بعد خليجي 25: "إحماء سياسي" بقمصان المنتخب وساعة الصدر!

إيهاب شغيدل

29 كانون الثاني 2023

هتف الصدريون في باب الصدر "يالإطار ويالإطار الكاس بالحنانة صار" في اشارة الى ان زعيمهم هو من حصد الكأس فعلياً، فيما بدا أن الإطار التنسيقي قد انتشى بالنصر كثيراً وأخذ يُرتب أوراقه السياسية.. لكن أين الجمهور في كلّ هذا؟ ولماذا غضب؟ وكيف ينظر إلى المباراة الحامية بين الإطار والتيار؟

يعتقدُ بعض العراقيين أن فوز المنتخب الأرجنتيني في كأس العالم يجب أن يلحقه فوز للمنتخب الوطني.

حصل ذلك في مصادفات عديدة، حيث فاز المنتخب الأرجنتيني بكأس العالم في ثلاث مناسبات 1978، 1986، 2022، بينما حصل العراق على كأس الخليج في 1979، 1988، 2023.

وللمصادفة، وصل العراق إلى نهائي خليجي 2013 وخسره، أما الارجنتين فخسرت بعده بسنة واحدة نهائي كأس العالم 2014 ضد المنتخب الألماني.

لكن ليس هذا وجه الشبه الوحيد بين الأرجنتين والعراق، فخليجي 25 الذي استضافته البصرة أكثر شبهاً ببطولة كأس العالم 1978 التي استضافتها الأرجنتين، إذ تنافست البطولتان على أيهما الكأس الأكثر استثماراً من الناحية السياسية. نصب النظام الديكتاتوري الأرجنتيني وقتها جداراً ضخماً لتغطية عيوب المدينة، سمّاه الأرجنتينيون لاحقاً بـ”جدار العار”، فيما تكرر الجدار في البصرة بعد 45 عاماً.

يجد إدوارد غاليانو، الكاتب الذي رأى كرة القدم من منظور أكثر شمولاً، أن هناك ارتباطاً بين اللعبة الأكثر شعبيّة في العالم وبين الوطن.

يُعوّل السياسيون والدكتاتوريون على هذا الرابط، بل ويستغلونه إلى أبعد حدّ، وهو ما حصل في خليجي 25. استغل السياسيون الفوز بالكأس، وأغدقوا الوعود على المُنتخب.

وحتّى عندما أقيم احتفالٌ شعبيّ للمنتخب في ساحة الاحتفالات وسط بغداد، عدّ كثيرون أن حضور الشخصيات السياسية أو المقربة منها على المنصة الرئيسية تشويهٌ للفرحة الوطنية.

بالنسبة للعراقيين، فإن هذه الكأس تخصّهم وحدهم دونما السياسيين، لاسيما أولئك المتورطين بالإرهاب والقتل والفساد، لكن هذا الامتعاض الاجتماعي لم يخرج بهذا الوضوح إلا بعد سلسلة من اللقاءات والفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

انتشر فيديو للاعب السابق الشهير والنائب الأول لرئيس الاتحاد العراقي يونس محمود وهو وسط اللاعبين وفي اتصال مع رجل الدين المعروف مقتدى الصدر، حيث طلب محمود من الصدر اللقاء بالوفد المتوج باللقب بناء على رغبة اللاعبين، فيما وعده الصدر بلقاءٍ قريب، ومن ثم تحدّث اللاعب الأفضل في المباراة النهائية وصاحب أحد اهداف النهائي أمجد عطوان مع الصدر طالباً منه اللقاء بشكل عاجل لأن جدولهم مزدحم وما هي إلا ساعات حتى انتشر فيديو آخر لبطل الكرة الأخيرة الذي سجل هدف الفوز في مرمى المنتخب العماني اللاعب مناف يونس وهو يهدي قميصه الذي سجل فيه الهدف إلى السياسي أحمد الجبوري أبو مازن، ما أثار موجة سخط كبيرة.

