"معضلة تحت الأرض".. عن الحقول النفطية المشتركة بين العراق والكويت
24 أيلول 2023
الحقول المشتركة على الحدود بين العراق ودول الجوار -الكويت وإيران- من أهم معرقلات التفاوض على ترسيم الحدود، وما يعقّد الأمر أكثر هو التاريخ الثلاثي المملوءة سطوره بالحروب الطاحنة وما خلّفته من آثارٍ مادية ومعنوية ضخمة.. "معضلة تحت الأرض".. عن الحقول النفطية المشتركة بين العراق والكويت..
للحقول النفطية المشتركة بين العراق ودول الجوار، خصائص تميّزها، ليس من الناحية الجيولوجية أو الوزن النوعي للنفط في خزانه فحسب، وإنما لحساسية هذه الحقول من الناحية السياسية.
فالحقول على الحدود بين العراق ودول الجوار -خاصة تلك التي مع دولتي الكويت وإيران- من أهم معرقلات التفاوض على ترسيم الحدود، وما يعقّد الأمر أكثر هو التاريخ الثلاثي المملوءة سطوره بالحروب الطاحنة وما خلفته من آثارٍ مادية ومعنوية ضخمة.
وحتّى اليوم، ما زال التشكيك والاعتراض يطعن بالخطوط الحدودية الفاصلة بين هذه الدول. وعلى الرغم من المعاهدات والاتفاقيات الموثّقة، إلا أنّ الإشكال الحدودي ما زال قائماً مع الدولتين، وخاصّة مع الكويت نظراً لقطع جزء كبير من الأراضي العراقية بموجب ترسيم الحدود من قبل مجلس الأمن بقراره 833 لسنة 1993 والتي تضم آباراً نفطية منتجة ومهمة للاقتصاد العراقي؛ إذ يرى العراق أنه ظُلم وأن الترسيم جاء مسيساً لصالح الكويت. فشمل مسافة تمتد بطول 240 كم، من الجنوب إلى الشمال (في العمق العراقي) ثم إلى الشرق، ثبّتت خلالها 106 أعمدة كونكريتية، بداية بالعمود رقم واحد الذي يمثل نقطة التقاء الحدود العراقية الكويتية السعودية في وادي حفر الباطن، مروراً بالنهاية الشمالية لهذا الوادي والمتقاطعة مع خط العرض المار بالنقطة الواقعة جنوب مدينة صفوان -وهي نقطة واقعة على بعد 1430 مترا، في الطرف الجنوبي الغربي لجدار مبنى الجمارك القديم، على طول الطريق القديم المؤدي من صفوان الى مدينة الكويت-، ثم إلى نقطة في جنوب مدينة أم قصر، حيث تمر الحدود (حسب الموقع المبين في الخريطة البريطانية (5549 ــ 1) من سلسلة الطبعة الثانية /1990 المعدة من قبل المساحة العسكرية في وزارة الدفاع البريطانية) لتتقاطع مع الساحل الغربي لخور الزبير، ثم تنتهي بنقطة التقاء خور الزبير مع خور عبد الله. وهو ما أدى إلى استحواذ الكويت على المناطق الجنوبية لحقل الرميلة العراقي.
مفهوم الحقول المشتركة
قبل كل ذلك، يُقصد بالحقول المشتركة، بتلك التي تمتد بين دولتين أو أكثر وقد تتكوّن في دولة معينة لكنها تخترق حدوداً أخرى أو أخريات، أي أن امتدادها الجيولوجي عابر لحدود الدولة السيادية، وقد تترتب عليها نزاعات لاسيما وإن الحقل النفطي يتمثل بتكوينه الجيوفيزيائي ويتضمن أكثر من مكمن نفطي، ويمكن حفر أكثر من بئر يحتوي خزانه على هيدروكربونات، وتقسم هذه الحقول إلى ثنائية تشترك في الحقل دولتان فقط مثل الحقول بين الكويت والعراق، وجماعية يمتد الحقل فيها بين أكثر من دولتين مثل حقول النفط في بحر الشمال وبحر قزوين والخليج العربي.
التراكيب الجيولوجية
تشترك معظم الحقول بين العراق والكويت بتراكيب متطابقة تعود الى العصر الطباشيري، ما يعني أن الخصائص الفيزيائية للصخور التي تحتوي على النفط الخام متطابقة. وينسحب ذلك على التراكيب الجيولوجية المشتركة لحقول الرميلة، والزبير، وسفوان، وارطاوي، بالجانب العراقي، وحقول الروضتين، والعبدلي وبرقان، وام المناقيش، وظبي، ومودود من جهة الكويت.
