أيها الساقي.. وزع الكريستال

علي خنجر

01 آذار 2023

تجارة المخدّرات تنمو وتجد مساحة لحركتها في محافظات الجنوب العراقي.. وبقرار الحظر التام على الكحول ستزدهر تجارة الكريستال ومشتقاته، بمباركة آلهته، آلهة الموت والسلاح، والفصائل المسلحة.. عن سقاة مسلحين أبدلوا الخمر بـ"الكريستال"..

آب 2020، بيع في مزاد لندني لوحٌ طينيّ عراقي عمره أكثر من 5 آلاف عام، وتجاوز سعره وقتذاك 175 ألف دولار. اكتشفت على هذا اللوح الذي عثر عليه في الوركاء جنوبي العراق، تعليمات صنع البيرة من الشعير.

على امتداد آلافها، لم يغب الخمر عن سنوات العراقيين، ففي الحضارات الرافدينية القديمة كان للخمر ثمانية آلهة وإلهات يتوزعون على السومريين والبابليين والآشوريين، وأبرزها الذي “يحمل بكلتا يديه نبتة حلوة كبيرة” كما تقول ترنيمته، هو الإله السومري نينكاسي الذي تشبّه ترنيمته صوت صبّ البيرة الممتع بتدفق نهري دجلة والفرات.

تكفلت الجعّة بتحرير روح أنكيدو فجعلته، بعد أن شربها سبع مرّات، “يهتف بصوت عال” فأشرق وجهه. ولم يغفل حمورابي في مسلّته عن تفصيل قوانين خاصة بصناعة وتخزين وتجارة الخمر.

قتل آلهة الخمر

لن يكون التنقيب صعباً، بعد أن تتحول أيامنا هذه إلى تاريخ، ولن يعاني الباحثون بتحليل ودراسة “قانون واردات البلديات رقم (1) لسنة 2023” الذي نشرته جريدة الوقائع الرسمية في 20 شباط فصار نافذاً، والذي حظرت المادة 14 فيه “استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها”، فلا آلهة للحضارة وخمرها، ولا ترانيم؛ وإلا فالمخالف عقابه غرامة تتراوح من 10 إلى 25 مليون دينار عراقي.

قبل ذلك، في الرابع عشر من شباط نفسه، صوت مجلس الوزراء بجلسته الاعتيادية السابعة برئاسة رئيسه محمد شياع السوداني على “فرض رسم جمركي إضافي بنسبة (200%) من وحدة قياس منتج (المشروبات الكحولية)، المستورد إلى العراق من الدول والمناشئ كافة، لمدة أربع سنوات”.

لكن الوقائع اختصرت الطريق، بل قطعته، بنشرها القانون الذي يعود تاريخ النقاش فيه للعام 2016 حين صوت مجلس النواب لصالح هذه الفقرة فيه، فأرجعه ضغطُ الرأي العام عنه. قبلها بعام واحد، أقر المجلس موازنة 2015 بفرض ضريبة وصلت 300 بالمئة على المشروبات الكحولية، وبعدها بعامين شملت موازنة 2018 فقرة فرض 200 بالمئة. كل هذه كانت محاولات مستمرة من أجل تضييق الخناق على آلهة الخمر.

أطوار التضييق

قبل تشريع هذا القانون، كان العراق يستند إلى قانون المشروبات الروحية رقم 3 لسنة 1931، بالإضافة إلى عدد من قرارات “مجلس قيادة الثورة” المنحل. اشترط القانون في من يقدم طلب الحصول على إجازة لبيع المشروبات الكحولية أن يكون من الديانات غير المسلمة.

عاش الخمر في العراق الحديث أول أطوار التضييق عليه خلال تسعينات القرن الماضي، وكان ذلك بمعية الحملة الإيمانية التي ابتدعها صدام حسين كترياق لجوع وموت العراقيين. أغلقت النوادي والبارات، وعادت مشروطةً مُضيّقاً عليها ومبتزّة، ولأن الحصار لم يغفل أي شيء، اعتمد ندامى الليل العراقي على المحلّي بالدرجة الأساس، حيث تصنع البيرة والعرق بنوعيه الزحلاوي والمستكي، والجن، وبدرجة ضئيلة، النبيذ، وكانت كلها تشترك بصفة الرداءة، والغش غالباً.

