أرادت الطب فصارت "فنانة شاملة".. حوار مع ملايين
30 كانون الأول 2022
ما معنى أن تكون امرأة فنانة في عراق الحرب والحصار والدكتاتورية والاحتلال، ومن ثم في الشتات؟ ما هي مميزات الرقص العراقي؟ وماذا يعني أن تكون المرأة فنانة وسط مجتمع محافظ؟ حوار لـ"جمار" مع ملايين عن الرقص والعائلة والاغتراب..
لا يحتاج المرء إلى مناسبة لإجراء مقابلة مع فنانة أو فنان، ولاسيما إذا كان الحديث عن الرقص، ذلك الحدث المتجدد في كل رقصة. وفي الحديث عن الرقص العراقي، إذا صحّت تسميته كذلك، وهو المتنوع بتنوع أهله، نحاور هنا فنانة تمتد سيرتها الفنية على مدى سنوات من تاريخ العراق الحديث.
ملايين.. أردنا أن نسألها عن الحياة والسياسة والفن وما معنى أن تكون امرأة فنانة في عراق الحرب والحصار والدكتاتورية والاحتلال، ومن ثم الشتات. ولم تتوان في التجاوب بثقة امرأة خاضت حياة تزخم بالتحديات والإنجازات كفنانة وكأم وكامرأة عراقية. انطلقت رحلة ملايين الفنية منذ تسعينيات القرن الماضي واستمرت بعد مغاردتها العراق إلى السويد أولاً، ثم بريطانيا لاحقاً، حيث تقيم اليوم. ملايين أخذتنا معها في رحلة هي اختارت في أي محطة تتوقف فيها وأي محطة تتجاوز.. رحلة نشاركها معكم للاطلاع على عالم الرقص العراقي.
جُمّار: بداية الطفولة، كيف كانت نشأتك وماذا تحمل الطفولة من ذكريات عن العائلة والمحيط الأوسع؟
ملايين: أنا من مواليد 1975، وكنا حينها نسكن في البصرة، وقد فتحنا أعيننا على حروب. أكثر ما يتبادر إلى ذهني أننا من أكثر الشعوب التي آذتها الحروب. الطفولة كانت عبارة عن حروب، خاصة حرب إيران، حيث كنت أرى قنابل تسقط أمامي عندما أذهب إلى المدرسة وأناساً تموت أمامي. أصابنا الأذى من حرب إيران وحرب الخليج ولم نعش طفولة صحيحة.
جُمّار: كيف كانت أسرتكِ، ما عدد الإخوة والأخوات وكيف كان وضعكم الاقتصادي في ذلك الحين؟
ملايين: نحن أسرة من تسعة أفراد، أربع بنات وثلاثة أولاد والأم والأب، وأنا أوسطهم، يكبرني ثلاثة ويصغرني ثلاثة. كنت البنت المدللة في أسرتي، وكان كل شيء جيد فيها، لكن الحرب في وقتها هي التي حرمتنا من أشياء كثيرة. فمدرستي قصفت مرات عدة، ما اضطرني للانتقال إلى مدرسة أخرى. حتى نحن كأسرة انتقلنا إلى النجف ومن ثم إلى بابل بسبب الحرب. لسنا نحن فقط بل عوائل كثيرة انتقلت. وما زالت أسرتي مترابطة حتى الآن.
جُمّار: بالحديث عن المدرسة، إلى أي مرحلة وصلتِ في الدراسة؟
ملايين: وصلت لغاية مرحلة الخامس العلمي، فبعد مضي شهرين على دخولي هذه المرحلة، قُصفت المدرسة، ولأن أهلي قلقوا بشأني، جعلوني أترك المدرسة في حينها، لهذا كنت مصرة على أن تحصل ابنتي (مها) على شهادة جيدة عليا وجامعية. كنت أتمنى أن أكون طبيبة، لكن بسبب الحرب لم أستطع إكمال الدراسة، ولهذا حثثت ابنتي على نيل شهادة الدكتوراه، وقد تخصصت في الخلايا الجذعية والطب التجديدي لتحقيق أمنيتي. ومن أجلها انتقلت من السويد إلى بريطانيا لأن الدراسة في بريطانيا أفضل.
جُمّار: متى بدأ مشوار الفن ومتى بدأ يثير اهتمامك وهل تأثرتِ بأحد؟
ملايين: بدأت بالمشاركة في إعلانات عن لحوم وشامبو وخل “البدوي”، وبعد الإعلانات شاركت في المسلسلات البدوية كممثلة، ومن ثم عرض عليّ تقديم أعمال استعراضية في المسرح. من المهم أن يمتلك الفنان موهبة وأن يكون شاملاً. حينما نتحدث عن الرقص فنحن نتكلم بلغة الجسد، حيث نترجم الأغاني إلى حركات، وأنا اعتبرت ذلك نوعا من أنواع الفنون. حتى في مصر يطلقون على شريهان تسمية “فنانة شاملة”، لأنها تغني وترقص وتمثل في آن واحد، وكنت أحبها جداً وأتابعها على الدوام. من هنا كانت لدي إمكانية التمثيل والغناء والرقص، فقلت لم لا، واتخذت من الرقص مهنة لكنني بالأساس أعشق التمثيل.
