حكّام كرة القدم في العراق: التحكيم بالـ"آجل"! 

أحمد جليل

08 كانون الثاني 2024

أوضاع حكّام كرة القدم المعيشية ليست على ما يرام، فأحمد صباح ومهند قاسم وواثق مدلل قد يكونون آخر الحكّام الدوليين للعراق.. عن التحكيم بالـ"آجل"!

ينام أحمد صباح قاسم 8 ساعات يومياً، يصحو عند السادسة صباحاً ويبدأ يومه بالاتصال بزميليه مهند قاسم وواثق مدلل لبدء يومهم بالتدريب. 

قاسم (30 عاماً) هو أحد أفراد الطاقم التحكيمي العراقي الذي سيتواجد لأول مرة في نهائيات كأس آسيا، ويتدرب الثلاثي معاً تحضيراً لانطلاق البطولة الآسيوية الأهم. 

كانوا قد عادوا قبل مدة وجيزة من قيادة مباراة بيرسبوليس الإيراني واستقلول الأوزبكي لصالح دوري أبطال آسيا، ودخلوا معسكراً تدريبياً مكثفاً هذه الأيام. 

يتابع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم حياتهم بكل تفاصيلها عن طريق ساعات يدوية يرتدونها تسجل ساعات النوم والتدريب، فضلاً عن قياس الوزن أسبوعياً. 

وعلى الرغم من انطلاق دوري نجوم العراق وقيادتهم مباريات فيه، إلا أن لجنة الحكام في الاتحاد الآسيوي تتابع معدل اللياقة البدنية الأسبوعي، وهو ما يتطلب تدريباً خاصاً. 

وهذه المرة الأولى في التاريخ التي يقود فيها طاقم تحكيم عراقي مباريات كأس آسيا، وهو مؤلف من مهند قاسم حكماً، وأحمد صباح قاسم حكماً مساعداً، وواثق مدلل حكماً مساعداً، وعلي صباح حكم تقنية الفيديو المساعد (VAR). 

“الاتحاد الآسيوي وضع ثقته بنا بعد أداء ملفت قدمه طاقمنا خلال قيادته أكثر من مباراة على مستوى القارة الصفراء” يقول أحمد صباح لـ”جمّار”. 

كما أنيطت مهام منفردة بالحكم مهند قاسم، كقيادة نصف نهائي دوري أبطال آسيا ونهائي كأس الخليج 2014 بين قطر والسعودية. 

اقرأ أيضاً

من كرة القدم إلى “الدعابل”: عالم من الخلق واللذة 

وكذلك قاد الحكم الدولي المعتزل حديثاً علي صباح مباريات كبرى، كان أبرزها نهائي دوري أبطال آسيا بين الهلال السعودي وأوراوا الياباني عام 2019. 

وينتظر الطاقم الآن لحظة انطلاق كأس آسيا 2023 المقررة في 12 كانون الثاني الحالي ليشهد التاريخ قيادة أول طاقم تحكيمي عراقي مباريات البطولة القارية الأهم. 

طرد النفس 

لكن أوضاع حكّام كرة القدم المعيشية ليست على ما يرام، وأحمد صباح ومهند قاسم وواثق مدلل قد يكونون آخر الحكّام الدوليين للعراق، نتيجة لما يعانيه هؤلاء من ضيق مادي، وإهمال لدورهم. 

تحدّث إلينا حكم، كان قد حاول الوصول إلى الملعب للتحكيم في مباراة، إلا أنه لم يكن يملك أي مال يكفي لإيصاله إلى المباراة. 

أشار الحكم في حديثه لـ”جمّار” شريطة عدم الكشف عن اسمه، إلى عدم تقاضيه رواتبه منذ عشرة أشهر، على الرغم من الوعود المتكررة بالحصول على حقوقه المالية. 

وهو يتهم اتحاد كرة القدم بتجاهل الحكام باستمرار، ولاسيما الحكام الاتحاديين (غير الدوليين) والدرجات الأدنى. 