بعد الغزو الأميركي للعراق 2003 أُغلِقت، في الأيام الأولى، مصانع بيرة “شهرزاد” و”سنبلة” و”فريدة”، ومعمل “عرق العصرية” ومصنع “جن أبو جسر”، وكواحد من أوجه الاقتتال الطائفي والتمدد المذهبي المسلح أغلقت الفصائل المسلحة معظم النوادي والبارات ومحال بيع المشروبات الروحية في العاصمة وأغلب المحافظات، بتفجيرها وقتل العاملين ببعضها.

للموت والمخدرات.. إلهٌ جديد

خلال هذه السنوات، مروراً بتجربة تنظيم داعش والموت الذي خلقته، وليس انتهاءً بواقعة الوقائع بمباغتة الجميع بنشر قانون البلديات الأخير، كانت ملامح إله جديد تتشكل في العراق، إله السلاح والموت. هذا الإله نفسه، يبارك التضييق على أصحاب محال بيع المشروبات الروحية، وهو نفسه منع بيعها وتناولها وتداولها في أغلب محافظات الجنوب العراقي، وغيّبها عن أخرى، وبالتأكيد، نفسه الذي يرعى تجارتها السوداء وتهريبها وجمع الإتاوات من العاملين بها. هذا ليس إلهاً غبياً، لأنه وببساطة، يفسح مجالاً للبديل المميت، المخدرات، التي بدأت رحلتها بغزو العراق مع الديمقراطية المشوهة.

المسوغ المميت

كمسوغ لقانون البلديات المنشور حديثاً، كانت الجبايات الجمركية وتنظيمها الغرض من إقراره. لكن حظر المشروبات الروحية، استيراداً وصنعاً محلياً ومتاجرة، يتخلص من المردود ويستغني عنه، لا ينظم جبايته.

بالتوازي، لن يكون صعباً توقع المخاطر المستقبلية بفرض أن الصناعة المحلية ستهبط إلى الظل، وتُحرم من الآلات والمواد الأولية الآمنة، وتغيب عنها الرقابة والسيطرة، فلن تكون بجودة وأمانٍ مثيلين بما في المقنّن، ما يعني أن الصناعة المحلية السرية والرديئة ستنشط، وتنشط معها مخاطر كبيرة، صحية بالدرجة الأساس، وستتحول دفة البعض نحو الأرخص والأكثر رواجاً: “المخدرات”.

في حين يستهلك العراقي ما يقدر بـ9.1 لترات من المشروبات الكحولية سنوياً، حسب دراسة لمنظمة الصحة العالمية، لا تتوفر أرقام شاملة ودقيقة عن المخدرات. لكن صار أكيداً، ومنذ سنوات، بأن العراق تحول إلى مستهلك كبير للمواد المخدرة، ومنتج لها أيضاً في ما يعرف بمطابخ وطبّاخي “الكريستال” المُنتشرة بشكل خاص في محافظات الجنوب.

مُذهِبات العقل.. والحياة

خلال تسعينات الحصار والعزلة والموت، ورغم شدة تعامل النظام آنذاك مع كل ما له علاقة بالمخدرات بقسوة، راجت “الكبسلة” و”البلعة” -مصطلحات تشير للحبوب المخدرة- وكانت تعتمد على مواد طبية تسرّبها الصيدليات إلى سوق سوداء، لكنها ظلت محدودة. ولم يتسارع إيقاع تجارتها وتعاطيها حتى الغزو الأميركي 2003 فتضاعفت بعدها، خصوصاً بين أعضاء الفصائل المسلحة، مع حفاظها على طبقة منعدمي الأمل، وشيئاً فشيئاً، بدأت تظهر أصناف كالحشيشة التي لم يعرفها العراق من قبل، والكريستال ميث.. الأكثر فتكاً.