جُمّار: كيف وصلتِ إلى الإعلانات؟
ملايين: عن طريق أقاربي الذين كانوا يعرفون المخرج صبري الرماحي، وهو الذي أدخلني بعد الإعلانات إلى عالم التمثيل من خلال المسلسلات البدوية.
جُمّار: من المعروف أن العائلة العراقية في ذلك الوقت وحتى اليوم هي عائلة محافظة، فكيف تلقت عائلتكِ دخولكِ عالم التمثيل؟
ملايين: بالبداية لم تتقبل عائلتي ذلك، لكن الهدف يجعل الإنسان مؤمنا بما يفعل، ولاسيما عندما يسير في طريق ويدرك أنه ليس على خطأ. البعض يحاول الظهور على أنه محافظ لكنه يعمل ما يشاء في الخفاء. أنا شخصياً ضد هذا المبدأ، فبالنسبة لي لا أقوم بأي شيء أعتبره خطأ، وأنا اعتبرت الفن مهنة، فأنا مؤمنة بهذا الشيء. كنت أؤدي فلكلوراً عراقياً وليس رقصاً مبتذلاً.
جُمّار: عندما نتكلم عن الرقص العراقي، ما هي ميزاته وخصوصيته مقارنة بالرقص الشرقي المقترن بمصر؟ وهل هناك نساء كن رمزاً للرقص العراقي؟
ملايين: أنا أتحدث عن نفسي فقط، فمثلما في كل بلد هناك رقص شعبي فلكلوري مثل “السمبا” و”السلسا” والخليجي، فأنا مزجت بين العراقي والشرقي ولاقى استحسان الكثيرين.
جُمّار: نحن نحاول فهم كيف انتشر الفن العراقي؟ هل بحثتِ عن تاريخه؟ هل أسستِ مدرسة لهذا الرقص؟
ملايين: لم أؤسس أية مدرسة. هناك الفرقة القومية للفنون الشعبية، وهي تستقطب الراقصات وساهمت في كثير من المهرجانات، وكان أعضاؤها يؤدون الفلكلور العراقي. تقريبا كل بلد لديه فلكلور خاص به، وبالنسبة لي أحاول أن أتعلم هذه الرقصات، فحين ذهبت إلى الهند لعمل مسلسلات هندية أديت الرقص الهندي، وحتى حين أذهب للتمرين في النادي الرياضي أرقص “سلسا” و”سامبا”.
جُمّار: كيف يُنظر للرقص العراقي خارج العراق؟ هل ينظر إليه على أنه يمتاز بالحدة والعنف، خاصة استخدام الخناجر في الرقص؟
ملايين: ليس الرقص فقط يُنظر إليه كذلك، فحتى كلمات الأغاني العراقية مليئة بالحزن وملحنة بشجن، وذلك ينطبق على الرقص، لأننا مررنا بواقع صعب وحروب. مثلاً أغنية “أجلبنك (أقلّبك) يا ليل ثنعش (12) تجليبة” الملحنة بموسيقى “الهجع”، تستدعي حركات رقص تترجم حزن الأغنية وألحانها الشجية، كما أن هناك أغاني مفرحة على وقع موسيقى “الخشابة” و”الهيوة”، والجسد يعبر عنها بطريقتها أيضاً.
جُمّار: متى كانت أول مرة رقصتِ فيها بشكل علني؟ هل كانت حفلة خاصة؟ كيف كان شعوركِ؟
ملايين: كانت بداياتي في نوادي “العلوية” و”الصيد” و”المشرق” (في بغداد)، وكانت تحضر عوائل للتفرج. وبعدها شاركت في مسرحية “العالم في ليلة” (إخراج محسن العزاوي)، حيث أديت رقصاً عراقياً ورقصة “بحيرة البجع”، وقدمنا أكثر من رقصة ولوحة في هذا العمل الاستعراضي.
جُمّار: من بداية الرقص وحتى الاحتراف، كيف وصلتِ إلى اسم معروف وكيف كان الاحتراف؟
ملايين: على الرغم من الظروف التي يمر بها شعب العراق لكنه يحب الحياة، ولم تكن القدرات المالية للعوائل كبيرة، لكنها تحب حضور الحفلات والمسارح. إنه شعب متذوق للفن، وكل الذين يظهرون كفنانين ومطربين يرون هناك تشجيعاً لأن الجمهور يحضر بقوة. منذ ظهوري في الإعلانات عُرف اسمي، وبعدها مثّلت أعمالاً بدوية ومسلسل “الأشرعة” من إخراج سامي قفطان، ومسرحية “العالم في ليلة”. كنت نجمة شباك والجمهور هو الذي يجعل من الفنان نجماً.
