"كنا نرى الأشجار.. والآن الصحراء فقط": الرمال تبتلع كربلاء
02 تشرين الثاني 2023
على أطراف كربلاء، ووسط أرض جرداء قاحلة توجد لافتة بيضاء متهرّئة، تعلن عن وضع حجر الأساس لمشروع الحزام الأخضر الشمالي الذي أطلقته الحكومة المحلية لكربلاء عام 2006.. وبعد عقد ونيف، ماذا حل بالمشروع؟.. عن كربلاء التي تبتلعها الرمال بعد "اندثار" أشجارها..
كلما ضربت عاصفة ترابيّة محافظة كربلاء (97 كيلومتراً عن بغداد)، يعيش مصطفى حمزة (30 عاماً) أصعب أيامه؛ فحمزة لا يطيق استنشاق الغبار الكثيف الذي يغلف أجواء المحافظة.
يعاني حمزة مثل الكثيرين من أبناء محافظته من ضيق التنفس والربو المزمن، وتفاقم من معاناتهم زيادة تواتر هبوب العواصف الترابية على كربلاء.
يسترجع الشاب الثلاثيني ذكرياته مع محافظته، مقارناً بين ماضيها وحاضرها، “كنا نرى الأشجار والمزروعات، لكن الآن لا نرى سوى الصحراء التي تزحف إلى المحافظة”.
لم يكن من المخطط قبل 16 عاماً أن يكون الوضع هكذا في المحافظة؛ فلقد أطلقت الحكومة المحلية في كربلاء مشروع الحزام الأخضر الذي كان من المفترض أن يطوق المحافظة، حامياً إياها من العواصف الترابية.
نتتبّع عبر هذا التحقيق مصير هذا المشروع؛ لنصل إلى أن سوء الإدارة والإهمال تركاه أطلالاً، وأبناء المحافظة رهائن للعواصف الترابية التي تضربها من الوقت إلى الآخر.
وتحذر الدائرة الفنية في وزارة البيئة من العواصف الترابية في البلاد، لاسيما بعد ارتفاع عدد الأيام المغبرة إلى 272 يوماً في السنة، مرجحة أن يصل عددها إلى 300 يوم عام 2050.
والعام الماضي، سجلت وزارة الصحة نحو 5 آلاف حالة اختناق جراء العواصف الترابية، وكانت 750 حالة منها في كربلاء وحدها.
الحزام الأصفر
على أطراف كربلاء، ووسط أرض جرداء قاحلة توجد لافتة بيضاء متهرّئة، تعلن عن وضع حجر الأساس لمشروع الحزام الأخضر الشمالي الذي أطلقته الحكومة المحلية لكربلاء عام 2006.
تحمل اللافتة تفاصيل الجزء الشمالي من المشروع الذي كان من المفترض أن يمتد على طول 50 كيلومتراً، بقيمة 16 مليار دينار (13 مليون دولار بسعر الصرف وقتها)، على أن ينتهي تنفيذه عام 2011.
ويبلغ إجمالي طول المشروع 76 كيلومتراً، ولكن ما نفذ منه فقط 22 كيلومتراً في الجزء الشمالي، و26 كليومتراً في الجنوب.
في جولة عبر الأقمار الاصطناعية عام 2020، تظهر الصور معالم الإهمال على مناطق إنشاء الحزام، بالإضافة إلى إقامة مناطق سكنية في المساحات المخصصة للأجزاء الأخيرة منه.
هلاك الأشجار
بدأت المرحلة الأولى من مشروع حزام كربلاء بزراعة 20 ألف نخلة، و40 ألف شجرة زيتون، و20 ألف شجرة يوكاليبتوس.
وبعد مرور 12 عاماً من التاريخ المحدّد للانتهاء من تنفيذ المشروع، رصدنا موت مئات الأشجار في الحزام، وتحوّلت مساحة واسعة من الأراضي المخصصة من المشروع إلى أراضٍ صحراوية.
يُرجع أمل الدين ماهر، رئيس منظمة التنمية والارتقاء بالبيئة العراقية، اندثار أشجار الحزام إلى إهمالها وعدم رعايتها وسقيها ما أدى إلى هلاكها.
