"دخلوا للعلاج فخرجوا مصابين".. الكبد الفيروسي يعشعش في مستشفيات العراق

حسن الناصري

27 تشرين الأول 2022

تتسبّب مستشفيات في العراق بالتهاب الكبد الفيروسي للمرضى والكوادر الطبية نتيجة الفساد والإهمال، فيما يواجه المرضى طريقاً مؤلمة في رحلة الكشف عن العدوى والبحث عن علاج من "الفايروس الصامت"..

من المياه والمطاعم الشعبية والقمامة.. وكذلك من المستشفيات يلتقط آلاف العراقيين سنوياً عدوى التهاب الكبد الفيروسي الذي تتهاوى بفعله أجهزتهم المناعية، ولا يجدون علاجه بسهولة، ويكلّفهم الكثير من الأموال، وفي بعض الحالات، أرواحهم.

يُطلق على التهاب الكبد الفيروسي، المرض المستوطن في العراق، اسم “الفيروس (أو القاتل) الصامت”، إذ يمكن أن يحمله المريض في جسده ولا تظهر عليه الأعراض مبكراً وأحياناً يكتشفه بالصدفة عند إجراء فحص عرضي يُطلَب منه، مثل الفحوصات التي تطلبها المحاكم لإتمام إجراءات الزواج مثلاً.

وتنتقل عدوى التهاب الكبد الفيروسي عبر شبكات مياه الصرف الصحي القديمة، والقمامة المنتشرة، وما يقدمه الباعة بالذات المتجولين من حاجيات غير نظيفة، وكذلك المطاعم غير المجازة، خاصة في المناطق الأكثر فقراً، و”عدم صلاحية مياه الشرب في معظم المشاريع في بغداد والمحافظات، ويساعد على انتشاره افتقار المواطنين للوعي الصحي” وفق تقرير رسمي أعده ديوان الرقابة المالية، وصدر يوم 29 كانون الأول 2020.

تنتقل العدوى، كما تقول مديرة مركز السيطرة على الأمراض الانتقالية في وزارة الصحة الدكتورة سنان غازي لـ”جمار”، من الشخص المصاب إلى السليم عبر مشتقات الدم أو عمليات التجميل وعيادات الأسنان غير المعقمّة أو المجازة، إضافة إلى محال الوشوم والحجامة.

يُحصي الجهاز المركزي في وزارة التخطيط، في تقرير أورده عام 2020، إصابة 23164 شخصاً من كلا الجنسين بالتهاب الكبد الفيروسي (على اختلاف درجاته، A-B-C)، مع وفاة 193 مريضاً أي ما نسبته 0.6 لكل 100 ألف نسمة من مجموع السكان الذي تجاوز الـ40 مليون نسمة.

وينجم التهاب الكبد عن 5 فيروسات مصنفة على التوالي: A-B-C-D-E، ومن أعراضه ضعف الشهية والغثيان والقيء والحمى وألم في أعلى البطن واليرقان، وتزداد خطورته كلما تأخر اكتشافه لدى المريض وعلاجه.

مستشفيات ملوّثة ومحدودة الإمكانيات

كان يوماً عادياً في قسم غسيل الكلى في مستشفى “الزهراء” التعليمي في مدينة الكوت، مركز محافظة واسط. كان الموظفون يهيئون مريضاً لإجراء غسيل الكلى “الديلزة” له، دون أن يعرفوا أنه مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي وأن الأجهزة ستلتقط العدوى منه.

أصيب عشرات الموظفين، ومعهم مرضى دخلوا الجهاز بعد ذلك المريض، بالتهاب الكبد نوع B.

عماد السعدون كان واحداً منهم. ووفق أخيه علي الذي يرافقه في رحلة العلاج، فإن المريض الأول بالتهاب الكبد الفيروسي لم يخضع لتحاليل مختبرية في المستشفى قبل إجراء غسيل الكلى له، وهكذا أصيب شقيقه وزملائه الموظفين وعزلوا في ردهة خاصة.

لا يمكن وصم عماد وزملائه بـ”الإهمال” لأنهم لم يجروا أو يسألوا مريضهم عن نتائج فحوصات تثبت سلامته من الأمراض المعدية. 

ببساطة ومثل بقية المستشفيات الحكومية، هناك شحة شديدة في المواد اللازمة لإجراء فحوصات التهاب الكبد الفيروسي في العراق، وحتّى إن أجري الفحص فقد يتأخر ظهور النتيجة، وفق تقرير ديوان الرقابة المالية. 

ومثل الموظف الصحي عماد السعدون وزملائه، ففي أيار 2022، أصيب بالتهاب الكبد الفيروسي أطباء وموظفون آخرون في مركز صحي مماثل في محافظة واسط، ضمن 90 شخصاً التقطوا العدوى من مريض أجريت له عملية غسيل الكلى دون فحصه قبل دخوله المركز فتلوّثت المعدات، وفق ما أفادنا مصدر طبي.