ولأن إحصاءات دقيقة لحركة المخدرات في العراق غائبة، ستصير مهمة ملاحقة الأرقام المتناثرة السبيل الوحيد لمحاولة الإحاطة باتساعها وتغوّلها. حسب العقيد بلال صبحي، مدير قسم العلاقات والإعلام في المديرية العامة لمكافحة المخدرات، أُلقي القبض خلال عام 2022 على 16800 متهم بالتجارة والترويج والتعاطي، وضبط ما يقارب نصف طن أو أكثر من 490 كيلوغراماً من المواد المخدرة، وما يقارب 15 مليون حبة من حبوب الكبتاغون والمؤثرات العقلية.

وحسب بيان للمديرية العامة لمكافحة المخدرات، “أُلقي القبض على (1417) متهماً بتجارة، وترويج، ونقل، وتهريب المخدرات، وضبط (63369) كيلوغراماً من المخدرات بمختلف الأنواع، و(522186) قرصا مخدراً ومؤثراً عقلياً” خلال كانون الثاني من هذا العام وحده.

المهمة المستحيلة.. المهمة اليسيرة

في المحافظات الجنوبية، الأكثر حرماناً وفقراً وحظراً للمشروبات الكحولية، وخلال سنوات ما بعد الغزو، يتطلب الحصول على قنينة خمر تخطيطاً وحذراً مسبقين.. فقط من أجل تقليل المخاطر، حيث يُعرّض من يجلب معه إلى بيته من خارج المحافظة قنينة لخطر أكبر، فلن يفلت من سيطراتها الرئيسة، وإذا ما ضبط سيُفضح بنشر صوره مع قنانيه كأنها أسلحة فتاكة، ويُحتجز. فيُضطر شبابها لتنظيم رحلات إلى بغداد وكردستان للتسقّي بكأس خمر على طاولة آمنة، لكن شيئاً فشيئاً كانت تجارة المخدرات تنمو وتجد مساحة لحركتها، على الرغم من أخبار القبض على مروجين صغار ومتعاطين، وبقرار الحظر التام هذا ستزدهر، بمباركة آلهته، آلهة الموت والسلاح، والفصائل المسلحة.

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

آب 2020، بيع في مزاد لندني لوحٌ طينيّ عراقي عمره أكثر من 5 آلاف عام، وتجاوز سعره وقتذاك 175 ألف دولار. اكتشفت على هذا اللوح الذي عثر عليه في الوركاء جنوبي العراق، تعليمات صنع البيرة من الشعير.

على امتداد آلافها، لم يغب الخمر عن سنوات العراقيين، ففي الحضارات الرافدينية القديمة كان للخمر ثمانية آلهة وإلهات يتوزعون على السومريين والبابليين والآشوريين، وأبرزها الذي “يحمل بكلتا يديه نبتة حلوة كبيرة” كما تقول ترنيمته، هو الإله السومري نينكاسي الذي تشبّه ترنيمته صوت صبّ البيرة الممتع بتدفق نهري دجلة والفرات.

تكفلت الجعّة بتحرير روح أنكيدو فجعلته، بعد أن شربها سبع مرّات، “يهتف بصوت عال” فأشرق وجهه. ولم يغفل حمورابي في مسلّته عن تفصيل قوانين خاصة بصناعة وتخزين وتجارة الخمر.

قتل آلهة الخمر

لن يكون التنقيب صعباً، بعد أن تتحول أيامنا هذه إلى تاريخ، ولن يعاني الباحثون بتحليل ودراسة “قانون واردات البلديات رقم (1) لسنة 2023” الذي نشرته جريدة الوقائع الرسمية في 20 شباط فصار نافذاً، والذي حظرت المادة 14 فيه “استيراد وتصنيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة أنواعها”، فلا آلهة للحضارة وخمرها، ولا ترانيم؛ وإلا فالمخالف عقابه غرامة تتراوح من 10 إلى 25 مليون دينار عراقي.