يقول ناصر الخزعلي، العضو السابق لمجلس محافظة كربلاء -المجلس الرقابي لعمل الحكومة المحلية- إن نسبة الأشجار التي هلكت من إجمالي أشجار الحزام وصلت إلى نحو 50 في المئة، بعد إنفاق نحو 9 مليارات دينار (7.5 مليون دولار) على زراعتها.
ويحمّل الخزعلي وزارة الزراعة مسؤولية تردي وضع الحزام الأخضر، لعدم توفيرها التمويل الكافي لرعاية نخيل الحزام وأشجاره.
لكن الناشط البيئي يحيى الحسناوي يرى أن الإهمال تمثل في عدم توفير مرشات لسقي الأشجار والنخيل، لتُترك فريسة للبيئة الجافة المحيطة بها، التي أدت إلى موتها، وزحف الرمال عليها.
عقود من الإهمال
لم يكن مشروع حزام كربلاء الأخضر هو الأول من نوعه، فقد سبقته مبادرات -بدأت في سبعينيات القرن الماضي- لتطويق المحافظات الأكثر عرضة للعواصف الترابية بأحزمة خضراء.
ورعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) المشروع في مرحلته الأولى، إلا أنه توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية بين 1980 و1988، ثم حرب الخليج.
وفي نهاية التسعينيات من القرن الماضي، تجددت مبادرات إنشاء حزام أخضر حول كربلاء، وبالفعل نفذ جزء من هذا المشروع، إلا أنه توقف في 2003، إثر الغزو الأمريكي للعراق.
يقول أحد المهندسين الذين واكبوا تنفيذ المشروع الأول، إن المشروع الأول كان يشتمل على زراعة غابات، ولكن -قبل 2003- كانت المباني السكنية تشيد على المساحات المخصصة له، قبل أن تأتي ظروف الحرب، لتكتب شهادة وفاة المشروع هذا.
ويضيف المهندس الذي رفض ذكر اسمه، أن مصير مشروع 2006 يتشابه مع سابقه، إلا أنه عند تنفيذه تمت مراعاة زراعة الحزام الأخضر بالنخيل؛ لحمايته من التعدي، إذ أن القانون العراقي يمنع اجتثاث النخيل.
وإن بقي النخيل من دون أن تمسه أي يد، إلا أن الإهمال طاله، وأدى لموت الكثير منه.
الحاجة إلى أحزمة خضراء
يعاني أحمد حسين -أحد أبناء مدينة كربلاء- من تكرار العواصف الترابية وشدتها، متحسراً على ما آل إليه مصير الحزام الأخضر، “لو كان هذا الحزام موجوداً اليوم، لاستطاع أن يحد من شدة العواصف الترابية التي ضربت المحافظة مؤخراً”.
ويعد العراق من أكثر البلدان عرضة للتصحر، وتشير تقديرات وزارة البيئة إلى أن التصحر يبلغ نحو 70 في المئة من مساحة البلاد.
يفاقم من حدة الأمر تدهور موارد العراق المائية، إذ حذر البنك الدولي في تشرين الثاني الماضي من انخفاض الموارد المائية في العراق بنسبة 20 في المئة، بحلول العام 2050؛ جراء التغيّرات المناخية.
وتؤدي قلة المياه إلى تدهور حالة التربة، ومن ثم انخفاض المساحات الصالحة للزراعة.
يقدر خبير الموارد المائية نظير الأنصاري، المساحات التي تتعرض سنوياً لخطر التصحر، بـ100 ألف دونم؛ أي 250 كليومتراً مربعاً.
ويلفت وزير الموارد المائية عون ذياب -في لقاء سابق له قبل تسلمه منصبه الوزاري- إلى أهمية إنشاء أحزمة خضراء حول المحافظات المعرضة للعواصف الترابية، مضيفاً أن العراق شهد -في هذا الصدد- بعض التجارب السابقة التي لم تكتمل.
بين المصانع والمباني
بينما تتمدد المباني السكنية على أنقاض الحزام، تقف على الجهة المقابلة عشرات المعامل المنتجة للحديد والصلب والمواد الأولية، وغيرها من المنتجات.