لم يكتمل المشهد حتى الآن.

فقد ذهب وفد المنتخب للقاء مقتدى الصدر، وأهدى الصدر ساعته للاعب رقم 10 حسن عبدالكريم الملقب بـ(قوقية) والذي نشر بدوره صوراً مع الساعة، وقال إنه لن يبيعها مهما تلقّى من عروض مالية مُغرية.

الإطار 1-0 التيار

عُدَّ تنظيم بطولة خليجي 25 إنجازاً بحتاً للإطار التنسيقي، الخيمة التي تضم القوى الشيعية. اهتمّ رئيس وزراء الإطار محمد شياع السوادني في البطولة، فهو الذي افتتحها بكلمة وأنهاها بتسليم الكأس إلى كابتن المنتخب العراقي جلال حسن، كما أن الداعم الأكبر لخليجي البصرة محافظها المقرب من الإطاريين أسعد العيداني الذي كان مرشح القوى الشيعية المُقربة من إيران لتولّي منصب رئيس الوزراء.

حسب الإطاريين، فانهم حققوا نصراً قد يعطيهم الوقت من أجل ترتيب بعض الأوراق وتنظيم شعبيتهم التي أطاحت بها السنوات الماضية، خاصة وأن البيت الإطاري يمر سياسياً بفترة ذهبية.

ورغم أن أزمة انخفاض سعر الدينار أمام الدولار مستمرة، ويمكن أن تتسبب بأزمة في الأفق، إلا أن الإعلام الإطاري انشغل طيلة فترة البطولة بالإيجابيات مستغلاً الزخم العاطفي لهذا الحدث.

اعتقد الإطاريون أن شعبيتهم المهتزة في الشارع العراقي يمكن ترميمها من خلال تقديم نموذج العيداني والسوداني اللذين كانا من أكبر الداعمين للبطولة ومن أسباب نجاحها، فسجل الإطار هدفاً في شباك كل خصومه السياسيين معززين بذلك وجودهم الذي صار أمراً واقعاً، لكن ما لم يكن في حسابهم أن التيار لا بد أن يقول كلمته في هذا الإنجاز، عبر أذرعه المتنفذة بالاتحاد العراقي لكرة القدم… الاتحاد المسيطر عليه من قبل التيار الصدري منذ قرابة العقد من الزمن، عبر غالب الزاملي، شقيق السياسي الصدري المعروف حاكم الزاملي.

لكن الإطار، ورغم ذلك، اعتقد أن هذا الإنجاز المزدوج “التنظيم/ اللقب” يخصهم وحدهم دونما سواهم من الكتل السياسية، فكانت الكتلة الأكثر اهتماماً به عبر قنواتها الاعلامية والسوشيال ميديا. ساد اعتقاد في هذه الكتلة أن الاجواء مواتية لدس رسائل مبطنة للشارع بأن السوداني شخصية مناسبة وأن ثمة العديد من الإنجازات تنتظر هذه الحكومة التي شكلت في ظروف مضطربة سياسياً وجاءت بعد أن تخلى الصدريون عن مقاعدهم.

كان الاعلام الإطاري، وحتى سياسيوه، ينقلون تلك الصورة المثالية عن البصرة ويهتمون بإظهار الوجه الإيجابي و”الإنجاز غير المسبوق” لهذه النسخة من كأس الخليج.

الإطار 1-1 التيار

بدورهم، هتف الصدريون في باب الصدر “يالاطار ويالاطار الكاس بالحنانة صار” في إشارة الى أن الصدر هو من حصد الكأس فعلياً رغم ان التنظيم كان من نصيب الإطار.