جُمّار: هل كان ثمة اختلاف في تلقي فنّكِ بين منطقة وأخرى في العراق؟
ملايين: لم يكن هناك اختلاف، حيث ذهبنا إلى أغلب المحافظات وقدمنا عروضاً في البصرة والموصل وذي قار والعمارة، ولم نلمس اختلافاً. الجميع كان محباً لما قدمناه من فن، وحتى اليوم حينما يعرض عمل ما يحضر الناس بشكل فعال وكبير.
جُمّار: لا يمكن أن نفصل الفن عن السياسة والنظام الحاكم في العراق، خصوصاً أنكِ عملتِ في العراق كفنانة خلال حكم البعث. فكيف كانت
علاقتكِ بعائلة صدام حسين والمقربين منه؟
ملايين: أنا فنانة ولا أحب الحديث بالسياسة بل بالفن، وقد عشت حياتي كإنسانة وفنانة بعيداً عن السياسة، وربيت أولادي على هذا الأساس.
جُمّار: في أي سنة خرجتِ من العراق؟ وهل كان الخروج قسرياً أم قراراً وبحثاً عن حياة أفضل؟
ملايين: خرجت عام 1997، وكما ذكرت فإني أحب أن يكون لابنتي مستقبل في الدراسة، وفي العراق ألقت الحروب بظلالها على مستوى التدريس، لذا كنت مصرة على أن تعيش ابنتي بأمان وتتلقى أفضل تعليم. وكان هدفي في البداية أن تكون وجهتي بريطانيا، لكن شاءت الظروف أن تتاح لي إمكانية الذهاب إلى السويد قبل الانتقال إلى بريطانيا.
جُمّار: كيف استطعتِ تكوين أسرة مع وجود آراء مسبقة عن الفنانات؟ وهل أثرت هذه الآراء على أسرتكِ؟
ملايين: ذكرت سابقا أن الفن مهنة بالنسبة لي. ربيت أبنائي وأدخلتهم أحسن المدارس. لا يهمني رأي من لا يعرفني. يهمني فقط أن الله يرى ما أفعل. أهلي وأولادي يرونني ويتواجدون معي أينما أذهب، ويعرفون ما أفعل، وأنا لا أفعل شيئاً خاطئاً. إذا كانت هناك آراء دينية تحرّم ما أفعل فهذا أمر بيني وبين الله وليس مشكلة أحد. هم يجدون حياة الفنانات سهراً ومتعة وسفراً، لكنني اتخذت الفن مهنة في سبيل أن تعيش أسرتي حياة كريمة.
جُمّار: الحياة في الغربة ليست بالأمر السهل.. كيف تعايشتِ بداية مع الخروج من العراق وكيف أعدتِ بناء نفسكِ وكيف تعاطت الجالية العراقية معكِ في الخارج؟
ملايين: كنت قد عملت مع سيمون أسمر في لبنان، وبعدها ذهبت إلى السويد. كان العراقيون في الخارج يشاهدونني في التلفاز، وحين أصبحت قريبة منهم وجدت ترحيباً وحباً كبيراً ولم أشعر أنني في الغربة. بعد استقراري في لندن افتتحت مطعماً، وكانت أغلب العوائل العراقية ترتاده لأنني كنت أعد أكلات عراقية فيه. واجهت صعوبات في البداية لأنني تنقلت بين بلدان لا أعرف شيئا عن لغتها وعاداتها وثقافتها، لكن هذه المرحلة كانت مؤقتة، حيث تعلمت اللغة لاحقا لتطوير حياتي ونفسي.
جُمّار: ما هي مشاهداتكِ للبرامج العراقية أو غيرها وكيف تتابعين ما يحصل في العراق؟
ملايين: ذهبت مؤخرا إلى مهرجان “الهلال الذهبي”، ووجدتُ أن ما يحصل في العراق ليس كما يصلنا، ولهذا توقفت عن سماع الأخبار هنا لأن ما يصلنا كذب. في بغداد نتناول العشاء في مطعم بعد منتصف الليل، والحياة جميلة والناس حاضرون أطفالاً ونساء ورجالاً، على العكس من الحياة هنا في بريطانيا التي تتوقف عند الثامنة مساء. العراق أفضل لأن الحياة الاجتماعية فيه فاعلة، فحين يمرض أو يفرح أحد في الخارج (الشتات)، لا يوجد من يشاركه الفرح أو الحزن، ومن هنا يأتي الشعور بالغربة. كما أن مستوى الرفاهية في الدول العربية أعلى مما هو عليه هنا، ففي بلداننا مثلا يمكن تشغيل مساعد في البيت أو سائق، أما هنا فصعب جداً.. أنا أوصل أولادي إلى المدرسة، ثم أنظف البيت وأذهب للتسوق وأطبخ وأغسل ملابسهم وأقلهم من المدرسة إلى البيت، أما في العراق فالوضع يختلف، إذ هناك عاملات نظافة وحياة اجتماعية غنية نفتقدها هنا. بالتأكيد لدى الناس في العراق مشكلات صعبة، ولكنها عموماً ليست بفداحة ما نراه في الأخبار. في لندن أقضي وقتي في المشي لنصف ساعة أو ساعة، وقبل جائحة كورونا كنت أذهب إلى النادي الرياضي للتمرن، وهناك بحيرة أذهب إليها لأطعم البط، أما باقي الوقت فأكرسه لأولادي.