ولهذه التراكيب خصائص مشتركة للصخور التي تحتوي على النفط الخام والغاز الطبيعي، والتي تساعد في عملية انسياب الموائع في الحقول وتمكّن من عملية سحب النفط من خلال الحفر المائل لمسافة تصل من (ألف-3 آلاف م) طولاً، وبعمق من (ألف-2 ألف م) عرضاً. ولكون حقلَيْ الرميلة والزبير منتميَيْن إلى التركيب الجيولوجي نفسه للحقول الكويتية المجاورة، اتفقت الكويت مع شركات (شل) و(إكسون موبيل) و(شيفرون) و(تكساكو) بعد عام 1991 على القيام بالمسوحات الزلزالية والاستكشاف في المناطق المجاورة لحقل الرميلة الجنوبي، وتم اكتشاف حقل جديد هو حقل ظبي.
ويؤدي عدم الاهتمام بهذا الامر الى خسائر كبيرة، اذ لا بد من ايجاد اتفاقيات عادلة تضمن حق الطرفين، وتساعد بخلق بيئة استثمارية خصبة، الشيء الذي لم يستطع العراق ضمانه بسبب الاضطراب السياسي.
عوائق الاستثمار
تتسم بعض هذه الحقول المشتركة بالمخاطر الأمنية وتتمثل بالمخلفات الحربية من ألغام ومتفجرات مختلفة الأنواع ومنشأ الصنع نتيجة الحرب التي خاضها العراق مع الكويت، ما يعيق أو يبطئ عملية استثمار هذه الحقول لما فيها من مخاطر على الأفراد والشركات بصورة عامة. وتشهد الحدود العراقية المحاذية للكويت خروقات متكررة كتسلل مهربين وعصابات وتجار مخدرات، كما أن هذه الحقول محاطة بتجمعات (عشائرية) تمارس بين الحين والآخر عمليات ابتزاز للشركات العاملة هناك فتربك عملها وتهدد مصالحها، في فراغ لا تستطيع الحكومة فرض سلطتها فيه، فيملؤه شيوخ ومسلحو العشائر.
وبالتوازي، تنفذ الجماعات والفصائل المسلحة، العاملة تحت مظلة القانون، والخارجة عنه، أجندات قادتها والدول التي تتبعها، فتضغط على الشركات وتبتزها لتمويل أنشطتها أو لمصلحة شركات أو دول أخرى.
كل هذا يترافق مع تولي أشخاص غير ذوي خبرة وتخصص، المناصب المهمة المعنية، ما يوسّع رقعة الفساد الموغل في مفاصل الدولة العراقية.
السبل إلى تعزيز الاستثمارات
من أجل استثمار ناجع في هذه الحقول تحتاج الدولة العراقية إلى الاتفاق مع الكويت، وقبل ذلك ينبغي أن يتوصّل العراق إلى تثبيت دعائم الحدود الدولية مع الكويت، لكي يكون تنظيم واستغلال الثروات النفطية والغازية ممكناً. وفي هذا الإطار وقّع العراق في نهاية تموز 2019 اتفاقية مع الجانب الكويتي حول استثمار الحقول النفطية المشتركة، إذ تم اختيار شركة “اي ار سي” استشارية للطاقة، من أجل وضع أفضل الآليات لاستثمار هذه الحقول خلال فترة عامين ونصف العام، وذكر طلال ناصر الصباح، وكيل وزارة النفط الكويتية، حينه أن العقد ينص على دراسة الحقول بين العراق والكويت لتحديد الطريقة الناجعة لاستثمارها ووضع النقاط القانونية والفنية التي تنظم عملية الإنتاج بما يحقق المنفعة لطرفي القضية، فيما أكدت وزارة النفط العراقية أن العقد مع الشركة البريطانية ينص على إعداد دراسة فنية ومكمنية شاملة للحقول التي يقول الجانبان بأنها مشتركة، ومن أبرزها حقل الرميلة الجنوبي – الرتقة وحقل سفوان– العبدلي وتعد هذه الاتفاقية بداية لاتفاقيات لاحقة وفق المعطيات التي سـتظهر، وأكد عبد المهدي العميدي مدير دائرة العقود في وزارة النفط العراقية أن الاتفاق أيضاً نص على أن تزودنا الشركة المذكورة بحجم الاحتياطي للحقول وجميع التفاصيل التي تتعلق بها.