كانت أهزوجة شعبية تبدو عفوية، لكنها تؤكد بشكل لا يقبل الشك أن الصدريين كانوا يعانون انزعاجا داخليا من المكاسب التي قد يحققها الإطار بسبب هذه البطولة، فكان تواجد المنتخب في محل إقامة الصدر بالنجف “الحنانة” وإهداء الكأس للسيد المعتزل سياسياً من قبل قائد المنتخب الحارس جلال حسن هو هدف التعادل الذي وضعه الصدريون في شباك الإطار الممزقة اجتماعياً، والتي تعاني من ضغط الدولار وفضيحة سرقة القرن. هدف مفاده اننا مازلنا في الملعب، هدف أنعش آمال الصدريين في العودة للواجهة ثانية وربما البدء بجولة أخرى من الصراع الإطاري التياري المؤجل.

وعلى الرغم من أنه هدف رمزي، لكنه نوعٌ من إثبات الوجود بالنسبة للكتلة التي انسحبت من البرلمان مهدية 73 مقعداً للخاسرين، بعد أن هُمّش دورها -إذا كان لديها دور- في إنجاح البطولة، لكنهم فعلياً خارج التمثيل السياسي. فكل إنجاز وإن كان رياضياً وليس سياسياً لا يكون لهم نصيب في حصدهِ. غير أن ذلك المشهد الذي يصغي فيه المنتخب العراقي واتحاد الكرة لنصائح وكلمة الصدر في منزله، ومن ثم حديث الرياضيين عن الصدر وهداياه، كل ذلك يُجدد حضور التيار الصدري، ويوسّع الحديث عن عودته إلى العمل السياسي قريباً.

ولا بد من الإشارة إلى أن الصدر عاد مجدداً إلى استفزاز إيران التي أزعجت سلطتها العراقيين كثيراً بسبب تسمية “الخليج العربي”. كتب الصدر تغريدة يهنئ بها الشعب العراقي بمناسبة الفوز وضع فيها “الخليج العربي” بين قوسين في اشارة إلى تهرب الإطاريين من تلك التسمية معززاً تغريدته الأولى التي كتبت قبل يوم من افتتاح البطولة.. فهل هذه بوادر من الممكن ان تُحرِّك عجلة الصراع ثانية بين الاطار والتيار؟

من يحسم ركلات الترجيح اجتماعياً

نالَ الجمهور استحقاقه من التقدير والثناء على كرمه، رغم سوء التنظيم والأحداث التي رافقت المباراة النهائية وأدت إلى موت شبّان كل ما أرادوه مشاهدة مباراة. الجمهور الذي اهتزت حناجره داخل وخارج أرضية الملعب، لم يكن يتوقع ما حصل لاحقاً، فما هي إلا ساعات وقد وجدت شريحة واسعة نفسها ساخطة على منتخبهم الوطني، فتحوّل الجمهور بظرف ساعات قليلة من أشد المناصرين إلى أشد الناقدين وغير الراضين.

لا يمكن حصر ردود الفعل، لكنها في الغالب كانت تتراوح بين العتب على اللاعبين وبين الخيبة.. خيبة مفادها أن هذا النصر لنا نحن الجمهور ولا نريد ان يدسّ السياسي أنفه فيه، وعتب على خلط الرياضة بالسياسة وإعادة تصدير السياسيين لأنفسهم من بوابة كاس الخليج، فقد رأت بعض الجماهير أن لاعبي المنتخب ليسوا على قدر المسؤولية، فيما عدّ البعض، الاصطفاف السياسي للمنتخب قد قتلَ بهجة الفوز …

رأى الجميع أن هذا المنتخب يمثل كل أطياف المجتمع العراقي، والكأس عراقية، ولا يمكن أن يُطاف بها او يُحَج بها إلى الكتل السياسية. فالزيارة إلى الحنانة لم تكن فردية، وقميص مناف يونس هو لحظة عاطفية عراقية ليس من المناسب أن تصادر من قبل “أبو مازن”. فهل أخطأ وفد المنتخب التقدير في تلك التحركات؟ هل هي تحركات محسوبة سياسياً، أم أنها عفوية ولا تخلو من السذاجة؟ هل خسر المنتخب العراقي شريحة من الجماهير جراء تلك الزيارات؟ لكن السؤال الأهم هل من حق اللاعبين والكادر والوفد المسؤول القيام بتلك الجولات السياسية ومعهم كأس الخليج العراقي؟

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

يعتقدُ بعض العراقيين أن فوز المنتخب الأرجنتيني في كأس العالم يجب أن يلحقه فوز للمنتخب الوطني.

