مراكب الانتخابات البرلمانية في الأنبار: العشيرة والمال السياسي ومظلومية السنّة
05 تشرين الأول 2025
من سيرسم ملامح المرحلة المقبلة في معقل السنّة الأكبر في العراق؟ عن العشيرة، والمال السياسي، وتصاعد نبرة "مظلومية السنّة" قبيل الانتخابات البرلمانية في الأنبار..
لا يُنتظر شهر تشرين الثاني 2025 في الأنبار، المحافظة التي تمثّل المعقل الأكبر للسنّة في العراق، بوصفه موعداً انتخابياً فحسب، بل بوصفه جولة حاسمة في صراع النفوذ، وإعادة توزيع الولاءات، وإثبات الحضور في ساحة لا تهدأ.
تشهد المحافظة الأكبر مساحة في العراق، منذ شهور، حراكاً سياسياً مبكراً، يوصف بالإحماء الانتخابي، تقوده الأحزاب الطامحة إلى تعزيز مكاسبها أو استرداد ما خسرته. المشهد مشبع بقلق الطامحين وحنكة المتصدرين، وبخليط مألوف من العشيرة، والمال السياسي، والخطاب المستمر لـ”مظلومية السُنّة”.
جمانة غلاي، المتحدثة باسم المفوضية العليا للانتخابات، أكدت لـ”جمار” أن الموعد المحدد دستورياً هو 25 تشرين الأول 2025، ولا يمكن إجراء الانتخابات قبله، إلا أن الحكومة أجلت الموعد إلى ما بعد الموعد المحدّد بشهر.
وفقاً لهذا الإيقاع، تخوض القوى السياسية في الأنبار معركة لا تتعلق بالفوز فقط، بل بإعادة ترتيب التوازنات المحلية على نحو دائم. الكتل التي حققت نتائج جيدة سابقاً تريد الحفاظ على مكاسبها، فيما يحاول اللاعبون الآخرون تقويض هذا الاستقرار الهش، من خلال التحالف مع أحزاب صغيرة أو اجتذاب مرشحين مستقلين.

ووسط هذا الزخم، تبرز ثنائية محمد الحلبوسي وخميس الخنجر بوصفها الثابت الأكثر وضوحاً في المشهد؛ فالرجلان يملكان قاعدة عشائرية، ورصيداً سياسياً، وحضوراً في مؤسسات الدولة. لكن لكل منهما أيضاً تاريخه المثقل بتحالفات متغيّرة، وحسابات لا تستند فقط إلى الأنبار، بل إلى بغداد أيضاً.
وكل منهما، الحلبوسي والخنجر، يسعى إلى الهيمنة على هذه المحافظة.
الناشط المدني طه عبد الغني يرى أن فكرة “السيطرة المطلقة” على الأنبار قد فقدت صلاحيتها، فالنفوذ، كما يقول، بات مناطقيّاً أكثر منه أيديولوجياً، والعشيرة لا تزال العامل الأهم في ترجيح الكفة. في نظره، لا يمكن لأي مرشح أن ينجح دون غطاء عشائري قوي، أو دون لغة تُخاطب الولاءات الاجتماعية أولاً.
الحلبوسي، الذي سبق أن عُزل من منصب رئيس البرلمان بقرار من المحكمة الاتحادية، عاد إلى الواجهة بعد أن قررت المحكمة تبرئته من التهم الموجهة إليه. القرار الذي صدر في أيار 2025، أعاد ضخ الزخم في مشروعه السياسي، ومنحه أوراقاً جديدة أمام خصومه، خصوصاً أن عودته تتزامن مع فراغ نسبي في خطاب سياسي بديل.
خريطة التحالفات
من بين الشخصيات التي تُربط بخيوط اللعبة الانتخابية، علي فرحان، المحافظ السابق للأنبار، الذي خرج من السجن الذي دخله بتهمٍ تتعلق بالفساد الإداري عندما كان حليفاً للحلبوسي. وأحمد العلواني، الذي خرج بتسوية سياسية بعد أن كان محكوماً بالإعدام. وهما ليسا مرشحَين، بل لهما حلفاء وأتباع في قوائم الآخرين.
العلاقة المعقّدة التي تربط هذَين بالحلبوسي والخنجر، وما شهدته من تحالفات ثم خصومات، تعكس الطبيعة السائلة للمشهد السياسي في الأنبار، إذ لا وجود لتحالف دائم، ولا لخصومة لا رجعة فيها.
أما من جهة التكتلات، فتبدو الصورة أقل وضوحاً مما توحي به العناوين العريضة، فتحالف “تقدّم” الذي يقوده الحلبوسي، وتحالف “السيادة” بزعامة الخنجر، و”عزم” بقيادة مثنى السامرائي، كلها أسماء ما زالت تملك حظوظاً ملموسة، لكن هذه الحظوظ باتت تعتمد اعتماداً متزايداً على تموضعها داخل الخريطة العشائرية المحلية، لا على برامجها السياسية.