ويعد هذا الاتفاق الأول من نوعه في الصناعة النفطية بين البلدين بعد سنوات من التفاوض الشاقّ أو القطيعة، وتنبع أهمية الاتفاق أيضاً من حلّ النزاع حول هذه الحقول التي كانت أحد أسباب غزو الكويت حين اتهمت سلطات صدام حسين الرئيس العراقي الأسبق الكويت بالسحب غير الشرعي من حقل الرميلة العملاق، ومن المفترض أن يمهد الاتفاق الطريق لاتفاقيات أخرى حول الحقول المشتركة مع باقي الدول المجاورة وأهمها إيران.
من أجل الضمان
يعتبر توحيد عمليات الاستغلال والإنتاج تحت مسؤولية مَشْغَلٍ واحد، ضرورة، حيث يمكن تحقيق الاستغلال المشترك باتفاق الدول المعنية على الأخذ بإحدى صور المشروعات المشتركة والوصول إلى علاقة تعاقدية واقتصادية ثابتة على أساس قواعد العدالة والإنصاف والمساواة، تستمر الى حين استنزاف المصدر المشترك.
بالمجمل، ومن أجل تجاوز الاختلافات العراقية الكويتية، واستثمار ما على الحدود بأفضل صورة يحتاج الجانبان الاتفاق على أن تتولى جهة واحدة مشتركة، مسؤولية إدارة جميع النشاطات التطويرية والاستثمارية، وقبل ذلك يجب أن يعرف كلّ طرف نصيبه من إنتاج المصدر المشترك وفق معيار عادل متفق عليه وهذا بحاجة لمعرفة إجمالي ما يختزنه المصدر. وكما المردودات، يحتاج الطرفان الاتفاق على التزامات كلٍ منهما تجاه نفقات الإنتاج التشغيلية نسبةً لحصّتَيهما، وأن تؤطر هذه التفاصيل بأخرى زمنية، والأفضل أن يمتد الاتفاق حتى نضوب المصدر.
وبالتوازي، ينبغي التوصل الى اتفاق ترسيم عادل ومنصف للحدود البحرية بين العراق والكويت، يضمن للعراق الاستفادة من الثروات النفطية الكامنة في قاع المناطق البحرية المحاذية في الخليج العربي، وفي حالة تعذر التوصل الى اتفاق، فلا سبيل إلّا إحالة موضوع الخلاف الحدودي إلى محكمة العدل الدولية، أو المركز الدولي لتسوية النزاعات الدولية في واشنطن، أو إلى محاكم التحكيم الدولية الأخـــرى.
* تنشر هذه المادة بالشراكة مع الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية ”نيريج”
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
للحقول النفطية المشتركة بين العراق ودول الجوار، خصائص تميّزها، ليس من الناحية الجيولوجية أو الوزن النوعي للنفط في خزانه فحسب، وإنما لحساسية هذه الحقول من الناحية السياسية.
فالحقول على الحدود بين العراق ودول الجوار -خاصة تلك التي مع دولتي الكويت وإيران- من أهم معرقلات التفاوض على ترسيم الحدود، وما يعقّد الأمر أكثر هو التاريخ الثلاثي المملوءة سطوره بالحروب الطاحنة وما خلفته من آثارٍ مادية ومعنوية ضخمة.
وحتّى اليوم، ما زال التشكيك والاعتراض يطعن بالخطوط الحدودية الفاصلة بين هذه الدول. وعلى الرغم من المعاهدات والاتفاقيات الموثّقة، إلا أنّ الإشكال الحدودي ما زال قائماً مع الدولتين، وخاصّة مع الكويت نظراً لقطع جزء كبير من الأراضي العراقية بموجب ترسيم الحدود من قبل مجلس الأمن بقراره 833 لسنة 1993 والتي تضم آباراً نفطية منتجة ومهمة للاقتصاد العراقي؛ إذ يرى العراق أنه ظُلم وأن الترسيم جاء مسيساً لصالح الكويت. فشمل مسافة تمتد بطول 240 كم، من الجنوب إلى الشمال (في العمق العراقي) ثم إلى الشرق، ثبّتت خلالها 106 أعمدة كونكريتية، بداية بالعمود رقم واحد الذي يمثل نقطة التقاء الحدود العراقية الكويتية السعودية في وادي حفر الباطن، مروراً بالنهاية الشمالية لهذا الوادي والمتقاطعة مع خط العرض المار بالنقطة الواقعة جنوب مدينة صفوان -وهي نقطة واقعة على بعد 1430 مترا، في الطرف الجنوبي الغربي لجدار مبنى الجمارك القديم، على طول الطريق القديم المؤدي من صفوان الى مدينة الكويت-، ثم إلى نقطة في جنوب مدينة أم قصر، حيث تمر الحدود (حسب الموقع المبين في الخريطة البريطانية (5549 ــ 1) من سلسلة الطبعة الثانية /1990 المعدة من قبل المساحة العسكرية في وزارة الدفاع البريطانية) لتتقاطع مع الساحل الغربي لخور الزبير، ثم تنتهي بنقطة التقاء خور الزبير مع خور عبد الله. وهو ما أدى إلى استحواذ الكويت على المناطق الجنوبية لحقل الرميلة العراقي.
