"أمن الجامعات": "حماة سلوك" يتحرّشون بالطالبات ويضايقون الطلبة
06 نيسان 2023
أجمعت طالبات وطلاب جامعات مختلفة في مقابلات أجريناها معهم بشأن أفراد أمن الكليات وسلوكهم، على أن التضييق يزداد، وأن التحرّش لا يتم الحديث عنه لأنه محميّ من بعض المسؤولين الكبار في الجامعة.. عن "حماة سلوك" يتحرشون بالطالبات ويضايقون الطلبة..
وسط تصفيق من الطلبة وارتباك من مسؤولي كلية البيطرة في جامعة بغداد، رفعت طالبة بيطرة صوتها للمطالبة بمحاسبة المُتحرشين لفظياً بالطالبات على أبواب وداخل الحرم الجامعي.
بدأت القضيّة عندما وَجَد الطلبة كلبين ضالين اعتنوا بهما مقتولين، فطالبوا بعقد اجتماع مع إدارة الجامعة.
اتهمَ الطلبة أفراداً من أمن الجامعة بقتل الكلبين.
وجدت الطالبة بالاجتماع فرصة لفضح المتحرّشين من أفراد أمن الجامعة، وأشّرت على المتحرّش الذي كان يُحاول الهرب من القاعة المكتظة بالطلاب.
في اليوم التالي، كان المتحرش موجوداً في بوابة الكليّة، فيما منعت العمادة دخول الهواتف المحمولة التي تحتوي كاميرات، بحسب طلبة أقاموا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي على إدارة كليتهم.
لاقت الحملة تجاوباً واسعاً من الطالبات.
أظهرت التعليقات على موقع “انستغرام” بأن التحرش لا يقتصر على أفراد الأمن في الجامعة، بل يمارسه بعض الأساتذة والمُدراء أيضاً.
الأمن.. يحمي الطلبة أم يرهبهم؟!
في آذار الماضي، تداول طلبة فيديو يظهر فيه أفراد من أمنية كلية المنارة في ميسان، وهم ينهالون بالضرب على طلاب من قسم الصيدلة، وقد جرى نقل بعضهم إلى المستشفى بعد أن أصيبوا بجروح متوسّطة.
فصلت عمادة الكليّة أربعة أمنيين.
“لكن الحادث لم يكن الأول من نوعه”، وفق مسار سماري، الأستاذ الجامعي في كلية الصيدلة – جامعة المنارة، وهذا ما يؤكده انتشار فيديوهات توثق ذلك من فترة إلى أخرى.
يُقسّم الأمنيون في الجامعات، -وهم بأغلبيّتهم الساحقة من الرجال، إذ أن قلة من النساء فقط تشغل وظائف أمنية في الجامعة أو خارجها-، إلى ثلاثة أقسام.
في الجامعات الحكومية، يوضع على بعد أمتار من الأبواب وحول محيط مبانيها عناصر يتبعون لوزارة الداخلية، وهؤلاء يرتدون ملابس عسكرية، ووظيفتهم إبعاد أي خطر أمني خارجي.
في استعلامات الدخول إلى الجامعات والكليّات وفي أروقة المؤسسات التعليمية، يوضع أمنيون يتبعون لمديرية حماية المنشآت والشخصيات التابعة لوكالة الشرطة في وزارة الداخلية العراقية.
في الجامعات الأهلية، تتعاقد الإدارات بشكل مباشر مع أفراد يشكّلون “أمنية الجامعة”.
يرتدي هؤلاء ملابس مدنية، وهم من يقومون بأعمال رقابية على الطلبة، ويخضعونهم للمحاسبة، والابتزاز والتحرش في أحيان كثيرة.
وعلى الرغم من أن الفتيات المستهدفات الرئيسيات من قبل “الأمنية”، إلا أن الرجال ينالون حصّتهم أيضاً.
“يشبهون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. يوبخوننا على تسريحاتنا أو شكل ملابسنا”، قال علي المفتن، الذي تخرّج مؤخراً من جامعة باب الزبير في محافظة البصرة.
جامعات غير آمنة.. لطالباتها
أجمعتْ طالبات وطلاب جامعات عراقية مختلفة في المقابلات التي أجريتها معهم بشأن أفراد أمن الكليات وسلوكهم، على أن التضييق يزداد، وأن التحرّش لا يتم الحديث عنه لأنه محمي من بعض المسؤولين الكبار في الجامعة.