تنقض هذه الحوادث تصريحات المعنيون في وزارة الصحة القائلة بإن المرضى لا يدخلون إلى صالات العمليات أو مراكز نقل الدم إلّا بعد خضوعهم لفحوصات الأمراض الانتقالية. كما يفندها تقرير ديوان الرقابة المالية، الذي يرصد “عدم إجراء فحص “الاليزا” (ELISA) (فحص للأجسام المضادة في الدم) لمرضى العمليات الطارئة الذين يدخلون إلى المؤسسات الصحية الحكومية والأهلية على حد سواء”، وعوضاً عنه “يتم إجراء فحص صنف الدم فقط كإجراء سريع وهذا ما قد يكون عاملا مساعداً على انتشار مرض التهاب الكبد الفيروسي”.

“لا فحوصات لأن المواد غير متوفرة”

تملك وزارة الصحة 40 مختبراً موزعة على دوائر الصحة العامة ومراكز الجهاز الهضمي، وظيفتها تشخيص الأمراض الانتقالية ومنها التهاب الكبد الفيروسي.

وتتولى هذه المختبرات إجراء فحوصات توكيدية على عينات لمرضى محتملين، ترسلها إليه مراكز صحية عامة في بغداد وبقية مدن العراق، بعدما تجري هذه المراكز فحص “الأليزا”، ثم تحوّل العينات المستخلصة إلى المختبرات العامة، حيث يفحص المحللون الصحيون العيّنات المرسلة إليهم باستخدام (PCR) لتحديد نوع الفيروس ودرجة الإصابة: A أو B أو C.

هذه هي الآلية المعتمدة، لكن جميع هذه المختبرات، الفرعية والعامة على حد سواء، تعاني من شحة مواد الفحص ونقص المواد المختبرية المجهّزة من الوزارة للمختبرات، وفق تقرير ديوان الرقابة المالية، الذي رصد نشاطات وزارة الصحة والوزارات المعنية في الحد والسيطرة على مرض التهاب الكبد الفيروسي خلال الفترة ما بين 2017 و2019. 

الأجواء مربكة بسبب نقص المواد، وأداء الموظفين يتأثر نتيجة ذلك ونتائج الفحوصات تتأخر، يصف التقرير المشهد في مختبر الصحة العامة في بغداد، أهم المختبرات تقريباً.

للوقوف على أوضاع المختبرات، تحدثنا إلى موظفين يعملون في مختبرات صحية عامة في محافظتي ذي قار والمثنى، فأكدوا جميعهم نقص مواد الفحص اللازم لتحديد نوع الإصابة المرصودة في الاختبارات الأولية ونسبتها، ما يؤثر على عملهم بشدة. 

وعندما عرضنا هذه الشهادات وكذلك إصابة ممرضين على الدكتور دريد قاسم، مدير قسم المختبرات في وزارة الصحة، فإنه أقر بنقص الشرائح الداخلة في فحص “PCR” أو ما يُعرف “بالكتّات”، لتحديد نوع الإصابة ونسبتها.

كما أقرّ أيضاً بصحة ما أورده ديوان الرقابة المالية حول عدم إجراء فحص التهاب الكبد الفيروسي للمرضى قبل دخولهم صالات العمليات، قائلاً إن لجاناً خاصة تفحص هذه الصالات اسبوعياً “وتكتشف نسب تلوّث قليلة وهذا يختلف من مستشفى إلى أخرى حسب توفر مواد التعقيم من عدمه”.

وقال الموظفون الذين تحدثنا إليهم في محافظتي ذي قار والمثنى، إن “الكتّات” اللازمة لفحص مرضى التهاب الكبد الفيروسي وفق تقنية “الاليزا”، هي الأخرى لا تتوفر بسهولة وعلى امتداد أشهر “ما يضطرنا إلى إجراء فحوصات بسيطة بواسطة شرائح رقمية لا تقدم نتائج دقيقة”.

وكلما تأخر الكشف عن الإصابة فإنها تتفاقم وتطول مرحلة العلاج، كما يقول الطبيب المختص بأمراض الكبد والجهاز الهضمي الدكتور رياض الشريفي، لافتاً إلى أن 70 بالمئة من مرضى التهاب الكبد الفيروسي لا يعلمون بإصابتهم لأنهم يجهلون هذه الأمراض بسبب عدم وجود حملات توعوية.

“تقصير واضح” وكورونا فاقمت الأزمة

يلقي ديوان الرقابة المالية باللوم على شركة “كيماديا” التي تجّهز وزارة الصحة بالأدوية والمستلزمات الطبية، ويحكم عليها بـ”التقصير الواضح”. وهي شركة حكومية كثيراً ما اتُهمت بالفساد من قبل أعضاء في البرلمان.

