من انتشال الجثث وحتى "تقريص الكبي".. كيف غيرت الحرب عمل النساء في الموصل؟
23 تشرين الأول 2025
كيف أعادت الحرب تشكيل أدوار النساء في الموصل؟ قصص سرور، وأم يمامة، ونبأ، ومريم، ورُشد، وغيرهن في مدينة لا تزال تُلملم أنفاسها بعد الحرب..
حين سقطت القذائف على الجانب الأيمن من الموصل، انهارت الأبنية على ساكنيها، وعلت الصرخات من تحت الأنقاض. بين الركام، لم تكن الجراح وحدها ما استنجدت بالإسعاف، بل شيء آخر.
تقول سرور، الممرضة التي دخلت المدينة برفقة القوات الأمنية، ولم تكن تدري أن لحظة اقترابها من النساء الجريحات ستبدّل مسار حياتها: “من شافوني المصابين، واللي كانوا أغلبهم من النساء والأطفال، ما اهتموا بالإصابة مثل ما رادوا مني بس تغطيتهم بشي، وارتاحوا لوجود امرأة بين الجيش”.
بدأت الحرب على “داعش” بتحرير الموصل، لكنها أعادت ترتيب ما هو أبعد من السيطرة الميدانية، إذ أعادت تشكيل أدوار النساء. بعضهن وجدن أنفسهن يسعفن الجرحى وينتشلن الجثث، وأخريات صرن يعجن العجين ويقرصن الكبي ليعشن. ما بين الحدين، امتدت خريطة جديدة للعمل النسائي، ترويها سرور، وأم يمامة، ونبأ، ومريم، ورُشد، وغيرهن كثيرات، في مدينة لا تزال تُلملم أنفاسها بعد الحرب.
سرور ترفع الجثث
في صيف عام 2017، كانت سرور تخلع رداء الممرضة عند مدخل البيت، وتدخل الحرب بكاملها، لا كمقاتلة، بل كيدٍ تمتد بين أنقاض المدينة لتسعف جريحاً، أو تمسح الدم عن وجه طفلة مذعورة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي ترى فيها سرور جثثاً، لكنها المرة الأولى التي شعرت فيها بأن وجودها ذاته ضرورة. صحيح أن مهمة انتشال الجثث توكل إلى الرجال، لكن ما عاشته على الأرض قلب هذا التصوّر، إذ قررت أن تبقى، ورافقت القوات الأمنية خمسة أشهر في قلب المعارك، في الأحياء التي التهمها القصف.
بعد تحرير الموصل، لم تعد سرور إلى حياتها العادية، لم تكتفِ بالتمريض، بل أخذت على عاتقها تدريب الأهالي على الإسعافات الأولية، تقول: “لأن الناس كانوا يجهلون أبسط خطوات الإنقاذ”.
تحت الركام، كانت الجثث تفيض، والرائحة تسبق الكارثة. شرعت سرور في تشكيل فريق تطوعي هدفه انتشال الجثث مجهولة الهوية، ولم يكن ذلك حباً بالمهمة، بل خوفاً من أن تُسرق منها، مرة أخرى، جثة قريبة لها.
لم تنسَ سرور أختها الصغيرة، التي كادت تضيع جثتها لولا أن خاطرت بالعودة إلى الجانب الأيمن، مستعينة بالجيش، كي تدفنها كما يليق.
قال لها مدير البلدية مستهجناً آنذاك: “أنت بنت، اشون اطيقين تشيلين الجثة؟” لكنها كانت قد عبرت الخط الفاصل بين الخوف والفعل.

النساء أكبر الخاسرات
بعد أن خمدت أصوات المعارك، لم تهدأ تداعياتها في الموصل، إذ كانت الخسارة جماعية، لكنّ النساء حملن أثقل حصصها. كثيرات وجدن أنفسهن فجأة في مواجهة الحياة بلا شريك، ولا مصدر دخل، ولا خيار سوى أن يُصبحن معيلات. المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قدّرت عدد أرامل الحرب بالآلاف، فيما كشفت نادية الجبوري، المستشارة السابقة لشؤون المرأة والطفل في محافظة نينوى، أن عدد الأرامل والمطلقات في المدينة يبلغ نحو 45 ألفاً، 23 ألفاً منهن فقط يتسلمن راتباً تقاعدياً، بينما تعيش الأخريات -وعددهن نحو 22 ألفاً- بلا حقوق تضمن لهن الحياة الكريمة.
الجبوري تشير أيضاً إلى ما هو أعمق من الإحصاءات الرسمية، إذ إن آلاف النساء غير المسجلات -ما بين خمسة إلى عشرة آلاف امرأة- خارج شبكات الحماية، لا يُحتسبن ضمن أي نظام دعم، ولا تظهر أسماؤهن في أي قاعدة بيانات، هنّ ظلّ الحرب المتروك في الهامش، ذلك الذي لا تلتقطه الكاميرات ولا تذكره تقارير المنظمات.