وصل به الأمر إلى العمل في مهن عديدة غير التحكيم، إحداها كانت عامل توصيل طلبات طعام، ليتمكن من تأمين أجور التنقل لقيادة المباريات. 

كان شغوفاً بالتحكيم ولم يشأ الابتعاد عنه، لكن شح الأجور وتأخر مواعيدها وضعه في حرج أمام عائلته، فاضطر لاتخاذ قرار الاعتزال والبحث عن عمل يُجدي. 

“أعمل حالياً في شركة خاصة، وأنا سعيد لأنني أعود إلى عائلتي يومياً بسلة غذائية كان التحكيم يحرم أولادي منها”، يقول لنا. 

ويقول نجاح رحم، الحكم الدولي السابق ورئيس لجنة الحكام في اتحاد الكرة إن الاتحاد لم يوثق استقالة حكم بسبب الأجور ولم يتلق طلباً بهذا الخصوص، لكنه يقر بتدني الأجور وأحوال الحكام. 

الحكم كالمنتخب 

يرى صباح عبد، حكم دولي سابق، أن على الدولة تأهيل حكام ليقودوا مباريات في كأس العالم مثلما تسعى إلى تأهل المنتخب. 

ويطالب عبد بتخصيص أموال للحكام بقدر الأموال المخصصة للأندية البالغة أربعة مليارات دينار لكل ناد. 

ويقول إن دول الجوار تدعم “قضاة الملاعب” لأنها تعدّهم ثروة وطنية يجب استثمارها بالشكل الأمثل، بينما لا يُفقه شيء من ذلك في العراق. 

ويشير إلى أن البلدان تعمل على صقل حكامها ليكونوا ضمن حكام القارة الأفضل، ما يزيد من فرص تواجدهم في نهائيات كأس العالم، وهو ما عجز العراق عنه عبر مر التاريخ، مع أن صقل حكم ليتواجد في المونديال أسهل من إعداد منتخب لإيصاله إلى البطولة العالمية الكبرى. 

ويوضح أن عديداً من دول المنطقة تُخضِع حكامها لاختبارات متقدمة قبل منحهم رخصة إدارة المباريات، وتتم متابعتهم خلال الموسم من جميع النواحي، فضلاً عن إدخالهم في دورات تدريبية متقدمة وتطوير للموارد البشرية التحكيمية عن طريق لجان الحكام التي تقودها الخبرات الأجنبية، وهذا غير موجود في العراق. 

خطر داهم 

يضطر الحكام أحياناً إلى قطع مسافة أكثر من ألف كيلومتر للوصول إلى أحد الملاعب من أجل قيادة مباراة. 

ولأن أجورهم متدنية، لا يستطيعون الذهاب قبل يوم والمبيت في فندق ونيل قسط من الراحة قبل المباراة، وهذا ما يجعل وقوعهم في الأخطاء وارداً جداً. 

يحذر عبد من أن “عجلة التحكيم في خطر بعد اعتزال علي صباح”، ذلك أن الحكم البارز الوحيد الذي ما زال غير معتزل هو مهند قاسم. 

ويقول إن الحكام الحاليين ليسوا في الصف الأول آسيوياً، مستبعداً تكرار تجربة الثنائي علي صباح ومهند قاسم في إدارة مباريات كبرى آسيوياً وخليجياً. 

“الخطر الأكبر سيبدأ من الآن ويمتد لخمس سنوات على أقل تقدير. دوري المحترفين سيفشله الحكام لأنهم ليسوا بمستوى الطموح والكفاءة لإدارة مباريات على مستوى عال”، يضيف عبد. 

أما تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) فإنها -بحسب عبد- غير جاهزة من ناحية المهارات البشرية، وذلك من شأنه إيقاع اتحاد الكرة في حرج كبير أمام الأندية بسبب قدرات الحكام المتواضعة في استخدام التقنية الحديثة. 

والمشكلة الكبرى، والحديث لعبد، ستتضح معالمها بعد سنتين إلى خمس سنوات، إذ لا توجد مقومات لاستمرار التحكيم في ظل التحديات المالية وقلة الأجور التي قتلت الطموح عند الشباب بامتهان هذه المهنة. 