المدن التي تُعدّ نقاط ارتكاز لهذا الحراك، الرمادي، والفلوجة، وحديثة، والقائم، وعامرية الفلوجة، والكرمة ليست مراكز سكانية كبرى فقط، بل هي معاقل لعشائر كبرى، وعُقد لوجستية للحملات الانتخابية، وتتحول في هذا السياق إلى مسارح تجريبية لاختبار تأثير الخطاب، وقابلية الجمهور للتجاوب مع الوجوه القديمة أو الانفتاح على مرشحين جدد.
ومن بين الأسماء التي يُتوقع أن يكون لها تأثير في الدورة المقبلة، يبرز عدد من النواب والسياسيين الحاليين، مثل سالم مطر العيساوي، وآخرين محسوبين على الحلبوسي، مثل عمر الدبوس، رئيس المجلس الحالي. ووفقاً لمفوضية الانتخابات، فإن الخريطة السياسية في الأنبار ما تزال تشبه إلى حد كبير خارطة 2023؛ فهي تسعة تحالفات حزبية وحزبان رئيسان، بلا تغيير جذري في التوزيع أو الخطاب.
وجوه جديدة لكيانات قديمة
رغم ثبات الأسماء الكبيرة في المشهد، فإن واجهة الأحزاب السياسية في الأنبار لا تخلو من تبدلات سطحية توحي بالتجدد. تحالف “تقدّم” بقيادة محمد الحلبوسي لا يزال يحافظ على موقعه بوصفه أحد أبرز الكيانات، معزَزاً بفوزه في الانتخابات المحلية عام 2023، وحضوره الإداري والتشريعي داخل المحافظة. إلى جانبه، يظهر تحالف “الأنبار هويتنا” بقيادة المحافظ السابق علي فرحان، وتحالف “قمم” بزعامة وزير الصناعة الحالي خالد بتال، الذي يُعد امتداداً سياسياً لمشروع “تقدّم” بواجهة مختلفة.
في المقابل، يواصل خميس الخنجر قيادة تحالف “سيادة الوطني – تشريع”، فيما يحاول مثنى السامرائي من خلال تحالف “عزم” الاحتفاظ بما تبقى من نفوذ بعد سلسلة انشقاقات وخسارات سياسية.

ما يلفت الانتباه وسط هذا، أن هذه التحالفات، رغم اختلاف وجوهها وخطاباتها، تتشابه في الهدف، وهو ضمان تمثيل برلماني مؤثر، واستعادة التوازن الطائفي في معادلة الحكم العراقية التي تزداد ميلاً لصالح القوى الشيعية، وهي بذلك تتقاطع في طموح مشترك، بينما تتنازع في التفاصيل والأدوات.
هشاشة التحالفات
في كانون الثاني 2025، ظهر إلى العلن تحالف جديد حمل اسم “القيادة السنية الموحدة”، بوصفه أول تكتل سياسي يستخدم توصيفاً طائفياً صريحاً في اسمه، على غرار بعض التحالفات الشيعية والكردية. بدا التحالف محاولة لتوحيد صفوف القوى السنية تحت مظلة واحدة، لكن النبرة الاحتفالية لم تدم طويلاً.
ففي غضون أقل من شهرين، انهار هذا الكيان الناشئ بعد انسحاب مثنى السامرائي، أحد أبرز مؤسسيه، لينضم إلى أسامة النجيفي، ويعلنا لاحقاً تشكيل تحالف “متحدون” الذي تفكك لاحقاً. هذا الانسحاب لم يكن مجرد خلاف شخصي أو حساب انتخابي محدود، بل كان مؤشراً واضحاً على هشاشة التحالفات السنية، التي غالباً ما تُبنى على مقاربات ظرفية بلا مشروع سياسي راسخ.
عدنان الكبيسي، عضو مجلس محافظة الأنبار، لا يجد في هذا الانهيار مفاجأة، إذ وصف التحالف منذ تأسيسه بأنه “هش”، ويفتقر إلى بوصلة سياسية واضحة. في نظره، التحالف لم يخرج من عباءة التحشيد الانتخابي اللحظي، ولم يتمكن من بناء خطاب جامع أو استراتيجية تفاوضية مع بقية القوى العراقية.
هذا الانكشاف لا يقتصر على تحالف بعينه، بل يسلّط الضوء على التصدع المزمن في المشهد السياسي السني الذي يهيمن عليه خطاب مشتت، وتحالفات مؤقتة، وقيادات تتنازع على الحصص لا على الرؤية.