تصدر من مداخن هذه المعامل أدخنة سوداء، وينبعث منها غبار مخلوط بمواد كيميائية، مهدداً سكان هذه الوحدات باحتمالية الإصابة بالأمراض الصدرية.
يشير الناشط البيئي على رشيد إلى أن الحزام الأخضر كان من شأنه أن يقف مصداً أمام الغبار، مانعاً إياه من الدخول إلى الحيز السكاني من المحافظة.
تشير دراسة بحثية نشرت في جامعة كربلاء للعلوم الإنسانية العام الماضي، إلى عدم معالجة النفايات الخاصة بتلك المعامل -خاصة معامل البلاستيك والصناعات الكيمياوية- الواقعة في أطراف كربلاء بشكل صحيح، عبر رميها بشكل مباشر في الماء أو حرقها من دون معالجة، ما يتسبب بانبعاثات، وصفتها الدراسة بـ”الخطيرة”؛ لما لها من تأثيرات على صحة الإنسان والحيوان والنبات.
توجهنا إلى مديرية زراعة كربلاء لسؤالها عن سبب إهمال الحزام، رغم الحاجة إليه في ظل التلوث المحيط بالمحافظة، ومعاناة العراق من التغيرات المناخية.
اعترف باهر غالي، مدير الإعلام بالمديرية، بأن المشروع آل إلى الاندثار؛ نظراً إلى أن وزارة الزراعة قررت عدم إدراجه ضمن خطتها الاستثمارية في 2014، معللة ذلك بأن الأحزمة من اختصاص دائرة البلدية.
في المقابل -والكلام لغالي- رفضت البلدية استلام المشروع، ما أدى إلى توقف دعم المشروع.
وعلى مدار أكثر من شهر، حاول معد التحقيق التواصل مع محمد الخزاعي المتحدث باسم وزارة الزراعة، لكنه لم يتلق منه رداً.
* تم إنتاج هذا التقرير ضمن إطار مشروع أصواتنا المنفذ من قبل منظمة انترنيوز، وينشر بالشراكة مع “نيريج“
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
دكتاتورية وذكورية: التمثيل النسائي في البرلمان العراقي
08 أكتوبر 2024
العلاقات العراقية الصينية: محصلة الماضي والحاضر ورهان المستقبل
06 أكتوبر 2024
معضلة الزعامة الدينية عند سنة العراق: لماذا لم يصنعوا مرجعية؟
04 أكتوبر 2024
الرئيس الإيراني في بغداد: زيارة بزشكيان "السياحية" إلى العراق
01 أكتوبر 2024
كلما ضربت عاصفة ترابيّة محافظة كربلاء (97 كيلومتراً عن بغداد)، يعيش مصطفى حمزة (30 عاماً) أصعب أيامه؛ فحمزة لا يطيق استنشاق الغبار الكثيف الذي يغلف أجواء المحافظة.
يعاني حمزة مثل الكثيرين من أبناء محافظته من ضيق التنفس والربو المزمن، وتفاقم من معاناتهم زيادة تواتر هبوب العواصف الترابية على كربلاء.
يسترجع الشاب الثلاثيني ذكرياته مع محافظته، مقارناً بين ماضيها وحاضرها، “كنا نرى الأشجار والمزروعات، لكن الآن لا نرى سوى الصحراء التي تزحف إلى المحافظة”.
لم يكن من المخطط قبل 16 عاماً أن يكون الوضع هكذا في المحافظة؛ فلقد أطلقت الحكومة المحلية في كربلاء مشروع الحزام الأخضر الذي كان من المفترض أن يطوق المحافظة، حامياً إياها من العواصف الترابية.
نتتبّع عبر هذا التحقيق مصير هذا المشروع؛ لنصل إلى أن سوء الإدارة والإهمال تركاه أطلالاً، وأبناء المحافظة رهائن للعواصف الترابية التي تضربها من الوقت إلى الآخر.
وتحذر الدائرة الفنية في وزارة البيئة من العواصف الترابية في البلاد، لاسيما بعد ارتفاع عدد الأيام المغبرة إلى 272 يوماً في السنة، مرجحة أن يصل عددها إلى 300 يوم عام 2050.