في 2015 توفي 1.34 مليون شخص حول العالم بسبب التهاب الكبد الفيروسي، حسب منظمة الصحة العالمية التي دعت وقتها إلى “استجابة عالمية عاجلة”، لكن “كيماديا” لم تبرم سوى عقداً واحداً خاصاً بمواد فحص التهاب الكبد وهو ما عدّه ديوان الرقابة تقصيراً.

عندما اجتاح فيروس كورونا العراق في شباط 2020، تفاقمت الأزمة وتهاوت قدرة العاملين في المختبرات التابعة لوزارة الصحة على فحص المشتبه إصابتهم بالتهاب الكبد الفيروسي، وانصّب تركيزهم “وفق التعليمات” على مرضى الوباء الجديد.

نتيجة لذلك، صار المخبَري في قسم التحليلات المرضية في مستشفى قضاء سوق الشيوخ جنوبي الناصرية، طارق مجيد، يحوّل جزءاً من المراجعين إلى المختبرات الأهلية.

“انحسرت شرائح الفحص في المستشفيات العامة ولم تعد تستخدم إلّا للكشف عن إصابات كورونا، ولم تتوفر الكتّات الخاصة بتقنية “الاليزا”، لذلك لجأنا إلى فحوصات رقمية بسيطة لا تعطي نتائج دقيقة عن التهاب الكبد الفيروسي”، يقول مجيد.

وفي محافظة المثنى، المجاورة لذي قار، واجهت “ح.ع” المخبرية التي تعمل في مختبر الصحة العامة المشكلة ذاتها.

تقول هذه الموظفة -وقد طلبت عدم ذكر اسمها الكامل خوفاً من الملاحقة الإدارية لأنها غير مخوّلة بالحديث لوسائل الإعلام- إن المختبرات الثلاثة في المثنى مُنعت، مثل غيرها، من استخدام فحص PCR”الشحيحة أصلاً” للكشف عن المرضى المحتملين بالتهاب الكبد الفيروسي.

صار فحص PCR مقتصراً على المحتمل إصابتهم بفيروس كورونا في جميع المختبرات، بأمر من وزارة الصحة ما يجعل مرضى التهاب الكبد الفيروسي مضطرين إلى إجراء الفحوصات الضرورية لمعرفة نسبة الإصابة ونوعها في المختبرات الأهلية.

يوجد في العاصمة أكثر من 100 مختبر أهلي يستخدم تقنية PCR وتقنية genotype، و49 مختبراً، عدد منها لم ترخصّ له وزارة الصحة استخدام التقنية الأولى.

أدوية باهظة لكن “ليست ذات أهمية”! 

بعدما يتأكد المرضى من إصابتهم بالتهاب الكبد الفيروسي، تبدأ رحلة مضنية أخرى أصعب وأكثر تكلفة، فالعلاج باهظ الثمن وغير متوفر في المستشفيات الحكومية أو هو شحيح جداً هناك.

فمثلاً، تتراوح أسعار الفحوصات في المختبرات الأهلية بين 70 إلى 95 دولاراً في جنوب العراق، أما في بغداد فتبدأ من 100 إلى 200 دولار نتيجة ارتفاع المواد الأولية الداخلة في التحاليل المخبرية، على حد قول العاملين فيها.

ويحتاج مرضى التهاب الكبد إلى الخضوع لدورات علاجية يستغرق بعضها أشهر حسب نسبة الإصابة ونوعها، وهي مكلفة مادياً.

يقول مدير قسم المختبرات في وزارة الصحة الدكتور دريد قاسم إن الوزارة كانت تستخدم علاجات أو مثبطات لالتهاب الكبد الفيروسي مثل “Interferon” بسعر 1000 ألف دولار أميركي لكل دورة (كورس) علاجية، لكن بعد استحداث علاج “Harvoni” فإنها تعاقدت مع الشركة المصنعة لتجهيز مستشفياتها به لأنه أثبت نجاعة في علاج المصابين بالتهاب الكبد نوع C.

وتبلغ القيمة الإجمالية للدورة العلاجية من “Harvoni” للمريض الواحد 9 آلاف دولار بينما يتراوح سعره من مناشئ هندية وصينية ومصرية بين 300 إلى 400 دولار، يقول قاسم.

ورغم تزايد الإصابات سنوياً وحاجة المرضى للدواء، أوقفت وزارة الصحة توفير بعض الأدوية والمستلزمات الطبية والأجهزة الخاصة بعلاج التهاب الكبد الفيروسي منذ 2017.