دخول الإطار التنسيقي
رغم الصورة النمطية التي تفصل بين الأنبار ودوائر النفوذ الشيعي، إلا أن الإطار التنسيقي بات يملك موطئ قدم متيناً داخل المحافظة، إذ تسلل سياسياً بهدوء، ووظف تحالفاته مع بعض شيوخ العشائر، وبدعم غير معلن من الحشد الشعبي، الذي يسيطر على أجزاء من المناطق الحدودية المحاذية لسوريا.
أحزاب الإطار، مثل تحالف “الإعمار والتنمية” بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، و”دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الحكمة” بزعامة عمار الحكيم، بدأت تظهر لها امتدادات حقيقية في الأنبار. بعضها يُترجم في صورة دعم مباشر لمرشحين محسوبين عليها، وبعضها الآخر في تنسيق غير مباشر مع شخصيات محلية تبحث عن حاضنة سياسية أقوى.
ولا يلقى حضور هذه القوى مقاومة تذكر، فبدلاً من أن يُنظر إلى الإطار بوصفه خصماً سياسياً، يكون التعامل معه بوصفه بوابة للوصول إلى الحكومة المركزية، أو وسيلة لتأمين مشاريع وخدمات، أو حتى حماية من الخصوم المحليين.

عبد الله الجغيفي، مستشار لجنة الأمن والدفاع والحشد في مجلس محافظة الأنبار، قال لـ”جمار” إن هيئة الحشد الشعبي أصبحت “أحد اللاعبين ضمن هذا الحراك”، وتحركاتها، وإن بدت هادئة، قد تفضي إلى “كسب مقعد من المقاعد البرلمانية المخصصة للمحافظة”، من خلال دعم شخصيات تمثل أبناء الأنبار.
هذا التموضع يندرج ضمن استراتيجيتين: الأولى، دعم حكومة السوداني، التي تنتمي فعلياً إلى تحالف الإطار، من خلال توسيع قاعدتها البرلمانية في المناطق السنية. والثانية، ضمان الحضور العسكري والسياسي للحشد في المناطق الغربية، تحت عنوان “مسك الأرض”، واستكمالاً لما تحقّق بعد هزيمة تنظيم “داعش”.
العشيرة: الحزب الذي لا يشيخ
بطبيعة الحال، لا يمكن خوض الانتخابات في الأنبار دون المرور عبر العشيرة، فهي ليست مجرد مكوّن اجتماعي، بل مؤسسة سياسية واقتصادية توازي في تأثيرها الكيانات الحزبية، بل تتفوق عليها أحياناً. وكلما اقترب موعد الاقتراع، تتراجع لغة البرامج وترتفع نبرة العلاقات العشائرية، في مزيج من المجاملة والمفاوضة والولاء القبلي.
النشاطات السياسية في هذه المرحلة لا تتخذ طابعاً تنظيمياً بالمعنى التقليدي، بل تبدو أقرب إلى زيارات مجتمعية، ومشاركات في مناسبات عزاء وأفراح، وغالباً ما تُختم بإعلانات “تحالف” شفوية، تمهّد لتفاهمات أكثر جدية لاحقاً.
ورغم أنها تبدو سطحية، إلا أن النشاطات السياسية في بيوت العشائر ومضائفها تعد ضرورة، لضمان قاعدة جماهيرية تضمن الحد الأدنى من الأصوات في كل عشيرة.
مؤيد جبير، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأنبار، يرى في هذا المشهد انعكاساً لرؤية ضيقة لدى الطبقة السياسية، ويقول: “غالبية الكيانات تنظر إلى السياسة بوصفها مناسبة انتخابية، لا مشروع حكم أو رؤية مجتمعية”. في رأيه، الوجود في المجالس العشائرية لا يُقصد به بناء الثقة أو فتح نقاش، بل مجرد حشد أصوات، وهو ما يجعل السياسيين يتقافزون من مناسبة عشائرية إلى أخرى.
لكن هذا ليس حكماً على النخب وحدها، فالعشيرة نفسها باتت جزءاً من هذه اللعبة، إذ توظف حضورها القوي لاستقطاب المشاريع، وتضمن لأبنائها فرص تعيين أو تعويض أو مشاركة في مقاولات. وبهذا المعنى، تتحوّل الانتخابات إلى مفاوضات صريحة بين السياسيين وشيوخ العشائر: “أعطني صوتك، أُعطك وظيفة”.
المال السياسي
قد يبدو الحديث عن العشائر مهيمناً، لكن في خلفية المشهد هناك قوة أكثر رسوخاً وتحكماً: المال السياسي. لا يُقصد به هنا الرشى المباشرة أو التوزيع النقدي فحسب، وإنما شبكة النفوذ المالي التي بنتها الأحزاب من خلال السيطرة على الوزارات، والمكاتب الاقتصادية، والمشاريع الاستثمارية، بما يجعلها قادرة على تمويل الحملات، وتأمين الوظائف، ورعاية الولاءات، وفتح الأبواب المغلقة.