كانت هـ .م أوّل من التقيتها.
خضعت الفتاة، وهي طالبة في كلية التربية في جامعة واسط، لتحقيق لنحو ثلاث ساعات في غرفة “الأمنية”، وهي جالسة بينما يدور حولها خمسة رجال يتلون عليها عظات أخلاقية بعد أن شاهدوها تسير إلى جانب أحد زملائها.
“بكيت وتوسلت واعتذرت لهم عن سوء أخلاقي حتى لا يبلغوا أهلي أنني كنت أسير مع شاب في الجامعة”، قالت. “مع كل دمعة مني، وكل إذلال أشعر به، كنت أرى الابتسامة تعلو وجوههم”.
بعدما تحررت هـ.م من جلسة التحقيق والضغط النفسي، ذكّرت نفسها بأنها لم تقم بسوء “كنت فقط أتمشى بعيداً عن أعين المتربصين، لكن بسبب العنف النفسي الذي تعرضت له، شعرت بارتكاب جريمة أخلاقية”.
“وصفوني بعديمة التربية”.
يتكرّر الذي حصل مع هـ.م مع طالبات أخريات في جامعات حكومية وأهليّة، واللواتي تخشين من إبلاغ الإدارات أو الأهل، لأنهن هن من يكنّ في موضع الشكّ، وتوضع مسطرة “الأخلاق” أمامهن.
تسمع طالبات تحرشّاً لفظياً من أمنيين كُثر في الجامعات، ويتعرّضن لابتزاز منهم إذا ما كنّ على علاقة عاطفية أو حتّى صداقة بأحد زملائهن.
قواعد متشدّدة وتطبيق ترهيبي
تتواطأ إدارات الجامعات مع الأمنيين، فالأولى تضع قواعد تحدّ من حريات الطالبات والطلبة، أما الثانية فتتمادى في فرضها بطرق شتّى، منها حتّى الإهانة والتوبيخ.
قالت غدير، وهي طالبة في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الكوفة، إن الجامعة تمنع الطالبات من الخروج من الجامعة إلا بعد انتهاء الدوام الرسمي.
لا ينطبق الأمر على الطلبة الرجال، فلهؤلاء حريّة الخروج.
“يمنع خروج الطالبات -خوفاً- عليهن من قبل أحد الأمنيين أو لأن الأمنيين والجامعة يعتقدون بأنها ترتكب الموبقات في حال خروجها في أوقات الدوام”.
تُطبّق هذه القواعد على نطاق واسع في الجامعات، وخاصة في الإسلامية الأهليّة منها، والتي أخذت تنتشر في العقد الأخير.
في كليّات الإمام الكاظم الموجودة في أكثر من محافظة، تطرد الطالبة التي لا ترتدي اللباس الإسلامي “الجُبة”.
علّل د. أمجد القطبي، وهو أستاذ في الكلية، ذلك، بالقول “نحن نحاول الابتعاد عن مرمى البصر وأن يكن طالباتنا ذوات أزياء مستورة لأننا في النهاية تابعون للوقف الشيعي”.
على سبيل المثال، طَردت جامعة الديوانية، وهي حكومية، طالبات لأنهن لا يرتدين اللباس الإسلامي، وهو غالباً ما يكون العباءة الفضاضة التقليدية.
لكن حتّى القواعد التي تفرضها الجامعات، تخضع لأمزجة الأمنيين والإداريين في تطبيقها.
قال مؤيد، وهو موظف في جامعة كركوك فضل الإشارة إلى اسمه الأول فقط، إن المرأة يجري التعامل معها بقياس “عينك ميزانك”، وهو ما يعني أن مقياس “ستر المرأة” يُحدد وفق رؤية الموظف/ـة لمفهوم “الستر”، ووفق معتقداتهم وافكارهم.
“في ما يخص الجامعة التي أعمل فيها، فإنها تحت سيطرة ميليشيا متشددة (رفض الإشارة إلى اسمها) وغالبية الأمن ينتمون لها، لذا هم ينظرون للستر والشرف وفق أفكارهم المتشددة”.
“تشدد” يُقابله “تحرش”
إزاء التشدّد في اللباس والدخول والخروج من حرم الجامعة، فإن الطالبات يتعرّضن أيضاً إلى التحرّش والابتزاز من بعض الأساتذة والمُدراء.