كما لا توجد خطط واضحة لتطوير الحقل التحكيمي المهم، فلا معسكرات تدريبية ولا مدربو لياقة بدنية. 

ويتقاضى الحكم الدولي في دوري نجوم العراق 250 ألف دينار عن المباراة الواحدة، بينما يتقاضى حكم الدرجة الأولى 150 ألفاً. (كل 100 دولار تساوي نحو 152 ألف دينار في السوق الموازية). 

أما في الدوري الممتاز، فأجر المباراة 150 ألف دينار للحكم الدولي و100 ألف لحكم الدرجة الأولى. 

وفي دوريات الفئات العمرية يتقاضى حكم الدرجة الأولى 75 ألف دينار عن كل مباراة، بينما يتقاضى حكم الدرجتين الثانية والثالثة 50 ألفاً. 

ويشير رحم إلى أن لجنة الحكام وضعت خطة لزيادة أجور الحكام تتناسب مع التنافس العالي في دوري المحترفين. 

اعتداءات رسمية 

لا يقتصر الشغب الذي يواجه الحكام على الجماهير التي تشجع فرقها وترغب بالفوز دوماً. 

هذه الجماهير تمارس سلوكاً مشيناً أحياناً يتمثل بالسب والشتم تجاه الحكم وعائلته، بمجرد عدم الرضا على قرار ما. 

وقد يصل الموضوع أحياناً إلى التجاوز الجسدي والضرب بقناني المياه، وهذه ممارسات تقدم عليها إدارات الأندية في بعض الأحيان. 

في أكثر من مرة، شهدت ملاعب العراق اعتداءات من إداريي فريق ما أو مدربه أو حتى أحد لاعبيه على الحكم لتهييج المدرجات وزيادة توتر المباراة للضغط عليه من أجل كسب قرارات لصالح الفريق. 

في شباط، الموسم الماضي، تعرض الحكم الدولي علي صباح لضربة في منطقة الرأس بعد فوز دهوك على كربلاء في ملعب كربلاء. 

ظنها في بداية الأمر من الجمهور، لكن فيديوهات انتشرت على مواقع التواصل بعد نهاية المباراة وثقت حالة الاعتداء، ليتبين أنها من وليد حسين أمین سر نادي كربلاء. 

قرر الحكم الدولي محاسبة المعتدي قضائياً. 

استدعى القضاء حسين فلم يحضر إلى المحكمة، فصدرت مذكرة قبض بحقه. 

الحكم الدولي مهند قاسم هو الآخر له رصيد من الاعتداءات من قبل الجماهير واللاعبين. 

كان آخرها بعد طرده اللاعب الدولي إبراهيم بايش عند نهاية لقاء القوة الجوية والكهرباء الموسم الماضي. 

قررت لجنة الانضباط حرمان اللاعب المذكور موسماً كاملاً بسبب تهديده، مع حمادي أحمد الأمين المالي لنادي القوة الجوية، للحكم. 

ثم خُفضت العقوبة لبضع مباريات. 

نال الحكم الدولي في إثر تلك الحادثة سيلاً من الشتائم والتهديدات على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل معجبي بايش. 

اللاعبون والحكّام 

ساعدت تقنية الـ(VAR) في تحسين العلاقة بين اللاعبين والحكام، كما يقول مهند عبد الرحيم، لاعب المنتخب العراقي ونادي القوة الجوية. 

فهذه التقنية باتت تمنح شعوراً للاعبين بأنهم لن يتعرضوا للظلم. 

لكن عبد الرحيم يرى ضرورة الإسراع في اتخاذ القرار عند اللجوء إلى هذه التقنية. 

يتذكر أن إحدى المباريات توقفت عشر دقائق لمراجعة الـ(VAR) وهذا ما لا يحدث على الإطلاق في بقية البلدان. 

لكنه يتفهم أن التقنية دخلت حديثاً إلى العراق وسيتم التعامل معها باحترافية أكثر مع مرور الوقت. 