جُمّار: هل تعدين نفسكِ اليوم راقصة أم ممثلة؟
ملايين: اعتزلت الرقص وبقيت أمثل لكن فقط دور واحد في السنة. أتابع جمهوري ولا أحب أن أشارك في الكثير من الأعمال الفنية فقط لمجرد غزارة الإنتاج. أحب أن أقدم عملاً فيه رسالة هادفة.
جُمّار: هل هناك أعمال جديدة قادمة في الطريق؟ وما هو العمل الذي تعتقدين أنه يحمل رسالة؟
ملايين: تلقيت نصوصاً كثيرة، لكنني لم أجد ما يناسب شخصيتي، ولكن إذا وجدت شيئاً أستطيع تقديمه ويعجب الناس سأقدمه بكل تأكيد.
هناك الكثير من المعاناة لدى الناس، ومهمة الفن أن يناقش هذه المعاناة لتتغير. مثلاً عادل إمام حين يقدم عملاً بإمكانه أن يغير قانوناً بأكمله من خلال عمله الفني في مصر. نحن نطمح لتقديم شيء يحاكي معاناة الناس، يأخذ به المسؤولون ويغيرون الوضع القائم. أجد مثلاً أن هناك مدارس كثيرة في العراق، لا دراسة فيها بمستوى عالٍ. أتمنى أن أقدم عملاً يتحدث عن هذه المشكلة، أن نحاكي ظروف الطلبة ومعاناتهم، مثلاً في صعوبة شراء كتب أو وجود مدرسات ومدرسين لا يؤدون عملهم بشكل صحيح ولا يعطون اهتماماً للطالب.
جُمّار: هل ممكن أن تكوني في يوم من الأيام موضوعاً لمسلسل، خاصة وأن مسيرتكِ هي مسيرة امرأة بنت نفسها بنفسها وأصبحت رمزاً؟
ملايين: الناس تقيّم هذا الموضوع، فالإنسان لا يدعو الآخرين ليجسدوا سيرته وإنما أفعاله هي التي تجعل الآخرين يتحدثون عنها. أنا أفتخر جداً بأن كثيرين قالوا لي إنني قدوة وأن الذي فعلته في حياتي ليس سهلاً، وهذه شهادة أعتز بها. من يريد أن يحول حياتي إلى قصة فهذا يعود له، وقد عرض علي سابقاً أن أؤلف كتاب مذكرات وأنا أفكر بهذا.
جُمّار: ما رأيكِ بوضع المرأة العراقية اليوم؟
ملايين: المرأة العراقية من أقوى النساء، وكثير من الفتيات في العراق يعتبرن قصة نجاح اليوم. لم يعد وضعهن في الوقت الحالي كما كان في السابق، أي أن المرأة تتزوج وتجلس في البيت، فاليوم الفتيات يعملن ويكافحن، ومع ذلك هناك كثير من القضايا التي تضع المرأة في ظرف صعب، فمثلاً من حق المرأة الدراسة وتحصيل شهادة، وأنا أجد أن النساء العراقيات مظلومات كثيراً في هذا الجانب. أعتقد أن الظروف هي التي تبني شخصية الإنسان، البعض يستسلم ويقول الحياة صعبة، لكن هناك نساء يصنعن أسماء لامعة من فنانات وغيرهن، وهناك جيل جديد ومهم ويقف بوجه الظروف الصعبة على كل الأصعدة.
جُمّار: هل تفكرين بالعودة إلى العراق؟
ملايين: في الوقت الحالي أولادي يدرسون في بريطانيا وأنا مسؤولة عنهم. ولكن وإن غبت عن العراق فلن أستغني عنه، وحينما ينتقل أولادي إلى الجامعة بالتأكيد سأتمكن من التنقل براحة أكثر. حين زرت العراق انبهرت كما قلت، لهذا فإنني أخطط لزيارة العراق أكثر وليس بعيداً أن أعود إليه.