منذ إعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في 2023، بدأت حركة نشطة من الانسحابات والالتحاقات داخل الأحزاب، مدفوعة غالباً باعتبارات مادية. فالنائب أو السياسي الذي لا يحصل على حصة ملموسة من النفوذ، يبحث عن كيان بديل يضمن له “حصة أو منصباً”. هذه التحولات ليست عشوائية، بل تُدار من قبل مراكز تمويل حزبية، تعرف تماماً كيف تكسب وتُقصي.
عدنان الكبيسي، عضو مجلس محافظة الأنبار، يشير إلى أن “تذبذب الرأي السياسي وتوجهات بعض السياسيين” تجعل من السهل جذبهم من خلال إغراءات المال والمنصب، فـ”قلة هم الذين يظلون ثابتين في مواقفهم، أما الغالبية فتتحرك بحسب العائد السياسي والمادي الذي تحصل عليه”.
وفي السياق نفسه، يتحدث الشيخ سلام عجمي، أحد قيادات تحالف “عزم”، عن استخدام الأحزاب الحاكمة لمؤسسات الدولة كأذرع انتخابية: تهميش الموظفين، ونقلهم من أماكنهم، ومعاقبتهم بسبب حضورهم مناسبات عشائرية لا ترضي الحزب المهيمن.

ونتيجة لذلك، يتحوّل الجهاز الإداري إلى وسيلة لمعاقبة الخصوم ومكافأة الموالين، في مشهد لا يترك كثيراً من المساحة للمنافسة العادلة.
ولا يُستخدم المال السياسي فقط لضمان الهيمنة داخل المدن، وإنما لكسب العشائر أيضاً. على سبيل المثال: حل مشكلات أبنائها، ومنح وظائف، وشق طرق، وتقديم مقاولات صغيرة لبعض الوجهاء، كلها أدوات تُستخدم لكسب الود، أو على الأقل لتحييد الخصم.
المكاتب الحزبية
كما في محافظات عراقية أخرى، لا تُقاس شعبية الحزب في الأنبار بعدد أعضائه أو قوة خطابه، بل بعدد المكاتب التي يملكها على الأرض، وحجم اللافتات التي يرفعها، وموقع “مكتب شؤون المواطنين” الذي يديره.
وفي المرحلة الراهنة، تتركّز الدعاية الانتخابية في محورين، الأول يتعلق بالحضور الكثيف في المناسبات الاجتماعية والعشائرية، والثاني في التوسع الجغرافي من خلال فتح مكاتب حزبية في كل حي وشارع وزاوية.
الأحزاب لا تكتفي بمكتب مركزي، بل توزّع عشرات الفروع داخل المدينة الواحدة، أحياناً في منازل مستأجرة، وأحياناً أخرى في محال تجارية ملاصقة لمكاتب عقارية أو محلات إطارات السيارات. اللافتات التي تُرفع على الواجهات تحمل صور القادة وشعارات الأحزاب، وتتكرر تحتها عبارة “مكتب شؤون المواطنين”، في محاولة لتغليف الطموح الانتخابي بلغة الخدمة العامة.
لكن خلف هذا الغلاف، يرى كثير من الناشطين أن الأمر لا يتعدّى كونه أداة لجذب الأصوات.
سيف الخنفر، ناشط سياسي من الفلوجة، يشير إلى أن هذه المكاتب “تعمل بلا شفافية”، متسائلاً إن كانت تخضع حقاً للوائح دائرة الأحزاب، خصوصاً فيما يتعلق بكشوفات الذمم المالية، أو توثيق الأموال والمصروفات.
المشكلة، كما يوضح الخنفر، لا تتعلق فقط بخرق اللوائح، بل بتأثير هذه المكاتب على الوعي الانتخابي. فبعض الناخبين لم يعودوا يصوّتون بناءً على البرامج أو التاريخ السياسي، بل على مظهر القوة: عدد السيارات في موكب المرشح، أو حجم اللافتة، أو وعد بوظيفة قادمة.
ومع تكرار الوعود وعدم تحققها، تراجعت ثقة الجمهور.
وقد تحولت ملفات كبيرة مثل التعويضات، وعودة النازحين، وإعمار المدن، ومصير المغيبين، إلى شعارات ممجوجة تُستعاد كل موسم انتخابي، دون أن تُترجم إلى أفعال. ومع ذلك، لا تزال تُستخدم كشفرات تُذكّر الناخبين بـ”مظلومية المحافظة”، واستحقاقها الوطني، حتى وإن لم تعد تقنع أحداً.