حصل ذلك في مصادفات عديدة، حيث فاز المنتخب الأرجنتيني بكأس العالم في ثلاث مناسبات 1978، 1986، 2022، بينما حصل العراق على كأس الخليج في 1979، 1988، 2023.

وللمصادفة، وصل العراق إلى نهائي خليجي 2013 وخسره، أما الارجنتين فخسرت بعده بسنة واحدة نهائي كأس العالم 2014 ضد المنتخب الألماني.

لكن ليس هذا وجه الشبه الوحيد بين الأرجنتين والعراق، فخليجي 25 الذي استضافته البصرة أكثر شبهاً ببطولة كأس العالم 1978 التي استضافتها الأرجنتين، إذ تنافست البطولتان على أيهما الكأس الأكثر استثماراً من الناحية السياسية. نصب النظام الديكتاتوري الأرجنتيني وقتها جداراً ضخماً لتغطية عيوب المدينة، سمّاه الأرجنتينيون لاحقاً بـ”جدار العار”، فيما تكرر الجدار في البصرة بعد 45 عاماً.

يجد إدوارد غاليانو، الكاتب الذي رأى كرة القدم من منظور أكثر شمولاً، أن هناك ارتباطاً بين اللعبة الأكثر شعبيّة في العالم وبين الوطن.

يُعوّل السياسيون والدكتاتوريون على هذا الرابط، بل ويستغلونه إلى أبعد حدّ، وهو ما حصل في خليجي 25. استغل السياسيون الفوز بالكأس، وأغدقوا الوعود على المُنتخب.

وحتّى عندما أقيم احتفالٌ شعبيّ للمنتخب في ساحة الاحتفالات وسط بغداد، عدّ كثيرون أن حضور الشخصيات السياسية أو المقربة منها على المنصة الرئيسية تشويهٌ للفرحة الوطنية.

بالنسبة للعراقيين، فإن هذه الكأس تخصّهم وحدهم دونما السياسيين، لاسيما أولئك المتورطين بالإرهاب والقتل والفساد، لكن هذا الامتعاض الاجتماعي لم يخرج بهذا الوضوح إلا بعد سلسلة من اللقاءات والفيديوهات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

انتشر فيديو للاعب السابق الشهير والنائب الأول لرئيس الاتحاد العراقي يونس محمود وهو وسط اللاعبين وفي اتصال مع رجل الدين المعروف مقتدى الصدر، حيث طلب محمود من الصدر اللقاء بالوفد المتوج باللقب بناء على رغبة اللاعبين، فيما وعده الصدر بلقاءٍ قريب، ومن ثم تحدّث اللاعب الأفضل في المباراة النهائية وصاحب أحد اهداف النهائي أمجد عطوان مع الصدر طالباً منه اللقاء بشكل عاجل لأن جدولهم مزدحم وما هي إلا ساعات حتى انتشر فيديو آخر لبطل الكرة الأخيرة الذي سجل هدف الفوز في مرمى المنتخب العماني اللاعب مناف يونس وهو يهدي قميصه الذي سجل فيه الهدف إلى السياسي أحمد الجبوري أبو مازن، ما أثار موجة سخط كبيرة.

لم يكتمل المشهد حتى الآن.

فقد ذهب وفد المنتخب للقاء مقتدى الصدر، وأهدى الصدر ساعته للاعب رقم 10 حسن عبدالكريم الملقب بـ(قوقية) والذي نشر بدوره صوراً مع الساعة، وقال إنه لن يبيعها مهما تلقّى من عروض مالية مُغرية.