كما أنه يدعو لجنة الحكام في اتحاد الكرة إلى التركيز على موضوع إيقاف المباريات لأسباب لا تستحق وحث الحكام على السماح باستمرار اللعب قدر الإمكان. 

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

ينام أحمد صباح قاسم 8 ساعات يومياً، يصحو عند السادسة صباحاً ويبدأ يومه بالاتصال بزميليه مهند قاسم وواثق مدلل لبدء يومهم بالتدريب. 

قاسم (30 عاماً) هو أحد أفراد الطاقم التحكيمي العراقي الذي سيتواجد لأول مرة في نهائيات كأس آسيا، ويتدرب الثلاثي معاً تحضيراً لانطلاق البطولة الآسيوية الأهم. 

كانوا قد عادوا قبل مدة وجيزة من قيادة مباراة بيرسبوليس الإيراني واستقلول الأوزبكي لصالح دوري أبطال آسيا، ودخلوا معسكراً تدريبياً مكثفاً هذه الأيام. 

يتابع الاتحاد الآسيوي لكرة القدم حياتهم بكل تفاصيلها عن طريق ساعات يدوية يرتدونها تسجل ساعات النوم والتدريب، فضلاً عن قياس الوزن أسبوعياً. 

وعلى الرغم من انطلاق دوري نجوم العراق وقيادتهم مباريات فيه، إلا أن لجنة الحكام في الاتحاد الآسيوي تتابع معدل اللياقة البدنية الأسبوعي، وهو ما يتطلب تدريباً خاصاً. 

وهذه المرة الأولى في التاريخ التي يقود فيها طاقم تحكيم عراقي مباريات كأس آسيا، وهو مؤلف من مهند قاسم حكماً، وأحمد صباح قاسم حكماً مساعداً، وواثق مدلل حكماً مساعداً، وعلي صباح حكم تقنية الفيديو المساعد (VAR). 

“الاتحاد الآسيوي وضع ثقته بنا بعد أداء ملفت قدمه طاقمنا خلال قيادته أكثر من مباراة على مستوى القارة الصفراء” يقول أحمد صباح لـ”جمّار”. 

كما أنيطت مهام منفردة بالحكم مهند قاسم، كقيادة نصف نهائي دوري أبطال آسيا ونهائي كأس الخليج 2014 بين قطر والسعودية. 

اقرأ أيضاً

من كرة القدم إلى “الدعابل”: عالم من الخلق واللذة 

وكذلك قاد الحكم الدولي المعتزل حديثاً علي صباح مباريات كبرى، كان أبرزها نهائي دوري أبطال آسيا بين الهلال السعودي وأوراوا الياباني عام 2019. 

وينتظر الطاقم الآن لحظة انطلاق كأس آسيا 2023 المقررة في 12 كانون الثاني الحالي ليشهد التاريخ قيادة أول طاقم تحكيمي عراقي مباريات البطولة القارية الأهم. 

طرد النفس 

لكن أوضاع حكّام كرة القدم المعيشية ليست على ما يرام، وأحمد صباح ومهند قاسم وواثق مدلل قد يكونون آخر الحكّام الدوليين للعراق، نتيجة لما يعانيه هؤلاء من ضيق مادي، وإهمال لدورهم. 

تحدّث إلينا حكم، كان قد حاول الوصول إلى الملعب للتحكيم في مباراة، إلا أنه لم يكن يملك أي مال يكفي لإيصاله إلى المباراة. 

أشار الحكم في حديثه لـ”جمّار” شريطة عدم الكشف عن اسمه، إلى عدم تقاضيه رواتبه منذ عشرة أشهر، على الرغم من الوعود المتكررة بالحصول على حقوقه المالية. 

وهو يتهم اتحاد كرة القدم بتجاهل الحكام باستمرار، ولاسيما الحكام الاتحاديين (غير الدوليين) والدرجات الأدنى. 

وصل به الأمر إلى العمل في مهن عديدة غير التحكيم، إحداها كانت عامل توصيل طلبات طعام، ليتمكن من تأمين أجور التنقل لقيادة المباريات. 