يؤشر ديوان الرقابة المالية تحويل الوزارة تجهيز أدوية التهاب الكبد منذ ذلك العام إلى المستوى الثالث في لوائحها، ما يعني أنها “ليست ذات أهمية” وفق تصنيفها وصارت مستشفياتها تطلب من المرضى وعائلاتهم شراء العلاج بأنفسهم من الصيدليات الأهلية في أغلب الأحيان.

فمثلاً، في 2021 لم تستورد شركة كيماديا سوى دوائين لالتهاب الكبد الفيروسي هما “Interferon alfa” و “Peginterferon alfa” وبكميات محدودة جداً لا تتناسب مع أعداد المصابين الفعليين والمحتملين. وكـ”تسهيلات تعاقدية”، ألزمت “كيماديا” الشركة الوسيطة التي تعاقدت معها لتوفير هذين العلاجين بتوفير فحوصات مختبرية “Virusload” و”كتّات” عددها 985 قطعة مع تدريب الكوادر الصحية على استخدامها.

من لا يسعفه الحظ، وهم الغالبية، في الحصول على الدواء من المستشفيات الحكومية فإنه ملزم بشرائه من الصيدليات الأهلية.

ويقول الطبيب المختص رياض الشريفي إن المريض بالتهاب الكبد لا يتعافى دون الولوج لمرحلة علاجية مكلفة بالنسبة لذوي الدخل المحدود ويتوجّب عليه الانتظام في تعاطي الجرعات والخضوع الدوري للفحوصات.

يقصد بعضهم الصيدلانية ضحى سلمان لشراء الدواء من أموالهم الخاصة.

وتعرض سلمان مجموعة من العلاجات الوقائية تستخدم في حال تعرض الشخص لالتهاب الكبد الفيروسي B أو C منها دواء “أمينوغلوبين” بسعر 190 دولاراً للأمبوبة الواحدة، وكذلك دواء “بومين فيال” ويتراوح سعره بين 70 إلى 90 دولاراً.

“لا نشتريها لأنها غالية”

يعزو الدكتور علي أبو طحين، عضو الفريق الإعلامي الساند لوزارة الصحة، نقص أدوية التهاب الكبد الفيروسي في المستشفيات الحكومية إلى “شحة عالمية في نوعية هذه العلاجات وارتفاع ثمنها مقارنة بالأموال المخصصّة للوزارة سنوياً”.

وتتحدث زميلته في الفريق، ربى فلاح، عن أهمية إشاعة ثقافة تطعيم الأمهات والمواليد الجدد بين النساء بلقاحات ضدّ التهاب الكبد الفيروسي لتقليل نسب الإصابة.

إلا أن ديوان الرقابة المالية يشير إلى أن أكثر من 27 ألف طفل حديث الولادة في محافظات بغداد وذي قار والبصرة ونينوى لم يتلقوا هذا اللقاح، كما يرصد شحة باللقاحات الخاصة بالتهاب الكبد نوع B الذي من المفترض إعطائه للأمهات الحوامل حتى لا تنتقل العدوى إلى أطفالهن.

لم يدرس علي السعدون الطب، لكنه بات يعرف جيداً الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب الكبد الفيروسي، ومفعولها ومتى تستخدم وكذلك أسعارها وأماكن توفرها.

تعلّم السعدون هذه الأشياء خلال مرافقته شقيقه الموظف الصحي عماد في رحلة العلاج بعدما أصيب بالمرض أثناء عمله في قسم غسيل الكلى في مستشفى الزهراء في الكوت.

ألزم علي بشراء الأدوية من صيدليات خاصة على نفقته: “أشتري بعضها بأكثر من 150 دولاراً والأسعار تختلف حسب المنشأ وتاريخ الصنع”، يقول.

في بغداد، كان الضابط ميثم كاظم (اسم مستعار) قد بدأ إجراءات زواجه وأجرى تحليلاً للدم تطلبه المحكمة كشرط لإتمام العقد فاكتشف أنه مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي نوع C ما اضطره لإلغاء الزواج والبدء برحلة علاجية بعد إجراء فحوصات أكثر.

أكمل الضابط ذو الـ49 عاماً 3 أشهر من العلاج حتى الآن ويجري فحوصات منتظمة لمعرفة نسبة الإصابة وهو ملتزم ببرنامج غذائي صحي لا يحتوي على السكريات والدهون.

يعالج ميثم نفسه على نفقته الخاصة ويقول إن “العلاج في المستشفيات الحكومية أقل فاعلية” وهو مضافاً إلى الفحوصات مكلف جداً لميزانيته المالية عندما يشتريه رغم أنه من الطبقة الوسطى تقريباً ووظيفته يحلم بها ملايين الشباب.