الإطار 1-0 التيار

عُدَّ تنظيم بطولة خليجي 25 إنجازاً بحتاً للإطار التنسيقي، الخيمة التي تضم القوى الشيعية. اهتمّ رئيس وزراء الإطار محمد شياع السوادني في البطولة، فهو الذي افتتحها بكلمة وأنهاها بتسليم الكأس إلى كابتن المنتخب العراقي جلال حسن، كما أن الداعم الأكبر لخليجي البصرة محافظها المقرب من الإطاريين أسعد العيداني الذي كان مرشح القوى الشيعية المُقربة من إيران لتولّي منصب رئيس الوزراء.

حسب الإطاريين، فانهم حققوا نصراً قد يعطيهم الوقت من أجل ترتيب بعض الأوراق وتنظيم شعبيتهم التي أطاحت بها السنوات الماضية، خاصة وأن البيت الإطاري يمر سياسياً بفترة ذهبية.

ورغم أن أزمة انخفاض سعر الدينار أمام الدولار مستمرة، ويمكن أن تتسبب بأزمة في الأفق، إلا أن الإعلام الإطاري انشغل طيلة فترة البطولة بالإيجابيات مستغلاً الزخم العاطفي لهذا الحدث.

اعتقد الإطاريون أن شعبيتهم المهتزة في الشارع العراقي يمكن ترميمها من خلال تقديم نموذج العيداني والسوداني اللذين كانا من أكبر الداعمين للبطولة ومن أسباب نجاحها، فسجل الإطار هدفاً في شباك كل خصومه السياسيين معززين بذلك وجودهم الذي صار أمراً واقعاً، لكن ما لم يكن في حسابهم أن التيار لا بد أن يقول كلمته في هذا الإنجاز، عبر أذرعه المتنفذة بالاتحاد العراقي لكرة القدم… الاتحاد المسيطر عليه من قبل التيار الصدري منذ قرابة العقد من الزمن، عبر غالب الزاملي، شقيق السياسي الصدري المعروف حاكم الزاملي.

لكن الإطار، ورغم ذلك، اعتقد أن هذا الإنجاز المزدوج “التنظيم/ اللقب” يخصهم وحدهم دونما سواهم من الكتل السياسية، فكانت الكتلة الأكثر اهتماماً به عبر قنواتها الاعلامية والسوشيال ميديا. ساد اعتقاد في هذه الكتلة أن الاجواء مواتية لدس رسائل مبطنة للشارع بأن السوداني شخصية مناسبة وأن ثمة العديد من الإنجازات تنتظر هذه الحكومة التي شكلت في ظروف مضطربة سياسياً وجاءت بعد أن تخلى الصدريون عن مقاعدهم.

كان الاعلام الإطاري، وحتى سياسيوه، ينقلون تلك الصورة المثالية عن البصرة ويهتمون بإظهار الوجه الإيجابي و”الإنجاز غير المسبوق” لهذه النسخة من كأس الخليج.

الإطار 1-1 التيار

بدورهم، هتف الصدريون في باب الصدر “يالاطار ويالاطار الكاس بالحنانة صار” في إشارة الى أن الصدر هو من حصد الكأس فعلياً رغم ان التنظيم كان من نصيب الإطار.

كانت أهزوجة شعبية تبدو عفوية، لكنها تؤكد بشكل لا يقبل الشك أن الصدريين كانوا يعانون انزعاجا داخليا من المكاسب التي قد يحققها الإطار بسبب هذه البطولة، فكان تواجد المنتخب في محل إقامة الصدر بالنجف “الحنانة” وإهداء الكأس للسيد المعتزل سياسياً من قبل قائد المنتخب الحارس جلال حسن هو هدف التعادل الذي وضعه الصدريون في شباك الإطار الممزقة اجتماعياً، والتي تعاني من ضغط الدولار وفضيحة سرقة القرن. هدف مفاده اننا مازلنا في الملعب، هدف أنعش آمال الصدريين في العودة للواجهة ثانية وربما البدء بجولة أخرى من الصراع الإطاري التياري المؤجل.