قبل الحرب وبعدها
في فترات ما بعد النزاع، غالباً ما يُنظر إلى دخول النساء إلى سوق العمل كضرورة اقتصادية، لكن ذلك لا يروي القصة كاملة، فالتحوّل الذي تشهده مدينة مثل الموصل لا يقتصر على الحسابات المعيشية، بل يطال البنية الاجتماعية ذاتها.
وفق تقرير “رؤى جديدة حول المرأة والسلام والأمن: تمكين المرأة الاقتصادي بعد الحرب”، الصادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2020، فإن فرص العمل المقدّمة للنساء كانت تُعيد توزيع الأدوار داخل الأسرة، وتفتح المجال أمام أشكال جديدة من الاستقلالية، ما يعيد تشكيل العلاقات الاجتماعية على أسس أكثر توازناً.
وليس الأمر فردياً، فالنساء حين يدخلن سوق العمل لا يغيّرن واقعهن الشخصي فقط، بل يوسّعن أفق الأسرة والمجتمع.
ففي مجتمعات خرجت من الصدمة لا يُقاس الشفاء بعدد المشاريع، بل بالقدرة على كسر دوائر العنف والفقر، وهذا ما بدأت النساء في الموصل بتحقيقه، كل واحدة بطريقتها.
نساء جديدات.. وظائف جديدة
رافعة محمد، الباحثة الاجتماعية ومديرة قسم تمكين المرأة في الموصل، كانت شاهدة على هذا التحوّل بعد هزيمة تنظيم داعش، تقول: “لم يُفتح الباب أمام النساء فقط، بل تغيّر شكل الباب نفسه”. لم تعد فرص العمل تقتصر على التمريض أو التدريس أو الخياطة وصالونات التجميل كما كانت الحال قبل الحرب، بل بدأت النساء يتقدمن نحو فضاءات لم تكن مألوفة من قبل.
في شوارع الموصل اليوم يمكن رؤية نساء يدُرن مطاعم، أو يطبخن ويبعن الطعام، أو يعملن في المخابز ضمن مشاريع صغيرة. أخريات وجدن طريقهن إلى منظمات المجتمع المدني، وانخرطن في فرق تطوعية إلى جانب الرجال، فيما اتجه بعضهن إلى العمل في الزراعة أو الصناعات الخفيفة، كصناعة الألبان والأغذية. ومن بين هذه التحوّلات، برزت نماذج فردية استثنائية، مثل نساء يعملن في النجارة، أو يقُدن سيارات الأجرة. التنوّع لم يأتِ بقرار رسمي، بل فرضه واقع جديد، تقاطعت فيه الحاجة مع التجربة، والدفع الاقتصادي مع الرغبة في إعادة تعريف الذات.

في حيّ المحاربين، أحد الأحياء المتواضعة في مدينة الموصل، تفوح رائحة الطعام الموصلي من نوافذ بيت تحوّل إلى معمل صغير. أم يمامة، البالغة من العمر تسعة وأربعين عاماً، لم تكن تظن أن وصفاتها التي دلّلت بها عائلتها يوماً ستصبح مصدر دخل لعشرات النساء. قبل الحرب، كانت حياتها ميسورة، لكن بعد النزوح، والخسارة، والعودة إلى مدينة أنهكها القصف، وجدت نفسها تبدأ من الصفر.
لم تكن أم يمامة تملك مهنة معترفاً بها، ولا شهادة جامعية، لكنها كانت تملك شيئاً آخر كما تقول: “نَفَس الموصلية في الطبخ”.
عام 2018، حولت منزلها إلى معمل طعام منزلي، انضمت إليه في البداية عاملتان. أدت مواقع التواصل دوراً حاسماً في شهرته، وبدأ الزبائن يتصلون من خارج المدينة، وحتى من المحافظات الجنوبية. تقول أم يمامة، مشيرة إلى أن براعة نساء الموصل في المطبخ ليست مجرّد مهارة بل هي إرث حيّ: “الطعام الموصلي مطلوب حتى لذائقة زبائن من الجنوب”.
مع الوقت، افتتحت مشروعاً أوسع تحت اسم “سفرطاس”، وهو الأول من نوعه في الموصل. كان غريباً في البداية، فهو مشغل طبخ منزلي بطاقم نسائي كامل، في مجتمع اعتاد أن تكون هذه المشاريع بيد الرجال. لكن حين بدأ المشروع بتوفير دخل حقيقي للأرامل والمطلقات، وحتى للخريجات العاطلات، تغيّرت النظرة.
تقول أم يمامة: “العمل ما عيب”، وهي الجملة التي تحوّلت إلى مبدأ، بل إلى سياسة حياة.