عام 2021، اختارت منظمة الصحة العالمية ليوم الكبد العالمي شعار “التهاب الكبد لا يقبل الانتظار”، بيد أن وزارة الصحة العراقيّة قررت بأن المصابين بالفايروس يمكنهم انتظار الدواء.

ومنكم/ن نستفيد ونتعلم

هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media

اقرأ ايضاً

من المياه والمطاعم الشعبية والقمامة.. وكذلك من المستشفيات يلتقط آلاف العراقيين سنوياً عدوى التهاب الكبد الفيروسي الذي تتهاوى بفعله أجهزتهم المناعية، ولا يجدون علاجه بسهولة، ويكلّفهم الكثير من الأموال، وفي بعض الحالات، أرواحهم.

يُطلق على التهاب الكبد الفيروسي، المرض المستوطن في العراق، اسم “الفيروس (أو القاتل) الصامت”، إذ يمكن أن يحمله المريض في جسده ولا تظهر عليه الأعراض مبكراً وأحياناً يكتشفه بالصدفة عند إجراء فحص عرضي يُطلَب منه، مثل الفحوصات التي تطلبها المحاكم لإتمام إجراءات الزواج مثلاً.

وتنتقل عدوى التهاب الكبد الفيروسي عبر شبكات مياه الصرف الصحي القديمة، والقمامة المنتشرة، وما يقدمه الباعة بالذات المتجولين من حاجيات غير نظيفة، وكذلك المطاعم غير المجازة، خاصة في المناطق الأكثر فقراً، و”عدم صلاحية مياه الشرب في معظم المشاريع في بغداد والمحافظات، ويساعد على انتشاره افتقار المواطنين للوعي الصحي” وفق تقرير رسمي أعده ديوان الرقابة المالية، وصدر يوم 29 كانون الأول 2020.

تنتقل العدوى، كما تقول مديرة مركز السيطرة على الأمراض الانتقالية في وزارة الصحة الدكتورة سنان غازي لـ”جمار”، من الشخص المصاب إلى السليم عبر مشتقات الدم أو عمليات التجميل وعيادات الأسنان غير المعقمّة أو المجازة، إضافة إلى محال الوشوم والحجامة.

يُحصي الجهاز المركزي في وزارة التخطيط، في تقرير أورده عام 2020، إصابة 23164 شخصاً من كلا الجنسين بالتهاب الكبد الفيروسي (على اختلاف درجاته، A-B-C)، مع وفاة 193 مريضاً أي ما نسبته 0.6 لكل 100 ألف نسمة من مجموع السكان الذي تجاوز الـ40 مليون نسمة.

وينجم التهاب الكبد عن 5 فيروسات مصنفة على التوالي: A-B-C-D-E، ومن أعراضه ضعف الشهية والغثيان والقيء والحمى وألم في أعلى البطن واليرقان، وتزداد خطورته كلما تأخر اكتشافه لدى المريض وعلاجه.

مستشفيات ملوّثة ومحدودة الإمكانيات

كان يوماً عادياً في قسم غسيل الكلى في مستشفى “الزهراء” التعليمي في مدينة الكوت، مركز محافظة واسط. كان الموظفون يهيئون مريضاً لإجراء غسيل الكلى “الديلزة” له، دون أن يعرفوا أنه مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي وأن الأجهزة ستلتقط العدوى منه.

أصيب عشرات الموظفين، ومعهم مرضى دخلوا الجهاز بعد ذلك المريض، بالتهاب الكبد نوع B.

عماد السعدون كان واحداً منهم. ووفق أخيه علي الذي يرافقه في رحلة العلاج، فإن المريض الأول بالتهاب الكبد الفيروسي لم يخضع لتحاليل مختبرية في المستشفى قبل إجراء غسيل الكلى له، وهكذا أصيب شقيقه وزملائه الموظفين وعزلوا في ردهة خاصة.

لا يمكن وصم عماد وزملائه بـ”الإهمال” لأنهم لم يجروا أو يسألوا مريضهم عن نتائج فحوصات تثبت سلامته من الأمراض المعدية. 

ببساطة ومثل بقية المستشفيات الحكومية، هناك شحة شديدة في المواد اللازمة لإجراء فحوصات التهاب الكبد الفيروسي في العراق، وحتّى إن أجري الفحص فقد يتأخر ظهور النتيجة، وفق تقرير ديوان الرقابة المالية. 

ومثل الموظف الصحي عماد السعدون وزملائه، ففي أيار 2022، أصيب بالتهاب الكبد الفيروسي أطباء وموظفون آخرون في مركز صحي مماثل في محافظة واسط، ضمن 90 شخصاً التقطوا العدوى من مريض أجريت له عملية غسيل الكلى دون فحصه قبل دخوله المركز فتلوّثت المعدات، وفق ما أفادنا مصدر طبي.