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
دكتاتورية وذكورية: التمثيل النسائي في البرلمان العراقي
08 أكتوبر 2024
العلاقات العراقية الصينية: محصلة الماضي والحاضر ورهان المستقبل
06 أكتوبر 2024
معضلة الزعامة الدينية عند سنة العراق: لماذا لم يصنعوا مرجعية؟
04 أكتوبر 2024
الرئيس الإيراني في بغداد: زيارة بزشكيان "السياحية" إلى العراق
01 أكتوبر 2024
لا يحتاج المرء إلى مناسبة لإجراء مقابلة مع فنانة أو فنان، ولاسيما إذا كان الحديث عن الرقص، ذلك الحدث المتجدد في كل رقصة. وفي الحديث عن الرقص العراقي، إذا صحّت تسميته كذلك، وهو المتنوع بتنوع أهله، نحاور هنا فنانة تمتد سيرتها الفنية على مدى سنوات من تاريخ العراق الحديث.
ملايين.. أردنا أن نسألها عن الحياة والسياسة والفن وما معنى أن تكون امرأة فنانة في عراق الحرب والحصار والدكتاتورية والاحتلال، ومن ثم الشتات. ولم تتوان في التجاوب بثقة امرأة خاضت حياة تزخم بالتحديات والإنجازات كفنانة وكأم وكامرأة عراقية. انطلقت رحلة ملايين الفنية منذ تسعينيات القرن الماضي واستمرت بعد مغاردتها العراق إلى السويد أولاً، ثم بريطانيا لاحقاً، حيث تقيم اليوم. ملايين أخذتنا معها في رحلة هي اختارت في أي محطة تتوقف فيها وأي محطة تتجاوز.. رحلة نشاركها معكم للاطلاع على عالم الرقص العراقي.
جُمّار: بداية الطفولة، كيف كانت نشأتك وماذا تحمل الطفولة من ذكريات عن العائلة والمحيط الأوسع؟
ملايين: أنا من مواليد 1975، وكنا حينها نسكن في البصرة، وقد فتحنا أعيننا على حروب. أكثر ما يتبادر إلى ذهني أننا من أكثر الشعوب التي آذتها الحروب. الطفولة كانت عبارة عن حروب، خاصة حرب إيران، حيث كنت أرى قنابل تسقط أمامي عندما أذهب إلى المدرسة وأناساً تموت أمامي. أصابنا الأذى من حرب إيران وحرب الخليج ولم نعش طفولة صحيحة.
جُمّار: كيف كانت أسرتكِ، ما عدد الإخوة والأخوات وكيف كان وضعكم الاقتصادي في ذلك الحين؟
ملايين: نحن أسرة من تسعة أفراد، أربع بنات وثلاثة أولاد والأم والأب، وأنا أوسطهم، يكبرني ثلاثة ويصغرني ثلاثة. كنت البنت المدللة في أسرتي، وكان كل شيء جيد فيها، لكن الحرب في وقتها هي التي حرمتنا من أشياء كثيرة. فمدرستي قصفت مرات عدة، ما اضطرني للانتقال إلى مدرسة أخرى. حتى نحن كأسرة انتقلنا إلى النجف ومن ثم إلى بابل بسبب الحرب. لسنا نحن فقط بل عوائل كثيرة انتقلت. وما زالت أسرتي مترابطة حتى الآن.
جُمّار: بالحديث عن المدرسة، إلى أي مرحلة وصلتِ في الدراسة؟
ملايين: وصلت لغاية مرحلة الخامس العلمي، فبعد مضي شهرين على دخولي هذه المرحلة، قُصفت المدرسة، ولأن أهلي قلقوا بشأني، جعلوني أترك المدرسة في حينها، لهذا كنت مصرة على أن تحصل ابنتي (مها) على شهادة جيدة عليا وجامعية. كنت أتمنى أن أكون طبيبة، لكن بسبب الحرب لم أستطع إكمال الدراسة، ولهذا حثثت ابنتي على نيل شهادة الدكتوراه، وقد تخصصت في الخلايا الجذعية والطب التجديدي لتحقيق أمنيتي. ومن أجلها انتقلت من السويد إلى بريطانيا لأن الدراسة في بريطانيا أفضل.
جُمّار: متى بدأ مشوار الفن ومتى بدأ يثير اهتمامك وهل تأثرتِ بأحد؟
ملايين: بدأت بالمشاركة في إعلانات عن لحوم وشامبو وخل “البدوي”، وبعد الإعلانات شاركت في المسلسلات البدوية كممثلة، ومن ثم عرض عليّ تقديم أعمال استعراضية في المسرح. من المهم أن يمتلك الفنان موهبة وأن يكون شاملاً. حينما نتحدث عن الرقص فنحن نتكلم بلغة الجسد، حيث نترجم الأغاني إلى حركات، وأنا اعتبرت ذلك نوعا من أنواع الفنون. حتى في مصر يطلقون على شريهان تسمية “فنانة شاملة”، لأنها تغني وترقص وتمثل في آن واحد، وكنت أحبها جداً وأتابعها على الدوام. من هنا كانت لدي إمكانية التمثيل والغناء والرقص، فقلت لم لا، واتخذت من الرقص مهنة لكنني بالأساس أعشق التمثيل.