عام 2019، بدأت تقديم دورات مجانية في الطبخ، وتشجّعت النساء اللواتي حُبسن طويلاً في المطبخ إلى تحويل مهارتهن هذه إلى مشروع.
أدوار جديدة
تحوّلات كهذه لم تكن ممكنة قبل الحرب، كما تؤكد رافعة محمد، ففي السابق، كانت نسبة انخراط النساء في سوق العمل منخفضة، ويُنظر إلى العمل بوصفه خياراً لا حاجة، لكن بعد الحرب، ومع ارتفاع معدلات الفقر وغياب المعيل في كثير من العائلات، باتت الحاجة أقوى من الأعراف.
تقول رافعة: “المجتمع صار يشوف عمل المرأة كضرورة، مو رفاهية”، العادات الصارمة بدأت تتراخى أمام الأسعار المرتفعة وواقع ما بعد النزوح.

هذا التحوّل لم يحدث فقط بسبب الحرب، بل بسبب تجربة الهجرة الداخلية والخارجية أيضاً، فكثير من عائلات الموصل تعرضت خلال النزوح لثقافات أكثر انفتاحاً، ما ساهم في إعادة تشكيل التصورات حول عمل المرأة وحدود المسموح والمرفوض.
ومع ذلك، لا تزال مقاومة التغيير حاضرة، فهناك من لا يسمح لبناته بالالتحاق بالمدارس، أو بالعمل، أو حتى بالحصول على دخل خاص بهن، من بين هؤلاء مريم الثلاثينية، التي اصطدمت بهذا الجدار الثقافي، ليس لأنها بلا مهارة، بل لأن شغفها لا يطابق ما يعتبره المجتمع “مقبولاً”.
تخرجت مريم من الكلية التقنية عام 2020، لكنها لم تجد نفسها في التخصص الذي درسته.
في البداية، لم تكن تجرؤ على الاعتراف برغبتها الحقيقية، لكن دعوة عابرة من صديقة والدتها لتنسيق حفلة عيد ميلاد أعادت ترتيب أولوياتها، وفتحت لها نافذة صغيرة على عالم لطالما شعرت بالانتماء إليه دون أن تسميه.
منذ طفولتها، كانت تميل إلى الألوان والتفاصيل، ترتّب غرف البيت بأقمشة والدتها، وتعيد تنظيم الزوايا، وتصنع من المتاح جمالاً بسيطاً، تقول: “كان لدي طاقة أريد إخراجها، لكن لم أعرف كيف”.
حفلة واحدة كانت كافية لتدفعها نحو مشروعها الخاص، طلبت مبلغ 75 ألف دينار من أولى زبوناتها لشراء المستلزمات، ومن هناك بدأت رحلتها مع مشروع “مريمانا” لتنظيم وإدارة المناسبات.
حفلة تجرّ أخرى، وموهبة تلفت الأنظار، وبعد عام فقط، عُرض عليها العمل في إحدى قاعات المناسبات الكبرى في المدينة. لكن النجاح لم يُحصّنها من التحديات، بل على العكس، زاد من انكشافها أمام النظرات والأحكام المسبقة، تقول مريم: “يرونك فتاة مسكينة يمكن استغلالها ولا تستطيع أخذ حقوقها، لكن مع الوقت تتعلمين”.
ما لم يكن مألوفاً الأمس صار اليوم مصدر رزق وشغف واعتراف.
بدايات جديدة
نبأ، طالبة في الثالثة والعشرين من العمر، كانت تبحث عن مخرج من ضيق اقتصادي بدأ يخنق عائلتها بعد سنوات من العودة إلى الموصل. جاء وباء كورونا ليعمّق تلك الأزمة، فتلاشت فرص العمل، وتوقفت الحياة فجأة.

في هذا الفراغ، فكّرت نبأ بمشروع بسيط، وهو بيع هدايا مصنوعة يدوياً عبر الإنترنت، لم تكن تملك رأس مال، ولا خبرة في التسويق، وكانت تتوقع دعماً من والدتها، لكنه لم يأتِ، قالت لها الأم، مغلقة باباً كانت نبأ تحاول فتحه بهدوء: “نحن لا نقصر عليك بشيء، وأنتِ لستِ مضطرة للعمل، ما دمتِ طالبة”. لكنها لم تتراجع، قررت أن تعتمد على نفسها رغم العوائق.
أول ما واجهته كان نقص المهارات في الترويج والإدارة، تروي: “لم أكن أعرف كيف أروّج، كانت هناك أيام لا أستطيع فيها التحكم بعدد الطلبات، فأضطر إلى رفضها”. وحين شاركت في مسابقة لتمويل المشاريع الصغيرة ولم تنجح أدركت أنها تحتاج إلى تعلّم جديد خارج المألوف.