تنقض هذه الحوادث تصريحات المعنيون في وزارة الصحة القائلة بإن المرضى لا يدخلون إلى صالات العمليات أو مراكز نقل الدم إلّا بعد خضوعهم لفحوصات الأمراض الانتقالية. كما يفندها تقرير ديوان الرقابة المالية، الذي يرصد “عدم إجراء فحص “الاليزا” (ELISA) (فحص للأجسام المضادة في الدم) لمرضى العمليات الطارئة الذين يدخلون إلى المؤسسات الصحية الحكومية والأهلية على حد سواء”، وعوضاً عنه “يتم إجراء فحص صنف الدم فقط كإجراء سريع وهذا ما قد يكون عاملا مساعداً على انتشار مرض التهاب الكبد الفيروسي”.

“لا فحوصات لأن المواد غير متوفرة”

تملك وزارة الصحة 40 مختبراً موزعة على دوائر الصحة العامة ومراكز الجهاز الهضمي، وظيفتها تشخيص الأمراض الانتقالية ومنها التهاب الكبد الفيروسي.

وتتولى هذه المختبرات إجراء فحوصات توكيدية على عينات لمرضى محتملين، ترسلها إليه مراكز صحية عامة في بغداد وبقية مدن العراق، بعدما تجري هذه المراكز فحص “الأليزا”، ثم تحوّل العينات المستخلصة إلى المختبرات العامة، حيث يفحص المحللون الصحيون العيّنات المرسلة إليهم باستخدام (PCR) لتحديد نوع الفيروس ودرجة الإصابة: A أو B أو C.

هذه هي الآلية المعتمدة، لكن جميع هذه المختبرات، الفرعية والعامة على حد سواء، تعاني من شحة مواد الفحص ونقص المواد المختبرية المجهّزة من الوزارة للمختبرات، وفق تقرير ديوان الرقابة المالية، الذي رصد نشاطات وزارة الصحة والوزارات المعنية في الحد والسيطرة على مرض التهاب الكبد الفيروسي خلال الفترة ما بين 2017 و2019. 

الأجواء مربكة بسبب نقص المواد، وأداء الموظفين يتأثر نتيجة ذلك ونتائج الفحوصات تتأخر، يصف التقرير المشهد في مختبر الصحة العامة في بغداد، أهم المختبرات تقريباً.

للوقوف على أوضاع المختبرات، تحدثنا إلى موظفين يعملون في مختبرات صحية عامة في محافظتي ذي قار والمثنى، فأكدوا جميعهم نقص مواد الفحص اللازم لتحديد نوع الإصابة المرصودة في الاختبارات الأولية ونسبتها، ما يؤثر على عملهم بشدة. 

وعندما عرضنا هذه الشهادات وكذلك إصابة ممرضين على الدكتور دريد قاسم، مدير قسم المختبرات في وزارة الصحة، فإنه أقر بنقص الشرائح الداخلة في فحص “PCR” أو ما يُعرف “بالكتّات”، لتحديد نوع الإصابة ونسبتها.

كما أقرّ أيضاً بصحة ما أورده ديوان الرقابة المالية حول عدم إجراء فحص التهاب الكبد الفيروسي للمرضى قبل دخولهم صالات العمليات، قائلاً إن لجاناً خاصة تفحص هذه الصالات اسبوعياً “وتكتشف نسب تلوّث قليلة وهذا يختلف من مستشفى إلى أخرى حسب توفر مواد التعقيم من عدمه”.

وقال الموظفون الذين تحدثنا إليهم في محافظتي ذي قار والمثنى، إن “الكتّات” اللازمة لفحص مرضى التهاب الكبد الفيروسي وفق تقنية “الاليزا”، هي الأخرى لا تتوفر بسهولة وعلى امتداد أشهر “ما يضطرنا إلى إجراء فحوصات بسيطة بواسطة شرائح رقمية لا تقدم نتائج دقيقة”.

وكلما تأخر الكشف عن الإصابة فإنها تتفاقم وتطول مرحلة العلاج، كما يقول الطبيب المختص بأمراض الكبد والجهاز الهضمي الدكتور رياض الشريفي، لافتاً إلى أن 70 بالمئة من مرضى التهاب الكبد الفيروسي لا يعلمون بإصابتهم لأنهم يجهلون هذه الأمراض بسبب عدم وجود حملات توعوية.

“تقصير واضح” وكورونا فاقمت الأزمة

يلقي ديوان الرقابة المالية باللوم على شركة “كيماديا” التي تجّهز وزارة الصحة بالأدوية والمستلزمات الطبية، ويحكم عليها بـ”التقصير الواضح”. وهي شركة حكومية كثيراً ما اتُهمت بالفساد من قبل أعضاء في البرلمان.