ومنكم/ن نستفيد ونتعلم
هل لديكم/ن ملاحظة أو تعليق على محتوى جُمّار؟ هل وجدتم/ن أي معلومة خاطئة أو غير دقيقة تحتاج تصويباً؟ هل تجدون/ن اللغة المستعملة في المقالة مهينة أو مسيئة أو مميزة ضد مجموعة ما على أساس ديني/ طائفي/ جندري/ طبقي/ جغرافي أو غيره؟ الرجاء التواصل معنا عبر - editor@jummar.media
اقرأ ايضاً
الحياة مع أفعى.. وصايا السيد دخيل للنجاة من الموت
13 نوفمبر 2025
صوتٌ بلا إرادة: كيف تتحكم العائلة والعشيرة بخيارات النساء الانتخابية؟
08 نوفمبر 2025
قواعد اللعبة القديمة ليست كافية: خريطة بالتحالفات الانتخابية قبل الاقتراع
07 نوفمبر 2025
من بريمر إلى السوداني.. "خلطة الفياض" السحرية للبقاء في المنصب
06 نوفمبر 2025
لا يُنتظر شهر تشرين الثاني 2025 في الأنبار، المحافظة التي تمثّل المعقل الأكبر للسنّة في العراق، بوصفه موعداً انتخابياً فحسب، بل بوصفه جولة حاسمة في صراع النفوذ، وإعادة توزيع الولاءات، وإثبات الحضور في ساحة لا تهدأ.
تشهد المحافظة الأكبر مساحة في العراق، منذ شهور، حراكاً سياسياً مبكراً، يوصف بالإحماء الانتخابي، تقوده الأحزاب الطامحة إلى تعزيز مكاسبها أو استرداد ما خسرته. المشهد مشبع بقلق الطامحين وحنكة المتصدرين، وبخليط مألوف من العشيرة، والمال السياسي، والخطاب المستمر لـ”مظلومية السُنّة”.
جمانة غلاي، المتحدثة باسم المفوضية العليا للانتخابات، أكدت لـ”جمار” أن الموعد المحدد دستورياً هو 25 تشرين الأول 2025، ولا يمكن إجراء الانتخابات قبله، إلا أن الحكومة أجلت الموعد إلى ما بعد الموعد المحدّد بشهر.
وفقاً لهذا الإيقاع، تخوض القوى السياسية في الأنبار معركة لا تتعلق بالفوز فقط، بل بإعادة ترتيب التوازنات المحلية على نحو دائم. الكتل التي حققت نتائج جيدة سابقاً تريد الحفاظ على مكاسبها، فيما يحاول اللاعبون الآخرون تقويض هذا الاستقرار الهش، من خلال التحالف مع أحزاب صغيرة أو اجتذاب مرشحين مستقلين.

ووسط هذا الزخم، تبرز ثنائية محمد الحلبوسي وخميس الخنجر بوصفها الثابت الأكثر وضوحاً في المشهد؛ فالرجلان يملكان قاعدة عشائرية، ورصيداً سياسياً، وحضوراً في مؤسسات الدولة. لكن لكل منهما أيضاً تاريخه المثقل بتحالفات متغيّرة، وحسابات لا تستند فقط إلى الأنبار، بل إلى بغداد أيضاً.
وكل منهما، الحلبوسي والخنجر، يسعى إلى الهيمنة على هذه المحافظة.
الناشط المدني طه عبد الغني يرى أن فكرة “السيطرة المطلقة” على الأنبار قد فقدت صلاحيتها، فالنفوذ، كما يقول، بات مناطقيّاً أكثر منه أيديولوجياً، والعشيرة لا تزال العامل الأهم في ترجيح الكفة. في نظره، لا يمكن لأي مرشح أن ينجح دون غطاء عشائري قوي، أو دون لغة تُخاطب الولاءات الاجتماعية أولاً.
الحلبوسي، الذي سبق أن عُزل من منصب رئيس البرلمان بقرار من المحكمة الاتحادية، عاد إلى الواجهة بعد أن قررت المحكمة تبرئته من التهم الموجهة إليه. القرار الذي صدر في أيار 2025، أعاد ضخ الزخم في مشروعه السياسي، ومنحه أوراقاً جديدة أمام خصومه، خصوصاً أن عودته تتزامن مع فراغ نسبي في خطاب سياسي بديل.
خريطة التحالفات
من بين الشخصيات التي تُربط بخيوط اللعبة الانتخابية، علي فرحان، المحافظ السابق للأنبار، الذي خرج من السجن الذي دخله بتهمٍ تتعلق بالفساد الإداري عندما كان حليفاً للحلبوسي. وأحمد العلواني، الذي خرج بتسوية سياسية بعد أن كان محكوماً بالإعدام. وهما ليسا مرشحَين، بل لهما حلفاء وأتباع في قوائم الآخرين.
العلاقة المعقّدة التي تربط هذَين بالحلبوسي والخنجر، وما شهدته من تحالفات ثم خصومات، تعكس الطبيعة السائلة للمشهد السياسي في الأنبار، إذ لا وجود لتحالف دائم، ولا لخصومة لا رجعة فيها.