بدأت تحضر محاضرات في إدارة الأعمال والاقتصاد في الجامعات، وتعلّمت كيف تحوّل فكرتها إلى مشروع حقيقي، فاستدانت المال من عائلتها، وأطلقت مبادرتها التي تطوّرت لاحقاً إلى مشروع مدفوع بعنوان “نقطة انطلاق”، بالشراكة مع آخرين آمنوا بالفكرة.
بحسّها الاجتماعي، تحوّلت نبأ من صاحبة مشروع إلى موجهة لغيرها، تقدّم استشارات مجانية لرواد الأعمال المبتدئين، تقول: “اشقد أكو أشخاص يحاولون فتح مشاريع أو وضع رأس مال بمشروع ويفشل، خصوصاً أنو هذيكة الفترة بالتحديد كان أكو صحوة بالموصل”.
رُشد، ذات الثمانية والعشرين عاماً، لم تبحث عن دخل إضافي، بل عن مساحة. تساءلت كثيراً بعد أن صارت أمّاً: “أين تذهب النساء بعد العمل، بعد تعب المنزل، بعد الأمومة؟”
تقول: “الفتاة الموصليّة لا تملك الكثير من الخيارات الترفيهية، لا يوجد مكان يمكنها فيه الاستمتاع بلقاء صديقاتها وتغيير الجو”. كانت تعرف هذا من تجربتها الشخصية، حين اكتشفت أن الأمومة كثيراً ما تعني عزلة اجتماعية.
من هذا السؤال انطلقت فكرة “نادي السيدات”، مشروعها في الساحل الأيسر للموصل، الذي أنشأته مع فريق نسائي مكوّن من ثلاث نساء، ليقدمن مساحة آمنة مخصصة للأمهات وأطفالهن، بعيداً عن الضغوط اليومية، تتيح لهن تبادل الخبرات وتجديد طاقتهن.

تقول رشد: “عندما ترزق الأم بطفل تنتهي حياتها الترفيهية”. فالمطاعم وأماكن التنزّه، إن وُجدت، نادراً ما تستقبل الأطفال، أو توفّر بيئة تراعي احتياجاتهم. النادي جاء ليملأ هذا الفراغ، وشيئاً فشيئاً، صار وجهة ثابتة لنساء من مختلف الأعمار، تُقام فيه ورش لصناعة الشموع، وتزيين الكيك، والكروشيه، والرسم، ويستقبل ما بين مئة إلى مئة وخمسين امرأة شهرياً.
قبل سنوات، قبل احتلال داعش، لم يكن ممكناً تخيّل مشروع كهذا في الموصل، لكنه اليوم واقع. وكما تقول الباحثة في شؤون المرأة سوزان عارف: “إن ثلاث سنوات من العنف تركت ضغطاً نفسياً مكبوتاً في أجساد النساء، وبعد التحرير، وجدن في العمل ـ أيّ عمل ـ مساحة للتنفيس والتشافي”.
الهامش كمساحة للفعل
من انتشال الجثث إلى تقريص الكبي، ومن تنظيم حفلات الزفاف إلى تعليم الطبخ وصناعة الشموع، انخرطت نساء الموصل في أشكال متعددة من العمل، فرضتها ظروف ما بعد الحرب أكثر مما أتاحها المجتمع. كثيرات لم يخططن لتغيير أدوارهن، لكن الفراغ الذي خلّفته الحرب، والغياب الطويل لمؤسسات الدولة، دفعا بهن إلى الهامش الذي تحوّل تدريجياً إلى مساحة فعل.
سرور لا تزال تعمل في انتشال الجثث وتدريب الناس على الإسعاف، وسط إرث من الدمار لا يزال قائماً. ومريم، رغم أحكام المجتمع، استطاعت أن تبني مشروعها في مجال الديكور، وهي تتعلّم بالممارسة كيف تنتزع الاعتراف. نبأ، حاولت تأسيس مشروعها رغم اعتراض عائلتها، مستفيدة من تجاربها وأخطائها. أم يمامة، حين اصطدمت بجملة “العمل عيب”، لم تجادل كثيراً، بل باشرت الطبخ. ورُشد، التي سمعت مراراً أن مشروعها غير ضروري، أصرّت على أن الترفيه حق لا ترف، وواصلت.
ما تغيّر في الموصل لا يُختزل بنجاح فردي أو قصص استثنائية، إنه تحوّل بطيء غير مكتمل تعيد فيه النساء ـ بتفاوت الظروف والإمكانات ـ ترتيب حياتهن، ومساءلة الأدوار المفروضة عليهن. ليس التغيير شاملاً، لكنه بدأ، وهذه القصص جزء من سيرورته.