جُمّار: كيف وصلتِ إلى الإعلانات؟
ملايين: عن طريق أقاربي الذين كانوا يعرفون المخرج صبري الرماحي، وهو الذي أدخلني بعد الإعلانات إلى عالم التمثيل من خلال المسلسلات البدوية.
جُمّار: من المعروف أن العائلة العراقية في ذلك الوقت وحتى اليوم هي عائلة محافظة، فكيف تلقت عائلتكِ دخولكِ عالم التمثيل؟
ملايين: بالبداية لم تتقبل عائلتي ذلك، لكن الهدف يجعل الإنسان مؤمنا بما يفعل، ولاسيما عندما يسير في طريق ويدرك أنه ليس على خطأ. البعض يحاول الظهور على أنه محافظ لكنه يعمل ما يشاء في الخفاء. أنا شخصياً ضد هذا المبدأ، فبالنسبة لي لا أقوم بأي شيء أعتبره خطأ، وأنا اعتبرت الفن مهنة، فأنا مؤمنة بهذا الشيء. كنت أؤدي فلكلوراً عراقياً وليس رقصاً مبتذلاً.
جُمّار: عندما نتكلم عن الرقص العراقي، ما هي ميزاته وخصوصيته مقارنة بالرقص الشرقي المقترن بمصر؟ وهل هناك نساء كن رمزاً للرقص العراقي؟
ملايين: أنا أتحدث عن نفسي فقط، فمثلما في كل بلد هناك رقص شعبي فلكلوري مثل “السمبا” و”السلسا” والخليجي، فأنا مزجت بين العراقي والشرقي ولاقى استحسان الكثيرين.
جُمّار: نحن نحاول فهم كيف انتشر الفن العراقي؟ هل بحثتِ عن تاريخه؟ هل أسستِ مدرسة لهذا الرقص؟
ملايين: لم أؤسس أية مدرسة. هناك الفرقة القومية للفنون الشعبية، وهي تستقطب الراقصات وساهمت في كثير من المهرجانات، وكان أعضاؤها يؤدون الفلكلور العراقي. تقريبا كل بلد لديه فلكلور خاص به، وبالنسبة لي أحاول أن أتعلم هذه الرقصات، فحين ذهبت إلى الهند لعمل مسلسلات هندية أديت الرقص الهندي، وحتى حين أذهب للتمرين في النادي الرياضي أرقص “سلسا” و”سامبا”.
جُمّار: كيف يُنظر للرقص العراقي خارج العراق؟ هل ينظر إليه على أنه يمتاز بالحدة والعنف، خاصة استخدام الخناجر في الرقص؟
ملايين: ليس الرقص فقط يُنظر إليه كذلك، فحتى كلمات الأغاني العراقية مليئة بالحزن وملحنة بشجن، وذلك ينطبق على الرقص، لأننا مررنا بواقع صعب وحروب. مثلاً أغنية “أجلبنك (أقلّبك) يا ليل ثنعش (12) تجليبة” الملحنة بموسيقى “الهجع”، تستدعي حركات رقص تترجم حزن الأغنية وألحانها الشجية، كما أن هناك أغاني مفرحة على وقع موسيقى “الخشابة” و”الهيوة”، والجسد يعبر عنها بطريقتها أيضاً.
جُمّار: متى كانت أول مرة رقصتِ فيها بشكل علني؟ هل كانت حفلة خاصة؟ كيف كان شعوركِ؟
ملايين: كانت بداياتي في نوادي “العلوية” و”الصيد” و”المشرق” (في بغداد)، وكانت تحضر عوائل للتفرج. وبعدها شاركت في مسرحية “العالم في ليلة” (إخراج محسن العزاوي)، حيث أديت رقصاً عراقياً ورقصة “بحيرة البجع”، وقدمنا أكثر من رقصة ولوحة في هذا العمل الاستعراضي.
جُمّار: من بداية الرقص وحتى الاحتراف، كيف وصلتِ إلى اسم معروف وكيف كان الاحتراف؟
ملايين: على الرغم من الظروف التي يمر بها شعب العراق لكنه يحب الحياة، ولم تكن القدرات المالية للعوائل كبيرة، لكنها تحب حضور الحفلات والمسارح. إنه شعب متذوق للفن، وكل الذين يظهرون كفنانين ومطربين يرون هناك تشجيعاً لأن الجمهور يحضر بقوة. منذ ظهوري في الإعلانات عُرف اسمي، وبعدها مثّلت أعمالاً بدوية ومسلسل “الأشرعة” من إخراج سامي قفطان، ومسرحية “العالم في ليلة”. كنت نجمة شباك والجمهور هو الذي يجعل من الفنان نجماً.