والعام الماضي، سجلت وزارة الصحة نحو 5 آلاف حالة اختناق جراء العواصف الترابية، وكانت 750 حالة منها في كربلاء وحدها.
الحزام الأصفر
على أطراف كربلاء، ووسط أرض جرداء قاحلة توجد لافتة بيضاء متهرّئة، تعلن عن وضع حجر الأساس لمشروع الحزام الأخضر الشمالي الذي أطلقته الحكومة المحلية لكربلاء عام 2006.
تحمل اللافتة تفاصيل الجزء الشمالي من المشروع الذي كان من المفترض أن يمتد على طول 50 كيلومتراً، بقيمة 16 مليار دينار (13 مليون دولار بسعر الصرف وقتها)، على أن ينتهي تنفيذه عام 2011.
ويبلغ إجمالي طول المشروع 76 كيلومتراً، ولكن ما نفذ منه فقط 22 كيلومتراً في الجزء الشمالي، و26 كليومتراً في الجنوب.
في جولة عبر الأقمار الاصطناعية عام 2020، تظهر الصور معالم الإهمال على مناطق إنشاء الحزام، بالإضافة إلى إقامة مناطق سكنية في المساحات المخصصة للأجزاء الأخيرة منه.
هلاك الأشجار
بدأت المرحلة الأولى من مشروع حزام كربلاء بزراعة 20 ألف نخلة، و40 ألف شجرة زيتون، و20 ألف شجرة يوكاليبتوس.
وبعد مرور 12 عاماً من التاريخ المحدّد للانتهاء من تنفيذ المشروع، رصدنا موت مئات الأشجار في الحزام، وتحوّلت مساحة واسعة من الأراضي المخصصة من المشروع إلى أراضٍ صحراوية.
يُرجع أمل الدين ماهر، رئيس منظمة التنمية والارتقاء بالبيئة العراقية، اندثار أشجار الحزام إلى إهمالها وعدم رعايتها وسقيها ما أدى إلى هلاكها.
يقول ناصر الخزعلي، العضو السابق لمجلس محافظة كربلاء -المجلس الرقابي لعمل الحكومة المحلية- إن نسبة الأشجار التي هلكت من إجمالي أشجار الحزام وصلت إلى نحو 50 في المئة، بعد إنفاق نحو 9 مليارات دينار (7.5 مليون دولار) على زراعتها.
ويحمّل الخزعلي وزارة الزراعة مسؤولية تردي وضع الحزام الأخضر، لعدم توفيرها التمويل الكافي لرعاية نخيل الحزام وأشجاره.
لكن الناشط البيئي يحيى الحسناوي يرى أن الإهمال تمثل في عدم توفير مرشات لسقي الأشجار والنخيل، لتُترك فريسة للبيئة الجافة المحيطة بها، التي أدت إلى موتها، وزحف الرمال عليها.
عقود من الإهمال
لم يكن مشروع حزام كربلاء الأخضر هو الأول من نوعه، فقد سبقته مبادرات -بدأت في سبعينيات القرن الماضي- لتطويق المحافظات الأكثر عرضة للعواصف الترابية بأحزمة خضراء.
ورعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) المشروع في مرحلته الأولى، إلا أنه توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية بين 1980 و1988، ثم حرب الخليج.
وفي نهاية التسعينيات من القرن الماضي، تجددت مبادرات إنشاء حزام أخضر حول كربلاء، وبالفعل نفذ جزء من هذا المشروع، إلا أنه توقف في 2003، إثر الغزو الأمريكي للعراق.
يقول أحد المهندسين الذين واكبوا تنفيذ المشروع الأول، إن المشروع الأول كان يشتمل على زراعة غابات، ولكن -قبل 2003- كانت المباني السكنية تشيد على المساحات المخصصة له، قبل أن تأتي ظروف الحرب، لتكتب شهادة وفاة المشروع هذا.
ويضيف المهندس الذي رفض ذكر اسمه، أن مصير مشروع 2006 يتشابه مع سابقه، إلا أنه عند تنفيذه تمت مراعاة زراعة الحزام الأخضر بالنخيل؛ لحمايته من التعدي، إذ أن القانون العراقي يمنع اجتثاث النخيل.