في 2015 توفي 1.34 مليون شخص حول العالم بسبب التهاب الكبد الفيروسي، حسب منظمة الصحة العالمية التي دعت وقتها إلى “استجابة عالمية عاجلة”، لكن “كيماديا” لم تبرم سوى عقداً واحداً خاصاً بمواد فحص التهاب الكبد وهو ما عدّه ديوان الرقابة تقصيراً.

عندما اجتاح فيروس كورونا العراق في شباط 2020، تفاقمت الأزمة وتهاوت قدرة العاملين في المختبرات التابعة لوزارة الصحة على فحص المشتبه إصابتهم بالتهاب الكبد الفيروسي، وانصّب تركيزهم “وفق التعليمات” على مرضى الوباء الجديد.

نتيجة لذلك، صار المخبَري في قسم التحليلات المرضية في مستشفى قضاء سوق الشيوخ جنوبي الناصرية، طارق مجيد، يحوّل جزءاً من المراجعين إلى المختبرات الأهلية.

“انحسرت شرائح الفحص في المستشفيات العامة ولم تعد تستخدم إلّا للكشف عن إصابات كورونا، ولم تتوفر الكتّات الخاصة بتقنية “الاليزا”، لذلك لجأنا إلى فحوصات رقمية بسيطة لا تعطي نتائج دقيقة عن التهاب الكبد الفيروسي”، يقول مجيد.

وفي محافظة المثنى، المجاورة لذي قار، واجهت “ح.ع” المخبرية التي تعمل في مختبر الصحة العامة المشكلة ذاتها.

تقول هذه الموظفة -وقد طلبت عدم ذكر اسمها الكامل خوفاً من الملاحقة الإدارية لأنها غير مخوّلة بالحديث لوسائل الإعلام- إن المختبرات الثلاثة في المثنى مُنعت، مثل غيرها، من استخدام فحص PCR”الشحيحة أصلاً” للكشف عن المرضى المحتملين بالتهاب الكبد الفيروسي.

صار فحص PCR مقتصراً على المحتمل إصابتهم بفيروس كورونا في جميع المختبرات، بأمر من وزارة الصحة ما يجعل مرضى التهاب الكبد الفيروسي مضطرين إلى إجراء الفحوصات الضرورية لمعرفة نسبة الإصابة ونوعها في المختبرات الأهلية.

يوجد في العاصمة أكثر من 100 مختبر أهلي يستخدم تقنية PCR وتقنية genotype، و49 مختبراً، عدد منها لم ترخصّ له وزارة الصحة استخدام التقنية الأولى.

أدوية باهظة لكن “ليست ذات أهمية”! 

بعدما يتأكد المرضى من إصابتهم بالتهاب الكبد الفيروسي، تبدأ رحلة مضنية أخرى أصعب وأكثر تكلفة، فالعلاج باهظ الثمن وغير متوفر في المستشفيات الحكومية أو هو شحيح جداً هناك.

فمثلاً، تتراوح أسعار الفحوصات في المختبرات الأهلية بين 70 إلى 95 دولاراً في جنوب العراق، أما في بغداد فتبدأ من 100 إلى 200 دولار نتيجة ارتفاع المواد الأولية الداخلة في التحاليل المخبرية، على حد قول العاملين فيها.

ويحتاج مرضى التهاب الكبد إلى الخضوع لدورات علاجية يستغرق بعضها أشهر حسب نسبة الإصابة ونوعها، وهي مكلفة مادياً.

يقول مدير قسم المختبرات في وزارة الصحة الدكتور دريد قاسم إن الوزارة كانت تستخدم علاجات أو مثبطات لالتهاب الكبد الفيروسي مثل “Interferon” بسعر 1000 ألف دولار أميركي لكل دورة (كورس) علاجية، لكن بعد استحداث علاج “Harvoni” فإنها تعاقدت مع الشركة المصنعة لتجهيز مستشفياتها به لأنه أثبت نجاعة في علاج المصابين بالتهاب الكبد نوع C.

وتبلغ القيمة الإجمالية للدورة العلاجية من “Harvoni” للمريض الواحد 9 آلاف دولار بينما يتراوح سعره من مناشئ هندية وصينية ومصرية بين 300 إلى 400 دولار، يقول قاسم.

ورغم تزايد الإصابات سنوياً وحاجة المرضى للدواء، أوقفت وزارة الصحة توفير بعض الأدوية والمستلزمات الطبية والأجهزة الخاصة بعلاج التهاب الكبد الفيروسي منذ 2017.

يؤشر ديوان الرقابة المالية تحويل الوزارة تجهيز أدوية التهاب الكبد منذ ذلك العام إلى المستوى الثالث في لوائحها، ما يعني أنها “ليست ذات أهمية” وفق تصنيفها وصارت مستشفياتها تطلب من المرضى وعائلاتهم شراء العلاج بأنفسهم من الصيدليات الأهلية في أغلب الأحيان.

