عن 50.
وكان المالكي قد حصل في انتخابات 2014 على 92 مقعداً في البرلمان من 700 ألف صوت، لكن رئاسة الوزراء ذهبت حينها إلى العبادي الذي فاز بأربعة آلاف صوت.
وفي 2021 حصل الأمر ذاته، إذ ذهبت رئاسة الوزراء إلى السوداني الذي حصل على أكثر من خمسة آلاف صوت بقليل في الانتخابات على الرغم من تفوق الصدريين (انسحبوا من مجلس النواب في صيف 2022).
حظوظ الولاية الجديدة
يقول قيادي في منظمة بدر، إحدى أكبر أطراف الإطار التنسيقي، إن المالكي “يريد مكافأة نهاية الخدمة، وهي ولاية ثالثة”.
القيادي الذي تحدث لـ”جمّار” شريطة عدم ذكر اسمه، يشير إلى أن زعيم ائتلاف دولة القانون “يرى الانتخابات المقبلة فرصته الأخيرة قبل التقاعد السياسي، لذا يسعى بكل قوة للعودة”.
المالكي قال في نيسان الماضي لإحدى الوكالات المحلية، إنه لن يعود إلى السلطة “إلا إذا أرغمت على ذلك”، لكن كيف سيعود وخلفه تركة ثقيلة من الإخفاقات؟
يجيب العنبر على ذلك قائلا “المالكي رغم كل إخفاقاته وتورط فريقه والنخبة السياسية المرتبطة به بملفات فساد وتشتيت حزب الدعوة، لكن هذه الساحة السياسية لم تنتج زعيماً قادراً على الاستفادة من الأوضاع السابقة ومشكلة إدارة التحالفات مثله، ولذلك بقي مستفرداً ومستفيداً من هذه الانقسامات”.
ويعتقد العنبر أن المالكي يملك قدرة على المناورة والبقاء ضمن المشهد على اعتبار أن “خصومه أو شركاءه غير مؤهلين لأن يكونوا خصوماً أو شركاء له”.
ومع أن المالكي خرج من السلطة، لكنه ما زال مؤثراً عبر ما تسمى “الدولة العميقة”، من خلال آلاف الوظائف التي وزعها في أيام حكمه على أقاربه والمؤيدين له ومن أبناء مدن كربلاء والحلة والمدن الجنوبية الأخرى، وهم في الغالب يدينون له بالولاء ويصوتون له في كل انتخابات.
ويرجح صدريون أن حزب المالكي يهيمن على نحو عشرة آلاف وظيفة في الدولة ضمن الدرجات الخاصة من فئتي (أ) و(ب)، بما يشكل نحو 60 بالمئة من تلك الوظائف المهمة، بسبب سياسة توظيف الأنصار خلال دورتي المالكي في رئاسة الحكومة (2006 – 2014).
لكن هناك من يشكك بهذه النسبة من “الإطاريين”، ويقول إن نفوذ المالكي عبر الوظائف تراجع لصالح التيار الصدري في حكومتي عادل عبد المهدي ومصطفى الكاظمي السابقتين للحكومة الحالية.
عائلة الزعيم
على خلاف التحليلات السابقة، يرجح الدعمي أن “المالكي لن يعود بنفسه إلى الحكم، لكنه يجهز شخصية بديلة لمنصب رئيس الوزراء”.
وكان اسم أحمد نجل المالكي قد لمع في الولاية الثانية (2010-2014) ثم اختفى لأسباب غير مفهومة، على الرغم من أن هناك تسريبات تفيد بأنه يدير بعيداً عن الأضواء المفاصل الاقتصادية لعائلة زعيم ائتلاف دولة القانون.
أول مرة سمع العراقيون فيها بالمالكي الابن بشكل علني، كانت في مقابلة تلفزيونية أجريت مع الأب في تشرين الأول 2013، حين قال إن “أحمد شارك في عملية أمنية تردد في قيادتها بعض المسؤولين الأمنيين”.
وأوضح المالكي أن العملية الأمنية كانت ضد “مقاول متنفذ” يسكن المنطقة الخضراء، ويملك عقارات وأسلحة وشركة أمنية.