أما من جهة التكتلات، فتبدو الصورة أقل وضوحاً مما توحي به العناوين العريضة، فتحالف “تقدّم” الذي يقوده الحلبوسي، وتحالف “السيادة” بزعامة الخنجر، و”عزم” بقيادة مثنى السامرائي، كلها أسماء ما زالت تملك حظوظاً ملموسة، لكن هذه الحظوظ باتت تعتمد اعتماداً متزايداً على تموضعها داخل الخريطة العشائرية المحلية، لا على برامجها السياسية.
المدن التي تُعدّ نقاط ارتكاز لهذا الحراك، الرمادي، والفلوجة، وحديثة، والقائم، وعامرية الفلوجة، والكرمة ليست مراكز سكانية كبرى فقط، بل هي معاقل لعشائر كبرى، وعُقد لوجستية للحملات الانتخابية، وتتحول في هذا السياق إلى مسارح تجريبية لاختبار تأثير الخطاب، وقابلية الجمهور للتجاوب مع الوجوه القديمة أو الانفتاح على مرشحين جدد.
ومن بين الأسماء التي يُتوقع أن يكون لها تأثير في الدورة المقبلة، يبرز عدد من النواب والسياسيين الحاليين، مثل سالم مطر العيساوي، وآخرين محسوبين على الحلبوسي، مثل عمر الدبوس، رئيس المجلس الحالي. ووفقاً لمفوضية الانتخابات، فإن الخريطة السياسية في الأنبار ما تزال تشبه إلى حد كبير خارطة 2023؛ فهي تسعة تحالفات حزبية وحزبان رئيسان، بلا تغيير جذري في التوزيع أو الخطاب.
وجوه جديدة لكيانات قديمة
رغم ثبات الأسماء الكبيرة في المشهد، فإن واجهة الأحزاب السياسية في الأنبار لا تخلو من تبدلات سطحية توحي بالتجدد. تحالف “تقدّم” بقيادة محمد الحلبوسي لا يزال يحافظ على موقعه بوصفه أحد أبرز الكيانات، معزَزاً بفوزه في الانتخابات المحلية عام 2023، وحضوره الإداري والتشريعي داخل المحافظة. إلى جانبه، يظهر تحالف “الأنبار هويتنا” بقيادة المحافظ السابق علي فرحان، وتحالف “قمم” بزعامة وزير الصناعة الحالي خالد بتال، الذي يُعد امتداداً سياسياً لمشروع “تقدّم” بواجهة مختلفة.
في المقابل، يواصل خميس الخنجر قيادة تحالف “سيادة الوطني – تشريع”، فيما يحاول مثنى السامرائي من خلال تحالف “عزم” الاحتفاظ بما تبقى من نفوذ بعد سلسلة انشقاقات وخسارات سياسية.

ما يلفت الانتباه وسط هذا، أن هذه التحالفات، رغم اختلاف وجوهها وخطاباتها، تتشابه في الهدف، وهو ضمان تمثيل برلماني مؤثر، واستعادة التوازن الطائفي في معادلة الحكم العراقية التي تزداد ميلاً لصالح القوى الشيعية، وهي بذلك تتقاطع في طموح مشترك، بينما تتنازع في التفاصيل والأدوات.
هشاشة التحالفات
في كانون الثاني 2025، ظهر إلى العلن تحالف جديد حمل اسم “القيادة السنية الموحدة”، بوصفه أول تكتل سياسي يستخدم توصيفاً طائفياً صريحاً في اسمه، على غرار بعض التحالفات الشيعية والكردية. بدا التحالف محاولة لتوحيد صفوف القوى السنية تحت مظلة واحدة، لكن النبرة الاحتفالية لم تدم طويلاً.
ففي غضون أقل من شهرين، انهار هذا الكيان الناشئ بعد انسحاب مثنى السامرائي، أحد أبرز مؤسسيه، لينضم إلى أسامة النجيفي، ويعلنا لاحقاً تشكيل تحالف “متحدون” الذي تفكك لاحقاً. هذا الانسحاب لم يكن مجرد خلاف شخصي أو حساب انتخابي محدود، بل كان مؤشراً واضحاً على هشاشة التحالفات السنية، التي غالباً ما تُبنى على مقاربات ظرفية بلا مشروع سياسي راسخ.
عدنان الكبيسي، عضو مجلس محافظة الأنبار، لا يجد في هذا الانهيار مفاجأة، إذ وصف التحالف منذ تأسيسه بأنه “هش”، ويفتقر إلى بوصلة سياسية واضحة. في نظره، التحالف لم يخرج من عباءة التحشيد الانتخابي اللحظي، ولم يتمكن من بناء خطاب جامع أو استراتيجية تفاوضية مع بقية القوى العراقية.
هذا الانكشاف لا يقتصر على تحالف بعينه، بل يسلّط الضوء على التصدع المزمن في المشهد السياسي السني الذي يهيمن عليه خطاب مشتت، وتحالفات مؤقتة، وقيادات تتنازع على الحصص لا على الرؤية.