“دخلت إلى عميد الكلية لأطلب منه أن يكون متعاوناً معي والتأثير على الأستاذ ليعيد امتحاني لأنني كنت مريضة في وقت أدائه”، قالت لنا هند وهي طالبة جامعية رفضت أن تشير إلى اسمها الكامل.
“ترك كرسي المكتب، وجلس إلى جانبي ولمس بأصابعه يدي، وقال لي.. تدللين، لكن يجب أن تكرري الزيارة، وتبذلي جهداً أكبر لأساعدك”.
أخذت هند دقائق حتى استوعبت أن ما يحدث هو تحرّش.
“انسحبت بهدوء مع شعور بعدم قدرتي على الاستمرار في هذه الجامعة، ذهبت إلى أستاذي الذي اعتبره أكثر من أخ وأب، ورويت له الحادثة، فأخبرني بأن لا أحد سوف يصدقني فقررت الصمت بعدها”.
رفضت هند الإدلاء بأي معلومات تكشف عن هوية المتحرش أو اسم الجامعة لأنها -حسب قولها- يائسة من “خوض مواجهة ستكون فيها الخاسرة بكل تأكيد”.
قال محمد عدنان الشيخ، وهو عضو رابطة الطلبة والشباب العراقية، إن “طُرق التحرش تبدأ عندما يُشعِر الأساتذة أو المدراء الطالبة بأنها مميزة”.
“تنال استحسانهم وتسهيلاتهم إذا انصاعت لهم، وبادلتهم النظرات والعواطف، أما إذا رفضت فسوف تتحمل عواقب، منها الرسوب والمضايقات والمراقبة الدائمة”.
جامعات طاردة لطالباتها
بتعرّضهن لهذه الحملات الترهيبية والابتزاز من أمن الجامعة والذي تتستر عليه أو تسنده أو تشارك فيه الجامعة، ممثلة بإدارتها وأساتذتها وموظفيها، تجد الكثير من الطالبات ألاّ مناص لهن سوى بترك جامعاتهن أو الانتقال إلى غيرها.
بقيت هـ.م تتعرّض لابتزاز الأمنية في إبلاغ عائلتها عن مشيها مع زميلها داخل حرم الجامعة، الأمر الذي أجبرها، في النهاية، على ترك الدراسة.
أما هند فقد انتقلت إلى جامعة أخرى لأن العميد صار يستهدفها لأنها لم تنصع لتحرّشه بها.
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
وسط تصفيق من الطلبة وارتباك من مسؤولي كلية البيطرة في جامعة بغداد، رفعت طالبة بيطرة صوتها للمطالبة بمحاسبة المُتحرشين لفظياً بالطالبات على أبواب وداخل الحرم الجامعي.
بدأت القضيّة عندما وَجَد الطلبة كلبين ضالين اعتنوا بهما مقتولين، فطالبوا بعقد اجتماع مع إدارة الجامعة.
اتهمَ الطلبة أفراداً من أمن الجامعة بقتل الكلبين.
وجدت الطالبة بالاجتماع فرصة لفضح المتحرّشين من أفراد أمن الجامعة، وأشّرت على المتحرّش الذي كان يُحاول الهرب من القاعة المكتظة بالطلاب.
في اليوم التالي، كان المتحرش موجوداً في بوابة الكليّة، فيما منعت العمادة دخول الهواتف المحمولة التي تحتوي كاميرات، بحسب طلبة أقاموا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي على إدارة كليتهم.
لاقت الحملة تجاوباً واسعاً من الطالبات.
أظهرت التعليقات على موقع “انستغرام” بأن التحرش لا يقتصر على أفراد الأمن في الجامعة، بل يمارسه بعض الأساتذة والمُدراء أيضاً.
الأمن.. يحمي الطلبة أم يرهبهم؟!
في آذار الماضي، تداول طلبة فيديو يظهر فيه أفراد من أمنية كلية المنارة في ميسان، وهم ينهالون بالضرب على طلاب من قسم الصيدلة، وقد جرى نقل بعضهم إلى المستشفى بعد أن أصيبوا بجروح متوسّطة.
فصلت عمادة الكليّة أربعة أمنيين.
“لكن الحادث لم يكن الأول من نوعه”، وفق مسار سماري، الأستاذ الجامعي في كلية الصيدلة – جامعة المنارة، وهذا ما يؤكده انتشار فيديوهات توثق ذلك من فترة إلى أخرى.