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
الحياة مع أفعى.. وصايا السيد دخيل للنجاة من الموت
13 نوفمبر 2025
صوتٌ بلا إرادة: كيف تتحكم العائلة والعشيرة بخيارات النساء الانتخابية؟
08 نوفمبر 2025
قواعد اللعبة القديمة ليست كافية: خريطة بالتحالفات الانتخابية قبل الاقتراع
07 نوفمبر 2025
من بريمر إلى السوداني.. "خلطة الفياض" السحرية للبقاء في المنصب
06 نوفمبر 2025
حين سقطت القذائف على الجانب الأيمن من الموصل، انهارت الأبنية على ساكنيها، وعلت الصرخات من تحت الأنقاض. بين الركام، لم تكن الجراح وحدها ما استنجدت بالإسعاف، بل شيء آخر.
تقول سرور، الممرضة التي دخلت المدينة برفقة القوات الأمنية، ولم تكن تدري أن لحظة اقترابها من النساء الجريحات ستبدّل مسار حياتها: “من شافوني المصابين، واللي كانوا أغلبهم من النساء والأطفال، ما اهتموا بالإصابة مثل ما رادوا مني بس تغطيتهم بشي، وارتاحوا لوجود امرأة بين الجيش”.
بدأت الحرب على “داعش” بتحرير الموصل، لكنها أعادت ترتيب ما هو أبعد من السيطرة الميدانية، إذ أعادت تشكيل أدوار النساء. بعضهن وجدن أنفسهن يسعفن الجرحى وينتشلن الجثث، وأخريات صرن يعجن العجين ويقرصن الكبي ليعشن. ما بين الحدين، امتدت خريطة جديدة للعمل النسائي، ترويها سرور، وأم يمامة، ونبأ، ومريم، ورُشد، وغيرهن كثيرات، في مدينة لا تزال تُلملم أنفاسها بعد الحرب.
سرور ترفع الجثث
في صيف عام 2017، كانت سرور تخلع رداء الممرضة عند مدخل البيت، وتدخل الحرب بكاملها، لا كمقاتلة، بل كيدٍ تمتد بين أنقاض المدينة لتسعف جريحاً، أو تمسح الدم عن وجه طفلة مذعورة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي ترى فيها سرور جثثاً، لكنها المرة الأولى التي شعرت فيها بأن وجودها ذاته ضرورة. صحيح أن مهمة انتشال الجثث توكل إلى الرجال، لكن ما عاشته على الأرض قلب هذا التصوّر، إذ قررت أن تبقى، ورافقت القوات الأمنية خمسة أشهر في قلب المعارك، في الأحياء التي التهمها القصف.
بعد تحرير الموصل، لم تعد سرور إلى حياتها العادية، لم تكتفِ بالتمريض، بل أخذت على عاتقها تدريب الأهالي على الإسعافات الأولية، تقول: “لأن الناس كانوا يجهلون أبسط خطوات الإنقاذ”.
تحت الركام، كانت الجثث تفيض، والرائحة تسبق الكارثة. شرعت سرور في تشكيل فريق تطوعي هدفه انتشال الجثث مجهولة الهوية، ولم يكن ذلك حباً بالمهمة، بل خوفاً من أن تُسرق منها، مرة أخرى، جثة قريبة لها.
لم تنسَ سرور أختها الصغيرة، التي كادت تضيع جثتها لولا أن خاطرت بالعودة إلى الجانب الأيمن، مستعينة بالجيش، كي تدفنها كما يليق.
قال لها مدير البلدية مستهجناً آنذاك: “أنت بنت، اشون اطيقين تشيلين الجثة؟” لكنها كانت قد عبرت الخط الفاصل بين الخوف والفعل.

النساء أكبر الخاسرات
بعد أن خمدت أصوات المعارك، لم تهدأ تداعياتها في الموصل، إذ كانت الخسارة جماعية، لكنّ النساء حملن أثقل حصصها. كثيرات وجدن أنفسهن فجأة في مواجهة الحياة بلا شريك، ولا مصدر دخل، ولا خيار سوى أن يُصبحن معيلات. المفوضية العليا لشؤون اللاجئين قدّرت عدد أرامل الحرب بالآلاف، فيما كشفت نادية الجبوري، المستشارة السابقة لشؤون المرأة والطفل في محافظة نينوى، أن عدد الأرامل والمطلقات في المدينة يبلغ نحو 45 ألفاً، 23 ألفاً منهن فقط يتسلمن راتباً تقاعدياً، بينما تعيش الأخريات -وعددهن نحو 22 ألفاً- بلا حقوق تضمن لهن الحياة الكريمة.