جُمّار: هل كان ثمة اختلاف في تلقي فنّكِ بين منطقة وأخرى في العراق؟
ملايين: لم يكن هناك اختلاف، حيث ذهبنا إلى أغلب المحافظات وقدمنا عروضاً في البصرة والموصل وذي قار والعمارة، ولم نلمس اختلافاً. الجميع كان محباً لما قدمناه من فن، وحتى اليوم حينما يعرض عمل ما يحضر الناس بشكل فعال وكبير.
جُمّار: لا يمكن أن نفصل الفن عن السياسة والنظام الحاكم في العراق، خصوصاً أنكِ عملتِ في العراق كفنانة خلال حكم البعث. فكيف كانت
علاقتكِ بعائلة صدام حسين والمقربين منه؟
ملايين: أنا فنانة ولا أحب الحديث بالسياسة بل بالفن، وقد عشت حياتي كإنسانة وفنانة بعيداً عن السياسة، وربيت أولادي على هذا الأساس.
جُمّار: في أي سنة خرجتِ من العراق؟ وهل كان الخروج قسرياً أم قراراً وبحثاً عن حياة أفضل؟
ملايين: خرجت عام 1997، وكما ذكرت فإني أحب أن يكون لابنتي مستقبل في الدراسة، وفي العراق ألقت الحروب بظلالها على مستوى التدريس، لذا كنت مصرة على أن تعيش ابنتي بأمان وتتلقى أفضل تعليم. وكان هدفي في البداية أن تكون وجهتي بريطانيا، لكن شاءت الظروف أن تتاح لي إمكانية الذهاب إلى السويد قبل الانتقال إلى بريطانيا.
جُمّار: كيف استطعتِ تكوين أسرة مع وجود آراء مسبقة عن الفنانات؟ وهل أثرت هذه الآراء على أسرتكِ؟
ملايين: ذكرت سابقا أن الفن مهنة بالنسبة لي. ربيت أبنائي وأدخلتهم أحسن المدارس. لا يهمني رأي من لا يعرفني. يهمني فقط أن الله يرى ما أفعل. أهلي وأولادي يرونني ويتواجدون معي أينما أذهب، ويعرفون ما أفعل، وأنا لا أفعل شيئاً خاطئاً. إذا كانت هناك آراء دينية تحرّم ما أفعل فهذا أمر بيني وبين الله وليس مشكلة أحد. هم يجدون حياة الفنانات سهراً ومتعة وسفراً، لكنني اتخذت الفن مهنة في سبيل أن تعيش أسرتي حياة كريمة.
جُمّار: الحياة في الغربة ليست بالأمر السهل.. كيف تعايشتِ بداية مع الخروج من العراق وكيف أعدتِ بناء نفسكِ وكيف تعاطت الجالية العراقية معكِ في الخارج؟
ملايين: كنت قد عملت مع سيمون أسمر في لبنان، وبعدها ذهبت إلى السويد. كان العراقيون في الخارج يشاهدونني في التلفاز، وحين أصبحت قريبة منهم وجدت ترحيباً وحباً كبيراً ولم أشعر أنني في الغربة. بعد استقراري في لندن افتتحت مطعماً، وكانت أغلب العوائل العراقية ترتاده لأنني كنت أعد أكلات عراقية فيه. واجهت صعوبات في البداية لأنني تنقلت بين بلدان لا أعرف شيئا عن لغتها وعاداتها وثقافتها، لكن هذه المرحلة كانت مؤقتة، حيث تعلمت اللغة لاحقا لتطوير حياتي ونفسي.
جُمّار: ما هي مشاهداتكِ للبرامج العراقية أو غيرها وكيف تتابعين ما يحصل في العراق؟
ملايين: ذهبت مؤخرا إلى مهرجان “الهلال الذهبي”، ووجدتُ أن ما يحصل في العراق ليس كما يصلنا، ولهذا توقفت عن سماع الأخبار هنا لأن ما يصلنا كذب. في بغداد نتناول العشاء في مطعم بعد منتصف الليل، والحياة جميلة والناس حاضرون أطفالاً ونساء ورجالاً، على العكس من الحياة هنا في بريطانيا التي تتوقف عند الثامنة مساء. العراق أفضل لأن الحياة الاجتماعية فيه فاعلة، فحين يمرض أو يفرح أحد في الخارج (الشتات)، لا يوجد من يشاركه الفرح أو الحزن، ومن هنا يأتي الشعور بالغربة. كما أن مستوى الرفاهية في الدول العربية أعلى مما هو عليه هنا، ففي بلداننا مثلا يمكن تشغيل مساعد في البيت أو سائق، أما هنا فصعب جداً.. أنا أوصل أولادي إلى المدرسة، ثم أنظف البيت وأذهب للتسوق وأطبخ وأغسل ملابسهم وأقلهم من المدرسة إلى البيت، أما في العراق فالوضع يختلف، إذ هناك عاملات نظافة وحياة اجتماعية غنية نفتقدها هنا. بالتأكيد لدى الناس في العراق مشكلات صعبة، ولكنها عموماً ليست بفداحة ما نراه في الأخبار. في لندن أقضي وقتي في المشي لنصف ساعة أو ساعة، وقبل جائحة كورونا كنت أذهب إلى النادي الرياضي للتمرن، وهناك بحيرة أذهب إليها لأطعم البط، أما باقي الوقت فأكرسه لأولادي.