يُقسّم الأمنيون في الجامعات، -وهم بأغلبيّتهم الساحقة من الرجال، إذ أن قلة من النساء فقط تشغل وظائف أمنية في الجامعة أو خارجها-، إلى ثلاثة أقسام.
في الجامعات الحكومية، يوضع على بعد أمتار من الأبواب وحول محيط مبانيها عناصر يتبعون لوزارة الداخلية، وهؤلاء يرتدون ملابس عسكرية، ووظيفتهم إبعاد أي خطر أمني خارجي.
في استعلامات الدخول إلى الجامعات والكليّات وفي أروقة المؤسسات التعليمية، يوضع أمنيون يتبعون لمديرية حماية المنشآت والشخصيات التابعة لوكالة الشرطة في وزارة الداخلية العراقية.
في الجامعات الأهلية، تتعاقد الإدارات بشكل مباشر مع أفراد يشكّلون “أمنية الجامعة”.
يرتدي هؤلاء ملابس مدنية، وهم من يقومون بأعمال رقابية على الطلبة، ويخضعونهم للمحاسبة، والابتزاز والتحرش في أحيان كثيرة.
وعلى الرغم من أن الفتيات المستهدفات الرئيسيات من قبل “الأمنية”، إلا أن الرجال ينالون حصّتهم أيضاً.
“يشبهون هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. يوبخوننا على تسريحاتنا أو شكل ملابسنا”، قال علي المفتن، الذي تخرّج مؤخراً من جامعة باب الزبير في محافظة البصرة.
جامعات غير آمنة.. لطالباتها
أجمعتْ طالبات وطلاب جامعات عراقية مختلفة في المقابلات التي أجريتها معهم بشأن أفراد أمن الكليات وسلوكهم، على أن التضييق يزداد، وأن التحرّش لا يتم الحديث عنه لأنه محمي من بعض المسؤولين الكبار في الجامعة.
كانت هـ .م أوّل من التقيتها.
خضعت الفتاة، وهي طالبة في كلية التربية في جامعة واسط، لتحقيق لنحو ثلاث ساعات في غرفة “الأمنية”، وهي جالسة بينما يدور حولها خمسة رجال يتلون عليها عظات أخلاقية بعد أن شاهدوها تسير إلى جانب أحد زملائها.
“بكيت وتوسلت واعتذرت لهم عن سوء أخلاقي حتى لا يبلغوا أهلي أنني كنت أسير مع شاب في الجامعة”، قالت. “مع كل دمعة مني، وكل إذلال أشعر به، كنت أرى الابتسامة تعلو وجوههم”.
بعدما تحررت هـ.م من جلسة التحقيق والضغط النفسي، ذكّرت نفسها بأنها لم تقم بسوء “كنت فقط أتمشى بعيداً عن أعين المتربصين، لكن بسبب العنف النفسي الذي تعرضت له، شعرت بارتكاب جريمة أخلاقية”.
“وصفوني بعديمة التربية”.
يتكرّر الذي حصل مع هـ.م مع طالبات أخريات في جامعات حكومية وأهليّة، واللواتي تخشين من إبلاغ الإدارات أو الأهل، لأنهن هن من يكنّ في موضع الشكّ، وتوضع مسطرة “الأخلاق” أمامهن.
تسمع طالبات تحرشّاً لفظياً من أمنيين كُثر في الجامعات، ويتعرّضن لابتزاز منهم إذا ما كنّ على علاقة عاطفية أو حتّى صداقة بأحد زملائهن.
قواعد متشدّدة وتطبيق ترهيبي
تتواطأ إدارات الجامعات مع الأمنيين، فالأولى تضع قواعد تحدّ من حريات الطالبات والطلبة، أما الثانية فتتمادى في فرضها بطرق شتّى، منها حتّى الإهانة والتوبيخ.
قالت غدير، وهي طالبة في كلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الكوفة، إن الجامعة تمنع الطالبات من الخروج من الجامعة إلا بعد انتهاء الدوام الرسمي.
لا ينطبق الأمر على الطلبة الرجال، فلهؤلاء حريّة الخروج.
“يمنع خروج الطالبات -خوفاً- عليهن من قبل أحد الأمنيين أو لأن الأمنيين والجامعة يعتقدون بأنها ترتكب الموبقات في حال خروجها في أوقات الدوام”.