مفهوم الحقول المشتركة
قبل كل ذلك، يُقصد بالحقول المشتركة، بتلك التي تمتد بين دولتين أو أكثر وقد تتكوّن في دولة معينة لكنها تخترق حدوداً أخرى أو أخريات، أي أن امتدادها الجيولوجي عابر لحدود الدولة السيادية، وقد تترتب عليها نزاعات لاسيما وإن الحقل النفطي يتمثل بتكوينه الجيوفيزيائي ويتضمن أكثر من مكمن نفطي، ويمكن حفر أكثر من بئر يحتوي خزانه على هيدروكربونات، وتقسم هذه الحقول إلى ثنائية تشترك في الحقل دولتان فقط مثل الحقول بين الكويت والعراق، وجماعية يمتد الحقل فيها بين أكثر من دولتين مثل حقول النفط في بحر الشمال وبحر قزوين والخليج العربي.
التراكيب الجيولوجية
تشترك معظم الحقول بين العراق والكويت بتراكيب متطابقة تعود الى العصر الطباشيري، ما يعني أن الخصائص الفيزيائية للصخور التي تحتوي على النفط الخام متطابقة. وينسحب ذلك على التراكيب الجيولوجية المشتركة لحقول الرميلة، والزبير، وسفوان، وارطاوي، بالجانب العراقي، وحقول الروضتين، والعبدلي وبرقان، وام المناقيش، وظبي، ومودود من جهة الكويت.
ولهذه التراكيب خصائص مشتركة للصخور التي تحتوي على النفط الخام والغاز الطبيعي، والتي تساعد في عملية انسياب الموائع في الحقول وتمكّن من عملية سحب النفط من خلال الحفر المائل لمسافة تصل من (ألف-3 آلاف م) طولاً، وبعمق من (ألف-2 ألف م) عرضاً. ولكون حقلَيْ الرميلة والزبير منتميَيْن إلى التركيب الجيولوجي نفسه للحقول الكويتية المجاورة، اتفقت الكويت مع شركات (شل) و(إكسون موبيل) و(شيفرون) و(تكساكو) بعد عام 1991 على القيام بالمسوحات الزلزالية والاستكشاف في المناطق المجاورة لحقل الرميلة الجنوبي، وتم اكتشاف حقل جديد هو حقل ظبي.
ويؤدي عدم الاهتمام بهذا الامر الى خسائر كبيرة، اذ لا بد من ايجاد اتفاقيات عادلة تضمن حق الطرفين، وتساعد بخلق بيئة استثمارية خصبة، الشيء الذي لم يستطع العراق ضمانه بسبب الاضطراب السياسي.
عوائق الاستثمار
تتسم بعض هذه الحقول المشتركة بالمخاطر الأمنية وتتمثل بالمخلفات الحربية من ألغام ومتفجرات مختلفة الأنواع ومنشأ الصنع نتيجة الحرب التي خاضها العراق مع الكويت، ما يعيق أو يبطئ عملية استثمار هذه الحقول لما فيها من مخاطر على الأفراد والشركات بصورة عامة. وتشهد الحدود العراقية المحاذية للكويت خروقات متكررة كتسلل مهربين وعصابات وتجار مخدرات، كما أن هذه الحقول محاطة بتجمعات (عشائرية) تمارس بين الحين والآخر عمليات ابتزاز للشركات العاملة هناك فتربك عملها وتهدد مصالحها، في فراغ لا تستطيع الحكومة فرض سلطتها فيه، فيملؤه شيوخ ومسلحو العشائر.
وبالتوازي، تنفذ الجماعات والفصائل المسلحة، العاملة تحت مظلة القانون، والخارجة عنه، أجندات قادتها والدول التي تتبعها، فتضغط على الشركات وتبتزها لتمويل أنشطتها أو لمصلحة شركات أو دول أخرى.
كل هذا يترافق مع تولي أشخاص غير ذوي خبرة وتخصص، المناصب المهمة المعنية، ما يوسّع رقعة الفساد الموغل في مفاصل الدولة العراقية.