جُمّار: هل تعدين نفسكِ اليوم راقصة أم ممثلة؟
ملايين: اعتزلت الرقص وبقيت أمثل لكن فقط دور واحد في السنة. أتابع جمهوري ولا أحب أن أشارك في الكثير من الأعمال الفنية فقط لمجرد غزارة الإنتاج. أحب أن أقدم عملاً فيه رسالة هادفة.
جُمّار: هل هناك أعمال جديدة قادمة في الطريق؟ وما هو العمل الذي تعتقدين أنه يحمل رسالة؟
ملايين: تلقيت نصوصاً كثيرة، لكنني لم أجد ما يناسب شخصيتي، ولكن إذا وجدت شيئاً أستطيع تقديمه ويعجب الناس سأقدمه بكل تأكيد.
هناك الكثير من المعاناة لدى الناس، ومهمة الفن أن يناقش هذه المعاناة لتتغير. مثلاً عادل إمام حين يقدم عملاً بإمكانه أن يغير قانوناً بأكمله من خلال عمله الفني في مصر. نحن نطمح لتقديم شيء يحاكي معاناة الناس، يأخذ به المسؤولون ويغيرون الوضع القائم. أجد مثلاً أن هناك مدارس كثيرة في العراق، لا دراسة فيها بمستوى عالٍ. أتمنى أن أقدم عملاً يتحدث عن هذه المشكلة، أن نحاكي ظروف الطلبة ومعاناتهم، مثلاً في صعوبة شراء كتب أو وجود مدرسات ومدرسين لا يؤدون عملهم بشكل صحيح ولا يعطون اهتماماً للطالب.
جُمّار: هل ممكن أن تكوني في يوم من الأيام موضوعاً لمسلسل، خاصة وأن مسيرتكِ هي مسيرة امرأة بنت نفسها بنفسها وأصبحت رمزاً؟
ملايين: الناس تقيّم هذا الموضوع، فالإنسان لا يدعو الآخرين ليجسدوا سيرته وإنما أفعاله هي التي تجعل الآخرين يتحدثون عنها. أنا أفتخر جداً بأن كثيرين قالوا لي إنني قدوة وأن الذي فعلته في حياتي ليس سهلاً، وهذه شهادة أعتز بها. من يريد أن يحول حياتي إلى قصة فهذا يعود له، وقد عرض علي سابقاً أن أؤلف كتاب مذكرات وأنا أفكر بهذا.
جُمّار: ما رأيكِ بوضع المرأة العراقية اليوم؟
ملايين: المرأة العراقية من أقوى النساء، وكثير من الفتيات في العراق يعتبرن قصة نجاح اليوم. لم يعد وضعهن في الوقت الحالي كما كان في السابق، أي أن المرأة تتزوج وتجلس في البيت، فاليوم الفتيات يعملن ويكافحن، ومع ذلك هناك كثير من القضايا التي تضع المرأة في ظرف صعب، فمثلاً من حق المرأة الدراسة وتحصيل شهادة، وأنا أجد أن النساء العراقيات مظلومات كثيراً في هذا الجانب. أعتقد أن الظروف هي التي تبني شخصية الإنسان، البعض يستسلم ويقول الحياة صعبة، لكن هناك نساء يصنعن أسماء لامعة من فنانات وغيرهن، وهناك جيل جديد ومهم ويقف بوجه الظروف الصعبة على كل الأصعدة.
جُمّار: هل تفكرين بالعودة إلى العراق؟
ملايين: في الوقت الحالي أولادي يدرسون في بريطانيا وأنا مسؤولة عنهم. ولكن وإن غبت عن العراق فلن أستغني عنه، وحينما ينتقل أولادي إلى الجامعة بالتأكيد سأتمكن من التنقل براحة أكثر. حين زرت العراق انبهرت كما قلت، لهذا فإنني أخطط لزيارة العراق أكثر وليس بعيداً أن أعود إليه.