قبل ذلك، في الرابع عشر من شباط نفسه، صوت مجلس الوزراء بجلسته الاعتيادية السابعة برئاسة رئيسه محمد شياع السوداني على “فرض رسم جمركي إضافي بنسبة (200%) من وحدة قياس منتج (المشروبات الكحولية)، المستورد إلى العراق من الدول والمناشئ كافة، لمدة أربع سنوات”.

لكن الوقائع اختصرت الطريق، بل قطعته، بنشرها القانون الذي يعود تاريخ النقاش فيه للعام 2016 حين صوت مجلس النواب لصالح هذه الفقرة فيه، فأرجعه ضغطُ الرأي العام عنه. قبلها بعام واحد، أقر المجلس موازنة 2015 بفرض ضريبة وصلت 300 بالمئة على المشروبات الكحولية، وبعدها بعامين شملت موازنة 2018 فقرة فرض 200 بالمئة. كل هذه كانت محاولات مستمرة من أجل تضييق الخناق على آلهة الخمر.

أطوار التضييق

قبل تشريع هذا القانون، كان العراق يستند إلى قانون المشروبات الروحية رقم 3 لسنة 1931، بالإضافة إلى عدد من قرارات “مجلس قيادة الثورة” المنحل. اشترط القانون في من يقدم طلب الحصول على إجازة لبيع المشروبات الكحولية أن يكون من الديانات غير المسلمة.

عاش الخمر في العراق الحديث أول أطوار التضييق عليه خلال تسعينات القرن الماضي، وكان ذلك بمعية الحملة الإيمانية التي ابتدعها صدام حسين كترياق لجوع وموت العراقيين. أغلقت النوادي والبارات، وعادت مشروطةً مُضيّقاً عليها ومبتزّة، ولأن الحصار لم يغفل أي شيء، اعتمد ندامى الليل العراقي على المحلّي بالدرجة الأساس، حيث تصنع البيرة والعرق بنوعيه الزحلاوي والمستكي، والجن، وبدرجة ضئيلة، النبيذ، وكانت كلها تشترك بصفة الرداءة، والغش غالباً.

بعد الغزو الأميركي للعراق 2003 أُغلِقت، في الأيام الأولى، مصانع بيرة “شهرزاد” و”سنبلة” و”فريدة”، ومعمل “عرق العصرية” ومصنع “جن أبو جسر”، وكواحد من أوجه الاقتتال الطائفي والتمدد المذهبي المسلح أغلقت الفصائل المسلحة معظم النوادي والبارات ومحال بيع المشروبات الروحية في العاصمة وأغلب المحافظات، بتفجيرها وقتل العاملين ببعضها.

للموت والمخدرات.. إلهٌ جديد

خلال هذه السنوات، مروراً بتجربة تنظيم داعش والموت الذي خلقته، وليس انتهاءً بواقعة الوقائع بمباغتة الجميع بنشر قانون البلديات الأخير، كانت ملامح إله جديد تتشكل في العراق، إله السلاح والموت. هذا الإله نفسه، يبارك التضييق على أصحاب محال بيع المشروبات الروحية، وهو نفسه منع بيعها وتناولها وتداولها في أغلب محافظات الجنوب العراقي، وغيّبها عن أخرى، وبالتأكيد، نفسه الذي يرعى تجارتها السوداء وتهريبها وجمع الإتاوات من العاملين بها. هذا ليس إلهاً غبياً، لأنه وببساطة، يفسح مجالاً للبديل المميت، المخدرات، التي بدأت رحلتها بغزو العراق مع الديمقراطية المشوهة.

المسوغ المميت

كمسوغ لقانون البلديات المنشور حديثاً، كانت الجبايات الجمركية وتنظيمها الغرض من إقراره. لكن حظر المشروبات الروحية، استيراداً وصنعاً محلياً ومتاجرة، يتخلص من المردود ويستغني عنه، لا ينظم جبايته.