وعلى الرغم من أنه هدف رمزي، لكنه نوعٌ من إثبات الوجود بالنسبة للكتلة التي انسحبت من البرلمان مهدية 73 مقعداً للخاسرين، بعد أن هُمّش دورها -إذا كان لديها دور- في إنجاح البطولة، لكنهم فعلياً خارج التمثيل السياسي. فكل إنجاز وإن كان رياضياً وليس سياسياً لا يكون لهم نصيب في حصدهِ. غير أن ذلك المشهد الذي يصغي فيه المنتخب العراقي واتحاد الكرة لنصائح وكلمة الصدر في منزله، ومن ثم حديث الرياضيين عن الصدر وهداياه، كل ذلك يُجدد حضور التيار الصدري، ويوسّع الحديث عن عودته إلى العمل السياسي قريباً.

ولا بد من الإشارة إلى أن الصدر عاد مجدداً إلى استفزاز إيران التي أزعجت سلطتها العراقيين كثيراً بسبب تسمية “الخليج العربي”. كتب الصدر تغريدة يهنئ بها الشعب العراقي بمناسبة الفوز وضع فيها “الخليج العربي” بين قوسين في اشارة إلى تهرب الإطاريين من تلك التسمية معززاً تغريدته الأولى التي كتبت قبل يوم من افتتاح البطولة.. فهل هذه بوادر من الممكن ان تُحرِّك عجلة الصراع ثانية بين الاطار والتيار؟

من يحسم ركلات الترجيح اجتماعياً

نالَ الجمهور استحقاقه من التقدير والثناء على كرمه، رغم سوء التنظيم والأحداث التي رافقت المباراة النهائية وأدت إلى موت شبّان كل ما أرادوه مشاهدة مباراة. الجمهور الذي اهتزت حناجره داخل وخارج أرضية الملعب، لم يكن يتوقع ما حصل لاحقاً، فما هي إلا ساعات وقد وجدت شريحة واسعة نفسها ساخطة على منتخبهم الوطني، فتحوّل الجمهور بظرف ساعات قليلة من أشد المناصرين إلى أشد الناقدين وغير الراضين.

لا يمكن حصر ردود الفعل، لكنها في الغالب كانت تتراوح بين العتب على اللاعبين وبين الخيبة.. خيبة مفادها أن هذا النصر لنا نحن الجمهور ولا نريد ان يدسّ السياسي أنفه فيه، وعتب على خلط الرياضة بالسياسة وإعادة تصدير السياسيين لأنفسهم من بوابة كاس الخليج، فقد رأت بعض الجماهير أن لاعبي المنتخب ليسوا على قدر المسؤولية، فيما عدّ البعض، الاصطفاف السياسي للمنتخب قد قتلَ بهجة الفوز …

رأى الجميع أن هذا المنتخب يمثل كل أطياف المجتمع العراقي، والكأس عراقية، ولا يمكن أن يُطاف بها او يُحَج بها إلى الكتل السياسية. فالزيارة إلى الحنانة لم تكن فردية، وقميص مناف يونس هو لحظة عاطفية عراقية ليس من المناسب أن تصادر من قبل “أبو مازن”. فهل أخطأ وفد المنتخب التقدير في تلك التحركات؟ هل هي تحركات محسوبة سياسياً، أم أنها عفوية ولا تخلو من السذاجة؟ هل خسر المنتخب العراقي شريحة من الجماهير جراء تلك الزيارات؟ لكن السؤال الأهم هل من حق اللاعبين والكادر والوفد المسؤول القيام بتلك الجولات السياسية ومعهم كأس الخليج العراقي؟