الجبوري تشير أيضاً إلى ما هو أعمق من الإحصاءات الرسمية، إذ إن آلاف النساء غير المسجلات -ما بين خمسة إلى عشرة آلاف امرأة- خارج شبكات الحماية، لا يُحتسبن ضمن أي نظام دعم، ولا تظهر أسماؤهن في أي قاعدة بيانات، هنّ ظلّ الحرب المتروك في الهامش، ذلك الذي لا تلتقطه الكاميرات ولا تذكره تقارير المنظمات.
قبل الحرب وبعدها
في فترات ما بعد النزاع، غالباً ما يُنظر إلى دخول النساء إلى سوق العمل كضرورة اقتصادية، لكن ذلك لا يروي القصة كاملة، فالتحوّل الذي تشهده مدينة مثل الموصل لا يقتصر على الحسابات المعيشية، بل يطال البنية الاجتماعية ذاتها.
وفق تقرير “رؤى جديدة حول المرأة والسلام والأمن: تمكين المرأة الاقتصادي بعد الحرب”، الصادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2020، فإن فرص العمل المقدّمة للنساء كانت تُعيد توزيع الأدوار داخل الأسرة، وتفتح المجال أمام أشكال جديدة من الاستقلالية، ما يعيد تشكيل العلاقات الاجتماعية على أسس أكثر توازناً.
وليس الأمر فردياً، فالنساء حين يدخلن سوق العمل لا يغيّرن واقعهن الشخصي فقط، بل يوسّعن أفق الأسرة والمجتمع.
ففي مجتمعات خرجت من الصدمة لا يُقاس الشفاء بعدد المشاريع، بل بالقدرة على كسر دوائر العنف والفقر، وهذا ما بدأت النساء في الموصل بتحقيقه، كل واحدة بطريقتها.
نساء جديدات.. وظائف جديدة
رافعة محمد، الباحثة الاجتماعية ومديرة قسم تمكين المرأة في الموصل، كانت شاهدة على هذا التحوّل بعد هزيمة تنظيم داعش، تقول: “لم يُفتح الباب أمام النساء فقط، بل تغيّر شكل الباب نفسه”. لم تعد فرص العمل تقتصر على التمريض أو التدريس أو الخياطة وصالونات التجميل كما كانت الحال قبل الحرب، بل بدأت النساء يتقدمن نحو فضاءات لم تكن مألوفة من قبل.
في شوارع الموصل اليوم يمكن رؤية نساء يدُرن مطاعم، أو يطبخن ويبعن الطعام، أو يعملن في المخابز ضمن مشاريع صغيرة. أخريات وجدن طريقهن إلى منظمات المجتمع المدني، وانخرطن في فرق تطوعية إلى جانب الرجال، فيما اتجه بعضهن إلى العمل في الزراعة أو الصناعات الخفيفة، كصناعة الألبان والأغذية. ومن بين هذه التحوّلات، برزت نماذج فردية استثنائية، مثل نساء يعملن في النجارة، أو يقُدن سيارات الأجرة. التنوّع لم يأتِ بقرار رسمي، بل فرضه واقع جديد، تقاطعت فيه الحاجة مع التجربة، والدفع الاقتصادي مع الرغبة في إعادة تعريف الذات.

في حيّ المحاربين، أحد الأحياء المتواضعة في مدينة الموصل، تفوح رائحة الطعام الموصلي من نوافذ بيت تحوّل إلى معمل صغير. أم يمامة، البالغة من العمر تسعة وأربعين عاماً، لم تكن تظن أن وصفاتها التي دلّلت بها عائلتها يوماً ستصبح مصدر دخل لعشرات النساء. قبل الحرب، كانت حياتها ميسورة، لكن بعد النزوح، والخسارة، والعودة إلى مدينة أنهكها القصف، وجدت نفسها تبدأ من الصفر.
لم تكن أم يمامة تملك مهنة معترفاً بها، ولا شهادة جامعية، لكنها كانت تملك شيئاً آخر كما تقول: “نَفَس الموصلية في الطبخ”.
عام 2018، حولت منزلها إلى معمل طعام منزلي، انضمت إليه في البداية عاملتان. أدت مواقع التواصل دوراً حاسماً في شهرته، وبدأ الزبائن يتصلون من خارج المدينة، وحتى من المحافظات الجنوبية. تقول أم يمامة، مشيرة إلى أن براعة نساء الموصل في المطبخ ليست مجرّد مهارة بل هي إرث حيّ: “الطعام الموصلي مطلوب حتى لذائقة زبائن من الجنوب”.
مع الوقت، افتتحت مشروعاً أوسع تحت اسم “سفرطاس”، وهو الأول من نوعه في الموصل. كان غريباً في البداية، فهو مشغل طبخ منزلي بطاقم نسائي كامل، في مجتمع اعتاد أن تكون هذه المشاريع بيد الرجال. لكن حين بدأ المشروع بتوفير دخل حقيقي للأرامل والمطلقات، وحتى للخريجات العاطلات، تغيّرت النظرة.