وذكر المالكي أن الأجهزة الأمنية خشيت في أكثر من مناسبة تنفيذ مذكرات الاعتقال الصادرة ضد المقاول كونه متنفذاً ويرشي القادة والمسؤولين.
وقبل ذلك ترددت أنباء عن قيام نجل المالكي بعمليات استيلاء على عقارات، ونيته شراء قصور صدام التي كان من المقرر عرضها للبيع.
ويذكر فخري كريم السياسي والكاتب المعروف في مقالة نشرت في جريدة “المدى” البغدادية عام 2013 أنه خلال عمله مستشاراً سابقاً لرئيس الجمهورية الراحل جلال طالباني، التقى المالكي لأول مرة وتكلم الأخير عن ابنه أحمد.
يورد كريم في مقالته أن المالكي ذكر بين قضايا كثيرة ما يتعرض له ولده الشاب من استهداف، وينقل عنه قوله “إنه شاب يافع يساعدني في مكتبي كموظف صغير، ومن حقي أن أضع في المكتب من يكون موضع ثقتي، وهم يريدون أن يدسوا عليّ عناصرهم ليوظفوها لخدمة أغراضهم”.
كما ينقل عنه “أنت تعرف أنهم جميعاً عينوا أبناءهم وبناتهم كمستشارين ومدراء لمكاتبهم من دون استحقاق” واستعرض سير القادة من حلفائه.
وفي المقابلة التلفزيونية له عام 2013، قال المالكي إن نجله أحمد مستهدف من قبل “الأطراف الأخرى”، وأن “الآخرين عجزوا عن الإيقاع به عبر ملفات فساد، فبدأوا بالترويج لملفات عقارات وفساد عن أحمد”.
وفي 2014 تسربت أنباء عن اعتقال أحمد المالكي في لبنان، حيث ألقت الشرطة اللبنانية القبض عليه وبحوزته مليار ونصف مليار دولار في أحد البيوت اللبنانية ومعه شخصان.
وعند نهاية ولاية المالكي الثانية انقطعت أخبار نجله أحمد، لكن هناك من يقول إنه يدير استثمارات في لبنان ودول عربية تابعة للعائلة.
الرجل الآخر في عائلة زعيم ائتلاف دولة القانون، هو حسين أحمد هادي المالكي، والذي يعرف باسم “أبو رحاب”، ابن أخت وصهر نوري المالكي.
برز الرجل، وهو نائب في البرلمان لدورتين (2014-2021) في الولاية الثانية لرئيس الوزراء الأسبق، بصفة مدير مكتبه.
وبحسب سكان في كربلاء، مسقط رأس حسين المالكي وعائلته، فإن “أبا رحاب” يملك مؤسسة “الرحاب” وإذاعة بالاسم ذاته، ويعمل لديه عدد كبير من الموظفين، وقد كان مرشحاً لمنصب وزير الداخلية.
في 2014، كشف عواد العوادي، النائب السابق عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، عن تجوال أبي رحاب بما وصفها بـ”سيارة بيت المال العراقي” وتوزيع الأموال على الملاعب والجماهير في المناطق الشعبية من أجل التوسل للحصول على أصواتهم في الانتخابات.
معروف عن أبي رحاب أنه كان يعيش قبل 2003 في الدنمارك قبل أن يعود مع خاله نوري إلى العراق، وكان في كوبنهاغن يعمل خبازاً في إحدى الأسواق.
أبو رحاب خرج هو الآخر من الصورة بعد 2021، وقفز بدلاً منه ياسر صخيل، وهو الصهر الثاني للمالكي ورئيس كتلة دولة القانون في مجلس النواب، كما أنه يرأس كتلة منضوية في الائتلاف تحت اسم “البشائر”.
صخيل، وبحسب مصادر في كربلاء، كان حارس أنابيب نفط ضمن وحدات حماية المنشآت “أف.بي.أس” قبل أن يتحول إلى مرافق للمالكي ويتزوج من ابنته الصغرى.