تُطبّق هذه القواعد على نطاق واسع في الجامعات، وخاصة في الإسلامية الأهليّة منها، والتي أخذت تنتشر في العقد الأخير.
في كليّات الإمام الكاظم الموجودة في أكثر من محافظة، تطرد الطالبة التي لا ترتدي اللباس الإسلامي “الجُبة”.
علّل د. أمجد القطبي، وهو أستاذ في الكلية، ذلك، بالقول “نحن نحاول الابتعاد عن مرمى البصر وأن يكن طالباتنا ذوات أزياء مستورة لأننا في النهاية تابعون للوقف الشيعي”.
على سبيل المثال، طَردت جامعة الديوانية، وهي حكومية، طالبات لأنهن لا يرتدين اللباس الإسلامي، وهو غالباً ما يكون العباءة الفضاضة التقليدية.
لكن حتّى القواعد التي تفرضها الجامعات، تخضع لأمزجة الأمنيين والإداريين في تطبيقها.
قال مؤيد، وهو موظف في جامعة كركوك فضل الإشارة إلى اسمه الأول فقط، إن المرأة يجري التعامل معها بقياس “عينك ميزانك”، وهو ما يعني أن مقياس “ستر المرأة” يُحدد وفق رؤية الموظف/ـة لمفهوم “الستر”، ووفق معتقداتهم وافكارهم.
“في ما يخص الجامعة التي أعمل فيها، فإنها تحت سيطرة ميليشيا متشددة (رفض الإشارة إلى اسمها) وغالبية الأمن ينتمون لها، لذا هم ينظرون للستر والشرف وفق أفكارهم المتشددة”.
“تشدد” يُقابله “تحرش”
إزاء التشدّد في اللباس والدخول والخروج من حرم الجامعة، فإن الطالبات يتعرّضن أيضاً إلى التحرّش والابتزاز من بعض الأساتذة والمُدراء.
“دخلت إلى عميد الكلية لأطلب منه أن يكون متعاوناً معي والتأثير على الأستاذ ليعيد امتحاني لأنني كنت مريضة في وقت أدائه”، قالت لنا هند وهي طالبة جامعية رفضت أن تشير إلى اسمها الكامل.
“ترك كرسي المكتب، وجلس إلى جانبي ولمس بأصابعه يدي، وقال لي.. تدللين، لكن يجب أن تكرري الزيارة، وتبذلي جهداً أكبر لأساعدك”.
أخذت هند دقائق حتى استوعبت أن ما يحدث هو تحرّش.
“انسحبت بهدوء مع شعور بعدم قدرتي على الاستمرار في هذه الجامعة، ذهبت إلى أستاذي الذي اعتبره أكثر من أخ وأب، ورويت له الحادثة، فأخبرني بأن لا أحد سوف يصدقني فقررت الصمت بعدها”.
رفضت هند الإدلاء بأي معلومات تكشف عن هوية المتحرش أو اسم الجامعة لأنها -حسب قولها- يائسة من “خوض مواجهة ستكون فيها الخاسرة بكل تأكيد”.
قال محمد عدنان الشيخ، وهو عضو رابطة الطلبة والشباب العراقية، إن “طُرق التحرش تبدأ عندما يُشعِر الأساتذة أو المدراء الطالبة بأنها مميزة”.
“تنال استحسانهم وتسهيلاتهم إذا انصاعت لهم، وبادلتهم النظرات والعواطف، أما إذا رفضت فسوف تتحمل عواقب، منها الرسوب والمضايقات والمراقبة الدائمة”.
جامعات طاردة لطالباتها
بتعرّضهن لهذه الحملات الترهيبية والابتزاز من أمن الجامعة والذي تتستر عليه أو تسنده أو تشارك فيه الجامعة، ممثلة بإدارتها وأساتذتها وموظفيها، تجد الكثير من الطالبات ألاّ مناص لهن سوى بترك جامعاتهن أو الانتقال إلى غيرها.
بقيت هـ.م تتعرّض لابتزاز الأمنية في إبلاغ عائلتها عن مشيها مع زميلها داخل حرم الجامعة، الأمر الذي أجبرها، في النهاية، على ترك الدراسة.
أما هند فقد انتقلت إلى جامعة أخرى لأن العميد صار يستهدفها لأنها لم تنصع لتحرّشه بها.