وإن بقي النخيل من دون أن تمسه أي يد، إلا أن الإهمال طاله، وأدى لموت الكثير منه.
الحاجة إلى أحزمة خضراء
يعاني أحمد حسين -أحد أبناء مدينة كربلاء- من تكرار العواصف الترابية وشدتها، متحسراً على ما آل إليه مصير الحزام الأخضر، “لو كان هذا الحزام موجوداً اليوم، لاستطاع أن يحد من شدة العواصف الترابية التي ضربت المحافظة مؤخراً”.
ويعد العراق من أكثر البلدان عرضة للتصحر، وتشير تقديرات وزارة البيئة إلى أن التصحر يبلغ نحو 70 في المئة من مساحة البلاد.
يفاقم من حدة الأمر تدهور موارد العراق المائية، إذ حذر البنك الدولي في تشرين الثاني الماضي من انخفاض الموارد المائية في العراق بنسبة 20 في المئة، بحلول العام 2050؛ جراء التغيّرات المناخية.
وتؤدي قلة المياه إلى تدهور حالة التربة، ومن ثم انخفاض المساحات الصالحة للزراعة.
يقدر خبير الموارد المائية نظير الأنصاري، المساحات التي تتعرض سنوياً لخطر التصحر، بـ100 ألف دونم؛ أي 250 كليومتراً مربعاً.
ويلفت وزير الموارد المائية عون ذياب -في لقاء سابق له قبل تسلمه منصبه الوزاري- إلى أهمية إنشاء أحزمة خضراء حول المحافظات المعرضة للعواصف الترابية، مضيفاً أن العراق شهد -في هذا الصدد- بعض التجارب السابقة التي لم تكتمل.
بين المصانع والمباني
بينما تتمدد المباني السكنية على أنقاض الحزام، تقف على الجهة المقابلة عشرات المعامل المنتجة للحديد والصلب والمواد الأولية، وغيرها من المنتجات.
تصدر من مداخن هذه المعامل أدخنة سوداء، وينبعث منها غبار مخلوط بمواد كيميائية، مهدداً سكان هذه الوحدات باحتمالية الإصابة بالأمراض الصدرية.
يشير الناشط البيئي على رشيد إلى أن الحزام الأخضر كان من شأنه أن يقف مصداً أمام الغبار، مانعاً إياه من الدخول إلى الحيز السكاني من المحافظة.
تشير دراسة بحثية نشرت في جامعة كربلاء للعلوم الإنسانية العام الماضي، إلى عدم معالجة النفايات الخاصة بتلك المعامل -خاصة معامل البلاستيك والصناعات الكيمياوية- الواقعة في أطراف كربلاء بشكل صحيح، عبر رميها بشكل مباشر في الماء أو حرقها من دون معالجة، ما يتسبب بانبعاثات، وصفتها الدراسة بـ”الخطيرة”؛ لما لها من تأثيرات على صحة الإنسان والحيوان والنبات.
توجهنا إلى مديرية زراعة كربلاء لسؤالها عن سبب إهمال الحزام، رغم الحاجة إليه في ظل التلوث المحيط بالمحافظة، ومعاناة العراق من التغيرات المناخية.
اعترف باهر غالي، مدير الإعلام بالمديرية، بأن المشروع آل إلى الاندثار؛ نظراً إلى أن وزارة الزراعة قررت عدم إدراجه ضمن خطتها الاستثمارية في 2014، معللة ذلك بأن الأحزمة من اختصاص دائرة البلدية.
في المقابل -والكلام لغالي- رفضت البلدية استلام المشروع، ما أدى إلى توقف دعم المشروع.
وعلى مدار أكثر من شهر، حاول معد التحقيق التواصل مع محمد الخزاعي المتحدث باسم وزارة الزراعة، لكنه لم يتلق منه رداً.
* تم إنتاج هذا التقرير ضمن إطار مشروع أصواتنا المنفذ من قبل منظمة انترنيوز، وينشر بالشراكة مع “نيريج“