دخول الإطار التنسيقي
رغم الصورة النمطية التي تفصل بين الأنبار ودوائر النفوذ الشيعي، إلا أن الإطار التنسيقي بات يملك موطئ قدم متيناً داخل المحافظة، إذ تسلل سياسياً بهدوء، ووظف تحالفاته مع بعض شيوخ العشائر، وبدعم غير معلن من الحشد الشعبي، الذي يسيطر على أجزاء من المناطق الحدودية المحاذية لسوريا.
أحزاب الإطار، مثل تحالف “الإعمار والتنمية” بزعامة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، و”دولة القانون” بزعامة نوري المالكي، و”الحكمة” بزعامة عمار الحكيم، بدأت تظهر لها امتدادات حقيقية في الأنبار. بعضها يُترجم في صورة دعم مباشر لمرشحين محسوبين عليها، وبعضها الآخر في تنسيق غير مباشر مع شخصيات محلية تبحث عن حاضنة سياسية أقوى.
ولا يلقى حضور هذه القوى مقاومة تذكر، فبدلاً من أن يُنظر إلى الإطار بوصفه خصماً سياسياً، يكون التعامل معه بوصفه بوابة للوصول إلى الحكومة المركزية، أو وسيلة لتأمين مشاريع وخدمات، أو حتى حماية من الخصوم المحليين.

عبد الله الجغيفي، مستشار لجنة الأمن والدفاع والحشد في مجلس محافظة الأنبار، قال لـ”جمار” إن هيئة الحشد الشعبي أصبحت “أحد اللاعبين ضمن هذا الحراك”، وتحركاتها، وإن بدت هادئة، قد تفضي إلى “كسب مقعد من المقاعد البرلمانية المخصصة للمحافظة”، من خلال دعم شخصيات تمثل أبناء الأنبار.
هذا التموضع يندرج ضمن استراتيجيتين: الأولى، دعم حكومة السوداني، التي تنتمي فعلياً إلى تحالف الإطار، من خلال توسيع قاعدتها البرلمانية في المناطق السنية. والثانية، ضمان الحضور العسكري والسياسي للحشد في المناطق الغربية، تحت عنوان “مسك الأرض”، واستكمالاً لما تحقّق بعد هزيمة تنظيم “داعش”.
العشيرة: الحزب الذي لا يشيخ
بطبيعة الحال، لا يمكن خوض الانتخابات في الأنبار دون المرور عبر العشيرة، فهي ليست مجرد مكوّن اجتماعي، بل مؤسسة سياسية واقتصادية توازي في تأثيرها الكيانات الحزبية، بل تتفوق عليها أحياناً. وكلما اقترب موعد الاقتراع، تتراجع لغة البرامج وترتفع نبرة العلاقات العشائرية، في مزيج من المجاملة والمفاوضة والولاء القبلي.
النشاطات السياسية في هذه المرحلة لا تتخذ طابعاً تنظيمياً بالمعنى التقليدي، بل تبدو أقرب إلى زيارات مجتمعية، ومشاركات في مناسبات عزاء وأفراح، وغالباً ما تُختم بإعلانات “تحالف” شفوية، تمهّد لتفاهمات أكثر جدية لاحقاً.
ورغم أنها تبدو سطحية، إلا أن النشاطات السياسية في بيوت العشائر ومضائفها تعد ضرورة، لضمان قاعدة جماهيرية تضمن الحد الأدنى من الأصوات في كل عشيرة.
مؤيد جبير، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأنبار، يرى في هذا المشهد انعكاساً لرؤية ضيقة لدى الطبقة السياسية، ويقول: “غالبية الكيانات تنظر إلى السياسة بوصفها مناسبة انتخابية، لا مشروع حكم أو رؤية مجتمعية”. في رأيه، الوجود في المجالس العشائرية لا يُقصد به بناء الثقة أو فتح نقاش، بل مجرد حشد أصوات، وهو ما يجعل السياسيين يتقافزون من مناسبة عشائرية إلى أخرى.
لكن هذا ليس حكماً على النخب وحدها، فالعشيرة نفسها باتت جزءاً من هذه اللعبة، إذ توظف حضورها القوي لاستقطاب المشاريع، وتضمن لأبنائها فرص تعيين أو تعويض أو مشاركة في مقاولات. وبهذا المعنى، تتحوّل الانتخابات إلى مفاوضات صريحة بين السياسيين وشيوخ العشائر: “أعطني صوتك، أُعطك وظيفة”.
المال السياسي
قد يبدو الحديث عن العشائر مهيمناً، لكن في خلفية المشهد هناك قوة أكثر رسوخاً وتحكماً: المال السياسي. لا يُقصد به هنا الرشى المباشرة أو التوزيع النقدي فحسب، وإنما شبكة النفوذ المالي التي بنتها الأحزاب من خلال السيطرة على الوزارات، والمكاتب الاقتصادية، والمشاريع الاستثمارية، بما يجعلها قادرة على تمويل الحملات، وتأمين الوظائف، ورعاية الولاءات، وفتح الأبواب المغلقة.