السبل إلى تعزيز الاستثمارات
من أجل استثمار ناجع في هذه الحقول تحتاج الدولة العراقية إلى الاتفاق مع الكويت، وقبل ذلك ينبغي أن يتوصّل العراق إلى تثبيت دعائم الحدود الدولية مع الكويت، لكي يكون تنظيم واستغلال الثروات النفطية والغازية ممكناً. وفي هذا الإطار وقّع العراق في نهاية تموز 2019 اتفاقية مع الجانب الكويتي حول استثمار الحقول النفطية المشتركة، إذ تم اختيار شركة “اي ار سي” استشارية للطاقة، من أجل وضع أفضل الآليات لاستثمار هذه الحقول خلال فترة عامين ونصف العام، وذكر طلال ناصر الصباح، وكيل وزارة النفط الكويتية، حينه أن العقد ينص على دراسة الحقول بين العراق والكويت لتحديد الطريقة الناجعة لاستثمارها ووضع النقاط القانونية والفنية التي تنظم عملية الإنتاج بما يحقق المنفعة لطرفي القضية، فيما أكدت وزارة النفط العراقية أن العقد مع الشركة البريطانية ينص على إعداد دراسة فنية ومكمنية شاملة للحقول التي يقول الجانبان بأنها مشتركة، ومن أبرزها حقل الرميلة الجنوبي – الرتقة وحقل سفوان– العبدلي وتعد هذه الاتفاقية بداية لاتفاقيات لاحقة وفق المعطيات التي سـتظهر، وأكد عبد المهدي العميدي مدير دائرة العقود في وزارة النفط العراقية أن الاتفاق أيضاً نص على أن تزودنا الشركة المذكورة بحجم الاحتياطي للحقول وجميع التفاصيل التي تتعلق بها.
ويعد هذا الاتفاق الأول من نوعه في الصناعة النفطية بين البلدين بعد سنوات من التفاوض الشاقّ أو القطيعة، وتنبع أهمية الاتفاق أيضاً من حلّ النزاع حول هذه الحقول التي كانت أحد أسباب غزو الكويت حين اتهمت سلطات صدام حسين الرئيس العراقي الأسبق الكويت بالسحب غير الشرعي من حقل الرميلة العملاق، ومن المفترض أن يمهد الاتفاق الطريق لاتفاقيات أخرى حول الحقول المشتركة مع باقي الدول المجاورة وأهمها إيران.
من أجل الضمان
يعتبر توحيد عمليات الاستغلال والإنتاج تحت مسؤولية مَشْغَلٍ واحد، ضرورة، حيث يمكن تحقيق الاستغلال المشترك باتفاق الدول المعنية على الأخذ بإحدى صور المشروعات المشتركة والوصول إلى علاقة تعاقدية واقتصادية ثابتة على أساس قواعد العدالة والإنصاف والمساواة، تستمر الى حين استنزاف المصدر المشترك.
بالمجمل، ومن أجل تجاوز الاختلافات العراقية الكويتية، واستثمار ما على الحدود بأفضل صورة يحتاج الجانبان الاتفاق على أن تتولى جهة واحدة مشتركة، مسؤولية إدارة جميع النشاطات التطويرية والاستثمارية، وقبل ذلك يجب أن يعرف كلّ طرف نصيبه من إنتاج المصدر المشترك وفق معيار عادل متفق عليه وهذا بحاجة لمعرفة إجمالي ما يختزنه المصدر. وكما المردودات، يحتاج الطرفان الاتفاق على التزامات كلٍ منهما تجاه نفقات الإنتاج التشغيلية نسبةً لحصّتَيهما، وأن تؤطر هذه التفاصيل بأخرى زمنية، والأفضل أن يمتد الاتفاق حتى نضوب المصدر.
وبالتوازي، ينبغي التوصل الى اتفاق ترسيم عادل ومنصف للحدود البحرية بين العراق والكويت، يضمن للعراق الاستفادة من الثروات النفطية الكامنة في قاع المناطق البحرية المحاذية في الخليج العربي، وفي حالة تعذر التوصل الى اتفاق، فلا سبيل إلّا إحالة موضوع الخلاف الحدودي إلى محكمة العدل الدولية، أو المركز الدولي لتسوية النزاعات الدولية في واشنطن، أو إلى محاكم التحكيم الدولية الأخـــرى.
* تنشر هذه المادة بالشراكة مع الشبكة العراقية للصحافة الاستقصائية ”نيريج”