فمثلاً، في 2021 لم تستورد شركة كيماديا سوى دوائين لالتهاب الكبد الفيروسي هما “Interferon alfa” و “Peginterferon alfa” وبكميات محدودة جداً لا تتناسب مع أعداد المصابين الفعليين والمحتملين. وكـ”تسهيلات تعاقدية”، ألزمت “كيماديا” الشركة الوسيطة التي تعاقدت معها لتوفير هذين العلاجين بتوفير فحوصات مختبرية “Virusload” و”كتّات” عددها 985 قطعة مع تدريب الكوادر الصحية على استخدامها.

من لا يسعفه الحظ، وهم الغالبية، في الحصول على الدواء من المستشفيات الحكومية فإنه ملزم بشرائه من الصيدليات الأهلية.

ويقول الطبيب المختص رياض الشريفي إن المريض بالتهاب الكبد لا يتعافى دون الولوج لمرحلة علاجية مكلفة بالنسبة لذوي الدخل المحدود ويتوجّب عليه الانتظام في تعاطي الجرعات والخضوع الدوري للفحوصات.

يقصد بعضهم الصيدلانية ضحى سلمان لشراء الدواء من أموالهم الخاصة.

وتعرض سلمان مجموعة من العلاجات الوقائية تستخدم في حال تعرض الشخص لالتهاب الكبد الفيروسي B أو C منها دواء “أمينوغلوبين” بسعر 190 دولاراً للأمبوبة الواحدة، وكذلك دواء “بومين فيال” ويتراوح سعره بين 70 إلى 90 دولاراً.

“لا نشتريها لأنها غالية”

يعزو الدكتور علي أبو طحين، عضو الفريق الإعلامي الساند لوزارة الصحة، نقص أدوية التهاب الكبد الفيروسي في المستشفيات الحكومية إلى “شحة عالمية في نوعية هذه العلاجات وارتفاع ثمنها مقارنة بالأموال المخصصّة للوزارة سنوياً”.

وتتحدث زميلته في الفريق، ربى فلاح، عن أهمية إشاعة ثقافة تطعيم الأمهات والمواليد الجدد بين النساء بلقاحات ضدّ التهاب الكبد الفيروسي لتقليل نسب الإصابة.

إلا أن ديوان الرقابة المالية يشير إلى أن أكثر من 27 ألف طفل حديث الولادة في محافظات بغداد وذي قار والبصرة ونينوى لم يتلقوا هذا اللقاح، كما يرصد شحة باللقاحات الخاصة بالتهاب الكبد نوع B الذي من المفترض إعطائه للأمهات الحوامل حتى لا تنتقل العدوى إلى أطفالهن.

لم يدرس علي السعدون الطب، لكنه بات يعرف جيداً الأدوية المستخدمة لعلاج التهاب الكبد الفيروسي، ومفعولها ومتى تستخدم وكذلك أسعارها وأماكن توفرها.

تعلّم السعدون هذه الأشياء خلال مرافقته شقيقه الموظف الصحي عماد في رحلة العلاج بعدما أصيب بالمرض أثناء عمله في قسم غسيل الكلى في مستشفى الزهراء في الكوت.

ألزم علي بشراء الأدوية من صيدليات خاصة على نفقته: “أشتري بعضها بأكثر من 150 دولاراً والأسعار تختلف حسب المنشأ وتاريخ الصنع”، يقول.

في بغداد، كان الضابط ميثم كاظم (اسم مستعار) قد بدأ إجراءات زواجه وأجرى تحليلاً للدم تطلبه المحكمة كشرط لإتمام العقد فاكتشف أنه مصاب بالتهاب الكبد الفيروسي نوع C ما اضطره لإلغاء الزواج والبدء برحلة علاجية بعد إجراء فحوصات أكثر.

أكمل الضابط ذو الـ49 عاماً 3 أشهر من العلاج حتى الآن ويجري فحوصات منتظمة لمعرفة نسبة الإصابة وهو ملتزم ببرنامج غذائي صحي لا يحتوي على السكريات والدهون.

يعالج ميثم نفسه على نفقته الخاصة ويقول إن “العلاج في المستشفيات الحكومية أقل فاعلية” وهو مضافاً إلى الفحوصات مكلف جداً لميزانيته المالية عندما يشتريه رغم أنه من الطبقة الوسطى تقريباً ووظيفته يحلم بها ملايين الشباب.

عام 2021، اختارت منظمة الصحة العالمية ليوم الكبد العالمي شعار “التهاب الكبد لا يقبل الانتظار”، بيد أن وزارة الصحة العراقيّة قررت بأن المصابين بالفايروس يمكنهم انتظار الدواء.