بعد ذلك صار صخيل يمتلك نحو 20 مكتباً ومؤسسة في كربلاء، تحت مسميات خيرية وثقافية وإعلامية، منها “منظمة هنا الشباب” و”ملتقى البشائر” و”تيار شباب العراق” و”مركز الشهيد محمد باقر الصدر الثقافي” و”إذاعة البشائر” و”صحيفة كربلاء المستقبل” ومكاتب أخرى موزعة في المحافظات.
إلى جانب هؤلاء، يجري تداول أسماء أخرى من العائلة تمارس أدواراً سياسية واقتصادية، مثل علي صبحي كامل المالكي، النائب السابق وابن شقيق المالكي، وعلي محمد شريف محمد حسن المالكي، النائب السابق وابن عم زعيم ائتلاف دولة القانون.
وللمالكي أبناء أعمام شغلوا أيضاً مناصب في الدولة، منهم ماجد سعيد المالكي، النائب السابق عن كربلاء، وعلي عبد صخيل المالكي، رئيس مجلس محافظة كربلاء السابق وشقيق ياسر، وقد توفي العام الماضي، وجاسم حميد هاني المالكي الملقب بـ”أبو حوراء”، وهو عضو سابق في مجلس محافظة كربلاء صدرت بحقه مذكرة اعتقال عام 2015 على خلفية اتهامات باستغلال منصبه للحصول على أموال بطرق غير قانونية.
ويقول نزار حيدر، محلل سياسي، لـ”جمّار” إنه خلال العقد الأخير عمل المالكي على تكريس نظرية “الزعيم الأوحد” و”القائد الضرورة” في صفوف ما بقي من مخلفات الحزب “بعد أن قام بتصفية أغلب قادة الحزب التاريخيين”، وسميت الجماعة المتبقية والتي التفت حوله بـ”حزب المالكي”.
وتقلصت الدائرة أكثر فأكثر حول المالكي، حتى لم يعد يعتمد إلا على ابنه وأصهاره، من خلال تبنيه نظرية التوريث وبناء هيكلية “الملك غير المتوج”، على ما يقول حيدر.
“اختار المالكي ياسر صخيل لتسليمه كتلة دولة القانون في البرلمان، كما أنه مكّنه عشائرياً بأخذ البيعة والولاء له من عشيرته التي تعهدت بالوقوف معه” يضيف.
في المقابل، يرى حيدر أن صخيل لا يمتلك شيئاً يذكر من أدوات الزعامة، الأمر الذي دفع بعدد من أعضاء الكتلة إلى مغادرتها فعلياً أو اقترابهم من اتخاذ هذا القرار، مثل النائبة عالية نصيف، وحيدر العبادي رئيس الوزراء الأسبق، ومحمد شياع السوداني رئيس الوزراء الحالي، وعلي الأديب وزير التعليم الأسبق، وحليم الزهيري أحد قادة حزب الدعوة، والنائبة السابقة حنان الفتلاوي التي انشقت ثم عادت مع المالكي.
عندما أعلنت نصيف خروجها من كتلة دولة القانون، كتبت في منصة إكس أنها اتخذت هذا القرار بسبب “التمايز” داخل الكتلة.
وقالت “أعلن خروجي من كتلة دولة القانون لاختلاف الرؤى السياسية للمرحلة القادمة وبسبب التمايز الموجود بين أعضاء دولة القانون وخصوصاً بين المستقلين وبين الذين لديهم انتماء حزبي”.
وأضافت أن “هذه الرؤية موجودة لدى أغلب الأعضاء المستقلين، والأيام القادمة ستكشف ما يحصل من تمايز وطبقية”.
يفسر هذا الانشقاق بأنه قفز مبكر من قارب المالكي الذي قد يغرق، إلى عبّارة السوداني الذي ربما يعلن في وقت قريب تحالفاً سياسياً للانتخابات المقبلة.
ويعتقد العنبر أن تخلخل الأوزان السياسية بات يرتهن بالانتخابات ولا يرتهن كثيراً بالمواقف السياسية.
ويقول “يبقى الموضوع إشكالياً إلى حين حسم الانتخابات والأوزان السياسية، لكن المالكي سيبقى وزناً ورقماً صعباً في الانتخابات المقبلة، وربما هو من يقلب الطاولة على الأصدقاء الأعداء في داخل الإطار التنسيقي”.