تقول أم يمامة: “العمل ما عيب”، وهي الجملة التي تحوّلت إلى مبدأ، بل إلى سياسة حياة.
عام 2019، بدأت تقديم دورات مجانية في الطبخ، وتشجّعت النساء اللواتي حُبسن طويلاً في المطبخ إلى تحويل مهارتهن هذه إلى مشروع.
أدوار جديدة
تحوّلات كهذه لم تكن ممكنة قبل الحرب، كما تؤكد رافعة محمد، ففي السابق، كانت نسبة انخراط النساء في سوق العمل منخفضة، ويُنظر إلى العمل بوصفه خياراً لا حاجة، لكن بعد الحرب، ومع ارتفاع معدلات الفقر وغياب المعيل في كثير من العائلات، باتت الحاجة أقوى من الأعراف.
تقول رافعة: “المجتمع صار يشوف عمل المرأة كضرورة، مو رفاهية”، العادات الصارمة بدأت تتراخى أمام الأسعار المرتفعة وواقع ما بعد النزوح.

هذا التحوّل لم يحدث فقط بسبب الحرب، بل بسبب تجربة الهجرة الداخلية والخارجية أيضاً، فكثير من عائلات الموصل تعرضت خلال النزوح لثقافات أكثر انفتاحاً، ما ساهم في إعادة تشكيل التصورات حول عمل المرأة وحدود المسموح والمرفوض.
ومع ذلك، لا تزال مقاومة التغيير حاضرة، فهناك من لا يسمح لبناته بالالتحاق بالمدارس، أو بالعمل، أو حتى بالحصول على دخل خاص بهن، من بين هؤلاء مريم الثلاثينية، التي اصطدمت بهذا الجدار الثقافي، ليس لأنها بلا مهارة، بل لأن شغفها لا يطابق ما يعتبره المجتمع “مقبولاً”.
تخرجت مريم من الكلية التقنية عام 2020، لكنها لم تجد نفسها في التخصص الذي درسته.
في البداية، لم تكن تجرؤ على الاعتراف برغبتها الحقيقية، لكن دعوة عابرة من صديقة والدتها لتنسيق حفلة عيد ميلاد أعادت ترتيب أولوياتها، وفتحت لها نافذة صغيرة على عالم لطالما شعرت بالانتماء إليه دون أن تسميه.
منذ طفولتها، كانت تميل إلى الألوان والتفاصيل، ترتّب غرف البيت بأقمشة والدتها، وتعيد تنظيم الزوايا، وتصنع من المتاح جمالاً بسيطاً، تقول: “كان لدي طاقة أريد إخراجها، لكن لم أعرف كيف”.
حفلة واحدة كانت كافية لتدفعها نحو مشروعها الخاص، طلبت مبلغ 75 ألف دينار من أولى زبوناتها لشراء المستلزمات، ومن هناك بدأت رحلتها مع مشروع “مريمانا” لتنظيم وإدارة المناسبات.
حفلة تجرّ أخرى، وموهبة تلفت الأنظار، وبعد عام فقط، عُرض عليها العمل في إحدى قاعات المناسبات الكبرى في المدينة. لكن النجاح لم يُحصّنها من التحديات، بل على العكس، زاد من انكشافها أمام النظرات والأحكام المسبقة، تقول مريم: “يرونك فتاة مسكينة يمكن استغلالها ولا تستطيع أخذ حقوقها، لكن مع الوقت تتعلمين”.
ما لم يكن مألوفاً الأمس صار اليوم مصدر رزق وشغف واعتراف.
بدايات جديدة
نبأ، طالبة في الثالثة والعشرين من العمر، كانت تبحث عن مخرج من ضيق اقتصادي بدأ يخنق عائلتها بعد سنوات من العودة إلى الموصل. جاء وباء كورونا ليعمّق تلك الأزمة، فتلاشت فرص العمل، وتوقفت الحياة فجأة.

في هذا الفراغ، فكّرت نبأ بمشروع بسيط، وهو بيع هدايا مصنوعة يدوياً عبر الإنترنت، لم تكن تملك رأس مال، ولا خبرة في التسويق، وكانت تتوقع دعماً من والدتها، لكنه لم يأتِ، قالت لها الأم، مغلقة باباً كانت نبأ تحاول فتحه بهدوء: “نحن لا نقصر عليك بشيء، وأنتِ لستِ مضطرة للعمل، ما دمتِ طالبة”. لكنها لم تتراجع، قررت أن تعتمد على نفسها رغم العوائق.
أول ما واجهته كان نقص المهارات في الترويج والإدارة، تروي: “لم أكن أعرف كيف أروّج، كانت هناك أيام لا أستطيع فيها التحكم بعدد الطلبات، فأضطر إلى رفضها”. وحين شاركت في مسابقة لتمويل المشاريع الصغيرة ولم تنجح أدركت أنها تحتاج إلى تعلّم جديد خارج المألوف.