منذ إعلان نتائج انتخابات مجالس المحافظات في 2023، بدأت حركة نشطة من الانسحابات والالتحاقات داخل الأحزاب، مدفوعة غالباً باعتبارات مادية. فالنائب أو السياسي الذي لا يحصل على حصة ملموسة من النفوذ، يبحث عن كيان بديل يضمن له “حصة أو منصباً”. هذه التحولات ليست عشوائية، بل تُدار من قبل مراكز تمويل حزبية، تعرف تماماً كيف تكسب وتُقصي.
عدنان الكبيسي، عضو مجلس محافظة الأنبار، يشير إلى أن “تذبذب الرأي السياسي وتوجهات بعض السياسيين” تجعل من السهل جذبهم من خلال إغراءات المال والمنصب، فـ”قلة هم الذين يظلون ثابتين في مواقفهم، أما الغالبية فتتحرك بحسب العائد السياسي والمادي الذي تحصل عليه”.
وفي السياق نفسه، يتحدث الشيخ سلام عجمي، أحد قيادات تحالف “عزم”، عن استخدام الأحزاب الحاكمة لمؤسسات الدولة كأذرع انتخابية: تهميش الموظفين، ونقلهم من أماكنهم، ومعاقبتهم بسبب حضورهم مناسبات عشائرية لا ترضي الحزب المهيمن.

ونتيجة لذلك، يتحوّل الجهاز الإداري إلى وسيلة لمعاقبة الخصوم ومكافأة الموالين، في مشهد لا يترك كثيراً من المساحة للمنافسة العادلة.
ولا يُستخدم المال السياسي فقط لضمان الهيمنة داخل المدن، وإنما لكسب العشائر أيضاً. على سبيل المثال: حل مشكلات أبنائها، ومنح وظائف، وشق طرق، وتقديم مقاولات صغيرة لبعض الوجهاء، كلها أدوات تُستخدم لكسب الود، أو على الأقل لتحييد الخصم.
المكاتب الحزبية
كما في محافظات عراقية أخرى، لا تُقاس شعبية الحزب في الأنبار بعدد أعضائه أو قوة خطابه، بل بعدد المكاتب التي يملكها على الأرض، وحجم اللافتات التي يرفعها، وموقع “مكتب شؤون المواطنين” الذي يديره.
وفي المرحلة الراهنة، تتركّز الدعاية الانتخابية في محورين، الأول يتعلق بالحضور الكثيف في المناسبات الاجتماعية والعشائرية، والثاني في التوسع الجغرافي من خلال فتح مكاتب حزبية في كل حي وشارع وزاوية.
الأحزاب لا تكتفي بمكتب مركزي، بل توزّع عشرات الفروع داخل المدينة الواحدة، أحياناً في منازل مستأجرة، وأحياناً أخرى في محال تجارية ملاصقة لمكاتب عقارية أو محلات إطارات السيارات. اللافتات التي تُرفع على الواجهات تحمل صور القادة وشعارات الأحزاب، وتتكرر تحتها عبارة “مكتب شؤون المواطنين”، في محاولة لتغليف الطموح الانتخابي بلغة الخدمة العامة.
لكن خلف هذا الغلاف، يرى كثير من الناشطين أن الأمر لا يتعدّى كونه أداة لجذب الأصوات.
سيف الخنفر، ناشط سياسي من الفلوجة، يشير إلى أن هذه المكاتب “تعمل بلا شفافية”، متسائلاً إن كانت تخضع حقاً للوائح دائرة الأحزاب، خصوصاً فيما يتعلق بكشوفات الذمم المالية، أو توثيق الأموال والمصروفات.
المشكلة، كما يوضح الخنفر، لا تتعلق فقط بخرق اللوائح، بل بتأثير هذه المكاتب على الوعي الانتخابي. فبعض الناخبين لم يعودوا يصوّتون بناءً على البرامج أو التاريخ السياسي، بل على مظهر القوة: عدد السيارات في موكب المرشح، أو حجم اللافتة، أو وعد بوظيفة قادمة.
ومع تكرار الوعود وعدم تحققها، تراجعت ثقة الجمهور.
وقد تحولت ملفات كبيرة مثل التعويضات، وعودة النازحين، وإعمار المدن، ومصير المغيبين، إلى شعارات ممجوجة تُستعاد كل موسم انتخابي، دون أن تُترجم إلى أفعال. ومع ذلك، لا تزال تُستخدم كشفرات تُذكّر الناخبين بـ”مظلومية المحافظة”، واستحقاقها الوطني، حتى وإن لم تعد تقنع أحداً.