بالتوازي، لن يكون صعباً توقع المخاطر المستقبلية بفرض أن الصناعة المحلية ستهبط إلى الظل، وتُحرم من الآلات والمواد الأولية الآمنة، وتغيب عنها الرقابة والسيطرة، فلن تكون بجودة وأمانٍ مثيلين بما في المقنّن، ما يعني أن الصناعة المحلية السرية والرديئة ستنشط، وتنشط معها مخاطر كبيرة، صحية بالدرجة الأساس، وستتحول دفة البعض نحو الأرخص والأكثر رواجاً: “المخدرات”.

في حين يستهلك العراقي ما يقدر بـ9.1 لترات من المشروبات الكحولية سنوياً، حسب دراسة لمنظمة الصحة العالمية، لا تتوفر أرقام شاملة ودقيقة عن المخدرات. لكن صار أكيداً، ومنذ سنوات، بأن العراق تحول إلى مستهلك كبير للمواد المخدرة، ومنتج لها أيضاً في ما يعرف بمطابخ وطبّاخي “الكريستال” المُنتشرة بشكل خاص في محافظات الجنوب.

مُذهِبات العقل.. والحياة

خلال تسعينات الحصار والعزلة والموت، ورغم شدة تعامل النظام آنذاك مع كل ما له علاقة بالمخدرات بقسوة، راجت “الكبسلة” و”البلعة” -مصطلحات تشير للحبوب المخدرة- وكانت تعتمد على مواد طبية تسرّبها الصيدليات إلى سوق سوداء، لكنها ظلت محدودة. ولم يتسارع إيقاع تجارتها وتعاطيها حتى الغزو الأميركي 2003 فتضاعفت بعدها، خصوصاً بين أعضاء الفصائل المسلحة، مع حفاظها على طبقة منعدمي الأمل، وشيئاً فشيئاً، بدأت تظهر أصناف كالحشيشة التي لم يعرفها العراق من قبل، والكريستال ميث.. الأكثر فتكاً.

ولأن إحصاءات دقيقة لحركة المخدرات في العراق غائبة، ستصير مهمة ملاحقة الأرقام المتناثرة السبيل الوحيد لمحاولة الإحاطة باتساعها وتغوّلها. حسب العقيد بلال صبحي، مدير قسم العلاقات والإعلام في المديرية العامة لمكافحة المخدرات، أُلقي القبض خلال عام 2022 على 16800 متهم بالتجارة والترويج والتعاطي، وضبط ما يقارب نصف طن أو أكثر من 490 كيلوغراماً من المواد المخدرة، وما يقارب 15 مليون حبة من حبوب الكبتاغون والمؤثرات العقلية.

وحسب بيان للمديرية العامة لمكافحة المخدرات، “أُلقي القبض على (1417) متهماً بتجارة، وترويج، ونقل، وتهريب المخدرات، وضبط (63369) كيلوغراماً من المخدرات بمختلف الأنواع، و(522186) قرصا مخدراً ومؤثراً عقلياً” خلال كانون الثاني من هذا العام وحده.

المهمة المستحيلة.. المهمة اليسيرة

في المحافظات الجنوبية، الأكثر حرماناً وفقراً وحظراً للمشروبات الكحولية، وخلال سنوات ما بعد الغزو، يتطلب الحصول على قنينة خمر تخطيطاً وحذراً مسبقين.. فقط من أجل تقليل المخاطر، حيث يُعرّض من يجلب معه إلى بيته من خارج المحافظة قنينة لخطر أكبر، فلن يفلت من سيطراتها الرئيسة، وإذا ما ضبط سيُفضح بنشر صوره مع قنانيه كأنها أسلحة فتاكة، ويُحتجز. فيُضطر شبابها لتنظيم رحلات إلى بغداد وكردستان للتسقّي بكأس خمر على طاولة آمنة، لكن شيئاً فشيئاً كانت تجارة المخدرات تنمو وتجد مساحة لحركتها، على الرغم من أخبار القبض على مروجين صغار ومتعاطين، وبقرار الحظر التام هذا ستزدهر، بمباركة آلهته، آلهة الموت والسلاح، والفصائل المسلحة.