بدأت تحضر محاضرات في إدارة الأعمال والاقتصاد في الجامعات، وتعلّمت كيف تحوّل فكرتها إلى مشروع حقيقي، فاستدانت المال من عائلتها، وأطلقت مبادرتها التي تطوّرت لاحقاً إلى مشروع مدفوع بعنوان “نقطة انطلاق”، بالشراكة مع آخرين آمنوا بالفكرة.
بحسّها الاجتماعي، تحوّلت نبأ من صاحبة مشروع إلى موجهة لغيرها، تقدّم استشارات مجانية لرواد الأعمال المبتدئين، تقول: “اشقد أكو أشخاص يحاولون فتح مشاريع أو وضع رأس مال بمشروع ويفشل، خصوصاً أنو هذيكة الفترة بالتحديد كان أكو صحوة بالموصل”.
رُشد، ذات الثمانية والعشرين عاماً، لم تبحث عن دخل إضافي، بل عن مساحة. تساءلت كثيراً بعد أن صارت أمّاً: “أين تذهب النساء بعد العمل، بعد تعب المنزل، بعد الأمومة؟”
تقول: “الفتاة الموصليّة لا تملك الكثير من الخيارات الترفيهية، لا يوجد مكان يمكنها فيه الاستمتاع بلقاء صديقاتها وتغيير الجو”. كانت تعرف هذا من تجربتها الشخصية، حين اكتشفت أن الأمومة كثيراً ما تعني عزلة اجتماعية.
من هذا السؤال انطلقت فكرة “نادي السيدات”، مشروعها في الساحل الأيسر للموصل، الذي أنشأته مع فريق نسائي مكوّن من ثلاث نساء، ليقدمن مساحة آمنة مخصصة للأمهات وأطفالهن، بعيداً عن الضغوط اليومية، تتيح لهن تبادل الخبرات وتجديد طاقتهن.

تقول رشد: “عندما ترزق الأم بطفل تنتهي حياتها الترفيهية”. فالمطاعم وأماكن التنزّه، إن وُجدت، نادراً ما تستقبل الأطفال، أو توفّر بيئة تراعي احتياجاتهم. النادي جاء ليملأ هذا الفراغ، وشيئاً فشيئاً، صار وجهة ثابتة لنساء من مختلف الأعمار، تُقام فيه ورش لصناعة الشموع، وتزيين الكيك، والكروشيه، والرسم، ويستقبل ما بين مئة إلى مئة وخمسين امرأة شهرياً.
قبل سنوات، قبل احتلال داعش، لم يكن ممكناً تخيّل مشروع كهذا في الموصل، لكنه اليوم واقع. وكما تقول الباحثة في شؤون المرأة سوزان عارف: “إن ثلاث سنوات من العنف تركت ضغطاً نفسياً مكبوتاً في أجساد النساء، وبعد التحرير، وجدن في العمل ـ أيّ عمل ـ مساحة للتنفيس والتشافي”.
الهامش كمساحة للفعل
من انتشال الجثث إلى تقريص الكبي، ومن تنظيم حفلات الزفاف إلى تعليم الطبخ وصناعة الشموع، انخرطت نساء الموصل في أشكال متعددة من العمل، فرضتها ظروف ما بعد الحرب أكثر مما أتاحها المجتمع. كثيرات لم يخططن لتغيير أدوارهن، لكن الفراغ الذي خلّفته الحرب، والغياب الطويل لمؤسسات الدولة، دفعا بهن إلى الهامش الذي تحوّل تدريجياً إلى مساحة فعل.
سرور لا تزال تعمل في انتشال الجثث وتدريب الناس على الإسعاف، وسط إرث من الدمار لا يزال قائماً. ومريم، رغم أحكام المجتمع، استطاعت أن تبني مشروعها في مجال الديكور، وهي تتعلّم بالممارسة كيف تنتزع الاعتراف. نبأ، حاولت تأسيس مشروعها رغم اعتراض عائلتها، مستفيدة من تجاربها وأخطائها. أم يمامة، حين اصطدمت بجملة “العمل عيب”، لم تجادل كثيراً، بل باشرت الطبخ. ورُشد، التي سمعت مراراً أن مشروعها غير ضروري، أصرّت على أن الترفيه حق لا ترف، وواصلت.
ما تغيّر في الموصل لا يُختزل بنجاح فردي أو قصص استثنائية، إنه تحوّل بطيء غير مكتمل تعيد فيه النساء ـ بتفاوت الظروف والإمكانات ـ ترتيب حياتهن، ومساءلة الأدوار المفروضة عليهن. ليس التغيير شاملاً، لكنه بدأ، وهذه القصص جزء من سيرورته.