كان شغوفاً بالتحكيم ولم يشأ الابتعاد عنه، لكن شح الأجور وتأخر مواعيدها وضعه في حرج أمام عائلته، فاضطر لاتخاذ قرار الاعتزال والبحث عن عمل يُجدي. 

“أعمل حالياً في شركة خاصة، وأنا سعيد لأنني أعود إلى عائلتي يومياً بسلة غذائية كان التحكيم يحرم أولادي منها”، يقول لنا. 

ويقول نجاح رحم، الحكم الدولي السابق ورئيس لجنة الحكام في اتحاد الكرة إن الاتحاد لم يوثق استقالة حكم بسبب الأجور ولم يتلق طلباً بهذا الخصوص، لكنه يقر بتدني الأجور وأحوال الحكام. 

الحكم كالمنتخب 

يرى صباح عبد، حكم دولي سابق، أن على الدولة تأهيل حكام ليقودوا مباريات في كأس العالم مثلما تسعى إلى تأهل المنتخب. 

ويطالب عبد بتخصيص أموال للحكام بقدر الأموال المخصصة للأندية البالغة أربعة مليارات دينار لكل ناد. 

ويقول إن دول الجوار تدعم “قضاة الملاعب” لأنها تعدّهم ثروة وطنية يجب استثمارها بالشكل الأمثل، بينما لا يُفقه شيء من ذلك في العراق. 

ويشير إلى أن البلدان تعمل على صقل حكامها ليكونوا ضمن حكام القارة الأفضل، ما يزيد من فرص تواجدهم في نهائيات كأس العالم، وهو ما عجز العراق عنه عبر مر التاريخ، مع أن صقل حكم ليتواجد في المونديال أسهل من إعداد منتخب لإيصاله إلى البطولة العالمية الكبرى. 

ويوضح أن عديداً من دول المنطقة تُخضِع حكامها لاختبارات متقدمة قبل منحهم رخصة إدارة المباريات، وتتم متابعتهم خلال الموسم من جميع النواحي، فضلاً عن إدخالهم في دورات تدريبية متقدمة وتطوير للموارد البشرية التحكيمية عن طريق لجان الحكام التي تقودها الخبرات الأجنبية، وهذا غير موجود في العراق. 

خطر داهم 

يضطر الحكام أحياناً إلى قطع مسافة أكثر من ألف كيلومتر للوصول إلى أحد الملاعب من أجل قيادة مباراة. 

ولأن أجورهم متدنية، لا يستطيعون الذهاب قبل يوم والمبيت في فندق ونيل قسط من الراحة قبل المباراة، وهذا ما يجعل وقوعهم في الأخطاء وارداً جداً. 

يحذر عبد من أن “عجلة التحكيم في خطر بعد اعتزال علي صباح”، ذلك أن الحكم البارز الوحيد الذي ما زال غير معتزل هو مهند قاسم. 

ويقول إن الحكام الحاليين ليسوا في الصف الأول آسيوياً، مستبعداً تكرار تجربة الثنائي علي صباح ومهند قاسم في إدارة مباريات كبرى آسيوياً وخليجياً. 

“الخطر الأكبر سيبدأ من الآن ويمتد لخمس سنوات على أقل تقدير. دوري المحترفين سيفشله الحكام لأنهم ليسوا بمستوى الطموح والكفاءة لإدارة مباريات على مستوى عال”، يضيف عبد. 

أما تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) فإنها -بحسب عبد- غير جاهزة من ناحية المهارات البشرية، وذلك من شأنه إيقاع اتحاد الكرة في حرج كبير أمام الأندية بسبب قدرات الحكام المتواضعة في استخدام التقنية الحديثة. 

والمشكلة الكبرى، والحديث لعبد، ستتضح معالمها بعد سنتين إلى خمس سنوات، إذ لا توجد مقومات لاستمرار التحكيم في ظل التحديات المالية وقلة الأجور التي قتلت الطموح عند الشباب بامتهان هذه المهنة. 

كما لا توجد خطط واضحة لتطوير الحقل التحكيمي المهم، فلا معسكرات تدريبية ولا مدربو لياقة بدنية. 

ويتقاضى الحكم الدولي في دوري نجوم العراق 250 ألف دينار عن المباراة الواحدة، بينما يتقاضى حكم الدرجة الأولى 150 ألفاً. (كل 100 دولار تساوي نحو 152 ألف دينار في السوق الموازية). 

أما في الدوري الممتاز، فأجر المباراة 150 ألف دينار للحكم الدولي و100 ألف لحكم الدرجة الأولى. 

وفي دوريات الفئات العمرية يتقاضى حكم الدرجة الأولى 75 ألف دينار عن كل مباراة، بينما يتقاضى حكم الدرجتين الثانية والثالثة 50 ألفاً. 

ويشير رحم إلى أن لجنة الحكام وضعت خطة لزيادة أجور الحكام تتناسب مع التنافس العالي في دوري المحترفين. 

اعتداءات رسمية 

لا يقتصر الشغب الذي يواجه الحكام على الجماهير التي تشجع فرقها وترغب بالفوز دوماً. 

هذه الجماهير تمارس سلوكاً مشيناً أحياناً يتمثل بالسب والشتم تجاه الحكم وعائلته، بمجرد عدم الرضا على قرار ما. 

وقد يصل الموضوع أحياناً إلى التجاوز الجسدي والضرب بقناني المياه، وهذه ممارسات تقدم عليها إدارات الأندية في بعض الأحيان. 

في أكثر من مرة، شهدت ملاعب العراق اعتداءات من إداريي فريق ما أو مدربه أو حتى أحد لاعبيه على الحكم لتهييج المدرجات وزيادة توتر المباراة للضغط عليه من أجل كسب قرارات لصالح الفريق. 

في شباط، الموسم الماضي، تعرض الحكم الدولي علي صباح لضربة في منطقة الرأس بعد فوز دهوك على كربلاء في ملعب كربلاء. 

ظنها في بداية الأمر من الجمهور، لكن فيديوهات انتشرت على مواقع التواصل بعد نهاية المباراة وثقت حالة الاعتداء، ليتبين أنها من وليد حسين أمین سر نادي كربلاء. 

قرر الحكم الدولي محاسبة المعتدي قضائياً. 

استدعى القضاء حسين فلم يحضر إلى المحكمة، فصدرت مذكرة قبض بحقه. 

الحكم الدولي مهند قاسم هو الآخر له رصيد من الاعتداءات من قبل الجماهير واللاعبين. 

كان آخرها بعد طرده اللاعب الدولي إبراهيم بايش عند نهاية لقاء القوة الجوية والكهرباء الموسم الماضي. 

قررت لجنة الانضباط حرمان اللاعب المذكور موسماً كاملاً بسبب تهديده، مع حمادي أحمد الأمين المالي لنادي القوة الجوية، للحكم. 

ثم خُفضت العقوبة لبضع مباريات. 

نال الحكم الدولي في إثر تلك الحادثة سيلاً من الشتائم والتهديدات على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل معجبي بايش. 

اللاعبون والحكّام 

ساعدت تقنية الـ(VAR) في تحسين العلاقة بين اللاعبين والحكام، كما يقول مهند عبد الرحيم، لاعب المنتخب العراقي ونادي القوة الجوية. 

فهذه التقنية باتت تمنح شعوراً للاعبين بأنهم لن يتعرضوا للظلم. 

لكن عبد الرحيم يرى ضرورة الإسراع في اتخاذ القرار عند اللجوء إلى هذه التقنية. 

يتذكر أن إحدى المباريات توقفت عشر دقائق لمراجعة الـ(VAR) وهذا ما لا يحدث على الإطلاق في بقية البلدان. 

لكنه يتفهم أن التقنية دخلت حديثاً إلى العراق وسيتم التعامل معها باحترافية أكثر مع مرور الوقت. 

كما أنه يدعو لجنة الحكام في اتحاد الكرة إلى التركيز على موضوع إيقاف المباريات لأسباب لا تستحق وحث الحكام على السماح باستمرار اللعب قدر الإمكان.